هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت مصادر مغربية وجزائرية مطلعة النقاب عن أن الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني ورئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري عمار سعداني طلب اللجوء السياسي إلى المغرب، من دون تأكيد رسمي لا من السلطات المغربية ولا من عمار سعداني.
وذكرت صحيفة "الأيام" المغربية التي نقلت الخبر اليوم السبت، أن عمار سعداني، الذي غيّر مكان إقامته من فرنسا إلى البرتغال، قرر اللجوء السياسي إلى المغرب وقدم طلبا بشأن ذلك للسلطات المغربية، من أجل حماية نفسه والشعور بالأمان في هذا البلد، خاصة بعد اعتقال عبد المؤمن ولد قدور المدير العام لشركة سوناطراك في الإمارات العربية المتحدة، قبل الإفراج عنه.
وأضافت المصادر ذاتها، أن طلب اللجوء يأتي بعد اقتراح تلقاه سعداني الموجود في فرنسا منذ ثلاث سنوات من جهات مغربية كان على تواصل دائم معها.
وذكرت مصادر جزائرية رفيعة المستوى، تحدثت لـ "عربي21"، وطلبت الاحتفاظ باسمها، أن "إقدام سعداني على طلب اللجوء السياسي في المغرب، يأتي منسجما مع مواقف سعداني نفسه، حيث أنه كان قد أشار منذ وقت مبكر وهو على رأس جبهة التحرير الحزب الحاكم في الجزائر، إلى ضرورة التوصل إلى حل سياسي بين المغرب والجزائر، بما فُهم منه دعمه لمغربية الصحراء".
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن هذا الموقف المؤيد لأحقية المغرب في الصحراء، الذي لم يكن بمقدور سعداني أن يعبر عنه في العام 2014، تمكن من الإفصاح عنه قبل مغادرته إلى فرنسا (في عام 2019)، حين قال: "أنا أعتبر من وجهة نظر تاريخية، أن الصحراء مغربية ولا شيء غير ذلك، وأعتقد أن الجزائر دفعت لمدة خمسين عاما مبالغ ضخمة لما يسمى بالبوليساريو، وهذه المنظمة لم تفعل شيئا ولم تنجح في الخروج من الطريق المسدود".
وحسب سعداني فإن "العلاقة بين الجزائر والمغرب، هي أكبر من هذا الموضوع والآن الظرف مناسب، لأن هناك انتخاب رئيس جديد وتغير في النظام التونسي، والجزائر مقبلة على انتخابات وهناك تغير في النظام، كما أن ليبيا تعيش تحولًا، وهذا يمكن أن يؤدي لإعادة إحياء المغرب العربي، كما طالب به قدماء جبهة التحرير وأيضًا الأحزاب الوطنية في كل من المغرب، الجزائر، تونس وشمال أفريقيا".
لكن مصادر جزائرية مستقلة، شككت في الخبر من أصله، وحذّرت من أن إشاعة هذا الخبر من صحف جزائرية تأخذ معلوماتها من جهاز المخابرات، الذي يخوض حربا ضروسا ضد الحراك الشعبي المتصاعد في الجزائر، ربما يكون معنيا بنشر أخبار كهذه، لتشويه الحراك من مدخل أنه ربما يكون بفعل دعم أطراف خارجية، وتحديدا المغرب.
وذكرت هذه المصادر أن سعداني، الذي اطمأن على وجود جميع أفراد أسرته خارج الجزائر، حيث أنهم موزعون بين فرنسا وبريطانيا والبرتغال، ربما سيفكر كثيرا قبل الإقدام على خطوة اللجوء إلى المغرب في مثل هذا التوقيت.
يذكر أن عمار سعداني (ولد في 17 نيسان/ أبريل 1950) في تونس لعائلة جزائرية تنحدر من ولاية الوادي جنوب شرق الجزائر، هو سياسي جزائري والرئيس السابق للمجلس الشعبي الوطني (البرلمان) من 2002 حتى 2007، وهو عضو بارز في حزب جبهة التحرير الوطني انتخب أمينا عاما للحزب في 29 آب (أغسطس) 2013 وشغل هذا المنصب إلى غاية أواخر تشرين الأول (أكتوبر) 2016 حيث قدم استقالته.
قاد عمار سعداني أثناء زعامته لجبهة التحرير هجوما ناريا على جهاز المخابرات ورئيسه الجنرال محمد مدين المدعو "التوفيق" واتهمه بالتقصير في حماية أمن الجزائر أيام الإرهاب وفي حادثة تيغنتورين ورهبان تيبحيرن وبالتدخل في شؤون الأحزاب والإعلام ودعاه للرحيل وترك السياسة وعدم التدخل في الشأن السياسي وعمل الأحزاب ما أثار جدلا واسعا في الجزائر.
ويفسر المراقبون لجوء سعداني إلى فرنسا ثم البرتغال، وربما قريبا إلى المغرب، بخشيته من عودة جناح التوفيق للحكم في الجزائر.
وتكمن أهمية خطوة سعداني، في حال تم تأكيدها، في أنها تأتي في ظل تصاعد التوتر بين النظامين الجزائري والمغربي، منذ الإعلان الأمريكي المؤيد لمغربية الصحراء.. وهو الموقف الذي تبين أنه يعبر عن موقف للإدارة الأمريكية وليس موقفا عابرا للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، كما كان النظام الجزائري يروج لذلك قبل الانتخابات الأمريكية الأخيرة.
وتعيش العلاقات المغربية ـ الجزائرية في الآونة الأخيرة حربا باردة، تتصاعد حينا كما جرى في معبر الكركرات على الحدود بين المغرب وموريتانيا، أو في منطقة "فكيك" على الحدود المغربية ـ الجزائرية، وتهدأ أحيانا أخرى مكتفية بالتلاسن الإعلامي الذي وصل حد التعريض بقيادتي البلدين.
وبينما تحفل الصحف المغربية بتغطية شاملة لتطورات الحراك الشعبي المطالب بالتغيير في الجزائر، تشن الصحف الجزائرية هجوما على المغرب تحت يافطة مقاومة التطبيع، وهي حرب إعلامية تترافق مع حراك شعبي جزائري مطالب بالتغيير آخذ في التصاعد، وهناك خشية من أن تتحول هذه الحرب الباردة إلى ساخنة، خصوصا في ظل الظروف التي تمر بها الجزائر، التي تعتبر سادس أكبر مشتر للسلاح في العالم وفق معهد استكهولم.
وللإشارة فإن الحدود البرية بين المغرب والجزائر مغلقة منذ واقعة مراكش في العام 1994، وتفجير فندق أطلس آسني، التي اتهمت السلطات المغربية فيها يومها عناصر جزائرية، وفرضت بسببها التأشيرة على الرعايا الجزائريين الراغبين في القدوم إلى المغرب، فردت الجزائر بإغلاق الحدود البرية.