ملفات وتقارير

نواب يريدون تحصين الجزائر من خطر التطبيع

تأتي هذه الخطوات كردّ فعل على ما جرى في عدة دول عربية سارت في ركب التطبيع خصوصا المغرب- الأناضول
تأتي هذه الخطوات كردّ فعل على ما جرى في عدة دول عربية سارت في ركب التطبيع خصوصا المغرب- الأناضول

تحرّك نواب على مستوى البرلمان الجزائري، لاقتراح قوانين تحصن الدولة من الوقوع في "خطيئة" التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، حتى وإن كان الموقف العام للبلاد يبدو بعيدا عن هذا الاحتمال.

وطرحت في الأيام الأخيرة، عدة صيغ لمشاريع قوانين تدور كلها حول تجريم التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وذلك من نواب ينتمون إلى اتجاهات سياسية وأيديولوجية مختلفة، ما يعكس توافقا واسعا حول هذه المسألة.

وتأتي هذه الخطوات، كردّ فعل على ما جرى في عدة دول عربية سارت في ركب التطبيع، وعلى رأسها المملكة المغربية التي تسبّب قرارها في صدمة لبعض التيارات السياسية خاصة من الإسلاميين.

وتعتبر مسألة التطبيع في خضم الموجة الحالية مفصولا فيها، من ناحية أن الرئيس عبد المجيد تبون كان قد صرّح تعقيبا على قرار الإمارات العربية المتحدة، بأن بلاده لن تبارك الهرولة نحو التطبيع ولن تمضي فيها.

ويوجد إجماع داخل الجزائر، على دعم الموقف الرسمي للبلاد في قضية فلسطين تحديدا من قبل أغلب المكونات السياسية، على الرغم من الخلاف الشديد حول السياسة الداخلية التي تنتهجها السلطة.

وصدرت مواقف متقاربة، في حالة إجماع نادرة داخل المعارضة، بين كبرى الأحزاب الإسلامية مثل حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية وأحزاب يسارية على غرار جبهة القوى الاشتراكية وحزب العمال.

وتنسجم هذه المواقف مع الرأي العام الوطني في الجزائر شديد الحساسية من مسألة التطبيع، والذي يعتبر إسرائيل "كيانا غاصبا ومحتلا مزروعا في جسد الأمة العربية".

قانون لتجريم التطبيع

وفي أولى المبادرات، طرح النائب عن حركة مجتمع السلم، يوسف عجيسة، على زملائه في البرلمان فكرة سن قانون لتجريم التطبيع بكل أشكاله الدبلوماسية والثقافية والاقتصادية من أجل قطع أي منفذ يمكن أن يدخل منه التطبيع.

ويعتقد نواب حركة مجتمع السلم أن الحديث عن التطبيع في الجزائر لا يزال مجرد تأكيدات لمواقف تاريخية وتقليدية للجزائر، "ويجب أن يرتقي إلى أفعال سيادية، ومنها سنّ قانون لتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني".

وغيّرت الصفقة المغربية الأخيرة النظرة لإسرئيل، فلم يعد ذلك العدو البعيد عن الحدود، بل أصبح تهديدا أمنيا للجزائر، كما قال الوزير الأول عبد العزيز جراد في تصريحاته الأخيرة.

وفي مبررات طرح فكرة مشروع القانون، قال ناصر حمدادوش رئيس الكتلة البرلمانية السابق لحركة مجتمع السلم، إن "هذه الهرولة نحو التطبيع وهذه الجرأة من الأنظمة العربية عليه يجعلنا نخاف من امتداده إلينا، وهو ما يفرض علينا المبادرة بممارسة السيادة على التشريع الوطني بتجريم هذا التطبيع بكلّ أشكاله، كخطوة استباقية".

وأوضح حمدادوش في تصريح لـ"عربي21" أن الأصل هو "أن يكون هذا قانون مشروع دولة وقضية دولة وقرار دولة، فهو يتجاوز الأبعاد الحزبية والأيديولوجية، لأن هذه القضية هي قضية مبدئية ومصيرية تعني الجميع وليس حزبا بعينه أو مؤسسة بعينها، فهو يترجم الإرادة السياسية العليا للدولة".

ويلح النائب على أن نجاح الجزائر في استصدار هذا القانون، يتطلب الإرادة السياسية العليا للدولة بكل مؤسساتها، بالنظر إلى أزمة الشرعية في البرلمان وافتقاده السيادة في التشريع التي تحتكرها الحكومة.

قانون لمنع الترويج للتطبيع


وتلت خطوة حركة مجتمع السلم، مبادرة ثانية من نائب في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني أكبر أحزاب الموالاة في البلاد، تقترح تعديلا في قانون العقوبات لتجريم الترويج للتطبيع.

وينص مقترح القانون الذي تقدمت به النائبة أميرة سليم، في مادته الأولى على أنه "يُمنع منعا باتا على كل شخص أو جهة الترويج لخطاب التطبيع مع الكيان الصهيوني عبر وسائل الإعلام الرسمية أو الخاصة، وتتولى سلطة الضبط متابعة عملية مراقبة تطبيق هذه المادة عبر تقنيات الرقابة التي تملكها طبقا للقانون".

ويعطي هذا الاقتراح الحق للنيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية بناء على شكوى أو تلقائيا، ضد كل إعلامي أو مشتغل في قطاع الإعلام من كل الأصناف التقنية أو الإدارية، يقوم بالترويج للتطبيع مع الإحالة على القضاء للتحقيق والفصل في ما يقتضيه الفعل محل المتابعة.

‎وتُكيّف الدعوة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وفق النص، على أساس جنحة مساس بوحدة الأمة ويُعاقب عليها قانونا بالحبس من 3 سنوات إلى 10 سنوات بالنسبة للأشخاص الطبيعية وبالغلق أو سحب الاعتماد بالنسبة للمؤسسات والجمعيات.

"بحث عن شو إعلامي"

ويؤكد المحامي والقانوني، عبد الرحمن صالح، أن النواب من الناحية التشريعية يمكنهم التقدم باقتراح مشروع قانون، مع إحالته على الحكومة لإبداء الملاحظات إن وجدت ثم يمر على التصويت.

لكن صالح في تصريحه لـ"عربي21"، يعتقد أن بعض اقتراحات مشاريع القوانين المتعلقة بالتطبيع، هدفها في الأصل تحقيق "شو إعلامي"، نظرا لمعرفة النواب أن هذه المسائل تتحكم فيها السلطات العليا.

وأوضح صالح أن "هناك نوابا يحاولون عبر ركوب موجة هذه المواضيع التي تحظى بتأييد الشارع، شراء عذرية جديدة للتخلص من الصورة التي التصقت بهم بعد تأييدهم للعهدة الخامسة للرئيس السابق".

وتنص المادة 136 من الدستور الجزائري، أن اقتراحات القوانين تكون قابلة للمناقشة، إذا قدّمها عشرون نائبا أو عشرون عضوا في مجلس الأمة وتودع معظم مشاريع القوانين على مستوى مكتب البرلمان.

وسبق لمكتب البرلمان أن جمّد على مستواه عدة مشاريع قوانين، أهمها المشروع المتعلق بتجريم الاستعمار الفرنسي، والذي لم يتمكن النواب من استصداره على الرغم من تأييد أغلبية واسعة للقانون.

 

اقرأ أيضا: نائبة جزائرية تدعو لتجريم التطبيع والترويج لإسرائيل

التعليقات (0)