هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يتصاعد الجدل في أوساط الكثير من العرب حول جواز زيارة الأراضي الفلسطينية، وخاصة مدينة القدس المحتلة، وما إذا كانت الزيارة تشكل تطبيعاً مع الاحتلال أم لا، خاصة في ظل موجة التطبيع المسعورة وغير المسبوقة وفي ظل ارتماء بعض الدول العربية في الحضن الاسرائيلي.
والحقيقة هو أن علينا التمييز بين الزيارة التضامنية والزيارة التطبيعية الى فلسطين، وهو تمييز بالغ الأهمية لأن التضامن مع فلسطين والقدس وأهلهما واجب لا يسقط عمن يستطيع القيام به، أما التطبيعُ مع الاحتلال فهو جريمة كبرى لا يمكنُ تمريرها ولا التسامحُ فيها.
ولبيان متى تكون زيارة فلسطين تطبيعاً مع الاحتلال الاسرائيلي ومتى تكون تضامناً مع سكانها الأصليين المرابطين في أكناف المسجد الأقصى المبارك، ينبغي القياس على القواعد التالية:
أولاً: زيارة الفلسطيني الى بلده لا تُشكل تطبيعاً بغض النظر عن الشكل والكيفية، إذ أنه يتعامل مع قوات الاحتلال بحكم الأمر الواقع، مضطراً لا مختاراً، وعليه فاستصدار التصاريح والتأشيرات والاقامات والبطاقات الرسمية من دولة الاحتلال لا يُعتبر تطبيعاً ولا اعترافاً وإنما هو بحكم الأمر الواقع، وله أحكام المضطر.
ثانياً: زيارة فلسطين من قبل حاملي جنسيات الدول الأجنبية التي تقيم أصلاً علاقات مع اسرائيل لا تُشكل تطبيعاً مع الاحتلال، شريطة أن لا تكون هذه الزيارات بدعوة من مؤسسات رسمية اسرائيلية مثل مراكز الدراسات العبرية، أو النقابات والأحزاب الاسرائيلية، أو ضمن وفود تنظمها وزارة الخارجية الاسرائيلية، أو ما شابه ذلك. وهذا ينسحب على حاملي الجنسيات الأجنبية سواء من كان منهم من أصول عربية أم لا.
ثالثاً: زيارة المواطنين العرب الى فلسطين بتأشيرات اسرائيلية، سواء كانوا من رعايا الدول التي تقيم علاقات مباشرة ورسمية مع الاحتلال أو غيرهم، تشكل تطبيعاً بالضرورة، وهذه الزيارات لا يُمكن أن تفيد الفلسطينيين ولا تدعم صمودهم، وإنما هي تصب في خانة الارتماء في الحضن الاسرائيلي، ومن المعروف أن تل أبيب تُسهل هذه الزيارات وترحب بها من أجل التسويق الى أن "اسرائيل أصبحت دولة مقبولة في هذه المنطقة".
رابعاً: أصحاب الزيارات التضامنية الى فلسطين يتحرون على الدوام دعم صمود الفلسطينيين عبر دعم اقتصادهم المحلي، ففي القدس المحتلة على سبيل المثال يوجد أكثر من مئة منشأة فندقية من بينها 11 فندقاً فقط يملكها فلسطينيون من أبناء المدينة، وهذه الفنادق هي التي تستضيف الزوار المتضامنين لا المطبّعين.
والخلاصة هو أن الجدل حول زيارة فلسطين يجب أن يكون محسوماً وواضحاً ولا يلتبس على الناس، خاصة بعد أن فتحت العديد من الدول العربية أبوابها للتطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي، بل تجاوزت مستويات التطبيع الى التحالف الكامل مع الاحتلال، وأصبحت بعض شركات الطيران العربية تتسابق على تنظيم رحلات مباشرة ومنتظمة الى تل أبيب لتسهيل التطبيع مع الاحتلال بما يُحقق المصالح الاسرائيلية.