عربى21
الإثنين، 18 يناير 2021 / 04 جمادى الآخرة 1442
    • الرئيسية

    • سياسة

    • اقتصاد

    • رياضة

    • مقالات

    • صحافة

    • أفكار

    • تركيا21

    • منوعات
      • مدونات عربي21

      • من هنا وهناك

      • عالم الفن

      • تكنولوجيا

      • صحة

      • ثقافة وأدب

      • فلسطين الأرض والهوية

    • lite
  • الرئيسية

  • سياسة

  • اقتصاد

  • رياضة

  • مقالات

  • صحافة

  • أفكار

  • تركيا21

  • منوعات
    • مدونات عربي21

    • من هنا وهناك

    • عالم الفن

    • تكنولوجيا

    • صحة

    • ثقافة وأدب

    • فلسطين الأرض والهوية

  • lite
آخر الأخبار
  • الاحتلال الإسرائيلي يشهد فقدان ثقة بجيشه.. لماذا؟
  • معاريف: ملك المغرب يشترط لزيارة "إسرائيل"
  • برشلونة يخسر لقب السوبر وميسي يخرج بالبطاقة الحمراء
  • حكومة الاحتلال تمنع منظمات من دخول المدارس العامة
  • الغارديان: "إسرائيل" والفصل العنصري.. نبوءة أم توصيف؟
  • AP: ترامب اعتاد تمزيق الوثائق.. وقلق خاص بشأنها الآن
  • إنتر ميلان يهزم يوفنتوس بثنائية ويوقف انتصاراته بالكالتشيو
  • عائض القرني يثير جدلا واسعا بوليمة باذخة.. هكذا رد (شاهد)
  • الأزهر: من يروج لزواج التجربة يخالف الدين من أجل الشهرة
  • منظمة "داون" تنشر تفاصيل جديدة عن اعتقال سلمان العودة
    الرئيسيةالرئيسية > ثقافة وأدب > ثقافة وأدب

    الذكرى المئوية لميلاد الخميسي.. قراءة في مُنجزه السينمائي

    محمد سالم عبادة
    # السبت، 14 نوفمبر 2020 06:18 ص بتوقيت غرينتش
    2
    الذكرى المئوية لميلاد الخميسي.. قراءة في مُنجزه السينمائي
    أرشيفية

         ربما هو قدَر متعددي المواهب أن يتوارى مُنجَزهم في كثير من الحقول الإبداعية التي عرَكوها. هكذا تشير إليهم المقولة الإنجليزية Jack of All Trades, Master of None (مَن يمارس الصنائع كلّها لا يتقِن أيَّها). والحقيقة أنّ في هذه المقولة ما فيها من تحامُل وحُكم مُسبق، ولعلّ الظرف التاريخي الذي يسجّل المرّة الأولى التي قِيلت فيها يُطلِعنا على مدى المغالطة الكامنة فيها، فقد كتبها الكاتب المسرحي الإنجليزي روبرت غرين في إشارة إلى شكسبير الممثّل وتجرُّؤه على الكتابة للمسرح، وتبيّن بعد مرور أكثر من أربعة قُرون أنّ شكسبير الممثل هو الكاتب المسرحي المِثال الذي يتطلّع إلى مُنجَزه كلّ من يُغريه المسرح إلى الآن.

    أما عبد الرحمن الخميسي فقد عرَك الشِّعر والقصّة والمسرحيّة وكتب السيناريو ومارس الإخراج السينمائي والتمثيل وألّف الموسيقى وعمِل كمُذيع وخاض ميدان الترجمة. والحقيقة أنّ تعدُّد مواهبه مشهودٌ له على نطاقٍ واسع، ومَن يقرأ الكتاب المجمَّع (عبد الرحمن الخميسي: الكلمة والموقف) الذي صدر عن مؤسسة ناصر للثقافة سنة 1975، يطّلع على شهادات بأقلام قامات كبيرة في عالَم النقد الأدبي والفني والشعراء والمثقفين في حق موهبة الخميسي وأوجهها المتعددة، وبين هذه القامات د.لويس عوض وكمال النجمي ومُعين بسيسو ود.محمد مندور ود.علي الراعي وكامل الشناوي وغيرهم. وفي هذا المقال القصير نطوف سريعًا بوجهٍ واحد من وجوه مُنجزه الإبداعي، فنتعرف إلى الخميسي كاتب السيناريو والمُخرج السينمائي.

