هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
* الانقسام الليبي سيزداد والانهيار الاقتصادي سيتفاقم وسيصعب تداركه إن لم يتم إجراء الانتخابات خلال العام الجاري
* بعض الأطراف تريد البقاء في المشهد السياسي دون مراعاة العواقب الكارثية.. والوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل بقاء الانقسام
* الجهود الحالية لرأب صدع الأزمة الليبية لا تزال في إطار سطحي ولم تمس أصل المشكلة أو أساسها
* نعارض تشكيل حكومة انتقالية جديدة لأنها لن تلتزم بالمواعيد الزمنية التي تم الإعلان عنها لإجراء الانتخابات
* تولي الإدارة الأمريكية الجديدة سيكون له تأثير إيجابي على الوضع الإقليمي ونأمل أن تساعدنا في إجراء الانتخابات الليبية
* الدائرة تضيق حول عقيلة صالح وهو متيقن من أن هذه فرصته الأخيرة للوصول إلى السلطة بشكل كامل
* عقيلة صالح سيكون أكبر الخاسرين وسيخرج من المشهد السياسي قريبا إن لم يتم تشكيل السلطة الانتقالية
في مقابلة خاصة مع "عربي21"، قال المستشار السياسي السابق بالمجلس
الأعلى للدولة في ليبيا، أشرف الشح، إنه في حال عدم إجراء الانتخابات
الليبية نهاية عام 2021 -كما هو مقرر- فإن "الانقسام سيزداد، والانهيار
الاقتصادي سيتفاقم وسيصعب تداركه"، مؤكدا أن "إجراء انتخابات هو نقطة تحول
رئيسية في مسار الأزمة".
ورأى أن "الإصرار على الاستفتاء على مشروع
الدستور الذي أقرته الهيئة الدستورية يعتبر عرقلة لإقامة الانتخابات في 24 كانون
الأول/ ديسمبر 2021؛ فهناك العديد من معارضي هذا الاستفتاء، وهناك مَن يطالب بإعداد
قانون خاص للاستفتاء؛ محاولة منه للحصول على الغالبية بـ (لا) كي نعود إلى نقطة
الصفر، ولا يحدث أي تقدم في حل الأزمة الليبية".
وردا على ما تردد بشأن إصرار رئيس برلمان طبرق،
عقيلة صالح، على تولي رئاسة المجلس الرئاسي دون التنازل عن رئاسة البرلمان، قال:
"الدائرة تضيق عليه كثيرا، وهو متيقن من أن هذه فرصته الأخيرة للوصول إلى
السلطة بشكل كامل، وهو يعلم أن رصيده في الشرق الليبي في ظل الانقسامات التي حدثت
هناك لن يعطيه مساحة زمنية في المستقبل لتحقيق أهدافه السلطوية، وسيكون هو أكبر
الخاسرين وسيخرج من المشهد السياسي في وقت ليس ببعيد حال عدم تشكيل السلطة الانتقالية".
وذكر "الشح" أن "تولي الإدارة الأمريكية الجديدة يوم
20 كانون الثاني/ يناير الجاري سيكون له تأثير على الوضع الإقليمي، ونأمل أن يكون
ذلك التأثير إيجابيا في ظل الإعداد للانتخابات، وأن تساعدنا حكومة جو بايدن في إجراء
الانتخابات الليبية في عام 2021، الأمر الذي سيكون له أثر كبير في التوصل إلى تسويات
وإلى استقرار يمكننا من تجاوز كل هذه المآسي والعواقب التي نعانيها اليوم".
وفي ما يأتي نص المقابلة:
كيف تنظرون اليوم للجهود الحالية التي تسعى لرأب صدع الأزمة الليبية؟
الجهود الحالية لرأب صدع الأزمة الليبية لا تزال في
إطار سطحي، ولم تمس أصل المشكلة أو أساسها، ويحدث ذلك بطريقة لا تروق لمصالح بعض الدول
الأطراف، والتي لا تريد التراجع عن تلك المصالح.
