هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لمحررة قسم العالم اليوم في الصحيفة، كلير باركر، قالت فيه إن انسحاب أمريكا من أفغانستان استند إلى استنتاج مفاده أن الجماعات الإرهابية لم تعد قادرة على استخدام البلاد لشن هجمات على أمريكا.
وقال الرئيس بايدن في تصريحات من البيت الأبيض الأسبوع الماضي: "ذهبنا إلى أفغانستان منذ ما يقرب من 20 عاما بأهداف واضحة: القضاء على أولئك الذين هاجمونا في 11 أيلول/ سبتمبر 2001، والتأكد من أن القاعدة لا يمكنها استخدام أفغانستان كقاعدة لمهاجمتنا مرة أخرى.. وقد فعلنا ذلك".
قال ذلك مدافعا عن انسحاب القوات الأمريكية بعد الانهيار السريع للحكومة الأفغانية في مطلع الأسبوع.
وضعفت القاعدة بشكل كبير منذ عام 2001، والتزمت طالبان بمنعها من مهاجمة أمريكا وحلفائها.
وقالت طالبان إنها لن تسمح للقاعدة أو الجماعات الإرهابية الأخرى بشن هجمات من البلاد.
اقرأ أيضا: تنظيم الدولة عن طالبان: مرتدون.. ومخاوف أمريكية بهذا الشأن
ويحتفظ تنظيم الدولة، وهو خصم لطالبان، بوجود في أفغانستان. وقال الخبراء إن من المرجح أن تحاول طالبان اجتثاثه، لكن التنظيم أيضا قد يستفيد من الفراغ الأمني، حيث تحاول طالبان تعزيز سلطتها.
وفي ما يأتي تقييم لوضع تنظيم الدولة والقاعدة في أفغانستان:
ما هي علاقة القاعدة بطالبان، وما مدى قوة التنظيم؟
في المرة الأولى التي حكمت فيها طالبان أفغانستان، من عام 1996 إلى عام 2001، قامت بإيواء مقاتلي القاعدة الذين خططوا لهجمات 11 أيلول/ سبتمبر على أمريكا. غزا التحالف الذي تقوده أمريكا أفغانستان في عام 2001 بهدف سحق الجماعة.
وقال فواز جرجس، الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد، إنه بعد عقدين من الصراع وعمليات مكافحة الإرهاب، فإن "القاعدة في أفغانستان هي مجرد هيكل لما كانت عليه في السابق". وقال إن المجموعة تفتقر إلى قيادة كاريزمية و"تعاني من الفقر المادي".
وذكر تقرير حديث للأمم المتحدة أن القاعدة حافظت على وجود في 15 مقاطعة أفغانية على الأقل.
ووفقا للأمم المتحدة، فإن فرعا من تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية يعمل "تحت مظلة طالبان" من أقاليم قندهار وهلمند ونيمروز. ويقدر عدد أعضاء القاعدة إجمالا بما بين عدة عشرات و 500 شخص.
ونفى المتحدث باسم طالبان محمد نعيم وجود القاعدة في أفغانستان في مقابلة مع فضائية الحدث السعودية بثته الأحد الماضي. وقال إن الجماعة المتطرفة ليس لها موطئ قدم في البلاد، وليس لها علاقة بطالبان.
أي وجود يمتلك تنظيم الدولة في أفغانستان؟
بدأ تنظيم الدولة في خراسان العمل في أفغانستان عام 2015، وفقا لتقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
وبدأها المواطن الباكستاني حافظ زيد خان، الذي بايع الزعيم السابق لتنظيم الدولة أبي بكر البغدادي عام 2014، وبدأ كفرقة صغيرة من المسلحين الباكستانيين الذين ينشطون في إقليم ننجهار بشرق أفغانستان.
وجاء بعض المجندين من طالبان، على الرغم من أن أعضاء جماعات متطرفة أخرى في المنطقة انشقوا عن تنظيماتهم أيضا، وانضموا إلى تنظيم الدولة في خراسان، وفقا لتقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
ومثل الجماعة الأم -الدولة الإسلامية في العراق وسوريا- فإن الفرع الأفغاني لديه طموحات بالسيطرة على الأراضي، وهو معروف بشن هجمات وحشية على المدنيين. والشيعة هم أهداف متكررة للتنظيم بشكل خاص.
اقرأ أيضا: CNN عن مصادر: إجراءات أمريكية في كابول خشية من "داعش"
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في عام 2019، من أنه بعد خسارة تنظيم الدولة لأراضيه في العراق وسوريا، فقد تمكنت المجموعة المنضوية تحت مظلة التنظيم في أفغانستان من الوصول إلى مئات الملايين من الدولارات لتمويل الإرهاب.
ولم ينجح تنظيم الدولة في خراسان أبدا في الاستيلاء على أراض في أفغانستان. وبدلا من ذلك، تركزت استراتيجيته على مهاجمة أهداف مدنية مثل المساجد والمدارس وحفلات الزفاف.
وانخفض عدد الهجمات التي ينفذها سنويا في السنوات الأخيرة. وخلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، سجلت الأمم المتحدة 77 هجوما مرتبطا بالتنظيم. وأعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عن تفجير مدرسة للبنات في كابول في أيار/ مايو أسفر عن مقتل أكثر من 85 شخصا معظمهم من الطلاب.
وقتلت الضربات الجوية الأمريكية القادة الرئيسيين لتنظيم الدولة في خراسان، بما في ذلك مؤسس التنظيم، في وقت مبكر. وفي عام 2017، ألقى الجيش الأمريكي "أم كل القنابل" على كهف كان يختبئ فيه مقاتلون في إقليم ننجهار.