    كتب الخميسي للسينما سبعة أفلام، هي أحلام الحب 1945، نجَف 1946، حسن ونعيمة 1959، الجزاء 1965، عائلات محترمة 1969، الحُب والثَّمن 1970 وزهرة البنفسج 1972. لم أُفلح في الاهتداء إلى تسجيل لأحلام الحب ونجف، ولذا فسأقصر الحديث هنا على الأفلام الخمسة الأخيرة.


    في (حسن ونعيمة) حوّل الخميسي قصة الحب المُجهَض التي انتهت بجريمة قتل في قرية تابعة لمركز بني مزار بالمنيا إلى سيناريو سعيد ينتصر فيه الحُبّ في النهاية رغم كيد الكائدين وشر المتربصين.


    يزعم بعض المقالات أنّ السبب الأصلي الذي رُفِضت من أجله خِطبة حسن المغنّواتي هو اختلاف الديانة، حيث كان مسلمًا بينما نعيمة مسيحية من قرية البهنسة ذات الأغلبية المسيحية. وإن صحّ هذا الزعم، فإنّ الخميسي يكون قد تصرّف تصرُّفًا آخر في الحكاية الأصلية بجَعل مهنة حسن سبب الرفض.

    وهناك تصرّف ثالث مهم، هو أن الفلم لم يَذكر مكان الأحداث صراحةً، وإن كانت الأزياء والغالب على اللهجة يقرّبان المكان من الدلتا، حتى إنّ قرية الدراكسة التابعة لمركز دكرنس قديمًا ومِنية النصر حاليًّا بمحافظة الدقهلية اعتُبِرَت مكان الأحداث في بعض الروايات.

    وفي رأيي أنّ التصرفات الثلاثة المذكورة لم تجئ اعتباطًا، فاعتماد النهاية السعيدة يغازل بالتأكيد أحلام الجمهور البسيط في تحقُّق الفردوس الأرضي الذي يُزاح فيه الشر وينتصر الخير، ويتجاوب بالتأكيد مع الفطرة البريئة التي كتب بها الخميسي السيناريو، وتغيير سبب رفض حسن من اختلاف الديانة إلى طبيعة المهنة يتجاوب مع نزعة الخميسي الاشتراكية الإنسانية من ناحية، حيث يتكرر مبرر (متولي) والد نعيمة للرفض "دا ما يمتلكش بوصة" في إشارة إلى الحواجز المجتمعية التي تخلقها الفروق الاقتصادية الطبَقية، ومن ناحيةٍ أخرى يتجاوب مع اعتزاز الخميسي بالفنّ ومَن يقررون احترافَه بغضّ النظر عن التبِعات الاقتصادية، وهو هَمٌّ سنجدُه عنده لاحِقًا في فِلم (الحب والثمَن). أمّا تجهيل مكان الفِلم فمَرَدُّه إلى حرص الخميسي على التعبير عن المجتمع الريفي المصري حيثما كان، والإفصاح عن الحال الإنسانية بدرجةٍ ما، لكن ربما مال باللهجة – أو مال بها المخرج هنري بركات – إلى لهجات الوجه البحري معبِّرًا عن حنينه إلى المنصورة التي قضى بها مراهقتَه وبداية شبابه، وإن لم تَسلَم اللهجة تمامًا من تأثيرات صعيديّة أتصور أنها قد نتَجَت عن قِلّة التدقيق اللهجي من صانع الفلم.

