سياسة دولية

"إس غلوبال": 10 قضايا ستحتل جدول الأعمال الدولي في 2021

الجائحة وما يرتبط بها تشكل محورا رئيسيا في جل القضايا الرئيسية- الأناضول
الجائحة وما يرتبط بها تشكل محورا رئيسيا في جل القضايا الرئيسية- الأناضول

نشرت صحيفة "إس غلوبال" الإسبانية تقريرا سلطت فيه الضوء على تداعيات الأزمات العالمية لسنة 2020، التي خلفت حيرة وارتباكا وحالة من عدم اليقين على جميع الأصعدة، والتي تلقي بظلالها على أجندة العام المقبل.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن سنة 2021 ستكون حاسمة في اتخاذ القرارات الفردية والجماعية على حد سواء، وسيشهد العالم خلالها منعطفا حرجا ينطوي على العديد من المخاطر، ولكنه لا يخلو من الفرص أيضا.

 

ويحتل سؤال واحد موقعا مركزيا في إطار استشراف ما سيكون عليه الحال العام المقبل، وهو: هل من الممكن العودة إلى الحالة الطبيعية بعد جائحة كوفيد-19؟

 

وفي هذا الإطار، سلطت الصحيفة الضوء على 10 قضايا، اعتبرت أنها ستحتل جدول الأعمال العالمي في 2021.


النظام الدولي: تعاون أم صراع؟

أشارت الصحيفة إلى أن الوباء كشف عن الاختلالات التي تعاني منها الحوكمة العالمية، حيث استغرقت موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على إعلان فيروس كورونا جائحة عالمية حوالي ثلاثة أشهر من المشاورات في وقت وصل فيه عدد حالات الإصابة المؤكدة إلى 10 ملايين.

وولّد إعلان حالة الطوارئ الصحية استجابات متناقضة. فمن ناحية أعاد تنشيط ردود الفعل التعاونية بالنظر إلى أن الوباء من التحديات التي لا يمكن مواجهتها إلا بتكاتف الجهود العالمية. وبحلول سنة 2021، ستكون ثمرة هذا التعاون إطلاق حملات التطعيم في البلدان النامية من خلال مبادرات مثل "كوفاكس".

 

ومن ناحية أخرى، أنتجت حالة الطوارئ ردود فعل حمائية وأعطت منظورا جديدا للمنافسة الجيوسياسية القائمة بين القوى العالمية والإقليمية.


وأكدت الصحيفة أننا لن نتحدث في سنة 2021 عن دبلوماسية القناع بل عن الجغرافيا السياسية للقاح. ومن بين التداعيات الأخرى لحالة الطوارئ الصحية تفاقم الأزمات الإنسانية بسبب زيادة الفقر وانخفاض المساعدات الدولية والصعوبات اللوجستية.

جو بايدن: إصلاحات أم إعادة توجيه؟

سيستلم جو بايدن يوم 20 كانون الثاني/ يناير 2021 مهامه الرئاسية رسميا. وسيثير تنصيبه ثلاثة تساؤلات كبرى داخل الولايات المتحدة وخارجها: هل من الممكن وضع حد للاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة؟ هل هُزمت الترامبية أم أنها تعيد توحيد صفوفها؟ هل تطمح الإدارة الجديدة إلى إصلاح الوضع أو إعادة توجيه مسار الولايات المتحدة باعتبارها القوة الرئيسية في النظام العالمي؟

وأفادت الصحيفة بأن جهود الإصلاح ستصبح مرئية للعموم مع الالتزام بالتعددية والعودة إلى الدبلوماسية واستعادة جدول الأعمال المعياري للدولة الديمقراطية.

 

وسنشهد أيضا عمليات إعادة توجيه، في ظل التغيرات الداخلية والتوازن الجديد بين القوى العالمية، ولن يكون بايدن أقل حزما من ترامب في الدفاع عن مصالح بلاده ضد الصين، ولعل الفرق الوحيد بينهما هو أن بايدن سيكون أكثر نشاطا في البحث عن تحالفات جديدة لمواجهة هذا التحدي.

العمل على مسألة تغير المناخ: تأجيل أم تعجيل؟

أشارت الصحيفة إلى أن الوباء أعطانا لمحة عن الأزمات المستقبلية وذكرنا بقصور الاستراتيجيات الاستباقية، فقد ولّد الوباء شعورا بالضعف المشترك وأظهر أنه يمكن تغيير مختلف الأنماط الحياتية بما في ذلك السلوك الاستهلاكي والتنقل في الظروف الاستثنائية.

