هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تلوح بالأفق مؤشرات على مواجهة محتملة بين الحكومة الأردنية ومجلس النواب الجديد، على خلفية ملف استيراد الغاز الطبيعي من الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب تقرير لوكالة "الأناضول"، فإن السجال بين الحكومة والبرلمان حول اتفاقية الغاز، الموقعة مع الاحتلال عام 2016، لم ينته بعد، رغم دخولها حيز التنفيذ مطلع العام الجاري، وذلك جراء إجراء انتخابات تشريعية في المملكة، الشهر الماضي.
وتنص الاتفاقية الموقعة عام 2016، على تزويد إسرائيل للأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز، على مدار 15 عاما، اعتبار من كانون الثاني/ يناير 2020.
في آذار/ مارس 2019، اتخذ مجلس النواب قرارا بالإجماع برفض اتفاقية الغاز، إلا أن المحكمة الدستورية أصدرت قرارا حينها، بأن الاتفاقية "لا تتطلب موافقة مجلس الأمة (البرلمان بشقيه)"؛ لأنها موقعة بين شركتين وليس حكومتين.
وجرى توقيع الاتفاقية بين شركة الكهرباء الوطنية الأردنية (حكومية) مع "نوبل إنيرجي" الأمريكية، المشغلة لحقل "ليفاثيان" للغاز الطبيعي.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2019، وقع 58 نائبا من أصل 130 مذكرة، تم التصويت عليها في مجلس النواب بالإجماع مطلع 2020، تلزم الحكومة بتقديم مشروع قانون يمنع استيراد الغاز من إسرائيل.
غير أن الحكومة لم تقدم هذا المشروع حتى اللحظة، وهو ما جعل مراقبين يتوقعون إثارة الموضوع مرة أخرى مع الانعقاد الجديد للمجلس.
وفي حال قدمت الحكومة مشروع القانون، فستتم مناقشته والاتفاق على صيغته وبنوده داخل البرلمان بشقيه، ثم التصويت عليه بالأغلبية، ليحال بعدها إلى عاهل البلاد، للمصادقة عليه قبل أن ينشر في الجريدة الرسمية ليصبح بذلك قانونا نافذا.
جدل قانوني
ونقلت "الأناضول" عن صالح العرموطي، عضو مجلس النواب، ورئيس كتلة الإصلاح التي يقودها الإسلاميون، قوله إن قرار المحكمة الدستورية بأن الاتفاقية لا تتطلب موافقة مجلس الأمة "غير ملزم".
وقال العرموطي: "من واجب الحكومة عرض مشروع القانون الذي يمنع استيراد الغاز من فلسطين المحتلة على المجلس؛ لمناقشته وإقراره، كما ينص عليه الدستور".
وتابع البرلماني الأردني وهو كذلك نقيب المحامين الأسبق: "لا مجال لتهميش دورنا التشريعي، الذي هو أساس عمل مجلسنا، وعلى الحكومة الالتزام بدورها المنصوص عليه دستوريا، وحفظ الأدوار دون تعدي أي سلطة على عمل الأخرى".
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: هكذا وثّق "الغاز" علاقتنا مع نظام السيسي
لا مبررات
بدوره، أكد خبير الطاقة مبارك الطهراوي في حديثه للأناضول أنه "من البداية ليس هناك أية مبررات لتوقيع هذه الاتفاقية مع إسرائيل، خاصة مع وجود الكثير من البدائل".
ويملك الأردن بدائل عن الاحتلال لاستيراد الغاز، ممثلة بالغاز المصري الذي بدأ ضخه التجريبي منذ الربع الأخير 2018 للمملكة، إضافة إلى الغاز العراقي والجزائري.
وبين الطهراوي أن "الظرف الإقليمي بشكل خاص والعالمي بشكل عام غير مستقر، وأي اتفاقيات طويلة الأمد في مثل هذه الظروف فيها مخاطرة عالية، وبالتالي فإننا لن نضمن التزام إسرائيل بتغيرات أسعار الغاز عالميا وتعديلها إذا ما تراجعت".
وأضاف: "هذه الاتفاقية لا تتماشى مع الهدف الرئيس لمعظم الاستراتيجيات الوطنية للطاقة، والتي تسعى لتحقيق أمن التزود بالطاقة، خاصة أن مشروع العطارات (قيد التجهيز جنوب البلاد) اقترب من إنتاج 480 ميغاواط/ ساعة من الكهرباء بواسطة الحرق المباشر للصخر الزيتي الأردني".
وتساءل الطهراوي: "إذا ما ارتفع سعر الغاز عما هو مدرج في الاتفاقية، وامتنعت إسرائيل عن تزويد الأردن بنفس السعر، فهل نستطيع أن نلزمها باستمرار الضخ؟".
واستدرك بالقول: "أستبعد حدوث أية مواجهة بين الحكومة والبرلمان بشأن الاتفاقية، لاسيما وأنها دخلت حيز التنفيذ وبدء الضخ التجريبي مطلع العام الجاري".
وأشار إلى أن "المجلس السابق لم يتمكن من فعل شيء إزاء الاتفاقية، وهذا أيضا ما أتوقعه من المجلس الجديد، خاصة أن التنصل من الاتفاقية سيؤدي إلى خسائر كبيرة للمملكة".
اتفاقية باطلة
وبدوره، الخبير في القانون الدولي أنيس قاسم أوضح للأناضول أن "هذه الاتفاقية باعتبارها مكفولة من الحكومة الأردنية، وشركة الكهرباء الوطنية مفلسة واقعيا وليس قانونيا، لأن الالتزامات المترتبة عليها تفوق أصولها المتاحة".
وأضاف: "لذا فإنه يجب أن تعرض الاتفاقية على مجلس الأمة (البرلمان بشقيه)؛ لأنها في النهاية سترتب التزامات على الحكومة الأردنية، والتي بدورها ستمررها للمواطنين"، في إشارة إلى تحويل تلك الالتزامات إلى ضرائب يتحملها المواطنون.
واعتبر قاسم أن رد المحكمة بشأن دستورية عرض الاتفاقية على المجلس "صحيح قانونا لسؤال خاطئ".
وبين أن السؤال "الخاطئ كان: هل الاتفاق بين شركتين خاصتين يحتاج إلى عرض الموضوع على مجلس الأمة؟ وكان الجواب لا".
وتابع: "لو كان السؤال أن الشركة (الكهرباء الوطنية) في حالة إفلاس واقعي، فهل مناط ذلك أن يعرض الاتفاق على مجلس الأمة أم لا؟ فلو كان هذا السؤال لكانت إجابة المحكمة الدستورية مختلفة في الغالب".
وانطلاقا من ذلك، فقد خلص الخبير الأردني إلى أن "اتفاقية الغاز مع إسرائيل باطلة، ومطلب إلغائها مشروع لمجلس النواب، لأنه يدرك خطورة ارتهان الأردن للضغط الإسرائيلي في أي معاملات مستقبلية".