سياسة تركية

أردوغان يقود حراكا بإسطنبول.. ما علاقة "استراتيجية أربكان"؟

يعد عام 1994 ركيزة هامة لوصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم- تويتر
يعد عام 1994 ركيزة هامة لوصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم- تويتر

يواصل حزب العدالة والتنمية في تركيا، حراكه لعقد مؤتمره العام السابع الشهر المقبل، وسط تغييرات وتحركات كبيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لا سيما في إسطنبول التي خسرها الحزب الحاكم في الانتخابات البلدية عام 2019.

وقبيل انعقاد المؤتمر السابع العام لحزب العدالة والتنمية والمقرر في 24 آذار/ مارس، فقد شارك الرئيس التركي في المؤتمرات التي عقدت في مختلف الولايات التركية.

وشهد الحزب الحاكم في تركيا، ما بعد الانتخابات البلدية الأخيرة عام 2019، انتكاسات عدة شملت خسارة بلديات أنقرة وإسطنبول الكبرى، وانشقاق قيادات كبيرة لاسيما أحمد داود أوغلو والذي أسس حزب المستقبل، وعلي باباجان الذي أسس حزب "الديمقراطية والتقدم".

وبعد خسارة البلديات الكبرى، قرر حزب العدالة والتنمية، إجراء مراجعات بحث فيها مواطن الخلل والتي أدت لخسارة بلديتي إسطنبول وأنقرة.

 

ولقد شكل ضياع "حصانة" حزب العدالة والتنمية والتي جاءت منذ عام 1994 لصالح أكرم إمام أوغلو، صدمة كبيرة للحزب والرأي العام، ما دفع الرئيس التركي إلى البحث عن آليات وخطوات تهدف لإعادة بلدية إسطنبول الكبرى.

 

ويعد عام 1994، ركيزة هامة لوصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، ففي ذلك العام انتخب أردوغان الذي كان مرشحا عن حزب الرفاه الإسلامي بزعامة نجم الدين اربكان، لرئاسة البلدية.


وقال مراقبون أتراك، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يسعى لإحياء ما أسموه "روح94"، و"استراتيجية أربكان" للتهيئة للانتخابات المزمعة عام 2023.

 

اقرأ أيضا: حراك داخلي بتركيا.. وأردوغان يسعى لاستقطاب حزب "السعادة"

أردوغان قرر اتخاذ خطوات إصلاحية اقتصادية وقانونية ضمن المساعي التي يقودها في البلاد، فيما رأى المراقبون أنه حراك يسبق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.

 

وقال الرئيس التركي وهو يقدم عثمان نوري كاباكتيبي كرئيس جديد لمقاطعة إسطنبول: "إننا نقدم لكم صديقا لنا، كرئيس إقليمي لإسطنبول، والذي سنحقق معه أهدافنا لعام 2023 بروح عام 1994".

 

وقال الكاتب التركي، كمال أوزتورك، إن القاعدة الشعبية لحزب العدالة والتنمية كانت تنتظر تغييرا يشمل قيادة وسياسات الحزب منذ الخسارة في الانتخابات المحلية الماضية بإسطنبول.

وتحدث الكاتب عن ترشيح الرئيس أردوغان لـ"كاباكتيبي" ليكون رئيسا لحزب العدالة والتنمية في إسطنبول، والذي يعد أحد صقور "ميللي غوروش" أو "الرؤية الوطنية" التي أسسها رئيس الوزراء التركي السابق نجم الدين أربكان.

 

و"ميللي غوروش" (الرؤية الوطنية)، هي حركة سياسية دينية ومجموعة من الأحزاب الإسلامية التركية، وُصفت بأنها أكبر منظمة إسلامية تعمل في الغرب في ذلك الوقت، وكانت الأحزاب المحافظة جزء منها.

ولفت إلى أن الرضا بتعيين شخصية مثل "كاباكتيبي" يظهر مدى القوة في الطلب داخل قواعد الحزب للعودة إلى العهد الأول لـ"العدالة والتنمية" بوجوه وطاقات وبداية جديدة.

وأكد أن بلدية إسطنبول الكبرى، حيث ترعرع حزب العدالة والتنمية وبسببها وصل إلى السلطة، تتمتع بمكانة عاطفية وخاصة للغاية لدى القاعدة الحزبية، وقد جددت عملية التغيير التي تشهدها مقاطعة إسطنبول الأمل بإستعادة البلدية.

الكاتب التركي محمد أجاد، قال في مقال بصحيفة "يني شفق" إن الرئيس التركي بدأ خطواته الجديدة لتوسيع سقف "تحالف الجمهور"، لافتا إلى الزيارة التي قام بها أردوغان لرئيس المجلس الاستشاري الأعلى في حزب السعادة أوغوزخان أصل تورك الذي يرفض النهج الذي ينتهجه زعيم الحزب تمل كارامولا أوغلو تجاه "العدالة والتنمية".


