حقوق وحريات

17 منظمة مجتمع مدني: حقوق الإنسان بالأردن "على الحافة"

دعت المنظمات إلى تعديل أو إلغاء قانون محكمة أمن الدولة- عربي21
دعت المنظمات إلى تعديل أو إلغاء قانون محكمة أمن الدولة- عربي21

انتقد تقرير حقوقي أطلقته 17 منظمة مجتمع مدني أردنية، الاثنين، واقع حقوق الإنسان في المملكة لعام 2020، داعية الحكومة الأردنية لإجراء تعديلات تشريعية ودستورية ووقف حبس الصحفيين والإعلاميين بقضايا المطبوعات والنشر.

التعذيب


توصل التقرير إلى أن التعذيب وسوء المعاملة يعد أحد التحديات التي تواجه حقوق الإنسان في الأردن على المستوى التشريعي، فبالرغم من التعديلات التي أجريت على المادة 208 من قانون العقوبات في عام 2017، ورفع الحد الأدنى للعقوبة من 6 شهور إلى سنة، إلا أن هذا النص غير كافٍ لمنع وقوع التعذيب، ولا يوفر الضمانات الكافية التي تحد منها.

وبرز تحدي استمرار الإفلات من العقاب -سواء كان ذلك بموجب القانون، أو من خلال ممارسات عملية- ومن ذلك عدم استثناء عقوبة التعذيب من العفو العام، وعدم وجود نص خاص وصريح في القانون المدني الأردني ينص على تعويض ضحايا التعذيب، بالإضافة إلى العديد من المؤشرات على الإفلات من العقاب، خاصة أن التشريعات الوطنية لا تعترف بالمسؤولية المرفقية للدولة عن أعمال التعذيب، وسوء المعاملة.

حرية الرأي والتعبير

ورصدت المؤسسات المشاركة في إعداد التقرير الانتهاكات والتجاوزات الواقعة على حرية الرأي والتعبير، فرغم أن حرية التعبير مكفولة بنص الدستور، إلا أن هنالك خللا تشريعيا يفرغ هذا الحق من مضمونه، إما بوضع نصوص قانونية تقيد إبداء الرأي حيال بعض الموضوعات، وتسمح بتوقيف الصحفيين بموجبها، أو بعدم إتاحة المعلومات بشكل فعلي.

ورصد التقرير استمرار السلطات باستخدام القوانين كأداة تقييد لحرية التعبير والإعلام والتجمع السلمي، وقد تكرر استخدامها عام 2020، وأبرزها أوامر الدفاع الصادرة بموجب قانون الدفاع بداعي مكافحة «جائحة كوفيد »19، وخاصة أمر الدفاع رقم (8) حيث غلظ العقوبات على من يتهم بترويج الشائعات، وشكل ضغطاً غير مسبوق على وسائل الإعلام، وانتهجت الدولة سياسة إصدار قرارات حظر نشر، كما حدث في النشر بقضية نقابة المعلمين.

وانتقدت المنظمات استمرار العمل بقانون الجرائم الإلكترونية الذي يتيح توقيف وحبس الصحفيين، ونشطاء الرأي ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، كما وشكلت إلزامية العضوية في نقابة الصحفيين تحدياً أمام العمل الإعلامي الحر، وخاصة فيما يتعلق بإجراءات منح تصاريح التجول في أوقات الحظر الصحي لمواجهة «كوفيد»19، والقيود المفروضة بموجب قانون العقوبات والذي يتضمن مواد واسعة وفضفاضة مثل "يعرض المملكة لخطر الأعمال العدائية، ويخل بعلاقتها مع دولة أجنبية، أو تعريض الأردنيين لأعمال انتقامية ضدهم أو ضد أموالهم"، واستمرت الحكومة باستخدام قانون منع الإرهاب في الجرائم المتعلقة بحرية الرأي والتعبير؛ ما أفضى إلى توقيف ومحاسبة عدد من الصحفيين سندا لهذه التشريعات.

حرية تكوين الجمعيات والنقابات والأحزاب

ورأى التقرير أن العديد من القوانين والأنظمة قيدت حرية تكوين الجمعيات والنقابات والأحزاب، وتمثلت هذه القوانين بقانون الجمعيات، وقانون العمل، وقانون الشركات، وقانون الأحزاب، وغيرها من القوانين الخاصة، ولا تحظى منظمات المجتمع المدني بمساحة من الحرية التي يجب أن تتمتع فيها وفق الشِّرعة الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة الحق في التنظيم والتجمع السلمي، وحرية الرأي والتعبير.

الحق بالانتخاب

فيما يتعلق بالحق في الانتخاب، قال التقرير إن الانتخابات النيابية في عام 2020، اتسمت بضعف المشاركة الشعبية إذ بلغت % 29.90 حسب البيانات الصادرة عن الهيئة المستقلة للانتخاب مقارنةً بالانتخابات النيابية السابقة التي بلغت % 36، وهي نسبة تضعف من القناعة العامة بتمثيل المجلس، وكرست هذه الانتخابات كسابقاتها التنافس بين الانتماءات المناطقية والجهوية الضيقة، وأظهرت ضعف التنافس الحزبي والبرامجي.

وقال نضال منصور عضو مجلس إدارة مركز حماية وحرية الصحفيين (الجهة المشرفة على التقرير) إن هذا التقرير الذي يحمل عنوان "على الحافة.. حالة حقوق الإنسان في الأردن" ثمرة جهود 17 مؤسسة مجتمع مدني، وهو يقدم إضاءات على واقع الحقوق المدنية والسياسية بالتفصيل بدءا من الحق في الحياة والسلامة الجسدية، مرورا بضمانات المحاكمة العادلة، إلى واقع حرية الرأي والتعبير، ثم الحق في التجمع السلمي، وانتهاء بالانتخاب.

