هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة الغارديان، إن الخوف من الفضيحة، والتعنيف الأسري، يمنع
النساء العربيات، من الكشف عن جرائم التحرش الجنسي الذي يتعرضن له عبر الإنترنت.
واستعرضت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، نماذج لنساء
عربيات، واجهن التحرش، وفضلن الصمت، على كشف ما واجهنه من تحرشات جنسية، ومحاولات
ابتزاز من رجال عبر محادثات الهاتف.
وقالت: "الصورة الإباحية الأولى تسببت
بصدمة لأمل وهي تحدق برعب على شاشة الهاتف. فحتى الآن، كانت ترد بأدب على الرجل
الأكبر سنا الذي كان يرسل لها رسائل على فيسبوك على أمل ردع أسئلته حول حياتها
بردود مقتضبة وجافة من كلمة واحدة".
وتبع ذلك المزيد من الصور المروعة، بعضها من
مجلات إباحية، والبعض الآخر للرجل نفسه في أوضاع جنسية. تقول الفتاة البالغة من
العمر 21 عاما، وهي طالبة جامعية في عمان، الأردن: "بدأت ألوم نفسي وأشعر
أنني دعوت هذا لأنني رددت عليه".
وأبقت أمل الرسائل سرية عن أسرتها، خشية أن
يعاقبوها ويمنعوها من الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي. كما أنها لم تثق في
صديقاتها. "كانت الصور سيئة للغاية. ولم أتمكن من إخبار أي شخص حتى لا
يسألوني لماذا اختارني هذا الرجل ويعتقدون أنني ربما شجعته".
وقالت الصحيفة: "وجد استطلاع للأمم المتحدة
شمل تسعة بلدان في المنطقة، بما فيها الأردن، أن التحرش عبر الإنترنت كان أكثر
أنواع العنف التي تم الإبلاغ عنها شيوعا ضد المرأة أثناء جائحة كورونا. وأدى التباعد
الاجتماعي وقيود كورونا الأخرى إلى دفع المعتدين إلى الشبكات الاجتماعية باعتبارها
مساحة جديدة للتحرش، وفقا لدراسة أخرى للأمم المتحدة".
وأشارت إلى أنه اعتداء مزدوج على النساء،
اللواتي يتعين عليهن التعامل مع آثار الإساءة عبر الإنترنت بالإضافة إلى المخاوف
من إلقاء اللوم على الضحية من قبل أسرهن ومجتمعهن.
وقال الدكتور إبراهيم عقل، مدير معهد صحة
الأسرة في مؤسسة الملك الحسين في الأردن: "في مجتمع تقليدي مثل مجتمعنا،
ستنظر الأسرة إلى هذا الأمر وترى الفتاة ليس كضحية ولكن باعتبارها الشخص الذي سمح
بذلك ليحدث وستتعرض للعنف".
وأضاف: "غالبا ما تخشى إخبار والديها، مما
يجعلها أكثر عرضة للخطر، ويستخدم الشخص الذي يقوم بالتحرش هذا للسيطرة عليها بشكل
أكبر".
وبالنسبة للعديد من النساء، يبدأ الأمر بمحادثة
عابرة على مجموعات فيسبوك تتحول إلى المراسلة الخاصة على مسنجر أو واتساب. وقالت هديل عبد العزيز،
المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية في الأردن: "أحيانا يكون
لديهم صديق مشترك، أو يكون شخصا من الجامعة.. تبدأ كمحادثة عادية، ثم تتصاعد
الأمور وتتخذ منحى جنسيا".
وفي الغالب، تسعى النساء للحصول على مساعدتها بعد
أن يتطور الأمر إلى ابتزاز، وهو شكل شائع من جرائم الإنترنت في الأردن. وقالت عبد
العزيز إن الجاني سيهدد بإخبار أسرة المرأة بتفاعلاتهم أو نشر صور فاضحة، مما
يعرضها لخطر العنف وما يسمى بـ"جرائم الشرف".
ويلجأ العديد من ضحايا التحرش عبر الإنترنت
للاتصال بمؤسسات الدعم المتعلقة بالعنف المنزلي بعد أن تكتشف أسرهم ذلك. تقول أريج
سمرين، الباحثة الاجتماعية في المعهد الأردني لصحة الأسرة: "رد فعل العائلات
سيء للغاية.. إنهم يعاقبون الفتيات جسديا، ويقولون إنك عرّضت نفسك لهذا العنف بفتح
خط اتصال مع هذا الرجل".
