سياسة عربية

تواصل المظاهرات بالسودان.. وانقسام حزبي تجاه التطبيع

يعتبر "حزب الأمة" بقيادة مبارك الفاضل، من أكبر المؤيدين للتطبيع- جيتي
يعتبر "حزب الأمة" بقيادة مبارك الفاضل، من أكبر المؤيدين للتطبيع- جيتي

استمرت السبت التظاهرات بالعاصمة السودانية الخرطوم، لليوم الثالث على التوالي، رافعة مطالب بإصلاح مسار الثورة ومنددة بالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في حين بدا المشهد الحزبي بالبلاد منقسما على خطوة الحكومة الانتقالية "تجاه تل أبيب".

 

وبحسب ما نقلت "الأناضول" عن شهود عيان، واصل المحتجون إغلاق جسر "المنشية"، المؤدي إلى وسط المدينة، مرددين شعارات تطالب بإصلاح مسار الثورة وتدعو للقصاص لمقتل متظاهر الأربعاء الماضي.

 

وكانت لجنة أطباء السودان المركزية قد أعلنت عن مقتل المواطن محمد عبد المجيد، وإصابة 14 آخرين في مظاهرات "إصلاح المسار" بالخرطوم. 

كما أظهرت مقاطع مصورة نُشرت على منصات التواصل الاجتماعي في السودان، استخدام المحتجين حواجز إسمنتية، وإطارات مطاطية مشتعلة لإغلاق الجسر.

 

اقرأ أيضا: "المهدي" ينسحب من مؤتمر بالخرطوم احتجاجا على التطبيع
 

وتزامنت التظاهرات مع موجة غضب شعبي من إعلان السلطات الانتقالية بالخرطوم تطبيع علاقتها مع تل أبيب.

 

والجمعة، أعلن وزير الخارجية السوداني المكلف عمر قمر الدين، أن الحكومة الانتقالية وافقت على تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، موضحا أن "المصادقة عليه تظل من اختصاص الأجسام التشريعية"، وفق وكالة الأنباء السودانية "سونا".

 

انقسام أحزاب السلطة

 

وأظهرت مواقف الأحزاب والتجمعات السودانية وجود انقسام حزبي بشأن التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.

 

وبدأت في 21 آب/أغسطس 2019، مرحلة انتقالية بالسودان تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، يتقاسم خلالها السلطة، الجيش و"قوى إعلان الحرية والتغيير"، قائد الاحتجاجات الشعبية، التي أدت إلى خلع الرئيس عمر البشير.

 

وعلى صعيد الأحزاب المشاركة في السلطة الحالية، تعتبر قوى "الحرية والتغيير" التحالف الأكبر في تاريخ السودان، وتتكون من "تجمع المهنيين"، و"تحالف الإجماع الوطني"، و"تحالف نداء السودان"، و"تحالف التجمع الاتحادي والقوى المدنية" (عدد من أجسام ومنظمات المجتمع المدني).

 

من جانبه، أعلن "تحالف الإجماع الوطني" رفضه للتطبيع، ومن أبرز أحزابه "الشيوعي" و"البعث العربي الاشتراكي" و"الناصري".

وقال "التحالف" في بيان الجمعة، "نرفض أي تطبيع مع الكيان الصهيوني"، مضيفا: "كما نرفض أي قرار يعنى بالتطبيع يتم دون تفويض من مجلس تشريعي منتخب، خاصة في ظل تغييب تام للشعب وقواه الحية".

كما يرفض "الشيوعي السوداني"، أحد أبرز أحزاب التحالف، التطبيع مع إسرائيل.

ويستند في موقفه من التطبيع، بحسب ما يقول، إلى "التضامن مع نضالات الشعوب التي تتعرض للقهر والاضطهاد، ويتضامن مع شعوب العالم المناضلة في سبيل الحرية والديمقراطية".

ويؤكد الشيوعي، "رفضه لأي اتفاق مع إسرائيل إلى حين حصول الفلسطينيين على حل عادل لقضيتهم".

 

أما تحالف "نداء السودان" فيتكون من أحزاب "الأمة القومي"، و"المؤتمر السوداني"، و"البعث السوداني"، و"الجبهة الثورية" (حركات مسلحة).

 

اقرأ أيضا: جمعية سودانية تهاجم التطبيع وتدعو لجبهة موحدة لرفضه

ويعتبر "الأمة القومي" من أكبر الأحزاب السودانية، وهو صاحب أكثر المقاعد في البرلمان المنتخب عام 1986. ويؤكد على رفضه للتطبيع، مستندا إلى أنه "ليس من حق سلطات الفترة الانتقالية التقرير في القضايا الخلافية الكبيرة التي هي من صميم عمل الحكومات المنتخبة".


فيما لم يعلن "تجمع المهنيين"، و"التجمع الاتحادي" و"القوى المدنية" مواقفها من التطبيع حتى الآن.