 

ولكن هذا الوباء أدى إلى تراكم المزيد من النفايات وعرقلة تنفيذ بعض خطط التحفيز ذات الصلة بتغير المناخ، باستثناء "الصفقة الخضراء" للاتحاد الأوروبي.

من أبرز الفعاليات الدولية المتعلقة بمسألة تغير المناخ التي من المنتظر أن تعقد هذه السنة، مؤتمر غلاسكو في تشرين الثاني/ نوفمبر لسنة 2021، الذي سيسجل عودة الولايات المتحدة إلى مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.

 

كما ظهرت في الآونة الأخيرة تقنيات جديدة يعلق عليها العالم أملا كبيرا للحد من انبعاثات الكربون، على غرار الهيدروجين الأخضر، وسيدور الكثير من الحديث حولها خلال العام المقبل.

التعافي: كلي أم جزئي؟

من المتوقع أن يبدأ الاقتصاد العالمي في الانتعاش بحلول سنة 2021، ولكن هذا الانتعاش سيكون هشا، بحسب الصحيفة.

 

وبما أن تأثير الوباء كان متفاوتا، فإن درجة التعافي ستكون كذلك أيضا. ففي حين أن بعض البلدان والقطاعات والأفراد سيكونون قادرين على العودة تدريجيا إلى المستوى الذي كانوا عليه قبل الجائحة والاستفادة من خطط التحفيز واعتماد طريقة جديدة للإنتاج وتحفيز الاستهلاك، ستتواصل معاناة بلدان أخرى حيث سيكون الانتعاش ضعيفا جدا أو منعدما.

 

اقرأ أيضا: كم ستجني "فايزر-بيونتيك" من لقاح كورونا؟.. "أرباح خيالية"

نمط الحياة: العودة إلى الوضع الطبيعي أم التأقلم مع الوضع الجديد؟

على الصعيد الدولي، يمثل الاقتصاد السحابي أحد أكبر المشكلات، حيث ستكون المنافسة شرسة بين الشركات الكبرى التي تسعى للاستحواذ على جزء من أعمال تخزين البيانات، وسوف يعزز ذلك الجدل حول السيادة الرقمية، ويزيد من هشاشة الأنظمة الرقمية أمام الهجمات الإلكترونية والتجسس الصناعي.

وخلال النصف الثاني من سنة 2021، تتوقع الصحيفة أن التغييرات التي ستظهرها مؤشرات رحلات العمل أو المعارض الكبيرة أو الفعاليات الرياضية ستحدد ما إذا كان نمط الحياة متجها نحو العودة إلى حالته الطبيعية.

 

وبالنسبة للسياحة، التي تعد من أكثر القطاعات تضررا، سيتم خلال 2021 مناقشة الحاجة إلى مراجعة بعض النماذج، لكن القلق سيزداد أيضا بشأن وضع الدول التي تعتمد إلى حد كبير على عائدات هذا القطاع، على غرار تايلاند أو دول حوض البحر الأبيض المتوسط أو منطقة البحر الكاريبي.

عمالقة التكنولوجيا: بين التوسع والوقوع في فخ الرقابة والمساءلة

أكدت الصحيفة أن الرقمنة تمثل توجها عالميا لا يمكن التخلي عنه، وقد تسارع نسق نموها في سنة 2020. وبحلول سنة 2021، سيستمر عمالقة التكنولوجيا على غرار غوغل وأمازون وفيسبوك وآبل ومايكروسوفت، في التمتع بمكانة مهيمنة في العالم، وأما عمليات النمو الأسرع فستشهدها الشركات الصينية المنافسة والشركات الناشئة الجديدة.

 

لكن عملية التوسع الرقمي تنطوي على التعرض للمزيد من المساءلة من قبل الرأي العام والحكومات. وينتظر عمالقة التكنولوجيا في سنة 2021 أن تفرض عليهم المزيد من الرقابة من خلال ثلاثة مجالات رئيسية: الضرائب والمنافسة والسيادة.

وقد تناقش الأجندة الرقمية في إطار اتفاق عابر للمحيط الأطلسي، ولكنها من المحتمل أن تكون أيضا مصدر خلاف عالمي. وبالنسبة للصين، ستكون المنافسة على أشدها خاصة مع خطط توسيع نطاق استخدام اليوان الرقمي، الذي يعد من العملات المشفرة الأقل تقلبًا والمدعومة من قبل البنك المركزي.

