هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف أحد قضاة التحقيق
في القضية الشهيرة إعلاميا بمصر، باسم "التمويل الأجنبي" عن تفاصيل وخفايا هامة تكشف لأول مرة في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، حول القضية
التي تم إحالة جزء منها إلى القضاء بالفعل وتم تبرئة المتهمين فيها، وحفظ
التحقيقات في جزء آخر لعدم وجود أدلة.
خفايا القضية التي كشفها قاضي التحقيق هي ما يتعلق بالخرائط المضبوطة في إحدى المنظمات الأجنبية، وهي
"المعهد الجمهوري الدولي" بمنطقة الدقي بمحافظة الجيزة، والتي قيل إنها
تسعى لنشر الفوضى وتقسيم مصر إلى 4 دول صغرى، وأنه عندما تم ضبطها وجدت خريطة للدولة
المصرية عليها تدخل "يدوي" بقلم أحمر اللون.
وأضاف قاضي التحقيق، لـ"عربي21" رافضا الكشف عن هويته، أنه تم إرسال الخريطة إلى "هيئة المساحة الجغرافية" بمصر لتضع تقريرها
بخصوصها، والتي جاء فيه أن هذا التعديل اليدوي يقسم مصر إلى 4 دول، بخلاف تعديل
لحدود مصر الجنوبية، موضحا أن هذه الخرائط هي خرائط "عادية" لمصر يمكن اقتناؤها.
وأكد على أنه لم يعثر
على تقارير تدعو إلى تقسيم مصر باستثناء الخريطة المعدلة يدويا، وأنها ليست محل
جريمة أو اتهام، خاصة أنه تمت مواجهة المتهمين بتلك المنظمة بالخريطة فأنكروا
جميعا علمهم بأي شيء عن هذا التعديل أو التقسيم الموجود بها، وأكدوا أنها خريطة
عادية ومتداولة.
وشدد قاضي التحقيق على
أن مصطلح "مخطط تقسيم مصر" هو مصطلح إعلامي روج من قبل إعلام النظام
الذي سيطر عليه في ذلك الوقت المجلس العسكري الذي كان يدير البلاد عقب سقوط نظام
حسني مبارك، وأن هذه التهمة لم توجه لأي من المتهمين، وذلك لانتفاء القصد من الخريطة
وعدم تحقيقه وهو تعديل الحدود والتقسيم، وبالتالي لا يمكن توجيه مثل هذا الاتهام
لهم.
وأضاف قاضي التحقيق،
بشأن خبايا القضية، حيث أكد أن المنظمات الأجنبية الخمس التي كانت متورطة في
القضية لم تتمكن من الحصول علي تراخيص تقنن أوضاعها داخل مصر، وذلك حتى تظل
"خاضعة تحت سيطرة وهيمنة الأجهزة الأمنية والمخابراتية".
وتابع: "مع
السماح لها على استحياء بالتعامل مع منظمات المجتمع المدني الأخرى في داخل مصر،
وكانت حجة رفض التراخيص والسبب الرئيسي فيه، هو أن هيئة الأمن القومي المصرية كانت
ترفض منح تلك التراخيص للمنظمات لتعمل بشكل رسمي، وذلك وفقا لتقرير هيئة الأمن
القومي الرسمي الذي تلقته هيئة التحقيق المنتدبة في القضية".
وأوضح قاضي التحقيق أن
المنظمات الأجنبية تقدمت بطلب ترخيص مرة واحدة، في عام 2005 أي في عهد الرئيس
الراحل حسني مبارك، وتم رفضه من قبل هيئة الأمن القومي المصرية.
وأضاف أنه بعد ثورة 25
يناير 2011 ونجاحها، تقدمت المنظمات المتهمة بطلب لوزير الخارجية وقتها نبيل
العربي وقابله بالرفض، كما تم تقديم طلب آخر لوزير الخارجية محمد العربي وقتها
وقوبل أيضا بالرفض، فما كان من تلك المؤسسات إلا أن قامت بزيادة مقارها داخل مصر
لأكثر من 20 مقرا، نظرا لأن المناخ السياسي كان يتطلب ذلك وقتها، وهو ما تم أيضا مع
عدد من منظمات المجتمع المدني المحلية التي تعمل داخل مصر.