وأشار إلى أن هناك تحول لأردوغان من خلال اختيار أحد الأسماء المستوحاة من تقاليد "ميللي غوروش" لرئاسة مقاطعة إسطنبول، وتلك الخطوة تثير الفضول.

ولفت إلى أن كاباكتيبي هو أحد الشخصيات التي تحتل مكانة كبيرة لدى قواعد حزب العدالة والتنمية، مشيرا إلى أنه أحد الأشخاص السبعة التي أسست المنظمة الشبابية في "ميللي غوروش" بعد عام 1980 وكان أصغرهم.

ونوه إلى أن كاباكتيبي له بصمات كبيرة في المنظمات الطلابية خلال سنوات طويلة، وعمل في الأطر الشبابية في حزبي الفضيلة والرفاه، موضحا أنه رجل مفجر، يمتلك ثقافة فكرية وتجديدية جيدة، وهو ناجح في أعماله.

وشدد على أن اختيار كاباكتيبي لمقاطة إسطنبول يحمل رسائل هامة في الطريق لعام 2023، بالإضافة إلى آذار/ مارس 2024 بالنسبة لإسطنبول التي فقدها حزب العدالة والتنمية بعد ربع قرن من السيطرة على بلديتها.

 

الكاتب التركي أحمد أكشالان، قال في مقال له، إنه مع تعيين كاباكتيبي، يعتقد الكثيرون بأن "روح 94" يتم إنشاؤها حاليا، والتي ستعيد إحياء حزب العدالة والتنمية، وإعادة ضبطه على سابق عهده.

 

وأضاف أنه لقد مرت 18 عاما على تولي حزب العدالة والتنمية السلطة، وتعد التكتلات داخله، والهياكل التي انشقت منه، أكبر العقبات أمامه لا سيما في إسطنبول، ولذلك كان تعيين شخص من صقور "ميللي غوروش" مؤشرا واضحا على مدى قراءة أردوغان لتوقعات القاعدة الشعبية للحزب.

 

اقرأ أيضا: ما هدف أردوغان من تغيير الدستور.. ما موقف المعارضة؟
 

وتابع بأن "روح 94" هو الجيل الذي يرغب بالانتقال بالحزب إلى ما بعد عام 2023، والذين يفضلون التنظيم على مصالحهم الشخصية، بمبادئ "ميللي غوروش".

 

ونوه إلى أن تأثير تعيين كاباكتيبي، لا يقتصر فقط على القاعدة الحزبية لـ"العدالة والتنمية"، بل يتعدى أيضا إعادة الاتصال بقاعدة حزب السعادة، ولديه ميزات ببنية فكرية قوية قادرة على التواصل مع جميع شركاء المجتمع، كما أنه على وشك إنهاء درجة الدكتوراه في التخطيط العمراني.

 

وأضاف أن في "العدالة والتنمية" رؤساء بلديات لامعون ولهم تأثيرهم، لكن لم يكن للحزب "عمدة" أو رئيس مقاطعة طوال الفترة الماضية يحمل هذه الصفات.

 

ورأى أن "العدالة والتنمية" سيولد من جديد مع استحضار "روح 94"، وجلب شخصيات مثل كاباكتيبي للأمام، والعمل على القضاء على أعضاء داخله يقفون أمام هذه الروح.

 

ويعد كاباكتيبي أحد مؤسسي الأطر الشبابية في حزب السعادة، وعندما كان رئيسا لها في تلك الفترة، كان وزير العدل الحالي عبد الحميد غل نائبا له.

 

وطوال الفترة الماضية، كان كاباكتيبي الذي ابتعد عن السياسة قليلا، منشغلا بمنظمات المجتمع المدني، مثل "معارف" و"IHH".

 

ومن الواضح أن تعيين أردوغان له، يأتي ضمن مساعيه لاستقطاب القاعدة الشبابية التي يعود أساسها إلى "ميللي غوروش" لصالح "العدالة والتنمية"؛ فمن المعروف أن كاباكتيبي له بصمات في العمل الشبابي ومقرب جدا لجيل الشباب، ويأتي هذا التغيير من الرئيس التركي استجابة للأصوات الشبابية داخل الحزب لمراجعة سياساته.

 

وعلى الرغم من أن "العدالة والتنمية" تأسس كحزب جماهيري، لكن عموده الفقري تشكل من أولئك الأشخاص الذين كانوا يعدون نواة في "ميللي غوروش" أو "الرؤية الوطنية".

التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم

خبر عاجل