هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تواصل الأحزاب السياسية في تركيا، استعداداتها للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة في 18 حزيران/ يونيو 2023، في ظل احتدام الساحة الداخلية في البلاد.
وكانت وفاة رئيس المجلس الاستشاري لحزب السعادة، وزعيم حركة "ميللي غوروش- الرؤية الوطنية"، أوغوزخان أصيل تورك، في الأول من الشهر الحالي، قد أثارت التساؤلات حول مصير التحركات التي بدأها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من أجل التقارب بين حزبي "السعادة" و"العدالة والتنمية".
وكان أصيل تورك، انتقد رئيس حزب السعادة تمل كارامولا أوغلو، بسبب تحالفه مع أحزاب المعارضة، ودعم الانضمام إلى تحالف "الجمهور" الذي يتزعمه أردوغان، وهذا الموقف يعبر عن قاعدة شعبية كبيرة داخل الحزب.
ويرى مراقبون، أن ضعوطا كبيرة تمارس على كارامولا أوغلو من قادة وقاعدة حزب السعادة الذين يشعرون بعدم الراحة في الوقوف إلى جانب حزب الشعب الجمهوري، و"الشعوب الديمقراطي" الكردي المتهم بالتعاون مع منظمة العمال الكردستانية.
ونقلت أوساط تركية، أن كارامولا أوغلو الذي أجرى زيارات في الآونة الأخيرة لكافة قادة أحزاب المعارضة، قد وجه طلبا لعقد لقاء مع الرئيس التركي.
كارامولا أوغلو، تحدث سابقا عن إمكانية التحالف مع حزب العدالة والتنمية، لكنه اشترط أن تغير السلطات من سياساتها التي وصفها بـ"غير الصائبة"، والعودة عن الأخطاء، وتغيير النظام الرئاسي، وخلق بيئة من الحوار في البلاد بدلا من الصراعات القائمة، وفي رده على تساؤل حول إمكانية استمراره مع تحالف المعارضة، أجاب: "الزمن سيخبرنا في ذلك".
زعيم حزب السعادة الذي أبدى عدم نيته الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة، أشار في حديث آخر إلى أنه من المبكر الحديث عن التحالفات وانضمام حزبه إليها، مشيرا إلى أن حزبه يجري لقاءات مع الجميع.
اقرأ أيضا: هل يترك كارامولا أوغلو زعامة حزب "السعادة" التركي؟
وفي رده على تساؤل حول استمرار المباحثات مع "تحالف الجمهور" بعد وفاة أصيل تورك، قال، إنه يرى أنه لا فائدة من الحديث بجدية عن التحالفات قبل الدخول في السباق الانتخابي، وأضاف: "أزور جميع قادة الأحزاب، وما زلت أتواصل بذلك، وهناك من لم أجلس معهم، وأتقاسم مع الجميع الأفكار حول مسار البلاد".
وتابع: "سوف نشارك في الانتخابات، ونريد أن يكون لنا ممثلون في البرلمان، وسنكون أينما تنشأ الظروف الأكثر ملاءمة، دون ذلك ليس لدينا أي التزام تجاه أي أحد".
الكاتب التركي إسماعيل ياشا، أشار إلى أن المحادثات التي بدأت بين أردوغان وأصيل تورك كانت نتيجة الاستياء الواسع في صفوف أنصار حزب السعادة من التحالف مع حزب الشعب الجمهوري، وعليه فإنها لم تكن باجتهاد فردي من أصيل تورك".
وأضاف في حديث لـ"عربي21"، أن هناك انقساما داخل حزب السعادة، قسم يرى ضرورة الابتعاد عن حزب العدالة والتنمية، وآخر يرى إمكانية التحالف معه، وبالتالي فإن المحادثات ستستمر.
ولفت إلى أن حزب السعادة في الانتخابات الماضية، طالب بـ20 مقعدا في البرلمان من حزب العدالة والتنمية في الأماكن التي يكون الفوز فيها مضمونا، ولكن الحزب الحاكم رفض ذلك نظرا لعدم توافق الطلب مع حجم شعبية حزب السعادة الذي توجه للتحالف مع حزب الشعب الجمهوري مقابل ترشيح اثنين أو ثلاثة من أعضائه، وبمعنى آخر أنه لم يشترط على "الشعب الجمهوري" كما فعل مع "العدالة والتنمية".
ورأى أن حزب السعادة في الانتخابات المقبلة إن جاء إلى "العدالة والتنمية" بذات الشروط التعجيزية المبالغ فيها، فسيكون التحالف معه مستحيلا.
