هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ما زالت قضية اعتقال الإسرائيليين الاثنين، في أنقرة تثير ردود فعل متسارعة في تل أبيب، رغم الحرص البادي على عدم الدخول في أزمة سياسية جديدة مع تركيا، لكن التغطية الإعلامية وتقارير المراسلين توحي بأن هناك تخوفا إسرائيليا من تفاعل القضية، رغم ما قيل عن إرسال جهاز الموساد ومجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية رسائل إلى أنقرة في محاولة لإيجاد حل سريع.
صحيفة "يديعوت أحرونوت" توسعت بالتغطية عبر تقارير لمراسليها يوآف زيتون وآيتمار آيخنر ومائير ترجمان، ترجمتها "عربي21"، جاء فيها أن "الأوساط الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية تنفي أن يكون الزوجان جاسوسين، لكن التخوف أن تتحول من وجهة نظر الأتراك إلى مسألة سياسية، ولدى إسرائيل 48- 72 ساعة فقط لحل الأزمة الناشبة، وسط تفاؤل إسرائيلي محدود يعود إلى أن الرئيس أردوغان لم يضخم الموضوع عبر حملة إعلامية، ولم تتصدر القضية بعد عناوين الصحف المحلية التركية".
وأضافت أن "رئيس الوزراء نفتالي بينيت حدد لنفسه هدفا أساسيا يتمثل قبل كل شيء بإنهاء الحدث في أقرب وقت ممكن قبل أن يتحول إلى أزمة حادة، ولذلك يجري العمل بين الجانبين، حيث تلقى رجال الأمن الإسرائيليين تعليمات من المستوى السياسي للاتصال بنظرائهم في جهاز المخابرات التركي للتأكيد على أن الزوجين الإسرائيليين ليسا جاسوسين، وأن زيارة البرج السياحي كانت ضمن نشاطهما الشخصي".
وزارة الخارجية التركية، ووفقا للأوساط الإسرائيلية، لم توافق حتى الآن على الطلب الإسرائيلي بمقابلة الزوجين أوكنين بشكل عاجل، وفي إسرائيل تشير التقديرات إلى أن التحقيق معهما قد استنفد، وأن الكرة في يد النيابة المحلية، ولذلك تدور المسألة ببطء، وأوصت وزارة الخارجية الإسرائيلية بأن يُقلل أفراد أسرتهما من نشر صورهما الشخصية كي لا تتحول قضيتهما مع مرور الوقت إلى تصدر عناوين وسائل الإعلام التركية، بعد أن تصدرت بالفعل عناوين الصحف في إسرائيل.
اقرأ أيضا: تفاصيل حول اعتقال إسرائيلييْن في تركيا.. التحقيقات مستمرة
وتتخوف المحافل الأمنية والسياسية الإسرائيلية من أن يكون الثمن الذي سيطلبه أردوغان لإطلاق سراح الزوجين أعلى بكثير، لذلك فإن إسرائيل تحاول وراء الكواليس الوصول إلى حل أو اتفاق، أو حتى صفقة ادعاء من شأنها إنهاء القضية، ولذلك فإن صدور أي بيان حاليا قد يضر بالجهود الدبلوماسية مع تركيا، ولذلك تلتزم عائلتهما في هذه المرحلة بالصمت الإعلامي.
وألمح أحد كبار المعلقين الإسرائيليين وهو أمير أورن، إلى أن "إسرائيل تكذب في ادعائها أن الإسرائيليين اللذين اعتقلا في تركيا لا ينتميان إلى الموساد".
وحذر أورن رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينيت، من مغبة انكشاف الكذب، مطالبا إياه بـ"التركيز على العمل الدبلوماسي لإنهاء القضية".
وعن أهم دلالات الاعتقالات التي قامت بها الأجهزة الأمنية التركية ضد متهمين بالتجسس لصالح جهاز "الموساد" الإسرائيلي، أكد الخبير الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، أن ما يجري يؤكد وجود "توتر دبلوماسي-سياسي بين الطرفين، وهو متأثر بملفات قديمة ما زالت مفتوحة منها ملف أسطول الحرية التركي الذي انطلق نحو غزة وضم سفينة مافي مرمرة".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "التصعيد في اعتقال أشخاص إسرائيليين وتوجيه تهم أمنية لهم، يدل على أن وراء الأكمة ما وراءها، وعلينا أن لا ننسى، أن تركيا بالنسبة لإسرائيل ساحة ترتبط بملفات أمنية شائكة، منها الأزمة السورية وعلاقاتها بقيادات حركة حماس واستضافتها لبعضهم في أراضيها، وهذا كله يصعد التوتر القائم بين الجانبين".