    أمّا في (الجزاء) فقد تناولَ النضال الوطني ضد الاحتلال البريطاني، وصدَّرَ الفلم بجملة مكتوبة تفيد أنّ هذه الأحداث قد وقعت في مصر قبل ثورة 1919، لكنّ سَير الأحداث يصلح ليكون مقتطَفًا من مدى زمني واسع يكاد يصل إلى مناوشات الفدائيين قُبَيل يوليو 1952، وهو أمر يعبّر في رأيي عن حرص الخميسي على أن يَخرج الفلم إنسانيًّا مصريًّا غير محصور بزمن محدد، فالفكرة الأساسية في (الجزاء) تتضح في لقطاته الأخيرة، حيث يُستشهد البطل (مصطفى/ رشوان توفيق) ويتسبب استشهاده في ثورة أهل منطقته على جنود الاحتلال، بينما يُطعَن الخائن (حامد/ حسين الشربيني) انتقامًا للشهيد، ثم تدوسه أقدام الناس في هروبهم من رصاص الإنجليز، وهكذا يَلقَى كُلٌّ من البطل والخائن جزاءه بأن يُنزِله الشعبُ المنزلةَ التي تليق به. أمّا النهاية السعيدة التي لا تخلو من سذاجة في (حسن ونعيمة) فقد تحوَّلَت هنا إلى مشهد موت الشخصيتين الأساسيتين في الفلم. ورغم أن الكلمة التي قرر الخميسي - كاتب الفلم ومُخرجه – أن يُنهي بها الفلم هي (البداية) لا (النهاية)، إلاّ أنّ الموت في ذلك المشهد محمَّل بالحزن حتى في موت الخائن، وذلك أنّ شخصيّة حامد/ حسين الشربيني في الفلم لا يمكن وصمُها بالشّر على طول الخط، فهو مُحامٍ شابّ طموح فخور بمنزلته الاجتماعية ويتوق للعمل الوطني، حتى إنه ينفّذ بالفعل العملية الفدائية الأولى ويُلقى القبض عليه، ثُمّ يُظهِر ضعفًا تحت وطأة التعذيب فيضغط عليه مستر جونز/ كنعان وصفي ويُغريه بإطلاق سراحه إن هو أرشدَ الاحتلال إلى أعضاء التنظيم مُجتمِعين. والشاهد أننا إزاء إنسان يحتدِم بالصراع النفسي بين الوفاء والخيانة، وتتنازعه الرغبة في الحرية والحرص على شرَف الكلمة، وفي لحظة ضعفٍ يحسم أمره للأسف لصالح الخيانة، ليكون جزاؤه مريرًا بالفعل.

     


    في (عائلات محترمة) الذي أخرجه الخميسي كذلك، تحرر فنانُنا من الهّمّ الوطني المباشِر الذي حرّكه لإنجاز فلم (الجزاء)، كما تحرر من النهايات السعيدة أو الآمِلَة كما في الفِلمين السابقين، فالفلم أقرب ما يكون إلى كاريكاتير سينمائي يتناول طبقة أغنياء المجتمع المصري آنّذاك، ويركّز بالتحديد على من يعيشون على ذكريات الثراء الإقطاعي الملَكي الفاحش، رغم أنه لا يصرّح بذلك. اختار الخميسي (عدلي كاسب) لتجسيد دور (شوكت بيه) وهو أقرب ما يكون إلى شخصية الغندور Dandy التي امتلأ بها الأدب الإنجليزي في نهاية القرن الثامن عشر، ولاسيّما أدب الغندور الحقيقي أوسكار وايلد، لكنه في الفِلم غندور يبيع تدريجيًّا ما تبقى من أرض آبائه الواسعة ليستطيع مجابهة نفقات البقاء ضمن صفوة المجتمع وفي قلب ما يكرر تسميتَه (العائلات المحترمة).

    ومما يكرّس الحالة الكاريكاتيرية للفِلم ذلك المسار القسريّ الذي اختاره الخميسي لكل امرأة شابة يُعوِزُها الفقر، فنوال/ مديحة كامل التي نهبَها صديق أبيها تتجه إلى الرقص في عُلَب الليل، وفاطمة الخادمة/ مديحة حمدي التي طردَتها مخدومتُها لا تجد ملجأً إلا الدعارة. كذلك لا يمكن أن تفوتنا حركة الكاميرا في بداية الفلم، في مشهد نهاري خارجي يدور في النادي، حيث تتبني الكاميرا وجهة نظر المنظار المقرِّب الذي يراقب به عجوزٌ مُتصابٍ أجسادَ الفتيات في حمّام السباحة، على خلفية صوت شوكت/ عدلي كاسب وهو يعدّد لتفيدة هانم مزايا النادي "مجال كويس قوي للعلاقات الأدبية بين الأعضاء، وكل اللي هنا بيتبادلوا الاحترام والأدب بمنتهى الأخلاق الكريمة. النادي بيدّيهم الفرصة الحرة لتذوق الثقافة بروح طيبة للغاية وبأسلوب رياضي تمام. أُمّال؟!"

