هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سجل معدل التضخم السنوي في السودان مستويات قياسية خلال تموز/ يوليو الماضي حيث وصل إلى 422.78 بالمئة، مقارنة مع 412.75 بالمئة في حزيران/ يونيو السابق له.
وقال الجهاز
المركزي للإحصاء في البلاد، الاثنين، إن التضخم الصاعد لمستويات غير مسبوقة، يعود إلى
ارتفاع مجموعة من الأغذية والمشروبات بنسبة 272.59 بالمئة.
وبحسب بيان المركزي
للإحصاء في البلاد، بلغت نسبة التضخم السنوي بدون احتساب مجموعة من الأغذية والمشروبات
625.78 بالمئة في يوليو مقارنة مع 643.87 بالمئة للشهر السابق له.
وفي تموز/ يوليو
الماضي، أعلنت الحكومة الانتقالية رفع الدعم عن الوقود (البنزين، الديزل) نهائيا، ليتحدد
سعره وفق الأسعار العالمية.
وتستهدف الحكومة
السودانية في موازنة 2021 معدل تضخم بحدود 95 بالمئة.
وفي شباط/ فبراير
الماضي، حررت الحكومة السودانية جزئيا عملتها الوطنية، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار
لأكثر من 430 جنيها حاليا من 55 جنيها السعر الرسمي قبل التعويم.
وتعويم العملة،
إضافة إلى رفع الدعم عن السلع، مطلبان أساسيان لصندوق النقد الدولي؛ لدعم برنامج إصلاح
اقتصادي تنفذه الحكومة السودانية.
ويعاني السودان
من أزمات متجددة في الخبز والطحين والوقود وغاز الطهي، نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل
الجنيه في الأسواق الموازية إلى أرقام قياسية مقابل الجنيه.
وتبذل
الحكومة السودانية محاولات عدة للتخفيف من حدة الإجراءات الاقتصادية، التي أقرتها خلال
الفترة الماضية لإصلاح الوضع المعيشي المتأزم في البلاد.
وباتفاق
مسبق مع البنك الدولي والدول المانحة، قرر السودان تطبيق برنامج "ثمرات"
المخصص لدعم الأسر السودانية، كأحد الجهود المبذولة لتخفيف حدة القرارات الاقتصادية.
**
"ثمرات" وعقبات
ينص
برنامج دعم الأسر السودانية على أن تقوم الحكومة، بدفع ما يعادل 5 دولارات شهرياً
(حوالي 2000 جنيه سوداني) لكل فرد من الأسر المستهدفة، أي نحو 32 مليون مواطن من إجمالي
عدد السكان البالغ عددهم 44 مليوناً.
يستهدف
البرنامج في مرحلته الأولى 4 ولايات، هي البحر الأحمر، جنوب دارفور، الخرطوم، وكسلا،
باعتبارها أكثر الولايات فقراً وتعداداً سكانيا.
ويستمر
البرنامج بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي لمدة 12 شهراً، يتأهل خلالها السودان للحصول
على مزيد من القروض والتمويل من المؤسسات المالية الدولية.
والثلاثاء
الماضي، أعلنت الحكومة الهولندية مساهمتها بمبلغ خمسة ملايين يورو (5.9 ملايين دولار)
لصالح "ثمرات".
إلا
أن برنامج دعم الأسر السودانية يواجه عددا من العقبات الفنية، وفي مقدمها المشكلات
التقنية للخدمات، كالهاتف النقال والخدمات المصرفية في بعض المناطق البعيدة، التي لا
تصلها خدمات شبكة الإنترنت.
وأقر
وزير المال السوداني جبريل إبراهيم، بوجود مشكلات فنية تتعلق بعملية تحويل الأموال
إلى المستهدفين في بعض المناطق.
غير
أنه قال في تصريحات نقلتها الصحافة المحلية، إنه على الرغم من ذلك، فإن البرنامج يحرز
تقدما مستمرا.
إعادة توجيه الدعم
يرى
الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي، أن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة أدت إلى ارتفاع
نسبة التضخم وانخفاض القوة الشرائية، ما استدعى اتخاذ خطوات، من بينها برنامج
"ثمرات".
"فالارتفاع
في أسعار السلع الاستهلاكية له بالغ الأثر على الفقراء وذوي الدخل المحدود، والذين
تقدر نسبتهم بـ 80 بالمئة من السكان تقريباً"، وفق تعبير فتحي.
ويوضح
فتحي أن برنامج "ثمرات" يهدف إلى رفع كفاءة الدعم الحكومي من خلال إعادة
توجيهه ليركز على الفئات الأكثر استحقاقًا، عن طريق تقليل الهدر ورفع كفاءة الاستهلاك،
حسب وكالة الأناضول التركية.
وفي
وقت سابق، كشف البنك الدولي أن السودان تلقى 820 مليون دولار منه ومن دول مانحة، لتمويل
أول مرحلتين من البرنامج، اللتين تستهدفان 24 مليون نسمة في 12 ولاية لمدة ستة أشهر.
لكن
فتحي يؤكد أن "عدم وجود قاعدة بيانات واضحة لمعرفة المستحقين، يفتح مجالاً للفساد
في عمل هذا النظام، ما يجعله يشكل عبئاً على الاقتصاد السوداني ويمنع الأسر المستحقة
من الحصول على الدعم بشكل منتظم".
ويضيف:
"لم يساعد البرنامج في التغلب على الارتفاع الكبير في أسعار المنتجات المدعومة
سابقاً، وفشل في دعم القدرة الشرائية للمواطنين، فضلا عن أنه لم يحد من نسبة انتشار
الفقر والعوز".
عقبات..
وأهداف كبيرة
بدوره،
يعترف عضو البرنامج الإسعافي للاقتصاد السوداني (حكومي) شوقي عبد العظيم بوجود عقبات
في وجه البرنامج، تتمثل في طريقة توزيع الدعم في مناطق يصعب الوصول إليها لانعدام وجود
خدمات الإنترنت والخدمات المصرفية.
ويكشف
عبد العظيم عن وجود حلول تعمل عليها الجهات المعنية، وفي مقدمها "بنك السودان"
ووزارة المال، في استخدام تقنيات مختلفة للوصول إلى المستهدفين وحصرهم، وفق وكالة
الأناضول التركية.
ويوضح
أن الإدارات المحلية تسعى إلى حصر المستهدفين على مستوى المناطق الصغيرة، مشيرا إلى
أن "البرنامج يشمل دخلا إضافيا للأسر، وفي الوقت ذاته لا يكلف الحكومة السودانية
أي موارد".
ويضيف
أن هذه الموارد عبارة عن منح بالنقد الأجنبي تدخل خزينة الدولة، معتبرا أن البرنامج
يحقق مداخيل إضافية بما يوثر على القوة الشرائية للأسر في أرجاء البلاد.
ويرى
عبد العظيم أن البرنامج يساهم في خفض معدلات التضخم، من خلال تقليل طباعة الكتلة النقدية
التي كانت تتم سابقا لمثل هذه البرامج.