وأكد شلحت، أن ارتباط تركيا بالملفات سابقة الذكر، "يدفع تل أبيب لزيادة نشاطها الأمني (التجسسي) في تركيا، علما بأن النشاط الاستخباراتي، هو جبهة رئيسية في ما يسمى إحباط التهديدات الماثلة، وهذا أيضا يتطلب المزيد من النشاط على مستوى الحرب السيبرانية وعلى المستوى الاستخباراتي؛ وهذا يعني نشاطا أمنيا تجسسيا".
ورأى أن "التواتر في الاعتقالات التي قامت بها تركيا في الفترة الأخيرة ضد متهمين بالتعاون مع "الموساد"، يشي بوجود نشاط أمني إسرائيلي يجري في الأراضي التركية".
اقرأ أيضا: هكذا تحدث بينيت عن الإسرائيلييْن المتهمين بالتجسس في تركيا
من جانبه، قال المختص في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي مأمون أبو عامر: "من المعلوم أن نشاط "الموساد" لم يتوقف في الساحة التركية، وكان في الماضي (قبل حكم العدالة والتنمية) يأتي في سياق التعاون الأمني بين الطرفين، وبعد تراجع العلاقات بين الطرفين، استمر النشاط التجسسي الإسرائيلي بصورة سرية".
ولفت في حديثه لـ"عربي21"، أن "الجديد، أن تركيا دخلت بقوة في موضوع العلاقة مع القوى الفلسطينية خاصة بعد حادث سفينة "مرمرة"، ومن بعد الاتفاق على استقبال عدد من الأسرى المحررين من صفقة "وفاء الأحرار" التي تمت مقابل إفراج حماس عن الجندي جلعاد شاليط عام 2011".
وأوضح أبو عامر، أن "الجانب الاسرائيلي كان يضع في حسابه، أن وجودهم في تركيا سيسمح لجهاز "الموساد" بأن يراقبهم، ويبدو أن موازين القوى قبل محاولة الانقلاب الفاشل 2016 كانت تسمح بذلك، لكن مع تغير الأوضاع في تركيا يبدو أن "الموساد" أخذ يعمل بطرق أكثر سرية، وفي المقابل زادت حساسية تركيا لأي تحرك إسرائيلي مشبوه".
وأضاف: "قد يكون هذا الحادث، بمثابة رأس الجبل لما يدور تحت القاع ما بين الطرفين، ولكن رغبتهما في تجنب الصدام في هذا الأمر يدفعهما لتنظيم الخلاف وحل الإشكالات، في حين أن التجاوزات تؤدي أحيانا لكشف بعض الملفات".
ورأى المختص، أنه "كلما زاد الدور التركي في الملف الفلسطيني وفي الساحة الإقليمية والدولية، فإن العمل على مراقبة الأنشطة التركية والتجسس عليها من قبل إسرائيل التي تمتلك منظومة تعاون أمني مع مختلف الدول الغربية، إضافة إلى مراقبة النشطاء فير تركيا، سيزداد ليس فقط على صعيد الملف الفلسطيني بل أبعد من ذلك، وقد يطال الأنشطة التركية في ملفات التسلح والصناعات العسكرية، التي باتت تشكل منافسا قويا لإسرائيل خاصة في محال الطائرات المسيرة.. وأشارت مصادر أمنية تركية إلى أنه تم رصد تحركات في هذا الشأن لأطراف من بينها إسرائيل".
وقال: "لن نستغرب من تكرار سماع مثل هذه الأخبار في قابل الأيام، لكن من غير الواضح إلى أي مدى يمكن أن يتحمل جسر العلاقات بين الطرفين مثل هذه التجاوزات الإسرائيلية على الساحة التركية".
وتساءل أبو عامر: "هل ستتم تسوية مثل هذه الملفات بصورة سرية بمنطق المساومات، أو إنه سيدخل الكشف عنها في إطار التوظيف السياسي الداخلي لدى الجانبين؟".