هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يحيي الجزائريون الاثنين، الذكرى الـ59 على الاستقلال رسميا بعد رحيل الاستعمار الفرنسي.
ويحتفل الجزائريون في الخامس من تموز/ يوليو من كل عام باستقلالهم، ويجددون آمالهم في الوصول إلى استقلالية وديمقراطية تامة.
وتحرر الجزائريون من الاستعمار بعد ثورة دامت 8 سنوات (1954- 1962)، بعدما قدموا نحو مليون شهيد.
وكانت فرنسا استعمرت الجزائر في العام 1830، أي إن استعمارها للجزائر دام 132 عاما.
وفي خضم الثورة، وتحديدا عام 1956، ألّف الشاعر الجزائري مفدي زكريا النشيد الوطني، والذي جاء في أحد مقاطعه: "نحن ثرنا فحياة أو ممات.. و عقدنا العزم أن تحيا الجزائر".
واحتجت فرنسا على مقطع في النشيد الوطني، جاء فيه: "يا فرنسا قد مضى وقت العتاب.. و طويناه كما يطوى الكتاب.. يا فرنسا إن ذا يوم الحساب.. فاستعدي وخذي منا الجواب.. إن في ثورتنا فصل الخطاب.. وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر".
ومنذ العام 2019، احتفل الجزائريون في عيد الاستقلال بنكهة وطعم مختلفين تماما، إذ تزامن مع ثورة أجبرت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على تقديم استقالته.
اقرأ أيضا: الرئيس الجزائري يصدر عفوا عن 18 موقوفا من الحراك الشعبي
رسالة تبون
وجه الرئيس عبد المجيد تبون، يوم أمس الأحد، رسالة إلى شعبه بهذه المناسبة، دعا فيها إلى "استكمال مسار بناء مؤسسات الدولة ودحض كل النوايا المريبة ومناوراتها للنيل من أمن واستقرار البلاد".
وقال تبون إن "الشعب الجزائري استلهم من بطولات الشهداء والمجاهدين وعيا عاليا لإدراك مصالح الأمة وحمايتها ودحض المتطاولين عليها، ودعاة التضليل وفاقدي النزاهة الذين لا يتورعون عن الإساءة للدولة ومؤسساتها"، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية".
وأضاف أن "الانتخابات التشريعية كانت خطوة مهمة على طريق استكمال مسار جديد فتح المجال أمام الشعب لاختيار ممثليه لاستكمال بناء مرسسات الدولة".
وتابع: "أيتها المواطنات... أيها المواطنون، ونحن نحتفي بعيد الاستقلال المجيد، ونعود في هذه الذكرى التاسعة والخمسين، بمشاعرنا إلى ذلك الموعد الأغر المُتوِّج لنضالات الشعب المريرة، وكفاحه الملحمي عبر المراحل والحقب".
وتحدث تبون عن "التضحيات التي قدّمها الشهداء والمجاهدون من أجل نيل الاستقلال واسترجاع سيادة الوطن"، مذكّرا بالالتزام "بشرف الوفاء بما تعهد به للوطن والأمة من أجل النهوض بالجزائر وبناء مؤسسات الدولة الجديدة".
"استقلال مغشوش"
يقول جزائريون إنهم أدركوا بعد فترة من استرجاع السيادة على الأرض، أنهم خدعوا، وأن الاستقلال الذي نالوه بجبال من الأشلاء، كان استقلالا منقوصا أو مغشوشا، وأن المبادئ التي أعلنها المجاهدون في بيان أول تشرين ثاني (نوفمبر) الخالد لتفجير الثورة التحريرية، لم يتحقق منها إلا صورة استرجاع الأرض ظاهريا، بينما سقطت بقية الأهداف السامية في واد سحيق من العمالة والخيانة، كانت فرنسا الاستعمارية قد خططت لها بخبث كبير للحفاظ على مصالحها، عبر تكوين نخب موالية عرفوا في وقت الحركة الوطنية بالاندماجيين، الذين لا يرون أنفسهم خارج دائرة الثقافة والولاء لفرنسا..
أضف إلى ذلك إغراق جيش التحرير قبل الاستقلال بجيش من الجنود العملاء من الجزائريين الذين خدموا في الجيش الفرنسي، وتم تكليفهم باختراق الثورة، ليحتلوا بعد الاستقلال مناصب حساسة للغاية داخل الجيش، وكانت تلك من أكبر خطايا الرئيس الراحل هواري بومدين، لاعتقاده بأنهم جزائريون ويجب أن يستفيد البلد من خبرتهم، قبل أن يستولوا بعد وفاته الغامضة، على الجيش والرئاسة وشرعوا في ذبح الجزائريين بعد انقلابهم العسكري في كانون الثاني (يناير) 1992.
كانت من أهداف ثورة تشرين ثاني (نوفمبر) الأساسية "إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية". وحين تمت إقامة الدولة، غابت الديمقراطية والاجتماعية وذات السيادة الحقيقية، كما غاب بشكل مثير للوجع أن تكون تلك الدولة "في إطار المبادئ الإسلامية"، وكانت من مبادئ نوفمبر أيضا "احترام جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرقي أو ديني"، في حين غابت جميع الحريات الأساسية تقريبا.
وكان من أهدافها "محاربة الفساد"، في حين شكل الفساد، خاصة في فترة حكم آل بوتفليقة، دولة داخل الدولة، حتى غطى الفساد على كل شيء، وضيعت خلاله الجزائر في عشريتين من هذا الحكم الفاسد أكثر من 1200 مليار دولار تقريبا، من مداخيل البترول في صفقات ومشاريع شبه وهمية، بدأ الجزائريون يكتشفون اليوم كوارثها غير المعقولة، بعد تحرير القضاء.
وحمل المجاهدون الأوائل السلاح في وجه الاستعمار، من أجل جزائر مزدهرة وحرة وديمقراطية، يعيش فيها المواطن حرا بكرامته، وإذ بالحال هو أن وجد الجزائريون أنفسهم تحت حكم الحزب الواحد (من 1962 إلى 1989) أو تحت حكم الانقلاب والفساد (1992 إلى 2019)، فكان أن خرجت الجزائر من الاستعمار الفرنسي (1830 إلى 1962) وقبله الحماية التركية (1515 إلى 1830) لتجد نفسها أمام استقلال ناقص، أو استحلال، ووصاية وانتداب مغلف، ساهمت فيه بقصد وافر اتفاقيات إيفيان (18 آذار/ مارس 1962) خاصة في بنودها السرية، التي رهنت الجزائر ثقافيا وسياسيا واقتصاديا.