هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سجل الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة تحركات على صعيد التشكيلات العسكرية، تمثل في الإعلان من قبل فصائل عن الاندماج ما بينها تحت مسمى "الجبهة السورية للتحرير".
وتضم الجبهة الجديدة كلاً من "فرقة الحمزة" و"فرقة السلطان سليمان شاه" و"فرقة المعتصم" و"الفرقة 20" و"لواء صقور الشمال"، بعدد مقاتلين يزيد على الـ15 ألف مقاتل.
ويتضح لمراقبين أن عمليات الاندماج هذه، تؤكد أن حالة "الفصائلية" ما زالت الحالة المسيطرة على الواقع العسكري في الشمال السوري، وخصوصاً أن فصائل منضوية في "الجبهة السورية للتحرير" كانت قد انشقت عن غرفة عمليات "عزم".
عضو مجلس قيادة "الجبهة السورية للتحرير" مصطفى سيجري، أكد أن ما جرى من عمليات اندماج يعد خطوة مهمة نحو تشكيل جسد عسكري موحد لكل الفصائل التابعة لـ"الجيش الوطني".
وقال لـ"عربي21"، إن "الجيش الوطني يعيش حالة من الولادة، وعمليات الاندماج هذه تشكل حالة صحية"، مؤكداً أن "الجبهة السورية للتحرير، تابعة لـ"الجيش الوطني"، وأهدافها متلازمة مع الثورة السورية".
ويلاحظ أن الإعلان عن تشكيل "الجبهة السورية للتحرير" جاء بعد توتر بين غرفة عمليات التنسيق الأمني والعسكري "عزم"، وبين فصائل انضوت مؤخرا في التشكيل الجديد، ما يعني أن عمليات الاندماج هذه لا تخرج عن إطار الاصطفاف بين التشكيلات التابعة لـ"الجيش الوطني السوري" الذي شكلته المعارضة بدعم تركي.
لكن سيجري، أوضح أن غرفة "عزم" التي تقودها "الجبهة الشامية" (أكبر فصائل الشمال)، هي غرفة مخصصة للتنسيق الأمني والعسكري بين الفصائل، في حين أن الاندماج الجديد، هو انصهار كامل بين الفصائل الخمسة، وقال: "بالتالي فنحن ذهبنا خطوة أبعد من التنسيق، ونحن نعتبر أن الاندماج من شأنه تصحيح الحالة الفصائلية".
اقرأ أيضا: فصائل ترفض الاقتتال لحل الخلاف حول "عزم" في ريف حلب
وعن احتمالية وجود تنسيق بين "عزم" وبين "الجبهة السورية للتحرير"، وصولاً إلى الاندماج، فقد شدد سيجري على وجود تنسيق مع "عزم"، مؤكداً وجود مشاورات لتحقيق الاندماج الكامل معها.
الجيش الوطني إلى أين؟
ورغم الإعلان عن تشكيل الجيش الوطني في 30 كانون الأول/ ديسمبر 2017، من قبل "الحكومة المؤقتة"، التابعة للائتلاف السوري المعارض، فإن هذا التشكيل عجز كما يبدو عن تحويل الفصائل إلى جيش نظامي.
وتفسيرا لذلك، قال مدير إدارة التوجيه المعنوي في "الجيش الوطني"، حسن الدغيم، إن "الجيش الوطني كان وليد حالة الاندفاع الثوري، والأمل الشعبي في الوصول لتشكيل موحد لفصائل الثورة السورية، في جيش يتبع للحكومة المؤقتة".
وأضاف لـ"عربي21"، أن هذه الحالة الثورية والشعبية، لم تكن متقاطعة مع الإرادة الدولية، التي لا تعترف للآن قانونيا ولا سياسيا بالحكومة السورية المؤقتة، وإنما تتعامل معها كمنظمة.
وبذلك، كما يقول الدغيم، فإنه يتضح أن تشكيل جيش نظامي يحتاج إلى مرجعية سياسية أو حكومة معترف بها دولياً، وهذا لم يحدث بعد، مستدركاً بأنه "إلى حينها ما زالت الفصائل تجتهد بشكل مركزي وتمكيني ضمن "الجيش الوطني"، لاختصار الفصائلية العشوائية، حسب التواجد الجغرافي، والعلاقات بين قيادات الفصائل".
المشهد ما زال فصائليا
من جانبه، قال الباحث في مركز "جسور للدراسات"، وائل علوان، إن المشهد العسكري في الشمال السوري ما زال مشهداً فصائلياً بالكامل.
ووفق رأيه، فإن عمليات الاندماج الأخيرة، من شأنها إضعاف فاعلية "وزارة الدفاع" التابعة لـ"المؤقتة"، مضيفا لـ"عربي21"، أنه "ما زال "الجيش الوطني" مظلة توافقية".
وقال علوان، إن حالة الشتات الفصائلي، أنتجت للآن تحالفات على أساس التقارب والتحالف، أما تجربة الفيالق التي شكلها "الجيش الوطني" فبقيت في الإطار النظري.
وبهذا المعنى، فإنها لا تعني التشكيلات الجديدة (عزم، الجبهة السورية للتحرير) إلغاء الحالة الفصائلية، وإنما هي تحالفات، نتيجة تخوفات من فصائل وشعورها بأنها مستهدفة من فصائل أخرى، على حد تأكيد الباحث.
وأَوضح علوان، أن فصائل ذهبت مضطرة بعد انسحابها من "عزم" إلى الاندماج مع فصائل أخرى في "الجبهة السورية للتحرير"، والحال ذلك، فإن تلك الحسابات قادت إلى نتائج إيجابية أي الاندماج مع فصائل أخرى، وتقليل المسميات.
وبحسب علوان، فإن الحكم على نجاح تجربة الاندماج الأخيرة، هو رهن تجاوز العقبات التي تحول دون الاندماج الكامل، الذي تفرضه تحديات داخلية وخارجية.