صحافة دولية

صحيفة: فتح الأرشيفات السرية.. هل أراد ماكرون ذلك فعلا؟

ماكرون أعلن أنه سيسمح بالوصول إلى أرشيفات الدفاع السرية بما في ذلك المتعلقة بالحرب الجزائرية- جيتي
ماكرون أعلن أنه سيسمح بالوصول إلى أرشيفات الدفاع السرية بما في ذلك المتعلقة بالحرب الجزائرية- جيتي

نشرت صحيفة ميديابارت الفرنسية، حوارا مع الأستاذ المحاضر في التاريخ المعاصر في جامعة لو هافر، نورموندي توماس فيسيت، سلط فيه الضوء على مسألة إعلان ماكرون عن فتح الأرشيف والنقائص التي تحول دون تطبيق هذا الإعلان.

 

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن إيمانويل ماكرون أعلن أنه سيسمح بالوصول إلى أرشيفات الدفاع السرية، بما في ذلك المتعلقة بالحرب الجزائرية.

 

وفي بيان صحفي نُشر يوم الثلاثاء التاسع من آذار / مارس، أعلن الإليزيه أن رئيس الدولة قد اتخذ قرارًا "بالسماح لمصالح الأرشيف بالمضي قدمًا بدءا من الأربعاء 10 آذار / مارس، برفع السرية عن وثائق مشمولة بسرية الدفاع الوطني، حتى ملفات العام 1970".

 

وجاء في النص أن "هذا القرار من المرجح أن يختصر بشكل كبير فترات الانتظار المرتبطة بإجراءات رفع السرية، خاصة فيما يتعلق بالوثائق المتعلقة بالحرب الجزائرية".

وفتح الأرشيف كان الوعد الذي قطعه إيمانويل ماكرون خلال زيارته في أيلول / سبتمبر 2018 لجوزيت أودين التي كافحت طوال حياتها من أجل الكشف عن حقيقة وفاة زوجها موريس أودين، عالم الرياضيات الشهير ومناهض الاستعمار الذي تعرض للتعذيب والقتل في عام 1957 أثناء معركة الجزائر.

وطيلة أشهر وسنوات، أبلغت الأوساط الأكاديمية عن صعوبات متزايدة في الوصول إلى الأرشيفات السرية التي يزيد عمرها عن 50 عامًا بسبب الالتزام التام "بسرية الدفاع الوطني" وقد ركّزت جهودها على هذه القضية الحاسمة دون نجاح.

وأمام مجلس الدولة، هاجمت ثلاث جمعيات، وهي جمعية المؤرخين المعاصرين للتعليم العالي والبحث، ومسؤولي الأرشيف الفرنسيين، ورابطة جوزيت وموريس أودين، التعليمات العامة المشتركة بين الوزارات رقم 1300 لسنة 2011 و2020 التي كانت سببا لقيود ومعوقات عديدة.

وعن سؤال الصحيفة له عن سبب عدم اعتبار هذا الإعلان الرئاسي "فتحًا" للأرشيف و"خطوة إلى الأمام"، خلافا لما يقوله الإليزيه، يذكر توماس فيسيت أن إيمانويل ماكرون يقر بوجود مشكلة في الوصول إلى الأرشيف.

 

ويبدو أنه أدرك الفجوة الموجودة بين خطاباته التي دعا فيها المؤرخين إلى العمل، خاصة فيما يتعلق بالحرب الجزائرية، والإمكانية المادية للقيام بذلك. 


اقرأ أيضا : ماكرون يقرر رفع السرية عن أرشيف الاحتلال الفرنسي للجزائر


وبحسب فيسيت، يجب التمييز بين حالة المصلحة التاريخية للدفاع التي تحفظ أرشيفات وزارة القوات المسلحة عن تلك الخاصة بالأرشيف الوطني. ومنذ أشهر، دأبت المصلحة التاريخية للدفاع على رفع السرية عن عدد من الوثائق باستعمال الكرتون.

 

الشيء الوحيد الذي سيتغير هو التاريخ الذي سيتم فيه رفع السرية عن الوثائق باستعمال الكرتون: 1970 بدلاً من 1954، هذا هو التغيير الوحيد.

وتابع أن رفع السرية باستخدام الكرتون هو تجاهل لحقيقة المختصين في أعمال الأرشيف، فهم يعملون بآلات التصوير، يلتقطون صوراً للأرشيفات ويستخدمون هذه الصور.

 

وذكر فيست أنه محاضر في لوهافر وطلابه من هذه المدينة لا يمكنهم الذهاب كل يوم إلى المصلحة التاريخية للدفاع الواقعة في الضواحي الباريسية. فضلا عن ذلك، عندما يقومون بالرحلة، فإنهم يصورون الوثائق. لذلك، بالنسبة لهم، لا شيء يتغير.

أما بالنسبة لإمكانية تحسين هذا الإعلان الرئاسي الوصول إلى الأرشيفات الوطنية، فقد أشار توماس فيسيت إلى أنه حتى عند هذا المستوى، لن يتغير أي شيء.

 

يجب أن يتوجه الأرشيف الوطني إلى مصالح الجمع، أي الإدارات التي نقلت الأرشيف، ليطلب منها رفع السرية. وبيان إيمانويل ماكرون لا يغير القضية. 

وتابع أن هذا البيان الرئاسي لا يغير أصل المشكلة. خلافا لذلك، يؤكد الإعلان الحاجة إلى رفع السرية عن الأرشيف العام الذي يعد قابلا للنشر "بموجب القانون".

 

وهذا الانتهاك لقانون التراث بالتحديد هو الذي برر الاستئناف أمام مجلس الدولة في أيلول / سبتمبر 2020 وكانون الثاني / يناير 2021.

وعلى حد تعبير فيسيت، تعيق الأمانة العامة للدفاع والأمن القومي لتطبيق أمر مشترك بين الوزارات رقم 1300 تقدم هذه المسألة. ومع ذلك، يشير هذا النص إلى أنه حتى بعد 50 عامًا، يجب رفع السرية عن الوثائق، وهو ما يتعارض مع القانون.

وعن توقيت هذا الإعلان، علّق توماس فيسيت أن رئيس الجمهورية جعل الجزائر أكبر مجال لمصالحة الذاكرة، خلال فترة ولايته.

 

يندرج بيان الأمس في هذا الإطار. كما يعد تكملة لتقرير ستورا الذي تم تقديمه إلى إيمانويل ماكرون قبل بضعة أسابيع.

من ناحية أخرى، يعد هذا الأمر ملحا بالنسبة لإيمانويل ماكرون لأن 2021 و2022 هما العامان اللذان يحييان ذكرى للصراع الجزائري. 2021 هو ذكرى الانقلاب العام، و2022، بالإضافة إلى الانتخابات الرئاسية، هو نهاية الصراع.

 

يمكن القول إن الفجوة بين دعوة المؤرخين للعمل على هذا الصراع وحقيقة أنه من المستحيل الوصول إلى الأرشيفات بدأت في طرح مشاكل عديدة. 

ومن أجل وضع حد لهذه العوائق، قال توماس فيسيت إنه لا يشكك في حاجة الدولة لتشريع السرية لحماية نفسها.

 

وهذا أمر طبيعي للغاية، فالمطلوب فقط هو تطبيق القانون فحسب. كما شدد على أن حق الوصول إلى الأرشيفات العامة هو حق دستوري يقوم على إعلان حقوق الإنسان لعام 1789. وهو مبدأ ديمقراطي. 

التعليقات (0)