مقالات مختارة

عالمٌ منافق!

رشيد ولدبوسيافة
1300x600
1300x600

مرّت مأساة الرّوهينغا في الإعلام العالمي، وفي الأوساط السّياسية والدبلوماسية مرور الكرام، ولم يتحرك زعماء العالم لإنقاذ هذا الشّعب الأعزل من الموت المحقق، بعد أن أتى حريقٌ هائل على مخيم “بالوكالي” وهو مخيمٌ ضخم يضم عشرات الآلاف من الخيم، ولم يتداعَ المشاهير في الرياضة والفن والسينما إلى نجدة هؤلاء المساكين وتوفير احتياجاتهم العاجلة.

لو أن هذا الحريق حدث في دولة أوروبية لتسابقت الدول والمنظمات والمشاهير في التّضامن مع الضحايا، وعجَّت المطارات بحركة قوافل التضامن والمساعدات الإنسانية، ولبادرت حتى الدّول العربية المتخلفة إلى إرسال الطائرات المحمَّلة بالخيم والأدوية والأغذية لمساعدة الضحايا حتى ولو لم يكونوا بحاجة إليها!


لكن عندما تعلق الأمر بشعب الرّوهينغا المسلم الأعزل الفقير، فإنّ التعامل مع مأساته يتم ببرودة. ويبدو أن المجتمع الدّولي تخلّى عن واجبه في توفير الحماية والتكفل بهذا الشعب الذي يعيش الجحيم بعد أن لجأ إلى دولة بنغلادش الضّعيفة الفقيرة التي تحتاج هي الأخرى إلى المساعدات الإنسانية.


ولا يمكن تعميم هذا الحكم، لأن جهودا عظيمة بُذلت لتقديم يد المساعدة إلى الروهينغا، وعلى رأسها تركيا التي هبّت لإقامة المخيمات والمراكز الصحية والمدارس، أما بالنسبة للجزائر فإنّ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين حفظت ماء الوجه منذ البداية وأرسلت قوافل إغاثة وكذلك الشأن بالنسبة لجمعية البركة.


لكن الحريق الذي نشب يوم الثلاثاء، أتى على كل المنشآت الجزائرية هناك من خيم ومراكز صحية ومدارس وآبار وغيرها. لذلك، فإنّ إعادة بناء ما خُرِّب هو واجبنا، فعلى الخيّرين في هذا الوطن، أن يشمّروا على سواعدهم من جديد، ويطلقوا حملة تضامنية كبرى للتّكفل بضحايا الحريق، وإعادة بناء “مخيم الجزائر” من جديد وترميم المدارس والآبار وإعادة بعث الحياة في تلك الشعاب التي تحولت إلى رماد.


أمّا ما يقع على عاتق المجتمع الدولي فهو وقف العملية المشبوهة التي تجري منذ أشهر، وهي ترحيل اللاجئين الروهينغا إلى جزيرة نائية تنعدم فيها شروط الحياة، تقع على مقربة من مدينة “شيتاغونغ”، وما يُؤسف له أن دولة عربية كبيرة تساهم في تهيئة هذه الجزيرة رغم رفض الروهينغا التنقل إليها، وإصرارهم على العودة إلى بلدهم الأصلي في أراكان بعد توفير الحماية لهم من البوذيين وعسكر دولة ميانمار.


إن قضية الرّوهينغا هي جرحٌ نازف ووصمة عار في جبين العالم أجمع، لأنها فضحت العنصرية التي تحكم تصرُّفات الدول والمنظمات ووسائل الإعلام وغيرها من اللوبيات والقوى المؤثرة في العالم، وأثبتت هذه القضية أن كل تلك المبادئ والقيم التي يتغني بها مدَّعو الإنسانية ما هي إلا أكاذيب للتغطية على القبح الكامن في مجتمعاتهم!

 

(الشروق الجزائرية)

0
التعليقات (0)