ويمكن أن يكون للضغط آثار مدمرة على الصحة
العقلية للمرأة، حيث يرتبط العنف عبر الإنترنت بالاكتئاب وفي بعض الحالات
الانتحار.
وقالت حوراء حسن جمول، عاملة في منظمة أبعاد
اللبنانية، التي تناضل من أجل المساواة بين الجنسين: "إنهم يعتقدون أن هذه هي
الطريقة الوحيدة لحل المشكلة.. النساء يعانين من القلق ولا يعرفن من يخبرن، فهن في
حالة ضياع".
واضطرت آلاء، التي تعيش في لبنان، إلى الانتقال
من منزلها بعد أن جاء مالك البيت، الذي بقي يرسل لها مواد جنسية على واتساب، إلى
باب منزلها. وتقول المرأة البالغة من
العمر 33 عاما: "كنت أستحم وسمح له الأطفال بالدخول، ولم يعرفوا أن ذلك
الحمام به باب منزلق، ولا يمكن قفله، وقام بفتحه وأنا عارية".
صرخت مذعورة، وتراجعت للخلف فاكتوت بالصنبور
الساخن وقالت: "هرب عندما صرخت. وأصيب الأطفال بالرعب".
وكونها كانت منفصلة عن زوجها في ذلك الوقت،
شعرت آلاء بالخوف والوحدة وعدم قدرتها على إخبار أي شخص بمقاطع الفيديو والرسائل
الجنسية الفاضحة التي أرسلها لها أو المطاردة التي بدأت بعد أن حجبت رقمه، وتقول:
"كنت قلقة على ابنتي أيضا، لم أعد أشعر بالأمان بعد الآن".
وسجلت قوى الأمن الداخلي في لبنان زيادة بنسبة
184% في الجرائم الإلكترونية خلال عام 2020، حيث ارتكبت 41% من الجرائم ضد فتيات
وشابات تتراوح أعمارهن بين 12 و 26 عاما.
وقالت حياة مرشاد، المؤسسة المشارك للجمعية
النسوية اللبنانية "فيميل": "لقد تسببت أزمة كوفيد بجعل
العديد من منصات الإنترنت المنفذ الوحيد للاستمرار في حياتنا الشخصية والمهنية..
لسوء الحظ، لقد رأينا امتدادا للعنف الذي نعيشه خارج الإنترنت إلى عالم
الإنترنت".
وفي مصر أيضا، قالت الصحيفة: "كثف الوباء
التحول الذي كان جاريا بالفعل، ونقل المضايقات من الشارع إلى وسائل التواصل
الاجتماعي".
ومن بين الشكاوى التي تلقاها "مركز المرأة
للإرشاد والتوعية القانونية" التابع لمنظمة مصرية، 70% تتعلق بالتحرش عبر الإنترنت
- ارتفاعا عن نسبة 25% التي كان عليها قبل انتشار الوباء. في بعض الحالات، يستخدم
الجناة حتى أجهزة القرصنة للوصول إلى هاتف امرأة وسرقة الصور، كما يقول المدير
التنفيذي، رضا الدنبوكي.
وخوفا من وصمة العار الاجتماعية إذا تم الكشف
عن الإساءة عبر الإنترنت، تقوم العديد من العائلات بتقييد وصول النساء إلى
الإنترنت أو مصادرة هواتفهن. يقول الدنبوكي: "بعض العائلات ترفض حتى السماح
لابنتها بالدراسة عبر الإنترنت خوفا من التعرض للهجوم".
مصر، مثل لبنان والأردن، لديها قوانين ضد
التحرش عبر الإنترنت، لكنها لا تفعل الكثير لحماية النساء إذا اكتشف أفراد الأسرة
والأصدقاء ذلك.
وفي الأردن، تمت إحالة قضية أمل إلى وحدة
مكافحة الجرائم الإلكترونية في إدارة الأمن العام في البلاد، وأُجبر المعتدي على
توقيع وثائق يتعهد بعدم الاتصال بها مرة أخرى. لكنها لم تعد صريحة في آرائها في
المجموعات عبر الإنترنت حيث كانت تستمتع بمناقشة القضايا الاجتماعية وحقوق المرأة.
تقول: "أنا لا أشارك كثيرا ولا أطرح
أفكاري الآن.. لا أريد من رجل جديد أن يكرر هذه التجربة، إنها مخيفة".