هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يعبِّر مواطنون أردنيون عن مخاوفهم من احتمال عودة نظام "التعليم عن بُعد" بعد تصريحات لوزير الصحة الأردني، فراس الهواري، أفاد فيها بأن ارتفاع المنحنى الوبائي في البلاد؛ سببه ازدياد نسبة الإصابات بفيروس كورونا بين طلبة المدارس.
وقال الهواري في تصريحات للتلفزيون الأردني الرسمي، الجمعة، إن 40 بالمئة من نسبة الإصابات بكورونا في الفترة الأخيرة، وقعت بين طلبة المدارس ممن تبلغ أعمارهم بين ست إلى 17 سنة، مؤكدا أن هذا "ما أحدث التغير بشكل واضح وكبير في المنحنى الوبائي".
ونفى وزير الصحة أن يكون سبب ارتفاع نسبة الإصابة بالفيروس؛ الحفلات الغنائية التي أقيمت مؤخراً لعدد من المطربين العرب، والتي أثارت غضبا شعبيا لعدم التزامها بالإجراءات الوقائية، موضحا أن "فتح المدارس هو ما تسبب بهذا الارتفاع".
واستدرك بالقول إن "فئة طلبة المدارس هي الأقل إدخالا إلى المستشفيات"، وأضاف: "قمنا بدراسة على مدى شهر؛ فتبين أن عدد من دخل المستشفيات من هذه الفئة لم يتجاوز الأربعة أشخاص".
اقرأ أيضا: الحديث عن "الهوية الجامعة" في الأردن يثير جدلا.. ما وراءه؟
مخاوف "مشروعة"
وأعربت المواطنة سمية محمود، التي لديها أربعة أبناء في المدارس، عن تخوفها من عودة نظام التعليم عن بعد، مع ارتفاع نسبة الإصابة بفيروس كورونا في البلاد، وتصريح وزير الصحة بأن سبب هذا الارتفاع تزايد الإصابات في صفوف الطلبة.
وقالت "سمية" لـ"عربي21" إن إيقاف التعليم الوجاهي "يعني مزيدا من التجهيل لأبنائنا الذين تراجع مستواهم التعليمي خلال سنة ونصف قضوها في التعليم عن بعد، جراء القرارات الحكومية غير المحسوبة العواقب".
وأضافت: "أبناؤنا في تلك الفترة نسوا طريقة الإمساك بالقلم، وكيفية إجراء كثير من العمليات الحسابية، وبعضهم لم يعد يعرف الأحرف الإنجليزية، خصوصا أن ثمة عائلات لا تملك أجهزة إلكترونية كافية لاستخدامها في التعليم عن بعد، ومهما بذل الآباء والأمهات في تعليم أبنائهم من جهد فلن يكون ذلك بمستوى التلقي عن معلم متمرس".
وأوضحت "سمية" أنها ومثيلاتها من الأمهات عايشن التجربة على أرض الواقع، "وكانت نتيجتها أنها خرّجت طلبة فاشلين، ضعيفي الفهم والاستيعاب والتركيز، عدا عن أنهم أصبحوا أكثر انعزالا عن المجتمع".
ورأت أن الحكومة "لديها ازدواجية في تطبيق معايير الوقاية من فيروس كورونا، ففي الوقت الذي تشدد فيه على المدارس والمساجد، تفتح المجال واسعا للمهرجانات والحفلات الغنائية التي يختلط فيها آلاف الأشخاص، دون أدنى التزام بالإجراءات الوقائية".
وتساءلت "سمية": "كيف يمكنني أن أتقبل عودة التعليم عن بعد، أو تشجيع أبنائي على التباعد أو لبس الكمامة أو أخذ المطعوم، وأنا أرى ما يجري في هذه الحفلات المرخصة رسميا؟".
وأثار التزاحم الشديد الذي شهده مهرجان جرش الذي بدأ فعالياته في 22 أيلول/ سبتمبر الفائت، واختتمها في 2 تشرين الأول/ أكتوبر، موجة من ردود الفعل الغاضبة في الشارع الأردني، الذي انتقد "انتقائية" الحكومة في تطبيق قانون الدفاع الذي يلزم المواطنين بالتباعد الجسدي خشية انتقال عدوى "كورونا".
وتزايد التنديد الشعبي بـ"تغاضي" الحكومة عن حفلات الغناء؛ مع إقامة حفلتين منفصلتين للمطربين عمرو دياب وتامر حسني، في كل من العقبة وعمّان، بانتظار أن يقيم المطرب مصطفى قمر هو الآخر "حفلا أسطوريا" في الأردن، كما عبّر في حسابه على موقع "إنستغرام".