المدن: أكثر ملاءمة للعيش أم متفاوتة؟

أشارت الصحيفة إلى أن جائحة كوفيد-19 كشفت قصور نماذج المدن. لهذا السبب، تطالب السلطات المحلية والحركات الاجتماعية بجعل المدن أكثر ملاءمة للعيش، حيث تتوفر خدمات صحية ووسائل نقل فردية وجماعية أكثر استدامة. وفي العديد من البلدان، عزز الوباء نزعة الابتكار الاجتماعي (كما حدث بعد أزمة 2008)، وضاعف مبادرات التضامن وجهود المجتمع ودول الجوار.

ومع ذلك، يمكن أن تظهر أيضا مخاطر جديدة مثل الاضطرابات الاجتماعية نتيجة تعمّق الهوة بين المدن. ففي سياق ما بعد الجائحة، اتسعت الفجوة الرقمية وعدم المساواة بين المناطق الحضرية ومناطق الظل، وهو ما ستترتب عليه إشكالات أكبر.

المهاجرون: هل يشكلون جزءًا من الصحة العامة أم الصحة الوطنية؟

في ما يتعلق بالهجرة الدولية، لن تختلف سنة 2021 كثيرا عن هذه السنة، سواء من حيث سوء إدارة هذا الملف أو السياسات اللاإنسانية التي تفتقر للرؤية الثاقبة، أو أزمات الهجرة المتفرقة أو بطء التعامل مع مطالب اللجوء والإقامة ناهيك عن غياب الحقوق.

 

ويضاف إلى ذلك، بحسب الصحيفة، غياب سياسة واضحة تهدف إلى تحسين ظروف المقيمين الأجانب سواء كانوا في وضع قانوني أو غير قانوني.

ومع تفشي الوباء، يزداد عدد الجهات التي تشغل المهاجرين في أعمال مثل التنظيف وتقديم الرعاية وتوصيل الطلبات للمنازل وأصحاب المتاجر أو العمل الموسمي في القطاع الزراعي. ولكن السؤال المطروح: هل سيترجم هذا الأمر إلى سياسات أكثر شمولا؟

 

ومن ناحية أخرى، لا يزال النقاش مستمرا حول المخاطر التي تتعرض لها الصحة العامة من خلال إقصاء جزء من السكان وعلى رأسهم المهاجرون، وهي معضلة ستصبح أكثر وضوحا بانطلاق عمليات التطعيم في سنة 2021.

انعدام الرفاهية: مشكلة فردية أم جماعية؟

لقد انقضت عشر سنوات على الربيع العربي والأفريقي وعلى احتجاجات إسبانيا. وفي لحظة تأمل، علينا أن نقيّم أداء الحكومات طيلة هذه السنوات في إصلاح المشاكل التي أدت إلى اندلاع هذه الثروات في المقام الأول، وفق الصحيفة.

 

وهذه الأسباب، بحسب التقرير، هي نفسها التي دفعت العديد من الشعوب في سنة 2019 إلى الاحتجاج من هونغ كونغ إلى أمريكا اللاتينية، مرورا بالعراق والجزائر ولبنان.

الاتحاد الأوروبي: بين التفكك والوحدة؟

أوضحت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي حاليا في مفترق طرق، إما الحفاظ على جوهره وهويته وسبب وجوده باعتباره اتحادا للديمقراطية ورمزا للحقوق والعدالة الاجتماعية وحرية التنقل؛ أو التطور من خلال تغيير هيكله ومحاولة التأثير على البلدان المجاورة وحتى على النظام الدولي.

وأضافت الصحيفة أن الوباء أعطى زخما للخطة الخضراء وأجندة الرقمنة. وبين الحفاظ على جوهره أو التطور لمواكبة تطلعات الدول الأعضاء، يواجه الاتحاد الأوروبي تحديين آخرين: التركيز على الانتعاش الاقتصادي والاستقلال الاستراتيجي.

 

ووفق الصحيفة، فإن المشروع والإرادة موجودان لكن ما يثير الشكوك هو القدرة على تطبيق هذه الوعود بسبب الحصار الداخلي وخطر زعزعة استقرار دول الجوار والعلاقات المعقدة مع ثلاث قوى أوروبية أخرى: تركيا وروسيا والمملكة المتحدة.

التعليقات (0)