    الخلاصة أنّ الخميسي السينارست والمخرج قرر في هذا الفلم أن يدُقّ ناقوس الخطر في آذان قطاع من المجتمع موشِك على الانهيار، وهو في هذا قرر ألا تُثنيه أية اعتبارات فنية عن الاستعانة بالأنماط الجاهزة الكاريكاتيرية للغندور التافه والفتاة اللعوب والخادمة الساذجة وغير هؤلاء.

     



    في (الحب والثمن) كان طرَفا الصراع هما الأغنياء والفقراء، لكن الفقراء هنا تمتعوا بصِفة خاصّة وهي أنهم فنانون. مثَّل الأغنياء أحمد مظهر في دور حسام بيه الذي لا يترك مليمًا لمؤجِّري الوحدات السكنية في عماراته ولو مرُّوا بضائقة مالية، ومحمود المليجي في دور عمّه الرزين المتفنن في إذلال أعدائه، ونادية الجندي في دور ابنة عمِّه – ونكتشف قُرب النهاية أنها ابنة زوجة عمِّه لا أكثر – المتهتّكة اللعوب. أما فقراء الفِلم فكانوا إبراهيم خان في دور المعماري العبقري أحمد زاهر الذي كلّفه حسام ببناء فيلا جديدةٍ له، وزيزي البدراوي في دور سوسن مدرّسة وعازفة البيانو التي يحاول حسام إذلالها ثم يتزوجها وتقع في غرام أحمد زاهر، وعبد الرحمن الخميسي نفسه، حيث جسّد دور والد سوسن الفنان التشكيلي الذي يتكسّب الكفاف مِن بيع لوحاته.

    ربما في هذا الفلم أكثرَ مِن غيره عبّر الخميسي عن غربة الفن ومأساة الفنان الحقيقي، فهو يكرر مقولته التي يضحك منها مع ابنته عن الأغنياء المتكبِّرين الذين لا يأبهون بالفنّ "ناس إزاز"، ويظهر حسام بيه في صورة الشخص الصُّلب الذي لا تهتز فيه إلا مشاعر الكراهية والانتقام. ولا يمكننا أن نتجاهلَ إشارةً سريعةً في الفلم إلى أنّ عائلةَ حسام بيه أثرَت حديثًا وأنّ أبناءها مُحدَثو نعمة رغم ادِّعائهم أصالة ثروتهم وشرف حسبِهم، وذلك في المشهد الذي يتباهى فيه محمود المليجي بأصله الزائف بينما يرُدّ الخميسي ردودًا ظاهرُها الموافقة وباطنها السخرية العميقة (في بداية الدقيقة 33 من هذا التسجيل)، وكأنه يجسّد الخميسي الحقيقي ساخرًا من مُحدَثي الثراء Noveau-Riche الذين لا يُطيقُهم المثقفون.

     


    وامتداداً للنهايات الحزينة التي بدأت مع (عائلات محترمة)، ينتهي الفلم بأن يقتُل حسام بيه غريمَه (أحمد زاهر/ إبراهيم خان). صحيح أن جَمعًا من عُمّال البناء يفلحون في الإمساك بحسام بيه، لكنّ هذا لا يبدو مؤثِّرًا تمامًا في ظِلّ ما نعرفه من سطوة حسام بيه صاحب اليد الطائلة، فقصة الحُبّ الواعدة انتهت وقلوب الفنانين الفقراء تحطمت معها.

     

