هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نظّم مئات الناشطين، الأربعاء، وقفة غاضبة بالقرب من السفارة الإسرائيلية في عمّان، لليوم الرابع على التوالي، مركّزين في هتافات على مطلب طرد السفير من الأردن.
"والرابية بدها تحرير من السفارة والسفير"، شعار تكرر كثيرا منذ سنوات، وخلال الأيام الماضية في المنطقة التي يقع فيها مبنى السفارة الإسرائيلية بالعاصمة الأردنية، وتزامن أيضا مع مذكرات لطرد السفير، كان آخرها ما وقّع عليه نحو 95 نائبا في البرلمان يطالبون الحكومة بقطع العلاقات مع الاحتلال.
وتزخر أدراج مجلس النواب الأردني بجميع دوراته بعشرات المذكرات التي تطالب بطرد السفير الإسرائيلي، وإلغاء معاهدة وادي عربة، وإلغاء اتفاقية الغاز، إلا أنها لم تجد طريقها إلى النور أو المتابعة.
اقرأ أيضا: نواب الأردن.. أكثر من 70 مذكرة حول إسرائيل تنتهي بالأدراج
ورغم الأزمة الدبلوماسية المتصاعدة الجانبين، ومحطات التوتر، كان آخرها المساس بالوصاية الهاشمية على المقدسات، إلا أن السلطات الأردنية، اكتفت بتسليم مذكرة احتجاج للقائم بأعمال السفير الإسرائيلي في عمان.
جزء من تحالف
نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق، د.ممدوح العبادي، يرى أن "الأردن في سياسته الخارجية جزء من تحالف غربي، ومن الصعب الخروج من هذا التحالف والمعسكر، لذلك العلاقات بين الأردن وإسرائيل بعد اتفاقية السلام، كانت تعيش بحالة جزر ومد، بمعنى أن قطع العلاقات ليست من الأمر المستحيل، لكنها تحتاج إلى الحذر ومبررات كبيرة".
ويتابع لـ"عربي21": "كدولة أردنية، تأخذ بعين الاعتبار مصالحها الخارجية، كما تأخذ بعين الاعتبار وبالتوازي رأي الشارع الأردني الذي يجمع على طرد السفير، وما تقوم به إسرائيل من ممارسات كإدخال الشرطة والمتطرفين للحرم القدسي، ينال من هيبة الدولة الأردنية صاحبة الوصاية، ويحرجها أمام الشارع، ما يعني أنه قد يأتي يوم لإنهاء العلاقات يسبقها كمرحلة أولى تتمثل طرد السفير واستدعاء السفير الأردني".
وبسؤاله عن اكتراث الاحتلال بقطع العلاقات مع الأردن في ظل تطبيع دول عربية أخرى، يجيب العبادي: "تكترث بشكل كبير"، متابعا: "هذا يسبب إزعاجا كبيرا للقيادة الإسرائيلية لدى شعبها، كون الأردن يتواجد على أطول حدود معه، الجغرافيا مهمة هنا وسط إقليم ملتهب، هذا يجعل إسرائيل رغم عنجهيتها تدرك أنها خسارة كبيرة لها".
محطات تأزيم
العلاقة بين الأردن والاحتلال الإسرائيلي متأزمة تاريخيا؛ بسبب بنيامين نتنياهو، بحسب محللين.
ويقول متابعون إن عهد نتنياهو شهد استهداف الوصاية الهاشمية على المقدسات، عبر تسهيل اقتحامها من قبل المتطرفين، ومحاولة نشر بوابات إلكترونية على مداحل المسجد الأقصى.
بالإضافة إلى قتل القاضي رائد زعيتر على جسر الملك حسين، وحادثة مقتل أردنيين على يد رجل أمن في السفارة الإسرائيلية عام 2017، واستقبال القاتل استقبال الأبطال من قبل نتنياهو لدى وصوله إلى تل أبيب.
وازداد التأزيم بقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة عام 2018، والتحالف مع دول عربية، في محاولة لإيجاد دور لها على حساب الوصاية الهاشمية.
اقرأ أيضا: ما هي "الوصاية الهاشمية" على المقدسات؟.. مطالبات بتفعيلها
تحرك باستراتيجية
أمين عام الحزب الوطني الدستوري، أحمد الشناق، يؤكد في حديث لـ"عربي21" أن "الأردن يتحرك بإستراتيجية، وليس بردات فعل شارع".
وأضاف أن "موضوع القدس موضوع موقف دولي وعربي وفلسطيني، والأردن يتحرك بفاعلية، وهو الدولة الوحيدة التي تتحرك على كافة المستويات باتصالات مباشرة من واشنطن إلى الاتحاد الأوروبي إلى إسلامي".