وأشار إلى أن كارامولا أوغلو يرى الاستياء في صفوف حزبه من التحالف مع حزب الشعب الجمهوري، بدلا من التحالف مع "العدالة والتنمية"، خاصة بعد افتتاح مسجد تقسيم وتحويل آيا صوفيا إلى مسجد والقفزة في الصناعات الدفاعية وغيرها، والتي كانت حلما للمعلم نجم الدين أربكان وطلابه.
وأضاف أن كارامولا أوغلو وقادة حزبه، يسعون في ذلك الوقت إلى تعزيز أهمية الحزب لدى كلا التحالفين باعتباره "مفتاح الفوز"، ولذلك يقول إن موضوع التحالفات سيحسم قبيل الانتخابات، بناء على مصلحة الحزب.
وحول مطلب العودة عن النظام الرئاسي، شدد الكاتب التركي، على أن هذا الطرح شبه مستحيل، حتى لو فازت المعارضة في الانتخابات، وهو شرط تعجيزي يبرر به كارامولا أوغلو عدم تحالفه مع "العدالة والتنمية".
ونوه إلى أن الشروط التي سيقدمها حزب السعادة، ستخبرنا هل هو يرغب في التحالف مع "العدالة والتنمية" أم لا.. موضحا أنه إذا اشترطوا مثلا العودة إلى النظام البرلماني فمعناه أنهم لا يريدون أصلا التحالف مع الحزب الحاكم.
اقرأ أيضا: خلافات في حزب "السعادة" التركي.. ماذا سيكسب حزب أردوغان؟
الكاتب التركي، محمود أوفور، في تقرير على صحيفة "صباح" أشار إلى أن مسألة التحالفات مؤخرا أصبحت أكثر زخما في البلاد، واللقاء الذي سيعقد بين أردوغان وكارامولا أوغلو سيكون مثيرا للاهتمام.
وأضاف، أن هذا اللقاء يحظى بالاهتمام لأن لقاء أصيل تورك -الاسم الأكثر تأثيرا في الرأي القومي بعد أربكان- بالرئيس أردوغان في وقت سابق، وإعطائه الضوء الأخضر لحزب العدالة والتنمية أثار التساؤل في تلك الأوساط وخصوصا في صفوف الشباب ووقف الشباب القومي.
وتابع، بأنه بعد وفاة أصيل تورك، يتساءل الجميع عن طبيعة الموقف الذي سيتخذه حزب السعادة، وما إذا ترك أصيل تورك الذي تربطه علاقة عائلية، وصية لكارامولا أوغلو؟ وحتى إن لم يكن كذلك، فهل سيسير حزب السعادة على خطى أصيل تورك؟
وحول حديث كارامولا أوغلو، الذي قال فيه، إنه "من المبكر الحديث عن تحالفات، وقد تطرأ الكثير من المتغيرات"، أشار أوفور، إلى أن البعض رأى تصريحاته وبعدها لقاءه مع أردوغان كمسعى للبحث عن تحالف، فيما زعم البعض الآخر أنها تأتي في سياق محاولة رفع سقف المساومة، فيما رأى آخرون أن هناك ارتباكا خطيرا داخل "تحالف الأمة" المعارض الذي يقف على هاوية التفكك.
ولفت إلى أنه استطلع أراء أعضاء في حزبي "العدالة والتنمية" و"السعادة" حول اللقاء المرتقب بين كارامولا أوغلو وأردوغان، موضحا أن أعضاء "العدالة والتنمية" كانوا أكثر ترحيبا باللقاء بين الزعيمين، ومن يفكرون بسلبية داخل الحزب يقولون "نعتقد أن الاجتماع سيكون إيجابيا، وعلى الرغم من وجود فريق مناهض لحزب العدالة والتنمية في قيادة "السعادة"، إلا أن الطريق الذي انتهجه الراحل أصيل تورك كان له تأثير إيجابي".
ونوه إلى طرح تحذيري، يقول إن "ميللي غوروش" القائم على تيارين هما "الاتحاد الإسلامي" ونظام "الحزب الواحد"، سيصبح أكبر كلما اقترب من الأول (الاتحاد الإسلامي)، ويتقلص مع اقترابه من الثاني (الحزب الواحد)، ويرجحون أن حزب السعادة لن ينهض طالبا الاقتراب من الطرح الثاني".
ونقل عن عضو سابق في "ميللي غوروش"، أنه لن يخرج من المباحثات بين أردوغان وكارامولا أوغلو شيء، لأن إدارة حزب السعادة لن تتخذ موقفا مختلفا بسبب علاقتها القائمة مع بلدية إسطنبول الكبرى.
وأشار الكاتب التركي إلى أن هناك تساؤلا داخل حزب السعادة في الآونة الأخيرة، وهو جدوى استمرار التحالف مع حزب الشعب الجمهوري في الوقت الحالي.