ومع ذلك، فقد تمكنت المجموعة من الحفاظ على نفسها. وتقدر الأمم المتحدة أنها تحتفظ بمجموعة أساسية من 1500 إلى 2200 مقاتل في إقليمي كونار وننجهار. وهناك خلايا أصغر موزعة في جميع أنحاء البلاد.
ما هي التهديدات التي يشكلها تنظيما الدولة والقاعدة في أفغانستان؟
يتفق معظم المحللين على أن القاعدة تفتقر إلى القوة والقدرة على تشكيل تهديد مباشر لأمريكا.
وقال وزير الخارجية أنطوني بلينكن لبرنامج "فوكس نيوز صندي" إن قدرة القاعدة على مهاجمة أمريكا أو حلفائها "تضاءلت بشكل كبير"، رغم اعترافه بأن "بقايا" المجموعة لا تزال في أفغانستان.
ولكن بالنظر إلى فرصة حصول القاعدة على ملاذ آمن في ظل حكم طالبان -والتعقيدات التي تواجه عمليات مكافحة الإرهاب التي يفرضها انتصار طالبان- يقول البعض إن الجماعة يمكن أن تعيد تشكيل نفسها لاحقا.
وقال مسؤولو المخابرات الأمريكية في وقت سابق إن ذلك سيستغرق ما يصل إلى عامين. لكن ناثان سيلز، الذي عمل كمسؤول كبير في مكافحة الإرهاب خلال إدارة ترامب، قال إنه بعد استيلاء طالبان على السلطة، فقد تكون تلك الفترة حوالي ستة أشهر. يعتمد ذلك كثيرا على مقدار الحرية التي تمنحها طالبان للجماعة.
وقال عبد السيد إن القاعدة "تتبع بالكامل تعليمات طالبان لدعم استراتيجياتها"، ودعمت اتفاق طالبان في شباط/ فبراير 2020 مع أمريكا لسحب القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها. وقد ألزم هذا الاتفاق طالبان بمنع القاعدة والإرهابيين الآخرين من استخدام أفغانستان لمهاجمة أمريكا أو حلفائها. وأكدت طالبان هذا الأسبوع أنها لا تزال ملتزمة بهذا الوعد.
وقال جرجس: "من غير المرجح أن تسمح طالبان للقاعدة بالعمل انطلاقا من أفغانستان، وتعرض للخطر بقاء حكمها الناشئ كما فعلت في عام 2001".
وقال مايكل كوغلمان، نائب مدير برنامج آسيا في مركز ويلسون، إن فرع تنظيم الدولة في أفغانستان "مرن وقوي بالتأكيد" ولكن من غير المرجح أن يكون قادرا على التخطيط لهجمات على أهداف بعيدة.
ومع ذلك، فإن جيران أفغانستان قلقون بشأن النشاط المتطرف. فقد كثفت روسيا التدريبات العسكرية في طاجيكستان، التي تشترك في حدود طويلة مع أفغانستان، خوفا من انتشار الجماعات المتطرفة إلى حليفتها في آسيا الوسطى.
وأعرب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان يوم الأحد، عن مخاوف الإدارة من هجوم محتمل لتنظيم الدولة.
وقال بايدن يوم الجمعة إن المسؤولين يراقبون عن كثب تهديدات الجماعة، خاصة بعد أن أطلقت طالبان سراح العديد من السجناء هذا الشهر.
على عكس موقفها تجاه القاعدة، ترى طالبان أن تنظيم الدولة يشكل تهديدا وجوديا، وقد حاربته في أفغانستان لسنوات.
وكان بعض المراقبين قلقين من أن اتفاقية سلام بين طالبان والحكومة الأفغانية يمكن أن تدفع أعضاء أكثر تطرفا من طالبان إلى تنظيم الدولة. ولكن بعد الانتصار العسكري لطالبان، يبدو ذلك أقل احتمالا.
وقال كوغلمان إن لدى طالبان "أسبابا مقنعة" لاستهداف تنظيم الدولة، ويمكنها استخدام أسلحة أمريكية الصنع حصلت عليها مؤخرا للقيام بذلك. مثل هذه الخطوة يمكن أن تساعد طالبان على تعزيز صورتها في أعين الحكومات الأجنبية.
لكن مع بدء تولي طالبان مقاليد الحكم، فقد ينصرف انتباه الحركة إلى أولويات أكثر إلحاحا، كما يقول الخبراء - ويمكن لتنظيم الدولة والجماعات الأخرى الاستفادة من الثغرات الأمنية. وقدرت الأمم المتحدة أن هناك بالفعل ما بين 8000 و10000 مقاتل ينتمون إلى مجموعات مسلحة مختلفة في أفغانستان.
وقال كوغلمان: "انسحاب أمريكا هو لحظة تحفيز بشكل متزايد لهذه القوات الجهادية في أفغانستان والمنطقة الأوسع".
لطالما كانت الرغبة في إخراج أمريكا من المنطقة محط تركيز الدعاية للجماعات المتطرفة، وقال كوغلمان إن الانسحاب الأمريكي قد يلهم المسلحين من المنطقة المجاورة للتخطيط لهجمات محلية أو الانتقال إلى أفغانستان.
وكان هناك بالفعل لغط متحمس بين المتعاطفين مع الجماعات المتطرفة في المنطقة، بحسب مسؤول استخباراتي من دولة عربية لصحيفة واشنطن بوست، قال إن المسؤولين شهدوا زيادة في الاتصالات الجهادية حول التطورات في أفغانستان، وإن سيطرة طالبان على السلطة "تشجع العديد من الجهاديين على التفكير في السفر إلى أفغانستان الآن بدلا من سوريا أو العراق"، وفق تعبيره.