هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اعتبرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أغنيس كالامار، الخميس، أن دقائق ما قبل اغتيال الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، هي "الأكثر ألمًا بالنسبة لها" ضمن تسجيلات الجريمة.
جاء ذلك في حوار أجرته قناة "إن تي في" التركية مع كالامار، في الذكرى الثانية لاغتيال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية، في 2 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، وهو ما أثار الرأي العام العالمي.
وقالت كالامار، التي أجرت تحقيقا في الجريمة: "الجميع يتحدثون عن اللحظات الأخيرة في حياة خاشقجي، وهي لحظات درامية ومحزنة، لكن أكثر ما أثر بي هي الدقائق الأخيرة التي سبقت قتله".
وتابعت: "هذه الدقائق شهدت محادثات بين خاشقجي والمسؤولين السعوديين (داخل القنصلية)، حيث كان خاشقجي هادئا ولطيفا أمام جلاديه، ويحاول التفاهم معهم بعد أن أيقن الخطر على حياته، ولكن جلاديه كان هدفهم واضحا منذ البداية، وهو قتله، وهذه اللحظة هي الأكثر ألمًا بالنسبة لي في التسجيلات التي استمعت لها".
مسؤولية الدولة السعودية
وشددت كالامار على أن "الجريمة وقعت في مبنى رسمي (القنصلية السعودية)، والقادمون (من خارج تركيا لاغتيال خاشقجي)، باستثناء طبيب واحد، هم من جهات أمنية سعودية، واستخدموا مصادر الدولة السعودية في الوصول إلى تركيا".
وأردفت: "عاد 17 من مرتكبي الجريمة إلى السعودية، ولم يُسمح على مدار 10 أيام للسلطات التركية بدخول المبنى (القنصلية)، وهي فترة مُحيت فيها آثار الجريمة، وكل ذلك يظهر مسؤولية الدولة السعودية".
اقرأ أيضا: حقوقيان دوليان: قضية خاشقجي لا يمكن دفنها
وأفادت بأن "التسجيلات تظهر، قبل يومين، من الجريمة أن المسوؤلين في القنصلية اتصلوا بالمسؤولين في الرياض، وسألوا إن كان خاشقجي هو الرجل المطلوب، ما يؤكد أن عملية قتله خُطط لها قبل يومين من ارتكاب الجريمة".
وخففت محكمة سعودية، في 7 أيلول/ سبتمبر الماضي، حكما بإعدام 5 متهمين بقتل خاشقجي إلى السجن 20 عاما، كما خففت حكما بسجن ثلاثة آخرين 24 عاما إلى السجن بين 7 و10 سنوات.
وهو ما أثار انتقادات حقوقية دولية وصفت هذه المحاكمة السعودية بأنها "نقيض للعدالة"، و"عدالة مثيرة للسخرية".
مسارات بديلة
وانتقدت كالامار الأجهزة الفاعلة في الأمم المتحدة لـ"عدم قدرتها على إظهار الشجاعة في إطلاق تحقيق بجريمة خاشقجي، حيث إن البعد الآخر للجريمة هو استهداف جميع الصحفيين في العالم".
وأوضحت أن "هناك خطوات خارج الأمم المتحدة في هذا المسار، منها بدء المسار القضائي في تركيا، وهي نقطة إيجابية".
وقررت محكمة تركية، في يوليو/ تموز الماضي، عقد ثاني جلسات محاكمة المتهمين باغتيال خاشقجي، في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، بعد الموافقة على لائحة تتهم فيها خديجة جنكيز، خطيبة خاشقجي، 20 سعوديا بالتعذيب الوحشي والتحريض والقتل.
واستطردت: "والكونغرس الأمريكي أقدم على خطوات، فرئيس الاستخبارات طالب بإصدار تقرير يحمّل ولي العهد (السعودي)، محمد بن سلمان، مسؤولية الجريمة، وطالب بحظر (تصدير) السلاح للسعودية، ولكن الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) نقض ذلك، ويجب على الكونغرس أن يكون أكثر إصرارا بعد الانتخابات (الرئاسية) المقبلة (3 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل)".
وتوقعت أنه إذا فاز المرشح الديمقراطي، جو بايدن، "فسيكون صعبا بالنسبة له رفض هذه المراحل الديمقراطية، ونقول دائما إن البيت الأبيض عليه أن لا يكون عائقا".
المعارضة السعودية
كما تطرقت كالامار إلى المعارضة السعودية بقولها إن هذه المعارضة "عملت على تأسيس حزب لها لطرح مطالبها الديمقراطية في بلادهم، وبعضهم من أصدقاء خاشقجي المقربين، حيث كان الراحل يبحث عن جسم مماثل، وتزامن تأسيس الحزب مع الذكرى الثانية لجريمة قتل خاشقجي، وهو ما يوضح أنه لن يكون هناك صمت حيال الجريمة".
وتابعت: "ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يرى أن من هم ضده، وبينهم نشطاء وصحفيون، يمثلون ضغطا متزايدا عليه، فهو وإن تمكن من التخلص من خاشقجي بقتله، فإن السجون مليئة بالصحفيين المعتقلين، وهذه طبيعة النظام السعودي، فمنذ ثلاث سنوات توجد معتقلة في سجونه، لأنها طالبت بقيادة السيارة". وهذا الحق لم يكن متاحا للسعوديات، ثم منحته المملكة بضوابط.
وأردفت أن "السلطات السعودية كانت ترغب بالتخلص من خاشقجي في واشنطن، لكن لم تتمكن من ذلك بسبب الدعم اللوجستي والعملية والوضع السياسي، ولم يتوقع خاشقجي عملا كهذا بحقه في تركيا داخل القنصلية".
اقرأ أيضا: هكذا انفردت "عربي21" بخبر اختفاء خاشقجي قبل عامين (شاهد)
مصير الجثة
وردا على سؤال حول مصير جثة خاشقجي، قالت كالامار إن "التحقيقات مع العاملين في منزل القنصل (السعودي) بشأن الجثة تظهر روايتين، إما أنها داخل بئر أو تم حرقها، ولكن الشهادات تقول إن البئر تم تنظيفه وإصلاحه، ما يقوي فرضية الحرق، ولكن من غير المعروف أين هي بقايا الجثة".
وأردفت: "السعودية كذبت على الدوام ولأيام طويلة وقالت إن خاشقجي مفقود، ولكن ظهر في النهاية قتله، وواصلوا الكذب بإخفاء المعلومات عن 17 شخصا هم منفذو الجريمة، وهو خرق للقوانين الدولية، والمحاكمة أيضا كانت سرية، ومُنع الرأي العام من متابعتها، فهذه الدولة تكذب".
وزادت بقولها: "التقرير الذي كتبته أظهر بوضوح مسؤولية الدولة، والتزمت السعودية الصمت ولم تنف مسؤوليتها، وهو ما يظهر كذبها".
وأبدت اعتراضها على المحاكمة السعودية، "لأنها كانت سرية، ولم يحضر بعض المتهمين ، على الأقل مستشار ولي العهد، سعود القحطاني، لم يحضر المحاكمات، لا كمتهم ولا حتى كشاهد".
وشددت على أن ما حدث هي "جريمة وتعذيب وقتل وإخفاء، وهي تخل بالقوانين الدولية، واتفاقيات الأمم المتحدة، وهذه المحاكمة في السعودية لا تعني شيئا".