ملفات وتقارير

هل قفز بنس من قارب ترامب لحماية مستقبله السياسي؟

متحدث باسم حملة بنس سابقا قال إن ما قام به سيساعد مستقبله- جيتي
متحدث باسم حملة بنس سابقا قال إن ما قام به سيساعد مستقبله- جيتي

كشفت أحداث الأيام الماضية، عن تدهور العلاقة بين الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، ونائبه مايك بنس، الذي نأى بنفسه عن الكثير من تصرفات رئيسه، وبدا وكأنه رفض "لعب دور كبش الفداء، وتلطيخ تاريخه السياسي"، بحسب صحف أمريكية.

ووصلت العلاقة بين الرجلين إلى حالة أشبه بالقطيعة، وقالت شبكة "إيه بي سي نيوز" إنه "في الأيام الأخيرة من إدارتهم، بات كل واحد منهم يشعر بالخيانة تجاه الآخر، وفي الأيام القليلة الماضية، أطلق ترامب العنان لغضبه على نائبه ووصفه بأنه يفتقد الشجاعة، لعدم تعطيله جلسة التصديق على فوز بايدن".

ونقلت عن أحد كبار مساعدي الحزب الجمهوري بالكونغرس، قوله: "إن العلاقة بينهما الآن قاسية جدا، وخلال عدة مكالمات قام ترامب بتوبيخ بنس، لاستخدام سلطة لا يمتلكها، من أجل قلب النتائج ضد بايدن، وهو ما أشعر نائب الرئيس بالأذى والانزعاج، بحسب مقربين منه".

بنس يتحدى ترامب

وعلى وقع "ضغوطات" و"إساءات" ترامب بحق بنس، وفقا لمقربين منه، فإن الأخير، قام بعدة خطوات تعد تحديا لترامب، بدأها بتصريحه أنه لا يملك سلطة تعطيل جلسة التصديق على أصوات الانتخابات التي أفضت لفوز بايدن.

وقال بنس، إنه "لن يعارض المصادقة على فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية بسبب قيود يفرضها الدستور".

وعرض بنس حججه في رسالة نشرها قبيل بدء جلسة الكونغرس الخاصة بتسجيل النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية التي جرت في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر وشهدت اقتحام مبنى الكونغرس من قبل أنصار ترامب.

وقال موقع "يو أس إيه توداي"، إن بنس "في تحدٍ لرئيسه قال إن المشرعين فقط هم من يمكنهم أن يقرروا ما إذا كانوا سيقبلون أو يرفضون أصوات الهيئة الانتخابية التي فاز بها الرئيس المنتخب بايدن".

وأضاف الموقع: "كان التزام بنس، خلال رئاسته لجلسة التصديق على فوز بايدن بالكونغرس، انحرافا نادرا عن الولاء القوي الذي أظهره لرئيسه ترامب خلال السنوات الأربع الماضية".

وقال ترامب في تغريدة، صابا جام غضبه على نائبه: "لم يتمتع مايك بنس بالشجاعة للقيام بما يجب فعله لحماية بلدنا ودستورنا"، وأضاف أن "الولايات المتحدة الأمريكية تطالب بالحقيقة".

ونقل موقع "بزنس إنسايدر"، عن شكل القطيعة بين الرجلين، أن ترامب لم يتواصل مع بنس منذ اقتحام الكونغرس، بحسب ما كشفت شبكة "أن بي سي نيوز".

وأوضحت الشبكة أن ما حصل "أمر غير عادي"، وأضافت: "ترامب لم يتصل ببنس منذ ترؤسه جلسة اعتماد الهيئة الانتخابية، التي أعيدت بعد أن عرقلها مثيرو الشغب".

وشددت على أن العلاقة "ليست جيدة"، وأشارت إلى أن ترامب انقلب على أحد أكثر حلفائه ولاء، والذي تعرض للخطر ونقل مع عائلته إلى مكان آمن بعد اقتحام الجلسة الشهيرة في الكونغرس.

 

اقرأ أيضا: الديمقراطيون ينوون بدء إجراءات عزل ترامب في "النواب" الاثنين


وأشارت إلى أن بنس، أبلغ ترامب "أن القسم الذي أقسمه على الدستور والدفاع عنه، يمنعه من المطالبة بسلطة أحادية الجانب لتحديد الأصوات التي تحتسب من عدمه".

ولفتت الشبكة إلى أن محاولات ترامب ومستشاريه، كانت تهدف لتحويل بنس إلى "كبش فداء"، لتحميله مسؤولية ما حصل لترامب.

شعور بالندم

وكشف جون تومسون، وهو المتحدث باسم حملة بنس، وكان عضوا في جمعية الحكام الجمهوريين، أن نائب الرئيس، "تعرض للقسوة، وطلب منه خرق القانون ووصل إلى نقطة الغليان من ترامب، وقال إنه اكتفى من ذلك".

ونقلت "إيه بي سي نيوز" عن السيناتور الجمهوري جيم إينهوف، قوله: "لم أر بنس غاضبا من قبل كما الآن، وقال بعد كل الأفعال التي قمت بها من أجل ترامب اكتفيت".

وذهب مقربون من بنس إلى الإشادة بما قام به من رفضه لمخالفة الدستور، وقال رئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش، وهو مستشار غير رسمي لترامب وبنس، إن ما قام به الأخير كان "صورة من الشجاعة".

ويرى حلفاء لبنس أنه كان يعول على علاقته الوثيقة مع ترامب، لدفعه إلى مرتبة عليا، في حال قرر الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة عام 2024، لكنهم رأوا في الوقت ذاته، أن ما قام به هذا الأسبوع، "لن يكون له عواقب طويلة المدى، حتى لو ألقى بعض الناخبين اللوم عليه في هزيمة ترامب".

وقال تومسون: "أعتقد أنها كانت لحظة شجاعة للغاية بالنسبة له، وهذا سيساعد مستقبله".

 

قيادة جمهورية تقليدية

من جانبه قال المحلل السياسي والمختص بالشأن الأمريكي، جو معكرون، إن بنس كان في الغالب متواطئا مع أجندة ترامب، منذ اليوم الأول للعمل في إدارته.

وأوضح معكرون لـ"عربي21"، أن بنس، حاول تدجين تهور ترامب، والتزم الصمت حين لم يتمكن من إقناعه في شتى المسائل، وظهر التوتر الأخير نتيجة طلب الرئيس انتهاك القانون وقلب النتيجة، في موقع لم يملك فيه بنس الصلاحية الدستورية.

وأضاف: "بنس يمثل القيادة التقليدية في الحزب الجمهوري، التي كانت وفية لترامب منذ بداية ولايته، لكن بدأت بشكل متزايد مؤخرا تضع خطوطا حمرا لتجاوزاته، بعدما كانت مترددة في فعل ذلك سابقا خشية من ردود فعل قاعدة ترامب الشعبية".

ورأى معكرون، أن قرارات بنس الحالية، ليست مرتبطة بحساباته الانتخابية، لكن هذا لا يمنع أنه قد يترشح بعد أربع سنوات، لكن سيظل إرثه السياسي مرتبطا بترامب بطريقة أو بأخرى.

وشدد على أن التحدي الأبرز أمام بنس في الأيام المقبلة، هو استعداده لتفعيل المادة الخامسة والعشرين، من الدستور الأمريكي، لفرض تنحية الرئيس، وحتى اللحظة، ليس واضحا قدرته على اتخاذ مثل هكذا قرار جريء.

التعليقات (0)