وما تقوم به بعثة الأمم المتحدة هي محاولة للوصول إلى
تسوية تضم الجميع من خلال إنشاء حكومة في فترة تمهيدية – كما أسمتها - أو مرحلة
انتقالية جديدة، ونحن نعارض تشكيل هذه الحكومة، لأنها لا تلتزم بالمواعيد الزمنية
التي تم الإعلان عنها، وهي إجراء الانتخابات يوم 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021.
وبالتالي فما هي فرص نجاح اللجنة القانونية لملتقى الحوار السياسي الليبي؟
هناك الكثيرين من أعضائها ليس من مصلحتهم إجراء
الانتخابات، لذا سنراهم "يحاولون وضع العصا في العجلة"، ولذلك نطالب بأن
يكون الأساس القانوني هو أحد القوانين الموجودة بالفعل؛ لأن انتظار تشكيل مجلسي
النواب والدولة أو اللجنة القانونية التي أُنشأت من الحوار السياسي سيُهدر الكثير
من الوقت للإعداد والتجهيز للانتخابات القادمة.
ومن العراقيل التي يضعها بعض الأطراف: الإصرار على
الاستفتاء على مشروع الدستور الذي أقرته الهيئة الدستورية، وهذا اعتبره عرقلة لإقامة
الانتخابات في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021؛ فهناك العديد من معارضي هذا الاستفتاء،
وهناك مَن يطالب بإعداد قانون خاص للاستفتاء؛ محاولة منه للحصول على الغالبية بـ «لا»
كي نعود إلى نقطة الصفر، ولا يحدث أي تقدم في حل الأزمة الليبية.
نحن نرى أنه في ظل هذا الانقسام يجب الإسراع في إجراء
انتخابات برلمانية؛ لتوحيد مؤسسات الدولة، واستمداد الشرعية من الشعب، ومن ثم تكون
مهمة هذا البرلمان هي الإعداد لاستفتاء تحت راية اسم شرعي واحد يضم كل الليبيين،
غير ذلك سيعتبر عرقلة ومحاولة للإبقاء على الأسماء الحالية، والتمديد لمَن مصلحتهم
البقاء في السلطة إلى أبد الآبدين.
كيف ترون تشكيل اللجنة القانونية؟ وما تصوركم للانتخابات المقررة في كانون الأول/ ديسمبر 2021؟
هناك العديد من الشكوك التي تثار حول بعض أعضاء هذه
اللجنة، خاصة وأنهم مرتبطون بالكيانات القائمة والتي لا تريد إجراء انتخابات، ومن
هؤلاء الأعضاء مَن يقول بأن إجراء الانتخابات غير واقعي هذا العام، ومنهم مَن يقول
إنه لا يمكن إجراء الانتخابات إلا بعد الاستفتاء على الدستور، وهذه كلها حجج للابتعاد
عن خيار "تجديد الدماء" واستمداد الشرعية من الشعب الليبي، كما أن المتمسكون
برأي الاستفتاء على الدستور يعلمون أن تمسكهم لن يحدث أي تقدم في ظل هذا الانقسام،
وبالتالي فهي مجرد حجة للابتعاد عن الانتخابات.
ولم يعد لليبيا، كي تسترد سيادتها، وتنهي انقسامها،
إلا إرجاع الأمانة لأصحابها من الشعب الليبي، بإجراء انتخابات برلمانية تنهي عمل هذه
الكيانات والشرعيات المتعددة، والتي بدأت تُستعمل بغرض تدخل بعض الأطراف والدول الأجنبية.
لذا نرى أن الانتخابات في 2021 هو استحقاق مصيري إن لم يتم فإن الأزمة ستتعقد وسيصعب
حلها بعد عام.
صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية قالت إن السراج عرض على حفتر، عبر رسالة نقلها وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، ترشيح رئيس الحكومة، لكن جرى لاحقا نفي الأمر.. هل لديكم ثمة معلومات حول هذا الأمر؟ وهل يمكن التواصل مع حفتر بشأن كهذا؟
بغض النظر عن شخصية السراج وما يقوم به من تحركات، فإن
ما تم نشره في صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية نُقل عن موقع إلكتروني
اسمه "ميلانو الآن"، وهو موقع يتبع إحدى شركات العلاقات العامة، وأعتقد
أن توقيت تسريب الخبر - الذي نفاه المسؤولون الإيطاليون، ونفاه السراج والناطقون
باسمه بشكل واضح وصريح، وكذلك نفته بعض المصادر في وزارة الخارجية- يأتي في مصلحة
بعض الأطراف الليبية المتعاقدة مع بعض شركات العلاقات العامة، والتي تسعى لعقد صفقة
مع عقيلة صالح، والتي فشلت في تمريرها من خلال الحوار السياسي، وبالتالي فإنها تحاول
إرباك عملية إعادة تشكيل الحكومة الحالية للإعداد للانتخابات بتسريب مثل هذه الأخبار
كي تقول: مَن كان ينتقد صفقة "عقيلة صالح – باشاغا" لماذا لا ينتقد صفقة
"السراج - حفتر"؟، والسراج لا يتمكن من إجراء أي صفقة مع حفتر، وغير
قادر على القيام بذلك، وانتقادنا للسراج ليس بجديد، ولن يتوقف حتى تتم هذه الانتخابات،
ونتخلص من كل "أشباه المسؤولين" الذين أوصلونا إلى ما نحن فيه.
بخصوص الخلاف على آلية اختيار السلطة التنفيذية التي ستدير البلاد حتى إجراء الانتخابات المقبلة.. لماذا الدخول في صراع على فترة ستنتهي بعد عام من الآن؟
نحن لا نرى داعي لإنشاء سلطة تنفيذية جديدة في هذه
المرحلة بعيدة عن إرادة الليبيين، وبصفقات "تحت الطاولة" بين أطراف أصبحت
معروفة؛ لأنها ببساطة لم تحترم الجداول الزمنية المطروحة لإجراء انتخابات خلال عام،
فماذا يمكن أن تقوم به حكومة جديدة تشكل خلال شهر أو شهرين والانتخابات ستجرى نهاية
هذا العام؟ هو فقط "ذرا للرماد في العيون" ومحاولة للوصول إلى السلطة
بطرق غير شرعية، أو بطريقة يسعى من وراءها لإيصال شخصيات تيقنت أنها لن تصل مرة أخرى
لمراكز السلطة عن طريق صندوق الانتخابات.
وبالتالي، يعد هذا التفاف لن يكون له جدوى، بل على
العكس سيكون عاملا رئيسا في عدم إجراء انتخابات خلال سنة أو سنتين، وهو ما صرح به رئيس
مجلس الدولة خالد المشري: أنه من غير الواقعي إجراء انتخابات، إذًا هناك مَن
يرتعدون من إجراء الانتخابات؛ لعلمهم بأن رصيدهم الشعبي قد انتهى، وهو ما يعتبر تلاعب
واستهانة بإرادة الليبيين، ونقوص عن مبادئ الديمقراطية التي يدعيها أمثال هؤلاء،
بالتالي أعتقد أن القيام بأي محاولة لتشكيل سلطة تنفيذية جديدة عن طريق صفقات أو
حوارات - أو سمها ما شئت - لن تزيد الأزمة إلا تعقيدا، ولن تتسبب إلا في إهدار ما
تبقى من أموال عامة أو انهيار اقتصادي لا قدر الله.
ما صحة ما قيل عن إصرار عقيلة صالح على تولي رئاسة المجلس الرئاسي دون التنازل عن رئاسة البرلمان وتلويح أنصاره بتقسيم البلاد؟
عقيلة
صالح تضيق عليه الدائرة، وهو متيقن بأن هذه فرصته الأخيرة للوصول إلى السلطة بشكل
كامل، وهو يعلم أن رصيده في الشرق الليبي في ظل الانقسامات التي حدثت هناك لن يعطه
مساحة زمنية في المستقبل لتحقيق أهدافه السلطوية، بالتالي هو يحاول جاهدا الوصول للسلطة
عن طريق صفقات سواء مع الإخوان المسلمين أو مع غيرهم، لذا أعتقد أن عقيلة لو لم تتم
تشكيل هذه السلطة – ولن تتم - فهو أكبر الخاسرين وسيخرج من المشهد السياسي في وقت
ليس ببعيد.