كما كشف قاضي التحقيق
في القضية، عن مفاجأة بأوراق القضية التي تولى التحقيق فيها ومجريات
التحقيقات، وهي أن المنظمات الأجنبية الخمس التي كانت متورطة في القضية، كانت
تنفق جزءا كبيرا من الدعم المالي الخارجي التي كانت تتحصل عليه، على الحزب الوطني
المنحل، وهو الحزب الحاكم في ذلك الوقت، وذلك قبل اندلاع ثورة 25 يناير.
وأضاف أن الحزب الوطني
المنحل، كان يتلقى تدريبات وتمويلات تلك المنظمات الأجنبية بشكل رسمي، وأنه كان
يتم تدبير جزء من هذه الأموال من قبل وزارة الخارجية الأمريكية، وجزء آخر يتم استقطاعه من أموال المعونة الأمريكية إلى مصر.
وفي سياق متصل، علق
المستشار شريف الأنصاري الرئيس السابق بمحكمة استئناف القاهرة، على القضية في
تصريحات خاصة لـ "عربي21"، بأنه كان مطلعا عليها بحكم أن قضاة التحقيق
كانوا منتدبين من محكمة استئناف القاهرة للتحقيق فيها.
وأوضح أن التحقيقات في
القضية، جرت بناء على ما أسفرت عنه لجنة تقصي الحقائق برئاسة المستشار عمر الشريف
مساعد وزير العدل لشؤون التشريع وقتها، وقد تم انتداب اثنين من القضاة للتحقيق
وقتها من قبل محكمة استئناف القاهرة، وهما المستشار أشرف العشماوي، والمستشار سامح
أبوزيد، وهما أول قاضيين حققا في القضية قبل إنهاء ندبهما واستبدالهما بآخرين.
وقد تم طلب التحريات
من جهاز المخابرات العامة، وجهاز الأمن الوطني، وهيئة الأمن القومي، ووزارات
الداخلية والخارجية والتعاون الدولي والشؤون الاجتماعية، حيث أعدت كل جهة من هذه
الجهات التقرير الخاص بها حول القضية، وأرسلته إلى هيئة التحقيق المنتدبة.
وأكد
"الأنصاري" أنه كان واضحا من مجريات التقارير الأمنية والمخابراتية، أن
القضية ذات بعد سياسي، وهو ما أكدته الأيام بعد ذلك، وأن الغرض منها هو تشويه عمل
تلك المنظمات، وإلصاق التهم بها، للتضييق عليها وتشويه صورتها على المستوى الداخلي
المصري.
وأضاف أنه بالنسبة
لجزئية "مخطط تقسيم مصر" فإنه لم يرد فيه أي اتهام وجه إلى القائمين على
تلك المنظمات، وأنه حتى في جزء القضية الذي أحيل للمحاكمة وحصل المتهمون فيه على
البراءة، لم ترد تلك التهمة من الأساس، وأنه ثبت بالدليل القاطع أن الخرائط كانت
مجرد "مزاعم" و"ادعاءات" من قبل الأجهزة الأمنية، وهو ما دفع
جهات التحقيق إلى عدم توجيه ذلك الاتهام.
وأوضح
"الأنصاري" أن المنظمات الأجنبية لم تتمكن من الحصول على تراخيص تقنن
أوضاعها داخل مصر، وذلك حتى تظل خاضعة تحت سيطرة وهيمنة الأجهزة الأمنية
والمخابراتية المصرية، مع السماح لها "على استحياء" بالتعامل مع منظمات
المجتمع المدني الأخرى في مصر.
وأضاف أن تلك المساحة
من التعامل كانت لدعم مخطط التوريث وقتها والإتيان بـ "جمال مبارك" نجل
الرئيس الراحل حسني مبارك، وكان كل ذلك يحدث تحت مظلة الحزب الوطني المنحل الذي
كان يتلقى تدريبات وأموالا في هذا الشأن.
وكان "التمويل الأجنبي"، قضية اتهم فيها القضاء المصري 43 ناشطا ضمن المجتمع المدني من مصر والولايات المتحدة وألمانيا والنرويج ولبنان وفلسطين، بإنشاء جمعيات أهلية دون ترخيص وبالحصول على تمويل أجنبي دون ترخيص.