هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يثير قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، تأجيل الانتخابات الفلسطينية، تساؤلات عن صلاحيته فعلا بذلك، أو بإلغائها.
وما زاد الجدل أكثر حديث خبراء ومؤسسات قانونية بارزة، أن عباس لا يمتلك هذه الصلاحيات، معتبرين ما قام به تَعدِيا على الدستور والقانون واغتصابا للسلطة.
وقرر عباس أمس تأجيل إجراء الانتخابات، وتلا ذلك مباشرة إعلان لجنة الانتخابات المركزية وقف تنظيم الانتخابات، وجاء في بيان لها: "تنفيذا لقرار القيادة الفلسطينية، نعلن عن إيقاف العملية الانتخابية ابتداء من صباح اليوم الجمعة، حيث كان من المقرر نشر الكشف النهائي للقوائم والمرشحين، بالتزامن مع أول أيام الدعاية الانتخابية للقوائم المترشحة للانتخابات التشريعية".
وعن مطابقة قرار عباس تأجيل الانتخابات للقانون، قال أستاذ القانون الفلسطيني البارز، نافذ المدهون: "وفقا للقانون، فإن القانون الأساسي وقانون الانتخابات لا يمنحان صلاحية للرئيس أو لأي سلطة من سلطات الدولة، الحق في تأجيل الانتخابات أو إلغائها".
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21": "تأجيل الانتخابات أو إلغاؤها، من الصلاحيات الكاملة للجنة الانتخابات المركزية إذا كانت هناك ظروف طارئة"، مؤكدا أنه "ليس للرئيس صلاحيات؛ لا دستورية ولا قانونية في تأجيل الانتخابات أو إلغائها".
اقرأ أيضا: نائب فلسطيني لعربي21: ليس من صلاحيات عباس تأجيل الانتخابات
وعن طبيعة التعامل القانوني مع خطوة رئيس السلطة عباس تأجيل الانتخابات، أوضح المدهون، أن "ما حصل أمس، هو عبارة عن تعد على الدستور وتعد على القانون، واغتصاب للسلطة، ومن ثم نحن أمام مخالفة دستورية وقانونية واضحة، والأصل أن نتجه إلى محكمة قضايا الانتخابات اليوم للطعن بقرار لجنة الانتخابات المركزية، الذي جاء على خلفية قرار رئيس السلطة بتأجيل الانتخابات".
ونوّه إلى أنه "من ناحية قانونية، يفضل الذهاب إلى المحكمة العليا بصفتها الدستورية أو المحكمة الدستورية، وذلك للطعن في هذا القرار؛ طعنا دستوريا".
أما من الناحية السياسية، شدد أستاذ القانون الفلسطيني، على أهمية "تحرك الفصائل الفلسطينية في سبيل إنهاء مرحلة محمود عباس، وإسقاط هذا النظام والإطاحة به، حتى لا نستمر في حالة تفرد في السلطة".
وأكد النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، حسن خريشة، أن "أي قرار لتأجيل أو الانتخابات أو إلغائها، ليس جزءا من صلاحيات الرئيس أو الحكومة الفلسطينية، باعتبار أنهم اتخذوا قرارا بالمضي قدما في العملية الانتخابية".
وأضاف في تصريح سابق لـ"عربي21": "لا بد من البحث عن نصوص قانونية في القانون الأساسي الفلسطيني، حتى يتم إلغاء الانتخابات أو تأجيلها، وهذا غير متوفر"، موضحا أن "الجهة الوحيدة التي يمكن أن تقرر ذلك، هي القوائم التي ترشحت لخوض الانتخابات، إضافة إلى القوى الشعبية الفلسطينية".
واعتبر أن تأجيل الانتخابات، سيثير تساؤلات كثيرة، منها: "من هؤلاء الذين سيؤجلون الانتخابات؟ وبأي صفة؟ ومن نصبهم وفوضهم بالقيام بذلك؟ باعتبار أننا نتحدث عن فلسطين في القانون الأساسي، وأن النظام نظام برلماني، وهذا يعني أنه لا أحد يأتي للحكم إلا أن يكون منتخبا".
رضوخ للاحتلال
من جانبه، أوضح المحامي والباحث قانوني، محمد جحا، أنه "بالرجوع إلى نصوص القانون الأساسي ونصوص قانون الانتخابات، يتضح أن حق الانتخاب والترشح هو حق دستوري نص عليه القانون الأساسي، كما أن إجراء الانتخابات في مواعيدها المقررة في القانون الأساسي، هو حق دستوري للمواطنين، من ثم ليس منحة أو هبة من الرئيس يقرر إجراءها وقتما يشاء ويؤجلها أو يلغيها وقتما يشاء".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "نصوص القانون بشأن الانتخابات، حصرت مهمة الرئيس (التي تعد التزاما قانونيا وواجبا عليه) في الدعوة لإجراء انتخابات تشريعية أو رئاسية في فلسطين، عند انتهاء ولاية أي منهما، ويحدد في مرسوم الدعوة للانتخابات موعد الاقتراع، وينشر في الجريدة الرسمية والصحف اليومية".
وأكد جحا، أن "القانون الأساسي لم ينص بحال من الأحوال على صلاحية الرئيس بتأجيل الانتخابات، بل الرئيس ملزم بالدعوة إليها في مواعيدها التي حددها القانون الأساسي"، موضحا أن "المرسوم الرئاسي يأتي في مرتبة تشريعية أدنى من الدستور والتشريع العادي الصادر عن المجلس التشريعي، وعليه؛ لا يجوز للرئيس إصدار مرسوم بتأجيل الانتخابات؛ لأنه لا يملك الصلاحية الدستورية أو القانونية لذلك".
اقرأ أيضا: تفاعل مع "#لا_لتأجيل_الانتخابات".. وغضب فلسطيني واسع
بدورها، أكدت الهيئة الدولية لحقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، أن "الإعلان عن إيقاف المسار الانتخابي يحرم المواطنين الفلسطينيين من ممارسة حقوقهم الدستورية"، مستنكرة بشدة قرار عباس تأجيل الانتخابات لأجل غير مسمى.
واعتبرت الهيئة الدولية في بيان لها وصل إلى "عربي21" نسخة عنه، أن "يوم إصدار الإعلان الرئاسي يوم أسود في تاريخ الديمقراطية الفلسطينية"، مؤكدة أنه "لا يوجد نص واضح لا في القانون الأساسي ولا قانون الانتخابات يعطي أي جهة حق تأجيل الانتخابات أو إلغائها".
وأوضحت أن "لجنة الانتخابات المركزية، تجاوزت صلاحياتها وولاياتها القانونية عند قبولها للإعلان الرئاسي، وتجاهلت طبيعتها القانونية بوصفها لجنة مستقلة"، منوهة أن "الإعلان الرئاسي بإرجاء المسار الانتخابي لأجل غير مسمى، هو انعكاس جديد لحالة التفرد التي تتملك مؤسسة الرئاسة الفلسطينية".
وأفادت أن "قرار إيقاف العملية الانتخابية في هذا الوقت في الذات، يعتبر من قبيل الرضوخ غير المبرر للغطرسة الإسرائيلية، في ظل حالة الانتصار المعنوي والمادي الذي حققه أهل مدينة القدس وشبابها"، مطالبة "القيادة الفلسطينية بضرورة وأهمية التراجع الفوري عن قرار وقف المسار الانتخابي، والسعي الجاد لضرورة فرض إجرائها في القدس، وعدم الرضوخ لغطرسة الاحتلال".