ملفات وتقارير

هكذا قرأ سياسيون حالة العزوف عن ترؤس الجامعة العربية

تسبب اتخاذ الجامعة موقفا داعما للإمارات والبحرين اللتين طبعتا مع الاحتلال في إصرار فلسطين على رفض ترؤس الدورة- موقع الجامعة الرسمي
تسبب اتخاذ الجامعة موقفا داعما للإمارات والبحرين اللتين طبعتا مع الاحتلال في إصرار فلسطين على رفض ترؤس الدورة- موقع الجامعة الرسمي

علق سياسيون ودبلوماسيون على الحالة التي آلت إليها أوضاع الجامعة العربية، بعد الاعتذارات المتتالية من لدن العديد من الدول، عن ترؤس الدورة الحالية للجامعة والتي ما زالت شاغرة منذ اعتذار فلسطين عن ترؤسها.

 

وكانت فلسطين وفور توقيع الإمارات اتفاقية التطبيع مع الاحتلال، في 22 أيلول/ سبتمبر، قررت التخلي عن حقها في رئاسة مجلس الجامعة العربية للدورة الحالية، ردا على التطبيع.


وقال حينها وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي تعليقا على التوقيع: "إن فلسطين لا يشرفها رؤية هرولة دول عربية للتطبيع مع الاحتلال، ولن تتحمل عبء الانهيار وتراجع المواقف العربية والهرولة للتطبيع".

وتسبب اتخاذ الأمانة العامة للجامعة موقفا داعما للإمارات والبحرين، اللتين طبعتا علاقاتهما مع الاحتلال، في إصرار فلسطين على رفض ترؤس الدورة الحالية للجامعة.


كما أعنلت قطر أيضا اعتذارها عن تسلم الدورة، تبعها اعتذارات الكويت، ثم لبنان، فجزر القمر، وأخيرا ليبيا.

 

وفي تفسيره لحالة الرفض العربي الرسمي ترؤس الجامعة، تحدث النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الدكتور حسن خريشة بالقول: "إن ما يحدث يعبر عن حالة جديدة بدأت بالنشوء داخل أروقة الجامعة، تعبر عن قيام محورين أحدهما يطبع مع الاحتلال ويمالؤه وهذا آخذ بالاتساع وآخر يقف ضد هذه الخطوات ويرفضها يصغر حجمه وقوة تأثيره مع الزمن".


ويرى خريشة في حديثه لـ"عربي21"، بأن الدول العربية التي اعتذرت لا تريد أن تكون رئيسا صوريا يمرر من خلاله العديد من القرارات التي لا تتوافق مع رؤيته السياسية وبالتالي سنرى اعتذارات أخرى عن تزعم الجامعة العربية لهذه الدورة.


وأضاف خريشة بأن "إلقاء السلاح فلسطينيا وانتهاج مسار المفاوضات أدى لضعف عام في القضية وأفقدها أدوات الضغط داخليا وخارجيا نتيجة تراجع قداستها وهيبتها تاريخيا ودينيا".

 

اقرأ أيضا : خارجية ليبيا تؤكد لعربي21 اعتذارها عن رئاسة الجامعة العربية


وزاد بأننا "نشهد شكلا جديدا في المنطقة الممول فيها هو المقرر، بمعنى من يملك المال وهي الدول النفطية أصبحت منذ زمن صاحبة قرار، وأن مصر بكل تاريخها من شهداء وحروب ومعارك تم عزلها وتحجيم دورها في المطبخ السياسي بالجامعة بعيد توقيعها لمعاهدة كامب ديفيد التي أبرمها السادات مع مناحيم بيغن".


من جهته قال المعارض الإمارتي حميد النعيمي لـ"عربي 21"، إننا باتجاه "علاقات ثنائية وثلاثية بعيدا عن المؤسسات الدولية والإقليمية، لتسهيل عملية اختراق الصف العربي لاتخاذ مواقف وآراء تناقض مبادئه وأسسه".

 

وأضاف النعيمي أننا كنا نعيب على مجلس التعاون الخليجي مقاطعته لقطر وحصاره إياها، لكننا الآن "نقع في ذات الإشكال، بل إننا لا زلنا نذهب إلى مزيد من التفكك والتحلل من قبل المنظومات الجامعة التي تستطيع الدفاع عنا في الوقت الحساس الراهن".


واعتبر النعيمي أن ما حصل في الجامعة من عدم قدرتها على استصدار بيان يدين التطبيع الإمارتي مؤشر على نجاح خطة جاريد كوشنر التي عمد لتنفيذها منذ تعيينه مستشارا للرئيس الأمريكي.