اقرأ أيضا: رئيس الوزراء الأردني: مؤشرات على وجود الذهب في البلاد
خيار استراتيجي
من جهته؛ أكد الناطق باسم وزارة التربية والتعليم، أحمد المساعفة، أن التعليم الوجاهي خيار استراتيجي، ولا عودة إلى التعليم عن بعد.
وقال المساعفة لـ"عربي21" إن "الوضع الوبائي في المدارس تحت السيطرة، ولا يدعو للقلق"، موضحا أن "نسبة الإصابات بين الطلبة النشطة تبلغ اثنين بالألف، وعدد الشعب الصفية التي تحولت إلى التعلم عن بعد لا تشكل نسبة واحد بالألف".
ولفت إلى أنه في حال بلغت نسبة الإصابات في الصف الواحد 10 بالمئة، أو المدرسة، ففي هذه الحالة يتم التحول إلى التعليم عن بعد لهذا الصف أو تلك المدرسة.
وشدد المساعفة على أهمية التعليم الوجاهي بالنسبة للطلبة، قائلا إنه "ضروري لتنمية شخصية الطالب في جميع جوانبها، وليس في المدرسة لتلقي المعارف فقط".
ووجّه الناطق باسم "التربية" نصيحته لأهالي الطلبة بـ"عدم الالتفات إلى الشائعات، وأن يأخذوا المعلومة من مصدرها الموثوق".
"محاولة دفع" نحو التطعيم
من جهته؛ استبعد منسق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة (ذبحتونا) فاخر دعاس، أن تعود الحكومة إلى نظام التعليم عن بعد تحت أي ظرف، "إلا إذا وصلت نسبة الإشغال في المستشفيات إلى مرحلة الإشباع، وهذا مستبعد أيضا" وفق قوله.
وعلل دعاس رأيه بالقول لـ"عربي21" إن وزارة التربية تدرك أن حجم الفاقد التعليمي الناتج عن سنة ونصف من غياب الطلبة؛ كان أكبر بكثير من المتوقع حتى في المدارس الخاصة، التي يُفترض أنها قدمت تعليما مميزا خلال فترة إيقاف التعليم الوجاهي.
ولفت إلى أن تصريحات وزير الصحة الأردني حول زيادة نسبة الإصابة بين طلبة المدارس، تسببت في خوف وهلع لدى المواطنين الذين يرفضون عودة التعليم عن بعد، مستدركا بأنه "على العكس من ذلك؛ فإن تصريحات الوزير تشجع على التعليم الوجاهي".
وأوضح أن معظم الفحوصات العشوائية التي قامت بها وزارة الصحة أجريت على طلبة المدارس، "فمن الطبيعي أن تكون النسبة بينهم أكبر من بقية المواطنين"، مشيرا إلى أن الوزير نفسه صرّح بأن نسبة دخول الطلبة المصابين بكورونا إلى المستشفيات أقرب إلى الصفر، حيث بلغ عددهم أربعة مصابين خلال شهر كامل.
ولم يستبعد دعاس أن يكون الهدف من تصريحات وزير الصحة الأخيرة، محاولة دفع الناس إلى تطعيم أبنائهم الذين هم في سن 12 إلى 18، مشيرا إلى أن "هناك جهودا حكومية بأن تكون هذه الفئة العمرية مشمولة بالتطعيم".
وأكد دعاس أن المواطن الأردني لن يتقبل فكرة التعلم عن بعد، خصوصا وهو يرى المهرجانات والحفلات الغنائية التي لم تلتزم بالإجراءات الوقائية، وكذلك المباريات، "في مقابل وصولنا إلى مناعة مجتمعية جعلتنا في وضع مريح".
وتابع: "أنا على يقين بأن الحكومة لن تعود إلى التعليم عن بعد، لأنها تعي حجم الغضب في الشارع تجاه ازدواجيتها في تطبيق معايير الوقاية من المرض".
وقال دعاس إننا لا نطالب بعدم الذهاب إلى التعليم عن بعد وحسب، وإنما نطالب أيضا بإلغاء نظام الدوام بالتناوب في المدارس الحكومية، "والذي أدى إلى حرمان الفقراء من حقهم في التعليم، أسوة بأقرانهم في المدارس الخاصة وبعض المدارس الحكومية التي لم يطبق فيها هذا النظام".
وكانت وزارة التربية والتعليم في الأردن، قد اعتمدت نظام الفترتين والتناوب (التعليم المدمج) لاستيعاب الطلبة القادمين من القطاع الخاص إلى الحكومي، وتساوقا مع البروتوكول الصحي الذي يلزم الطلبة بالتباعد داخل الغرف الصفية.
ووفق الوزارة؛ فإن نحو ألف و300 مدرسة تعمل حاليا على نظام التناوب، من أصل أربعة آلاف مدرسة.