هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استوقفني هذا
المقال على نحو خاص، وقد كنت أنتظر كلاما مشابها من كاتب مصري في صحيفة مصرية، ومن
غير المحسوبين على المعارضة المصرية، لا سيما أنني ركّزت على هذه القضية مرارا
خلال الأسابيع الماضية، من خلال تغريداتي في "تويتر" بعد اتفاق التطبيع
الإماراتي الصهيوني.
في صحيفة
"الشروق" المصرية، ويوم الاثنين الماضي، كتب الصحفي المصري محمد عصمت
مقالا بعنوان: "قبل أن يجرفنا الطوفان".
سنتوقف عند
معظم فقرات المقال القصير، قبل التعليق عليه.
يقول الكاتب:
"مع إقدام الإمارات والبحرين على بدء العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ومباركة
السعودية ضمنا لهذه الخطوة، تبدو في الأفق بوادر تغييرات ــ أو بالأحرى انقلابات
ــ استراتيجية هائلة في الشرق الأوسط، ستفرض على مصر أن تلعب دورا هامشيا في
السيناريوهات المتوقعة لمستقبل الإقليم، بعد أن كانت قائدة بل وملهمة له طوال قرون
طويلة".
ويوضّح ذلك بالقول:
"طوال سنوات المواجهة مع إسرائيل، كان لمصر الدور الرئيس في تحديد ردود
الأفعال العربية رغم خلافاتها مع هذه الدولة العربية أو تلك، لكن هذا الوضع لن
يستمر؛ حيث تطمح إسرائيل في أن تحل محل مصر وتقود المنطقة العربية طبقا لمعادلات
جديدة، ستسقط بمقتضاها كل مؤسسات العمل العربي المشترك، وعلى رأسها الجامعة
العربية نفسها، وسيتحول كل ما كان يشكل العقل السياسي والثقافي العربي من طموحات
لتحقيق استقلال القرار الوطني، وبناء نموذج للتنمية المشتركة، واستعادة الأمجاد
القديمة إلى ما يشبه الأساطير الخرافية، في حين ستتراجع القضية الفلسطينية
باعتبارها قضية العرب المركزية إلى خلفية المشهد بـ"تسوية" أوضاع
اللاجئين الفلسطينيين في الدول التي يعيشون فيها، على أن يحصل من يعيش منهم في
فلسطين المحتلة على "شبه دولة" تهيمن عليها إسرائيل من الألف إلى
الياء".
يضيف قائلا:
"كل منظومة الأمن القومي العربي بأبعادها العسكرية والسياسية والاقتصادية
سيتم تفكيكها بالكامل، وكل مقولات العالم العربي عن الحرية والوحدة والتنمية
المستقلة سيتم "تكهينها" ووضعها في المخازن، فالمخططات الإسرائيلية
والأمريكية جاهزة بالبدائل من خلال بناء تحالف وثيق بين دولارات النفط الخليجية
والتكنولوجيا الإسرائيلية، ومواجهة إيران وإجهاض كل طموحاتها النووية، بانتظار
وصول القطار السعودي بقيادة محمد بن سلمان إلى محطة التطبيع بعد أن يحل محل والده،
والذي يتردد في الصحف الغربية أنه يعارض الصلح مع إسرائيل قبل إعطاء الفلسطينيين
دولتهم المنتظرة، فإن الطريق سيكون ممهدا أمام إسرائيل لكي تحقق كل أهدافها في
الهيمنة على عالمنا العربي".
ويصل الكاتب
إلى فكرته الرئيسة بالقول: "هناك أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات في هذا الصدد،
مثل كيف ستتعامل السلطات المعنية في مصر مع التصورات المعدة للإقليم ودورنا في هذه
السيناريوهات، ودورنا في مواجهة إسرائيل".
ويوضّح أكثر
بالسؤال عن "أزماتنا الاقتصادية وأوضاعنا المعيشية وديوننا الخارجية
المتزايدة، وكيف ستؤثر على سياساتنا الخارجية، وبأي درجة سوف تتأثر قناة السويس مع
التنفيذ المرتقب لمشاريع نقل النفط السعودي إلى الأسواق الغربية عبر أنابيب تصل
إلى ميناء عسقلان الإسرائيلي"، و"سؤال آخر حول، هيبتنا الثقافية في
محيطنا العربي، ثم أزمتنا مع إثيوبيا حول سد النهضة المرشحة للتصعيد، وهل هناك أي
مؤشرات لاستعادة مجالنا الحيوي في السودان أو ليبيا وبقية دول المغرب العربي بعد
أن أوشكنا أن نفقده في المشرق العربي".
ثم يصل إلى
القول: "نحن على أعتاب تهديدات مصيرية ربما لم نواجهها طوال تاريخنا كله،
تتطلب منا سياسات جديدة وإعادة ترتيب كل أوضاعنا الداخلية، قبل أن يجرفنا
الطوفان!". انتهى كلام الكاتب.
الحق أن أكبر
مفاجأة في ردود الفعل على اتفاق التطبيع الإماراتي الصهيوني، هي تلك التي تمثّلت
في التغريدة السريعة التي نشرها الرئيس المصري ترحيبا بالاتفاق، ذلك أن أبسط قارئ
للسياسة في المنطقة العربية والإقليم، كان سيتوقع قدرا من التحفظ المصري في الحديث
عن الاتفاق، تماما كما كان حال الأردن الذي جاء كلامه أقرب إلى الرفض منه إلى
الترحيب، وإن كان الأصل أن يكون مباشرا، تبعا لحساسية الأمر للمصالح الأردنية.
أكبر مفاجأة في ردود الفعل على اتفاق التطبيع الإماراتي الصهيوني، هي تلك التي تمثّلت في التغريدة السريعة التي نشرها الرئيس المصري ترحيبا بالاتفاق
إذا لم يتغير الموقف المصري بعد الانتخابات الأمريكية، فإن مشروع الصهاينة سيأخذ دفعة كبرى باتجاه النجاح