 

بالمقابل أشار السفير والدبلوماسي المصري السابق عبد الله الأشعل إلى أن الجامعة العربية فقدت قيمتها منذ عام 1979، حيث تراجع دور مصر للصفوف الخلفية وتقدم الخليج لصدارة المشهد السياسي، ولذلك فاعتذار عدد من الدول العربية عن رئاسة المجلس هو إظهار بأن الجامعة قد تخلت عن دورها، مضيفا بأن "الجامعة الآن تحكم من قبل دول الخليج التي تمولها".

 

وقال الأشعل في حديث مع "عربي21"، في بداية الأمر كان الانقسام العربي على من يسعى للصلح مع إسرائيل ومن يعترض عليه، مصر هي من بدأت في هذه المأساة أيام السادات ولذلك توالت ردود الرفض التي كانت تدعمها إيران الثورة، والاتحاد السوفيتي، ولكن نجحت مصر كالعادة في فكرة تقسيم العالم العربي وبقيت الدول التي رفضت التطبيع مع إسرائيل بمعزل عن ذلك، واعتبرت بعد ذلك دولا خارجة عن الصف العربي للأسف.

 

وأضاف الأشعل: "عجزت الدول العربية عن تطبيق قراراتها على مصر، رغم أنها فرضت عقوبات على القاهرة وطردت مصر من الجامعة ونقلت من مقرها الدائم في القاهرة إلى تونس ومع ذلك لم تتزحزح مصر، لأن مصر السادات أخذت موقفا استراتيجيا هو رفض العروبة وإنكارها في الداخل وإجبار المثقفين على تسويق أن مصر ليست دولة عربية وأنها تحملت الكثير في إطار هذا الصراع وأن هذا غير منصف وعلى العرب الآخرين تحمل جزء من الدور في المواجهة مع إسرائيل".


ويظن حميد النعيمي بأن مصر في حيرة من أمرها، حيث أنها لا تبدو سعيدة بشكل كبير من عملية التطبيع الأخيرة، ويعزو ذلك لأن دور أبوظبي الجديد سحب البساط من تحت القاهرة في كونها بوابة الوطن العربي أمام المجتمع الدولي لاستطاعتها تقديم ما لا تملكه رئيسة مقر الجامعة".


وحول تداعيات ذلك الرفض قال الأشعل بأن "الجامعة العربية تلفظ أنفاسها الأخيرة لأن المخطط هو أن ينقسم العالم العربي إلى أجزاء بسبب اسرائيل"، مضيفا بأن "الفترة القادمة ستشهد انحسارا أكبر لدور الجامعة العربية، مما ينشىء معسكرين الأول يُقبل على إسرائيل ويهرول إليها تحت رعاية واشنطن ومعسكر آخر يتردد في هذا المشروع ويتمسك بعروبة فلسطين".


ويرى الأشعل أن نجاح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات وحصوله على ولاية ثانية في البيت الأبيض سينهي حياة الجامعة العربية تماما، وسوف تنشأ مكانها منظمة الشرق الأوسط الجديد التي ستتزعمها إسرائيل.


واعتبر الانتخابات الأمريكية فيصلا في هذا الموضوع، حيث أن فوز أي مرشح سيلعب دورا حاسما بتعزيز طرف على طرف، وربط مصير الجامعة العربية بسقوط ترامب في السباق الانتخابي، ويرى أن غيابه عن رئاسة أمريكا سيعزز حصول تغيرات جوهرية وجذرية في البيئة العربية.


واعتبر خريشة الضغط الأمريكي والإسرائيلي القوي على الدول العربية "يفهم بسياق غسل الأدمغة العربية الرسمية والشعبية بأن بوابة البيت الأبيض باتت من تل أبيب".


ونوه إلى أن "جميع القرارات التي اتخذتها الجامعة لا تخرج عما سمحت به الولايات المتحدة وإطار حدود الحرية المسموح بها، ولكن مع قدوم هذه الإدارة وتغير نظرتها للوضع في فلسطين ضاقت مساحات المناورة للدول العربية وأصبحت مجبرة على تحديد خط واضح يصب في مصالح إسرائيل لإرضاء الساسة في الإدارة بواشنطن".


من طرفه أكد حميد النعيمي على أن معظم الدول العربية ليست لديها مشكلة حقيقية مع التطبيع ولكن مع توقيته، مشيرا إلى أن اعتذار ثلث أعضاء منظمة إقليمية من رئاستها يعبر عن عدم ثقتهم بها خصوصا في خضم زيادة حجم التحديات والأزمات بالمنطقة.


وقارن النعيمي بين ردة الفعل العربي أيام معاهدة كامب ديفيد وما أعقبها من مقاطعة وشجب وتنديد واسعين، بالرد الخجول الحالي للجامعة، والتي لم تستطع حتى إدانة التطبيع، ما يدلل على قدرة الدول النافذة في المنظومة العربية على التأثير على البلدان الأضعف وجعلها تدور حول فلكها متناغمة مع قراراتها.

 

التعليقات (0)