    أخيرًا في (زهرة البنفسج) الذي ختم به الخميسي مشواره السينمائي كتابةً وإخراجًا، يراهن الخميسي مُجَدَّدًا على وجه جديد آنذاك هو محمد لطفي، ويمنحه البطولة المُطلقة للفلم أمام زبيدة ثروت، وهنا كذلك يجعل الوجه الجديد شابًّا بريئًا بشكلٍ ما، مسالمًا، يعرف من رحلته العلاجية في الخارج أنه يعيش أيامه الأخيرة، وفور عودته إلى مصر يتعرف إلى راقصة وممثلة شابة في حفل رأس السنة ويقع في غرامها لتتغير حياتُهما. الطريف أنّ الخميسي جعل البطل (كمال/ محمد لطفي) وصديقه (نصر/ عادل إمام) مُعيدَين بكليّة العُلوم، متخصصَين في (الذّرّة) بحسب زعم الفلم، لكننا لا نرى أية تفاصيل علمية لهذا التخصص، فالبطل يقترح ببساطة على صديقه في مكتب عميد الكلية أن يوجه أبحاثَه في الذرة لاستصلاح الأراضي، ويسأله عن رأيه في الفكرة! وفي مشهدٍ آخر، نرى عادل إمام ومحمد لطفي وهما يرُجّان زجاجيات المعمل ويتفحصانها من قريب في لقطة ساذجة. وربما لم يَستَفِد السيناريو من تفصيلة التخصص العلمي للبطل إلا بشكل عابر وسطحي في الحديث القصير بين حياة/ زبيدة ثروت وحبيبها، حين تُبدي دهشتها من تقارُب عالِم وفنانة، حيث العلماء يحسبون كل شيء بدِقّة بينما يتبع الفنانون عواطفهم.

    المهم أنّ موضوع الأسرة المبنية على خطأ يتكرر هنا بشكل واضح كما في (الحُب والثمن)، فنجد البطل متزوجًا سميحة/ مشيرة إسماعيل التي لا تهتم إلا بالفساتين والفُسَح، ولا أثر لأي تقارُب وجداني بينهما، لكن خلافًا لما نتوقعه من شكل أسرة البطل التقليدي المنتمي للطبقة الوسطى المصرية المحافظة، نجد الزوجة تخرج مع ابن عمها فايز/ يوسف شعبان دون إبداء أي تأفف من الزوج، وهو ما يبدو غريبًا بدرجة كبيرة في سياق الفلم رغم خلافات الزوجين.

    وكما انتهى (الحب والثمن) بموت البطل، ينتهي (زهرة البنفسج). لا نريد أن نُسرف في التأويل، وإن كان من المُغري أن نفترض أنّ لوفاة الفنانة (فاتن الشوباشي) إحدى زوجات الخميسي في ريعان شبابها في أبريل 1968 أثَرًا في المصير الذي كتبه لبطلَي فِلمَيه الأخيرين. ربما كان يُسقِط بعضًا من نفسه عليهما ليفتدي بالرجُلَين حبيبتيهما من الموت. لكنّ خيطًا آخر من الموت في الأفلام الخمسة يرشدنا إلى نتيجةٍ أعمق. وذلك أنّ الموت في نهاية (حسن ونعيمة) كان للعاشق المجذوب ابن صبيحة الذي جسّده (محمد توفيق)، مفتديًا البطل حسن. ثم انزاح الموت في (الجزاء) ليكون من نصيب الشهيد الذي بدأ الكفاح بموته في تعانُق رومانسي للحظتي الموت والحياة، وكذلك من نصيب الخائن جزاءً وِفاقًا لخيانته. حين قرر الخميسي أن يُخرج عملاً كوميديًّا يُخاطِب العقل من خلال أنماطٍ جاهزةٍ في (عائلات محترمة)، لم يَمُت أحدٌ، وإنما خَلَّدَ المزيَّفين في زيفهم وتفاهتهم، وألقى بالخادمة الفقيرة في بئر الدعارة، ليكون الموتُ رمزيًّا هنا، فهو سقوطٌ خُلُقيٌّ عامٌّ وليس موتًا جسديّا. في (الحُب والثمَن) نجد الموت من نصيب العاشق الفنان الذي لابُدّ أنّ الخميسي بثَّه قبسًا من رُوحِه وهو يصوغ شخصيتَه، وهو موتٌ يأتي راغمًا عبر فوهة بندقيّة الثريّ البغيض. هنا يبدأ الخميسي كتابة مرثيتِه بنفسه، حيث يجعل نفسه - مبثوثًا في بطلِه - شهيدًا للعشق ولثورة الفن الصادق. ولا تكتمل المرثية بحَقٍّ إلا في الفلم الأخير (زهرة البنفسج)، حيث البطل ليس فنّانًا، والموت يأتيه بملء إرادته مرتديًا ثيابَ المرض الذي لا بُرءَ منه. هكذا، لم يختم الخميسي رحلته السينمائية إلا وقد استسلمَ للموت نهايةً محتومةً، وسجَّلَ على شريط أفلامه علامات رحلته الرُّوحية من الرغبة في الخلود الجسديّ (حسن) إلى الخلود الروحي (مصطفى في الجزاء) إلى الإحساس بسقوط الجميع (عائلات محترمة) إلى رثاء ذات الفنّان العاشق (الحب والثمن)، وأخيرًا يقول لسان حاله في (زهرة البنفسج) في لغةٍ سينمائيّةٍ خافتةٍ "باطلُ الأباطيل الكلُّ باطلٌ وقبضُ الرِّيح".

