ملفات وتقارير

تفاقم أزمة الرواتب بالعراق وسط سجال بين الحكومة والبرلمان

يعاني أكثر من أربعة ملايين موظف عراقي من تأخر صرف راتب شهر أيلول/ سبتمبر الماضي لمدة أسبوعين- الأناضول
يعاني أكثر من أربعة ملايين موظف عراقي من تأخر صرف راتب شهر أيلول/ سبتمبر الماضي لمدة أسبوعين- الأناضول

يعاني أكثر من أربعة ملايين موظف عراقي من تأخر صرف راتب شهر أيلول/ سبتمبر الماضي لمدة أسبوعين، رغم الوعود الحكومية الكثيرة بأن موضوع الرواتب لن يمس كونه خطا أحمر، ولا يمكن التجاوز عليه.

لكن وزير المالية، عبد الأمير علاوي، رهن توزيع الرواتب بتصويت البرلمان على قانون الاقتراض، فيما ردت عليه اللجنة المالية البرلمانية بأن ذلك سيؤدي إلى إفلاس العراق، وأنه لم يقدم ورقة إصلاح اقتصادي ومالي بعد الاقتراض السابق في 24 حزيران/ يونيو الماضي.

تقصير حكومي

من جهته، قال عضو اللجنة المالية النيابية، شيروان ميرزا، إن "الحكومة مسؤولة عن تأمين الرواتب للموظفين، وهناك بند في قانون الاقتراض الأول الذي صوتنا عليه في 24 حزيران/ يونيو الماضي، يلزم وزارة المالية بتقديم ورقة للإصلاح الاقتصادي خلال 60 يوما، ولم نر هذه الورقة حتى اليوم".

وأضاف ميرزا، في حديث لـ"عربي21"، أنه "ليس من المعقول أن نلجأ إلى الاقتراض في كل مرة تخلو خزينة الدولة من المال، لأن ذلك سيؤدي إلى مشاكل كبيرة في المستقبل، صحيح أن الحكومة تريد الاقتراض لدفع الرواتب، لكن عليها تقديم ورقة الإصلاح والبيانات المالية للأشهر الماضية؛ حتى يتبين لنا كم هي واردات الحكومة وكيف صرفت".

وأكد النائب أنه "إذا تبين لنا من خلال الكشوفات أن هناك نقصا في السيولة وأزمة اقتصادية ومالية بالفعل، عندها نحمل أنفسنا مسؤولية تأمين الرواتب، وسنمضي بتشريع ما تحتاج من قوانين لدفع الرواتب، أما إذا ثبت العكس فلكل حادث حديث، ومن المبكر الحديث عن إقالة وزير المالية".

وأشار إلى أن "مجلس الوزراء صوت على قانون الاقتراض الجديد، الأسبوع الماضي، لكن حتى اليوم لم يصل إلى البرلمان وإلى اللجنة المالية، وهناك جلسة للبرلمان يوم 10 من الشهر الجاري، وإذا وصل القانون سنبدي آراءنا، إما برفضه أو تشريعه بقراءة أولى وثانية ثم التصويت عليه".

 

اقرأ أيضا: وزير عراقي: الدين الخارجي يتجاوز 133 مليار دولار

وحمّل ميرزا الحكومة مسؤولية التقصير في صرف الرواتب، لأنها لم تقدم ورقة الإصلاح، ولا قانون الإقراض الجديد، وحتى قانون موازنة 2020، وليس هناك أي عرقلة من البرلمان بخصوص الموضوع".

وبخصوص حديث أعضاء في اللجنة المالية عن فقدان مبلغ نحو 5 مليارات دولار من الإقراض السابق، قال النائب: "نحن نطالب ببيانات صرفيات الحكومة للأشهر الثلاثة الماضية لأجل الشيء ذاته".

مبالغة برلمانية

وفي المقابل، قال الخبير الاقتصادي صالح الهماشي، في حديث لـ"عربي21"، إن "البرلمان بالغ كثيرا في موضوع ذهاب العراق نحو الإفلاس في حال قدم الإقراض للحكومة؛ لأن إيرادات النفط لشهر سبتمبر/ أيلول وصلت إلى نحو 3 مليارات و160 مليون دولار".

وأضاف: "هناك تقصير حكومي كبير جدا، وسوء إدارة وفساد وسوء تخطيط، وإسراف في الصرف، لكن إيرادات المنافذ الحدودية والضراب كبيرة جدا، رغم أنها لا تظهر في الموازنة، إضافة إلى مبيعات النفط في السوق المحلية، التي تصل إلى نحو مليون برميل تباع يوميا بعد تكريرها في المصافي العراقية".

وأوضح الهماشي أن "الأرقام التقديرية لمبيعات المشتقات النفطية في الأسواق النفطية تصل إلى أكثر من 20 مليار دولار سنويا، والضرائب وارداتها تصل إلى نحو 6 مليارات دولار، وتوازيها بنفس القيمة واردات المنافذ الحدودية، ناهيك عن واردات جباية الكهرباء والنقل، وغيرها الكثير، ولو كان هناك نظام إداري ومحاسبي متطور، فإن العراق ليس في أزمة مالية".

وشدد على أن "البرلمان المفروض عندما يتيح للحكومة الاقتراض، فعليه أن يطلب منها طريقة ومدة زمنية لتسديد القرض، ولا يمكن للحكومات العراقية ومنها الحالية أن تنتظر ارتفاع أسعار النفط لتسديد القروض"، مشيرا إلى أن "العراق يحتاج شهريا نحو 5 مليارات دولار لسداد رواتب الموظفين".

 

اقرأ أيضا: برلمان العراق يقر موازنة 2020 "المعلقة" خلال أيام.. تفاصيل

"لي للأذرع"

الهماشي قال لـ"عربي21" إن "ما أراه اليوم هو لي أذرع بين الحكومة والبرلمان، والموضوع السياسي يلعب دورا في هذه الأزمة، لأن الكثير من الجهات السياسية والقوى المسلحة متمردة على الحكومة ولا تريد لها إكمال الخطط والمشاريع".

ونوه إلى أن "تأخر صرف الرواتب أمر خطير، قد يؤدي إلى اندلاع احتجاجات كبيرة في العراق، لكن أتوقع أن تحل الأسبوع المقبل؛ لأن الحكومة لا تستطيع الاستمرار في هذا الموضوع".

وأردف: "كما أن تأخر صرف الرواتب انعكس على السوق العراقية، لأن المعادلة الاقتصادية في البلد هو أن الدولة فقط هي من تضخ الأموال عن طريق الأجور والرواتب والمشتريات الحكومية، وإذا انقطعت هذه الموارد فإن جميع النشاطات التجارية تتراجع بشكل كبير جدا".

وخلص الهماشي إلى أن "تراجع التبادل التجاري بشكل كبير جدا في الآونة الأخيرة من 70 مليار دولار سنويا إلى 35 مليار دولار، وربما ينخفض في الربع الأخير إلى أقل من ذلك، وذلك سببه يعود إلى قلة الطلب نتيجة قلة السيولة لدى المواطنين".

التعليقات (0)