هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استضافت "عربي21" الخبير والأكاديمي الأفغاني، مصباح الله عبد الباقي، في ندوة خاصة للحديث عن المشهد في بلاده مع عودة "الإمارة الإسلامية"، بقيادة حركة طالبان، بعد عشرين عاما من الغزو الأمريكي- الغربي.
وتحدث "عبد الباقي"، وهو رئيس جامعة "سلام" في كابول، عن كواليس السقوط السريع والمدوي للعاصمة الأفغانية، حيث أشار إلى أن الأمر فاجأ الجميع، بما في ذلك حركة طالبان نفسها.
وقال الخبير الأفغاني إن طالبان لم تكن معنية باقتحام كابول، بل إنها أصدرت أوامر لعناصرها بعدم دخول المدينة، وحذرتهم من عقوبات ستترتب على عصيان ذلك التوجيه.
وتابع بأن الحركة كانت تريد أن تتفق مع حكومة أشرف غني على صيغة تتجنب من خلالها السقوط في فخ العزلة الدولية، ولكن بشروطها هي، بحكم أنها باتت تسيطر على عموم البلاد.
إلا أن أجهزة الأمن والجيش انسحبوا من مواقعهم داخل المدينة، بحسب عبد الباقي، قبل أن تبدأ بعض مظاهر الفوضى، التي ارتكبها أشخاص انتحلوا هوية عناصر الحركة.
اقرأ أيضا: طالبان لـ"عربي21": أغلب الولايات انضمت لنا دون قتال
ولفت الخبير الأفغاني إلى عامل آخر، وهو خروج مدنيين في شوارع كابول احتفالا بانتصارات طالبان، ودعما لما اعتقد بأنه سعي منها لاقتحام المدينة، ما أربك الوضع الأمني.
كما أن وجود الآلاف من عناصر القوات الأمريكية ورعايا العديد من الدول الغربية فرض حساسية مضاعفة على المشهد، ما دفع إلى التوصل سريعا لاتفاق على دخول طالبان إلى المدينة لتأمينها وتنسيق خروج آمن للمواطنين الأجانب ومن تعهدت واشنطن وغيرها بإجلائهم.
"اتفاق سري"
لكن الأمر ذاته انسحب قبل ذلك، وفق عبد الباقي، على العديد من عواصم الولايات الأخرى قبل الوصول إلى كابول، مشيرا إلى "اتفاق سري" بين طالبان والولايات المتحدة على أن تتسلم الحركة مراكز 17 ولاية من أصل 34، فيما انهارت سلطة غني في ما تبقى بشكل سريع مع تخلي قوات الأمن والجيش عن مواقعهم.
وأكد الخبير الأفغاني أن واشنطن أوعزت للقادة العسكريين والأمنيين الأفغان في تلك الولايات الـ17 بالتسليم للحركة دون قتال.
اقرأ أيضا: سلسلة WP: انتصارات أمريكا الوهمية في أفغانستان
وأوضح أن الخطة الأصلية للولايات المتحدة كانت تقضي بأن تبقى لها سفارة كبيرة في كابول تدير من خلالها خلايا تم تدريبها وتجهيزها على أعلى المستويات خلال السنوات الماضية، فيما عرف بالوحدتين "01" و"02" بالجيش الأفغاني.
لكن الانهيار السريع لقوات غني، وتعنّت الأخير بالتوصل لاتفاق مع طالبان، دفع واشنطن إلى التخلي عنه، والتفاهم سرا مع الحركة على تسليمها الولايات الحدودية، ومن ثم محاصرة كابول والولايات الداخلية لإجبار الحكومة على التوصل لاتفاق.
وخلال يومين فقط، سقط ما تبقى من ولايات أفغانية وباتت طالبان على مشارف كابول يوم الأحد، 15 آب/ أغسطس الجاري، ثم جرت الأحداث بشكل خاطف، وصولا إلى الاتفاق على أن تدخل الحركة للمدينة بحلول الساعة السابعة من مساء ذلك اليوم بالتوقيت المحلي.
واعتبر عبد الباقي أن ما وصفها بـ"الخيانة" هي نهج القوى الغازية، موضحا أن الولايات المتحدة خلصت إلى عدم إمكانية خلق حالة قوية متماسكة في أفغانستان يمكن التعويل عليها، ما دفعها للخروج أملا بإمكانية تمرير مصالحها مع وجود طالبان في السلطة.
وأوضح أن تلك المصالح تتمثل أولا في الحد من الاستنزاف خلال السنوات العشرين الماضية، والتركيز على الاستراتيجية الكبرى المتمثلة بمواجهة الصين، ومن ثم محاولة استغلال حالة الفراغ والهشاشة المحتمل حدوثها في ظل حكم طالبان لتنشأ قوى مسلحة مناهضة لخصوم الولايات المتحدة في عموم المنطقة انطلاقا من أفغانستان.