هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع تصاعد الحديث الأمريكي عن استبدال رئيس السلطة محمود عباس (84 عاما)، الذي رفض التعاطي مع "صفقة القرن" الأمريكية، أكد مختصان، أن القيادي محمد دحلان، هو الشخص المرغوب فيه من قبل الإدارة الأمريكية، لتطبيق الرؤية الإسرائيلية- الأمريكية في المنطقة.
وفي تصريح أمريكي غير مسبوق، قال
سفير واشنطن لدى الاحتلال الإسرائيلي، ديفيد فريدمان، إن استبدال القيادي المفصول
من حركة والمقيم حاليا في الإمارات، دحلان، برئيس السلطة عباس، قيد الدراسة.
اقرأ أيضا: سفير أمريكا لدى الاحتلال: نفكر باستبدال دحلان بعباس
وأوضح الباحث المختص في الشأن
الإسرائيلي عماد أبو عواد، أن "الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية
اشتغلوا على القضية الفلسطينية جيدا منذ تسعينيات القرن الماضي، وتخلصوا من كل من
هو غير مقتنع بحل الدولتين".
وأضاف أبو عواد في حديثه
لـ"عربي21": "ثم جاء الراحل ياسر عرفات؛ كشخص يؤمن بحل الدولتين،
ولكنه في الوقت ذاته كان يؤمن بأمر مهم؛ وهو إمكانية استخدام القوة لتحقيق الهدف
السياسي".
ونوه أبو عواد إلى أنه "بعد
الخلاص من "أبو عمار"، جاء شخص يؤمن بالحل السياسي بالكامل وهو عباس؛
الذي ليس لديه أي رغبة بالتنازل عن أي شبر من الضفة الغربية، لكن دون استخدام
المقاومة أو القوة على عكس عرفات، حيث يؤمن بالوسائل الناعمة والشرعية الدولية،
حيث تمدد الاستيطان دون وجود ردة فعل، والآن قرروا التخلص من هذا الشخص الذي يمتلك
بعدا سياسيا".
ونبه أن الإدارة الأمريكية،
"تريد أن تأتي بشخص لديه بعد إداري، بمعنى؛ أنه يقبل بأي حلول مطروحة
وينفذها، ودحلان هو الشخص الأنسب من وجهة نظرهم لهذا الموضوع، من أجل أن يتولى
الجانب الإداري".
تصفية القضية
وعن مدى قبول دحلان وحجمه في الشارع
الفلسطيني، أكد المختص المقيم في الضفة الغربية المحتلة، أن "دحلان يمتلك
الكثير من أوراق القوة، من أهمها؛ أن لديه أزلام في كل المناطق؛ ففي قطاع غزة لديه
شعبية وفي الضفة أيضا، كما لديه أطراف داخل السلطة وأيضا داخل مركزية حركة فتح،
لديهم علاقات جيدة مع دحلان".
وذكر أن "من سيوفر غطاء ماليا،
سيكون هو الأكثر قبولا، وبطبيعة الحال، لدى دحلان القدرة على توفير هذا
الغطاء"، معتقدا أن "الموضوع لن يمر بهدوء وسلاسة، ولكني لا أستبعد أن
يمر".
وحول دلالة تحقيق هذه الخطوة بالنسبة
لواشنطن، قال أبو عواد: "أمريكا تعتبر نفسها سيدة المنطقة، ومن ثم تريد فرض المعادلات كافة. وعليه، تحقيق هذه الخطوة يأتي في إطار قدرة واشنطن على التحكم بكل
الأوراق بما في ذلك تبديل القيادات كيفما تريد، وهذا الأمر سيكون له انعكاسات مهمة
على القضية الفلسطينية من أهمها؛ تراجعها إلى الحضيض وربما اندثارها وتصفيتها؛ وهو
ما بنيت عليه صفقة القرن الأمريكية".