    لم يكن هذا إلا تطوافًا سريعًا بعلامات رحلة الخميسي السينمائيّة كاتبًا ومُخرجًا وممثِّلا. وأظنُّ أن الرجُل جديرٌ بدراساتٍ مستفيضةٍ في مُنجزه السينمائي رغم قِصَرِه، ومئويّة ميلاده تبدو مناسِبَةً لإطلاق مبادراتٍ سينمائيّةٍ من الجهات المَعنيّة بالسينما، تشجّع النقّاد على الحفر في إرثِه الفريد.

    #

    سينما

    فن

    الخميسي

    #
    مسلسل "Modern Love".. بساطة السرد وعمق الفكرة

    مسلسل "Modern Love".. بساطة السرد وعمق الفكرة

    الأحد، 01 نوفمبر 2020 06:50 ص بتوقيت غرينتش
    #
    • تعليقات Facebook
    • تعليقات عربي21


    تحديث الصورة


      بواسطة: sandokan

      السبت، 14 نوفمبر 2020 08:56 ص

      ^^ حقول الموت ^^ شاهدت الفيلم منذ سنوات بعيدة و بقيت أتذكره للأصدقاء كفيلم شديد التميز و الإيلام حين تختفي فطرة الإنسان الطيبة السوية و يحل محلها التوحش و إنعدام الرحمة إنها حالة عمت أقطار الأرض جميعها حيث يقتل الإنسان أخيه الإنسان و لا يطرف له جفن .. إنه واقع مرير .. الصحفيون بدورهم الهام في كشف حقائق ما يجري معرضون أيضاً للقتل لأن القتلة لا يرغبون فيمن يوثق جرائمهم .. الفيلم نموذج راقي للفن النضيف يبعث رسالة للعالم أن كفوا عن القتل فالأرض شبعت دماً .. سأشاهده من جديد لمزيد من التأمل برغم التألم لكنه السعي وراء الحقيقة . the killing fields .. combodia

      بواسطة: سعيد

      السبت، 14 نوفمبر 2020 12:31 م

      مقال تحليلي ممتاز يذكرنا بالصحوة الأدبية في الستينيات وماقبلها قبل ذهاب اللغة وتدهور الكتابة الأدبية !

      لا يوجد المزيد من البيانات.

      الأكثر قراءة
      • MEE: كيف صعد وسقط زعيم "عصابة الجنس" في تركيا؟

        MEE: كيف صعد وسقط زعيم "عصابة الجنس" في تركيا؟

        صحافة
      • فلسطيني يروي تفاصيل 18 ساعة من التحقيق معه بالنمسا.. مروعة

        فلسطيني يروي تفاصيل 18 ساعة من التحقيق معه بالنمسا.. مروعة

        سياسة
      • مدرب المنتخب الفرنسي يصدم كريم بنزيمة بقرار جديد

        مدرب المنتخب الفرنسي يصدم كريم بنزيمة بقرار جديد

        رياضة
      • السيسي: تهديدنا بشأن سرت كان هدفه صون المسار السياسي

        السيسي: تهديدنا بشأن سرت كان هدفه صون المسار السياسي

        سياسة
      • تظاهرة مسلحة أمام كونغرس "أوستن" بولاية تكساس الأمريكية

        تظاهرة مسلحة أمام كونغرس "أوستن" بولاية تكساس الأمريكية

        سياسة
      الفيديو الأكثر مشاهدة
      #
      "ألف ليلة وليلة".. السيناريو الغائب "ألف ليلة وليلة".. السيناريو الغائب

      ثقافة وأدب

      "ألف ليلة وليلة".. السيناريو الغائب

      عند الانتهاء من قراءة كتاب (ألف ليلة وليلة) يتبادر إلى ذهن القارئ الحقيقة القائلة بأنه قد اشترك في تأليف هذا الكتاب أكثر من شخص، وتعاقب عليه أكثر من عصر؛ فإن صح القول بأن بداية تدوين الحكايات كانت في القرن الثالث الهجري، فإن القارئ سيجد حكايات لا يمكن تصنيفها زمنياً إلا في العصر العثماني..