وانتقد التقرير واقع التعليم في ظل جائحة كورونا، مبينا أن للجائحة وقرارات إغلاق المدارس، واستبدالها بالتعليم عن بعد أثر سلبي على الحق في التعليم، مضيفا أن متابعة الطلبة للمنصة التعليمية محدود، بالإضافة إلى أنه لم يكن بديلا كافيا عن المدرسة، وحمل الآباء وخاصة الأمهات مسؤولية تعليم أبنائهم، أضف إلى ذلك ضعف الإمكانات التكنولوجية لدى الطلاب، وعدم امتلاك أولياء الأمور مهارات التدريس اللازمة لمتابعة سير العملية بين الطالب والنظام التعليمي، وضعف تدريب الكادر التعليمي في التعامل مع الوسائل التكنولوجية الحديثة.

العمل الجبري والاتجار بالبشر

وبين التقرير أن التشريعات الأردنية لا زالت قاصرة إزاء الحد من العمل الجبري والاتجار بالبشر، حيث لا يجرم القانون العمل الجبري ما لم يرقَ إلى مستوى الاتجار بالبشر، وما زال القضاء الأردني يتعامل مع قضايا العمل الجبري كقضايا عمالية، ورغم إصدار قانون منع الاتجار بالبشر عام 2009 إلا أن التطبيقات القضائية لا زالت متواضعة، إلا في حالة تجارة الأعضاء.

حقوق المرأة

رغم كفالة الدستور لمبدأ المساواة بين جميع الأردنيين إلا أنه لم يكفلها للمرأة بشكل صريح أسوة بحالات التنوع المجتمعي القائمة على العرق أو اللغة أو الدين، فمثلا لا يعطي القانون الحق للمرأة الأردنية المتزوجة من غير أردني بمنح الجنسية لأبنائها، وطالب التقرير بتعديل المادة السادسة من الدستور ليضاف الجنس لعناصر المساواة بين الرجل والمرأة.

ويقر التقرير بأن قضية التحرش الجنسي ما زالت مشكلة تستوجب تعديل التشريعات، خاصة قانون العقوبات، وقانون العمل، ونظام الخدمة المدنية، وقوانين التعليم، وأن هناك حاجة ماسة لتعديل قانون العقوبات للسماح بالإجهاض في حالة إن كانت المرأة قد حملت نتيجة السفاح أو الاغتصاب.

توصيات

وأوصى التقرير بحصر أسباب الإحالة على التقاعد والاستيداع وإنهاء الخدمات بأن تكون محددة في القانون وفق أسس محددة في إشارة إلى إحالة عشرات المعلمين من نقابة المعلمين للتقاعد المبكر الأمر الذي اعتبرته النقابة الموقوف أعمالها "إجراء عقابيا".

ودعت المنظمات إلى تعديل أو إلغاء قانون محكمة أمن الدولة التي تعطي لرئيس الوزراء صلاحية تشكيل المحكمة وتعيين قضاتها، والاستعاضة عنه بقانون يصدر وفق أحكام قانون تشكيل المحاكم النظامية يراعي الحفاظ على وحدة واستقلال السلطة القضائية.

بالإضافة إلى إلغاء المادة (11) من قانون الجرائم التي تجيز عقوبة التوقيف والحبس للإعلاميين والإعلاميات، ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، ووقف حظر النشر بالقضايا العامة لما فيه من مس في حق الحصول على المعلومات وحرية الرأي والتعبير.

والتوقف عن مساءلة الصحفيين ونشطاء حرية الرأي والتعبير بموجب قانون منع الإرهاب، ومراجعة قانون الاجتماعات العامة، وتعديل المادة الثانية من القانون المتعلقة بتعريف الاجتماع العام، بحيث لا يكون تعريفا فضفاضا.

كما أوصت المنظمات بـتطوير منظومة التشريعات المرتبطة بالعملية الانتخابية من أجل تعزيز التطور الديمقراطي والإصلاح الانتخابي، بما يساهم بالحد من المخالفات والجرائم الانتخابية، ويضمن تحقيق انتخابات منسجمة مع الممارسات الدولية الفضلى والمعايير الدولية المتمثلة بالحرية والشفافية والعدالة والنزاهة، وضمان تمثيل عادل.

كما دعا التقرير الحكومة الأردنية لتعديل قانون الجنسية الأردنية رقم 6 لعام 1954 بغية ضمان تمتع الأم الأردنية المتزوجة بغير أردني بحقها في منح جنسيتها لأطفالها على قدم المساواة مع الرجل، ودون تمييز.

ويشار إلى أن مؤسسات المجتمع المدني الأردنية التي ساهمت في إعداد هذا التقرير هي: اتحاد المرأة الأردنية، وتمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، وجمعية أنا إنسان لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والجمعية الأردنية لحقوق الإنسان، وجمعية معهد تضامن النساء الأردني، وجمعية النساء العربيات في الأردن، والشبكة القانونية للنساء العربيات.

كما شاركت فيه شبكة المرأة لدعم المرأة- الأردن، ومحامون بلا حدود، ومركز آفاق الأردن للتنمية والتدريب، ومركز حماية وحرية الصحفيين، ومركز سواعد التغيير لتمكين المجتمع، ومركز الشرق والغرب للتنمية المستدامة، ومركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز العدل للمساعدة القانونية، ومركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، والنهضة العربية للديمقراطية والتنمية (ارض).

التعليقات (0)