وأعلن "البعث السوداني" (اشتراكي) وهو من أشد المعارضين للاتفاق، الجمعة، "خطوات لتشكيل جبهة وطنية ضد التطبيع".

 

وقال عضو المكتب السياسي للحزب، حمد الله موسى، إنه "ليس من صلاحية مجلس السيادة أو مجلس الوزراء أو أي من هياكل الحكم الانتقالية، التقرير في أمر استراتيجي بهذا القدر من الحساسية".

وأضاف في بيان، أن "قرار التطبيع من عدمه حق حصري لبرلمان منتخب يعبر عن إرادة الشعب السوداني".

وتابع: "التطبيع بهذه الطريقة يعني تسليم القرار الوطني لمحاور خارجية، والدخول في نفق رهن السيادة الوطنية للمحاور الأجنبية، والخضوع للضغوط والابتزاز".

 

في المقابل، أعلنت "الجبهة الثورية" بشقيها (الجبهة الثورية، والجبهة الثورية بقيادة مناوي)، ترحيبها بالتطبيع.

وتضم "الجبهة الثورية"، 8 فصائل مسلحة وسياسية بقيادة الهادي إدريس، أبرزها "الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار"، و"حركة العدل والمساواة"، وكيانات أخرى.

وأعرب متحدث "الجبهة الثورية" أسامة سعيد، عن "ترحيبه بإقامة علاقات مع إسرائيل لأجل مصلحة السودان"، واعتبرها "خطوة شجاعة".

فيما تعد "حركة تحرير السودان" بقيادة أركو مناوي، أبرز مكونات "الجبهة الثورية/ بقيادة مناوي"، إلى جانب فصيل "الحزب الاتحادي" بقيادة التوم هجوم.

وقال مناوي رئيس "حركة تحرير السودان"، إن قرار التطبيع "أمر حتمي لا بد من اتخاذه نسبة إلى أن الوضع في العالم الجديد يحدد المشاركات عبر المصالح التي تفرض خطى سير أي دولة، وإسرائيل نواة".

أما "المؤتمر السوداني" أحد أحزاب "نداء السودان" المنضوي تحت "إعلان الحرية والتغيير"، فيرى أنه "ليس هناك أي موقف أيديولوجي ضد إسرائيل".

وأكد قادة الحزب في تصريحات سابقة، أن "المؤتمر السوداني ليس له موقف أيديولوجي مسبق، كما أن سياسته تقوم على المصالح، وإذا كانت هناك مصلحة حقيقية مع إسرائيل فلا مانع من التطبيع".

مواقف أحزاب خارج السلطة

وعلى صعيد الأحزاب خارج السلطة، تقف التيارات الإسلامية المختلفة ضد التطبيع، فهي ترى في الاحتلال الإسرائيلي "عدوا"، ومن أبرزها "حزب المؤتمر الشعبي" (حزب الراحل حسن الترابي).

وقال "حزب المؤتمر الشعبي" في بيان، السبت، "موقفنا من القضية الفلسطينية أساسه العقيدة، وعموده النصرة، وقمته العهد والولاء لله رب العالمين، حربا على الظلم ومناصرة للحق".

 

كما استنكر حزب حركة "الإصلاح الآن"، الذي يقوده غازي صلاح الدين، التطبيع مع الاحتلال.

 

واعتبر أن التطبيع "صفقة بيعت فيها جبال الوهم لحكام السودان، مقابل تنازلهم عن واحدة من أهم ركائز سياسة السودان الخارجية (اللاءات الثلاث)، التي عبرت عنها والتزمت بها الحكومات الوطنية المتعاقبة في إجماع وتقليد قوي وراسخ".

وكانت القمة العربية في الخرطوم عام 1967، أكدت أنه "لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض مع إسرائيل"، لتشتهر بـ"عاصمة اللاءات الثلاث".
 

في المقابل، يعتبر "حزب الأمة" بقيادة مبارك الفاضل، من أكبر المؤيدين للتطبيع، ويزعم أن مصلحة السودان في ذلك.

والفاضل، من أوائل المجاهرين "بضرورة التطبيع، ودعا إليه عندما كان نائب رئيس وزراء في عهد عمر البشير في 2017".

أحزاب لم تعلن موقفها

يعتبر "الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل" بقيادة محمد عثمان الميرغني، من أقدم الأحزاب في البلاد، وهو خارج السلطة لكنه يبدي مرونة تجاه السلطة الانتقالية، إلا أنه لم يصدر موقفا بشأن التطبيع حتى الآن.

ويعد السودان الدولة العربية الخامسة التي تبرم اتفاقية تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، بعد مصر (1979)، والأردن (1994)، والإمارات والبحرين في 15 أيلول/سبتمبر الماضي.

التعليقات (0)