وتابع بأن "كلمة وزير الخارجية أيمن الصفدي وضحت أن العلاقات الأردنية الإسرائيلية معرضة للخطر، هذه قضية تتشابك بعديد الأطراف والقدس أيضا فيها مقدسات مسيحية، الأردن يمارس ضغطا على الإسرائيليين أمام العالم بالتركيز على أنها سلطة احتلال وخرق لقانون دولي".
وبحسب الشناق، فإن "إسرائيل تعيش على موقف دولي، وإبرازها أنها دولة مارقة ليس سهلا عليها أمام الأردن كدولة اعتدال ولها معاهدة سلام".
ويتابع: "الأردن صوت مسموع ومؤثر، والصراع الآن على الساحة الدولية بثبات أردني على إنهاء الاحتلال عن كامل أراضي الضفة والقدس".
ويضيف: "الأردن لا يفكر بعقلية فصيل، يفكر بقضية عمرها قرن من الزمان ودولة محاربة، ويدرك حجم الصراع".
مصلحة بقطع العلاقات
إلا أن معارضي الاتفاقية يرون أن العلاقات الأردنية الرسمية مع إسرائيل ليست قدرا محتوما، ويرى هشام البستاني، منسق الحملة الوطنية لإسقاط اتفاقية الغاز (غاز العدو احتلال)، أن "على الطبقة الحاكمة في الأردن استغلال الفرصة وإلغاء اتفاقية وادي عربة التي تنتهك بشكل مستمر، وإلغاء اتفاقية الغاز التي تساهم في تمويل الإرهاب الصهيوني وجرائمه من خلال ضخ الأموال في خزينة الصهاينة".
وحسب البستاني، "في حال توفر الإدارة السياسية، هنالك فرصة ذهبية أمام السلطات الأردنية للتنصل من الاتفاقية بعد خرق الاحتلال لبند الوصاية الهاشمية وضربها عرض الحائط، خصوصا أن الطبقة الحاكمة في الأردن تعتبر موضوع الوصاية مفصلا مهما في العلاقة مع الاحتلال".
ويعتقد البستاني أن "للأردن مصلحة في إلغاء الاتفاقيات وقطع العلاقات مع الاحتلال، كون المملكة الخاسر الأكبر بعد هضم الاحتلال، وسرقة حقوق الأردن المائية، ورهن ملف الطاقة، وسيادة الأردن في يد شركات الغاز الصهيونية".
مشددا أن "قطع العلاقات مع الاحتلال ليس إعلان حرب كما يحاول البعض أن يروج لذلك، ويستخدم هذا الأمر لضمان تبرير بقاء العلاقة".
محددات للاستمرار
الكاتب والمحلل السياسي، د.عامر السبايلة، يرى في حديث لـ"عربي21" أن "هنالك محددات كثيرة في العلاقات الأردنية الإسرائيلية، وليس من السهل قطع هذه العلاقة.
وقال إن "جزءا من هذه المحددات مرتبط بحلفاء الأردن وأهمية الحفاظ على هذه العلاقة بالنسبة لهم، وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية".
ويضيف: "ثانيا، القنوات المفتوحة يمكن استخدامها بشكل أفضل ووضع ضغط أكبر على إسرائيل، خصوصا الحديث عن موضوع المعابر والتنسيق الأمني، والضغط الديمغرافي، دون الحديث عن قطع العلاقة التي تعني أن الأردن تفتح جبهة مواجهة مع إسرائيل قد تكون المملكة بغنى عنها، لا بد من البحث عن الخيارات المتاحة ضمن إطار هذه العلاقة الموجودة، كقطع العلاقات وخفض التمثيل يجب أن تكون ضمن استراتيجية مواجهة وليس للتصعيد".
تلويح بقطع العلاقات
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أعلن أن "استمرار عدوان وعنجهية إسرائيل سينعكس على العلاقات مع الأردن".
وقال خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي يعقد افتراضيا في جامعة الدول العربية يوم الثلاثاء إن "القدس خط أحمر، وإسرائيل تلعب بالنار... عدوانية ولا أخلاقية ولا شرعية، ممارساتها تدفع المنطقة كلها تجاه المزيد من الصراع، وتقوض إسرائيل كل فرص تحقيق السلام العادل، وتهدد أمن المنطقة واستقرارها".
وليست هذه المرة الأولى التي تلوح الأردن بقطع العلاقات مع إسرائيل، إذ لوح بذلك الملك عبد الله الثاني في عام 2019 في كلمة أمام معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في نيويورك، قائلا إن علاقات بلاده مع إسرائيل "في أدنى مستوياتها على الإطلاق".
كما قال الملك في عام 2020 في مقابلة مع مجلة "دير شبيغل" الألمانية، إن ضم إسرائيل لغور الأردن والأراضي في الضفة الغربية سيقود إلى "صدام كبير" مع الأردن" دون الإشارة إلى شكل هذا الصدام.