هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن أبرز المشاكل التي تعيق التسوية السياسية وجهود إعادة الإعمار في ليبيا بعد سنوات الانقسام والنزاعات المسلحة التي دمرت البلد منذ سقوط نظام معمر القذافي سنة 2011.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن العوائق القانونية أمام العملية الانتخابية، ووجود آلاف المرتزقة الأجانب، وعدم تبني خطة لنزع سلاح المليشيات، وضعف الحدود، وهشاشة البنى التحتية الأساسية وضعف الخدمات العامة، فضلا عن غياب رؤية اقتصادية واضحة، هي أهم العراقيل التي تقف أمام حكومة الوحدة الوطنية الليبية الجديدة للخروج بالبلاد من أزمتها.
ومع ذلك، يثني مراقبون ودبلوماسيون أجانب على التقدم الذي أحرزته الحكومة التي تشكلت في آذار/ مارس إثر انعقاد منتدى الحوار السياسي الليبي، وهي هيئة غير منتخبة أنشأتها الأمم المتحدة، وتتمثل مهمتها في تهدئة البلاد وإدارتها إلى غاية الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 24 كانون الأول/ ديسمبر القادم.
عوائق أمام العملية الانتخابية
هذه الانتخابات التي تعتبر ضرورية لإنهاء الانقسام السياسي والصراع المسلح، تقف في طريقها مشاكل لوجستية وقانونية، نتيجة توقف العملية التأسيسية سنة 2014 وغياب قانون انتخابي يؤسس لمسار ديمقراطي في بلد لا يتجاوز عدد سكانه 8 ملايين نسمة ويملك موارد طبيعية هائلة.
وقد أشادت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الأربعاء، بالجهود المبذولة حتى الآن، لكنها حثت برلمان طبرق المنتخب في 2014، على "توضيح الأساس الدستوري للانتخابات وسنّ تشريعات انتخابية".
كما طلبت من بقية "السلطات والمؤسسات والمجتمع ووسائل الإعلام تهيئة الظروف للمشاركة الكاملة والفعالة للمرأة في عملية التحول الديمقراطي والانتخابات وفي المصالحة الوطنية، وفي الحياة الاقتصادية والاجتماعية".
آلاف المرتزقة الأجانب
وحثت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الأطراف المتنازعة على تسريع المفاوضات لحل النزاع المسلح بهدف تعزيز وقف إطلاق النار الذي تم التفاوض بشأنه في الصيف الماضي بين روسيا وتركيا، وهما الدولتان الأشد تأثيرا في الصراع الليبي، إلى جانب نزع سلاح الميليشيات، وإنشاء جيش وطني موحد وتسهيل خروج آلاف المرتزقة الأجانب من البلاد.
وأوضح دبلوماسي أوروبي في طرابلس أن "المرتزقة والميليشيات هم الخطر الأكبر. وهي مشكلة يصعب حلها لأنها تحظى بدعم كل من موسكو وأنقرة، اللتين عززتا وجودهما كقوتين عسكريتين في البلاد".
اقرأ أيضا : انطلاق قطار المصالحة الوطنية في ليبيا.. حفتر أكبر العقبات
وتفيد تقارير أممية أن آلاف المقاتلين من شركة "فاغنر" الروسية، المملوكة لرجل الأعمال يفغيني بريغوزين، الصديق المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، انضموا إلى جانب مقاتلين من شركات أمنية روسية أخرى، إلى جبهات القتال في شرق ليبيا سنة 2017 لتعزيز صفوف ميليشيات المشير خليفة حفتر، الذي سيطر على معظم موارد النفط الليبية، والذي يقاتل معه أيضا مرتزقة من السودان وتشاد ودول عربية وأوروبية.
من جانبها، تلقت الحكومة السابقة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس دعما تركيا وانضم إليها حوالي 20 ألف مرتزق سوري جندتهم أنقرة من الجماعات الإسلامية المعارضة، وما زالوا في غرب ليبيا وفقا للصحيفة الإسبانية.
في هذا السياق، يقول محلل عسكري أوروبي: "لقد سيطرت تركيا على قواعد رئيسية في الغرب، ووقّعت عقودا عسكرية وعقود إعادة إعمار مهمة للغاية، كما تشرف على برامج لتدريب الجيش. وتنظر روسيا إلى ليبيا كنقطة انطلاق نحو أفريقيا، وقاعدة أساسية في المعركة من أجل البحر المتوسط".
سيطرة المافيات على الاقتصاد
تحذر منظمات مستقلة مثل "المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية" من تغلغل القرصنة في اقتصادات شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، حيث تنشط مافيات تهريب البشر والأسلحة والمواد الغذائية والوقود والسلع الأخرى، وهو ما يمثل مشكلة حقيقية في طريق إعادة إعمار ليبيا.
وتنشط المافيات أيضا في مجال الهجرة غير النظامية في البحر الأبيض المتوسط، في ظل ضعف قدرة الدولة على مراقبة الحدود وغياب نموذج اقتصادي مستقر يوفر فرص عمل للشباب ويمنع تهريب الثروات الليبية.
وبحسب أرقام نشرتها مجموعة من المنظمات الدولية، فإن المافيات حققت أرباحا من الاتجار بالبشر سنة 2019 بلغت أكثر من مليار و500 مليون يورو، بينما تجاوزت أرباحها من تهريب الوقود 2 مليار يورو.
ويرى مارك ميكاليف، مدير "المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية" أن "كل هذه العوامل، إلى جانب القضايا الأكثر هيكلية، مثل المصالحة الاجتماعية والسياسية، وإصلاح قطاع الأمن، هي شروط لا غنى عنها لاستعادة سيادة القانون".