      المزيد
      "أنا ممثلة ولست مطربة".. عن شادية وموهبتها وزميلاتها "أنا ممثلة ولست مطربة".. عن شادية وموهبتها وزميلاتها

      ثقافة وأدب

      "أنا ممثلة ولست مطربة".. عن شادية وموهبتها وزميلاتها

      يعرف جمهور الغناء العربي الفنانة المصرية شادية (1931- 2017)، بوصفها مطربة وممثلة. بينما يعرف جمهور الدراما العربية الفنانة السورية أمل عرفة بوصفها ممثلة ومطربة. لكنّ الفنانتين شادية وأمل عرفة لهما رأي آخر في التوصيف الذي تعارف عليه الجمهور..

      المزيد
      كيف نتعرف على الأديان الخفية؟ كيف نتعرف على الأديان الخفية؟

      ثقافة وأدب

      كيف نتعرف على الأديان الخفية؟

      يشهد الوطن العربي حالة من انتقال المقدس نحو الذات الإنسانية، والتي تعبر عن وعي الإنسان الحديث بنفسه وبقيمه ومبادئه..

      المزيد
      الرياضة بوصفِها هُوِيّة قوميّة الرياضة بوصفِها هُوِيّة قوميّة

      ثقافة وأدب

      الرياضة بوصفِها هُوِيّة قوميّة

      قطعًا لن يجتمع البرلمان المصري لاختيار رياضة قومية للبلاد، على الأقلّ في الوقت الراهن، فهناك مِن الأزمات التي تثقل كاهل الإنسان المصري ما هو أجدر بالمناقشة..

      المزيد
      صامولي شيلكه: صائد أحلام المصريين صامولي شيلكه: صائد أحلام المصريين

      ثقافة وأدب

      صامولي شيلكه: صائد أحلام المصريين

      رأيناهم على الشاشات يصرخون "والله العظيم تعبنا" بوجوه مكممة لا تخفي حزنهم وقلقهم بعدما طردوا من عملهم وأصبحوا عالقين بين ماض يتنكر لهم ومستقبل يرفضهم وأزمة اقتصادية يسببها فيروس لا ينبئ إلى اللحظة بخير..

      المزيد
      "بعد الحياة".. فن التعبير عن الحزن "بعد الحياة".. فن التعبير عن الحزن

      ثقافة وأدب

      "بعد الحياة".. فن التعبير عن الحزن

      افتتح عنترة بن شداد معلقته بالشطر الشهير: "هل غادر الشعراء من مُتَرَدّمِ؟"، مشبها الشعر بثوب تم ترقيعه حتى لم يعد به مكان للترقيع، قاصدا بذلك أن الشعراء تناولوا كافة الموضوعات والمعاني الشعرية بما لا يترك مجالا لشاعر مجدد، لأنه مهما كان ما سيكتبه، فلا بد أن شاعرا أقدم قد سبق إليه!

      المزيد
      وفاة الكاتب المصري المعروف وحيد حامد وفاة الكاتب المصري المعروف وحيد حامد

      ثقافة وأدب

      وفاة الكاتب المصري المعروف وحيد حامد

      توفي الكاتب المصري المعروف، وحيد حامد، السبت، عن عمر يناهز الـ76 عاما..

      المزيد
      آرثر رامبو.. من شاعر شهير إلى تاجر سلاح آرثر رامبو.. من شاعر شهير إلى تاجر سلاح

      ثقافة وأدب

      آرثر رامبو.. من شاعر شهير إلى تاجر سلاح

      قرأت مرة أن أفراد إحدى القبائل الهندية في أمريكا اللاتينية يشيرون إلى الوراء حين يتحدثون عن المستقبل، قاصدين أن المستقبل، في جوهره، امتداد للماضي ونتيجة من نتائجه..

      المزيد
      المزيـد