هل سيتم نسف العملية السياسية من الأساس في حال انسحاب بعض أعضاء لجنة الحوار الذين يُهددون بذلك؟
بغض النظر عن التهديد بالانسحابات، فإن الإنجاز الأول
لهذا الاجتماع الذي رعته بعثة الأمم المتحدة هو الإعلان عن موعد الانتخابات، والآن
يجب أن يكون هناك رسالة واضحة بأنه إن لم يتمكن من الوصول إلى اتفاق على مرجعية لإجراء
الانتخابات فيجب العودة إلى آخر قانون للانتخابات وهو قانون سنة 2014، وبالتالي
تجرى الانتخابات في موعدها يوم 24 كانون الأول/ ديسمبر، وأعتقد بعد الإعلان عن ذلك
الموعد لم يعد هناك مجال للتحجج بعدم الوصول إلى اتفاقات أو توافقات أو صفقات؛ فالليبيون
ينتظرون الآن ذلك الموعد لكي يستردوا حقوقهم، ولن يقبلوا بأي تلاعب من قبل أطراف
سياسية تريد البقاء في المشهد دون إرادة الليبيين أو دون رضاهم.
في 7 كانون الأول/ ديسمبر الماضي هددت وزارة الدفاع الليبية بالانسحاب من اتفاق وقف إطلاق النار في البلاد، جراء ما وصفته بـ"تهور" حفتر.. فهل سيفشل أيضا اتفاق 5+5 العسكري؟
من الطبيعي أن تصرّح وزارة الدفاع بمثل هذا التصريح،
نظرا لما تراقبه من تحركات عسكرية، وعدم الالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه، كما أن حفتر
لن يتراجع عن تحقيق أهدافه بالطرق التي تعود عليها، فهو لا يستطيع البقاء إلا في
ظل الحركة العسكرية، أما ما تم الاتفاق عليه في ما يسمى بلجنة "الخمسة أعضاء"
أو خمسة+خمسة هو محاولة فقط لكسب الوقت بعد هزيمته في المنطقة الغربية، ولا أعتقد
أن هذه اللجنة ستحقق نجاحا كبيرا على مستوى وقف دائم لإطلاق النار، فلننتظر ونرى خلال
الفترة القادمة.
إلى أي مدى أنت متفائل بالتوصل إلى تسوية تنهي الانقسام السياسي والمؤسساتي المستمر في ليبيا واختيار السلطة التنفيذية؟
الموضوع ليس مرتبط بتفاؤل وتشاؤم؛ فالمحدد الرئيس -
بحسب وجهة نظري – للبدء في إنهاء الأزمة الليبية هو إجراء الانتخابات في 2021، ولو
لم تجر الانتخابات – لا قدر الله – فإن الانقسام سيزداد، والانهيار الاقتصادي سيتفاقم
وسيصعب تداركه، لذا فإن نقطة التحول الرئيسية في مسار الأزمة الليبية هي إجراء
انتخابات لإحدى المؤسسات خلال العام الجاري، وعدم الرضوخ للابتزازات أو التلاعب أو
المماطلة من بعض الأطراف التي تريد البقاء في المشهد السياسي دون مراعاة العواقب
الكارثية وخاصة في الوضع الاقتصادي الذي لم يعد يحتمل بقاء الانقسام لمدة أطول من
ذلك.
إلى أين تتجه الأوضاع في المستقبل؟ وما مدى تأثرها بمصالح الدول الخارجية في ليبيا؟
من الطبيعي أن مصالح بعض الدول - وخاصة التي تستعمل
حفتر، والتي لديها أهداف تتجاوز الوضع في ليبيا منها أهداف إقليمية - عامل كبير في
عرقلة جهود التسوية، وأعتقد أن تولي الإدارة الأمريكية الجديدة يوم 20 كانون
الثاني/ يناير الجاري سيكون له تأثير على الوضع الإقليمي، ونأمل أن يكون ذلك التأثير
إيجابي في ظل الإعداد للانتخابات، وأن تساعدنا الحكومة الأمريكية الجديدة في إجراء
الانتخابات الليبية في عام 2021، وأعتقد أن ذلك سيكون له أثر كبير في التوصل إلى تسويات
وإلى استقرار - ولو مرحلي - يمكننا من تجاوز كل هذه المآسي والعواقب التي نعانيها
اليوم.