هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يواصل الاحتلال الإسرائيلي أعمال نبش وتجريف ومحاصرة المقبرة اليوسفية، المحاذية للمسجد الأقصى المبارك، وسط غضب شعبي، وغياب للصوت الرسمي الفلسطيني والعربي والإسلامي، رغم ضم المقبرة رفات شهداء جيوش عربية قاتلت دفاعا عن القدس.
ويؤكد الفلسطينيون أن أنشطة الاحتلال، المتجددة والمستمرة منذ الاثنين، تأتي في إطار "مخطط تهويدي وليس خدماتي"، وتتضمن جوانب غاية في الخطورة، ومنها زرع قبور وهمية لإثبات وجود تاريخ يهودي في المدينة المقدسة المحتلة.
ويسعى الاحتلال إلى إقامة "حدائق توراتية" على أنقاض قبور المسلمين في "اليوسفية"، وهي تضم قبور العديد من العلماء وقبر "الجندي المجهول" ورفات شهداء من الجيشين الأردني والعراقي، وغيرهم، إضافة إلى العديد من المجاهدين الذين قدموا قبل عام 1948 إلى فلسطين دفاعا عنها من عدوان العصابات الصهيونية، ودفنوا فيها من غير أسماء.
— AlQastal القسطل (@AlQastalps) October 28, 2021
تجريف القبور جريمة حرب
وعن المخاطر المترتبة على اعتداء الاحتلال على مقبرة اليوسفية المجاورة للمسجد الأقصى، أوضح المحامي المختص في قضايا القدس، خالد زبارقة، أن "هذه المخاطر تطال عدة جوانب، أولها الاعتداء على حرمة الأموات؛ وهذا اعتداء غير قانوني صارخ على حق المسلمين في الحفاظ على حرمة أمواتهم، وهذا بحد ذاته جريمة بحق الإنسانية وجريمة حرب".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "النقطة الثانية؛ هي جرأة الاحتلال على نبش القبور وتكسير العظام وبعثرة الجماجم، والاعتداء بهذه الطريقة الوقحة على حرمات المسلمين، ويظهر هذا أن الاحتلال يتجرأ على مرحلة أخرى من مراحل تسويغ تهويد القدس والاقتراب خطوة نحو المسجد الأقصى".
وثالثا، أشار زبارقة إلى أن "الاحتلال يريد أن يقيم في هذه المنطقة حديقة توراتية، والذي شاهد العمال اليهود الذي عملوا في هذه الأيام داخل مقبرة اليوسفية، يلاحظ أنهم يتبعون لحركة "نوعم"، وهي حركة يهودية متطرفة، وهناك من يمثلهم في الكنيست الإسرائيلي، وهي الحركة الأكثر إرهاباً وتطرفا في المجتمع الإسرائيلي".
وأضاف: "عندما تقوم الشرطة الإسرائيلية بحماية هؤلاء، هذا يعني أننا أمام مرحلة قاسية وصعبة جدا، بالذات في ما يتعلق بتهويد القدس ومحيطها والبلدة القديمة"، مؤكدا أن ما تقوم به سلطات الاحتلال هو "مخطط تهويدي وليس خدماتيا للجمهور".
— الجرمق الإخباري (@aljarmaqnet) October 28, 2021
ولفت المحامي الفلسطيني المقيم في الداخل المحتل، إلى أن "الشعارات التي ظهرت على ملابس العمال اليهود، والتي تقول إنهم يريدون المحافظة على "الهوية اليهودية" لهذه البلاد، يكشف بشكل واضح أهداف هذه الجريمة الإسرائيلية بحق أموات المسلمين".
واعتبر أن "النقطة الأهم والأخطر، هي جرأة الاحتلال على الاعتداء على المقدسات الإسلامية وقتلها في نفوس المسلمين، وهي خطوة تقربهم من إحكام سيطرتهم على المسجد الأقصى ومحيط البلدة القديمة، وهنا تكمن الخطورة الكبيرة".
تاريخ مزور وقبور وهمية
وأكد زبارقة، أن "ما يجري في المقبرة اليوسفية من اعتداء إسرائيلي فظ، يؤسس لمزيد من الاعتداءات على الأقصى وكافة المقدسات الإسلامية وأيضا على المرابطين من أهل القدس، وهذا ينذر بأن الانتهاكات بحق الأقصى ستتصاعد مستقبلا".
وإضافة لما ذكره المحامي زبارقة، فقد بيّن عضو لجنة الدفاع عن حي البستان وسلوان والباحث المختص بشؤون القدس، فخري أبو دياب، أن "الاحتلال يهدف من هذه الاعتداءات إلى مسح الشواهد (قبور الصحابة والعلماء) التي تدلل على وجود حضارة عربية إسلامية، وتحديدا القبور القديمة، التي تمنع الاحتلال من إقامة ما يريد في محيط البلدة القديمة والمسجد الأقصى من مشاريع تهويدية والتي أطلق عليها، حدائق توراتية وحدائق وطنية".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "هذه الشواهد، هي معيق للمشاريع التهويدية التي يسعى الاحتلال إلى تنفيذها في القدس، وهو يريد أن يكرر ما قام به في مقبرة "مأمن الله"، حيث نبش القبور ومسحها وطمسها، ومن ثم أقام "متحف التسامح" وحدائق ومراكز تجارية"، منبها إلا أنه "لا يمكن إعادة قبور قديمة مسحت".
ولفت أبو دياب إلى أن "الاحتلال وفي خطوة متقدمة، يستطيع تغيير الهوية وطابع هذه المنطقة بإزالة هذه الشواهد التي تعيق مشاريعه"، منوها إلى أن "الاحتلال بمسح وتدمير هذه القبور، يحاول إبعاد الناس عن هذه المنطقة التي يسعى لتهويدها، لذلك فإنه بالقرب من تلك القبور، هناك العديد من القبور الوهمية التي يزرعها الاحتلال، من أجل أن يثبت مزاعمه؛ أنه كان هنا حضارة يهودية وعبرية قديمة".
وقال: "الاحتلال يريد مسح الشواهد والهوية الحقيقية الدالة على إسلامية وعروبة القدس، ويريد أن يصطنع تاريخا مزورا عبر قبور وهمية"، لافتا إلى أن "الاحتلال بعد إزالة تلك القبور فسيسيطر على الأرض، ويعمل بها ما يريد، ومن بين ذلك تهيئة المكان للقطار الهوائي التهويدي الذي يمر من هذه المنطقة".
وأكد المختص الفلسطيني أن "المسجد الأقصى اليوم في عين العاصفة، ويحاول الاحتلال خنقه بإقامة حزام من المشاريع التهويدية والاستيطانية، كما أنه يريد أيضا إقامة كنس يهودية في هذه المنطقة، مثلما يعمل الآن في الجهة الغربية للأقصى".