من جانبه، أوضح المختص في الشأن
الأمريكي، رئيس معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية، إياد الشوربجي، أن الإدارة
الأمريكية، "أعدت مؤامرة "صفقة القرن"، التي عملت على تجاوز كل
المكونات الفلسطينية وصولا للعالم العربي للتطبيع المباشر معه، وهنا احتاجت واشنطن
لشريك فلسطيني لتبرير هذه المؤامرة من أجل التجاوب معها".
اقرأ أيضا: ردا على فريدمان.. ممثل عباس لـ"عربي21": دحلان خائن
وذكر الشوربجي في حديثه
لـ"عربي21"، أنه "في الوقت الذي رفضت الأطراف الفلسطينية مجتمعة
بمن فيهم عباس، التجاوب مع الصفقة؛ لأنها تعني نهاية السلطة وإنهاء الوجود السياسي
الفلسطيني بالضفة، بحثت إدارة الرئيس دونالد ترامب عن شريك أو بديل آخر لخلافة
عباس، يمكن من خلاله تنفيذ هذه الصفقة".
شعبية مصطنعة
ولفت الشوربجي إلى أنه "في ظل
وجود شخص يتطلع لرئاسة السلطة، وسبق له أن تعاون أمنيا مع الاحتلال وأمريكا حينما
كان رئيسا لجهاز الأمن الوقائي بغزة، كما أن مصالحه المتشعبة تتقاطع مع المصالح
الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، فكان دحلان هو الخيار الأنسب لهم، وهو جاهز
للتعاطي مع الواقع الجديد في المنطقة؛ المرغوب فيه من قبل واشنطن وتل أبيب والدول
العربية التي طبعت مع الاحتلال مؤخرا؛ الإمارات والبحرين".
وبين أن "دحلان، هو الشخص
المناسب وفق الرؤية الأمريكية، من أجل تصفية القضية الفلسطينية، وتحقيق مخطط الاحتلال في إنهاء الحالة الفلسطينية في الضفة
الغربية، عبر مشروع جزئي؛ كدولة مسخ منزوعة السلاح أو غيرها من الحلول مثل؛ روابط
القرى أو غيرها".
وعن حضور القيادي المفصول من فتح في
الأراضي المحتلة، رأى أن "لدحلان نوعا من الحضور، ولا يمكن الجزم أنه جارف؛
وهناك جمهور داخل فتح ساخط على عباس لأسباب متعددة، هو من يؤيد دحلان، ولكنه ليس
بأغلبية داخل الحركة المرتبطة أصلا بالسلطة"، لافتا إلى أن "الجمهور خارج
إطار فتح، هناك عنصر المال الذي يلوح به دحلان من خلال المساعدات التي يقدمها خاصة
في غزة؛ لذا قد تجد له من يؤيده من قبل بعض المستفيدين".
ونبه المختص في الشأن الأمريكي، أنه
"في حال أرادت الإدارة الأمريكية تجهيز دحلان لهذه المهمة، ستمنحه صلاحيات
إدخال المال للسلطة الفلسطينية وإدارته والتحكم به، بغية تغطيته بنوع من الشعبية
المصطنعة المرتبطة بالمال السياسي في الشارع الفلسطيني".
بالمقابل، قال "نبيل شعث"، ممثل رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إن القيادي المفصول من حركة "فتح"، محمد دحلان، "لعب دورا خيانيا، وهو من يقف خلف تطبيع الإمارات والبحرين"، مع الاحتلال الإسرائيلي.
جاء ذلك في تصريح خاص لـ"عربي21"، تعليقا على تلميح سفير الولايات المتحدة لدى الاحتلال، ديفيد فريدمان، بإمكانية إقدام واشنطن على دفع دحلان نحو رئاسة السلطة، خلفا لعباس.
وقال "شعث": "هذه التصريحات تكشف عن المزيد من المحاولات الأمريكية الاستعمارية الداعمة للاستيطان الإسرائيلي، لفرض سيطرتها، في ذات الزمن الذي فرضت فيه سيطرتها على حكومات عربية".
وأضاف: "هذه السيطرة باتت واضحة مما حدث مؤخرا، من تطبيع الإمارات والبحرين مع إسرائيل، في ظل هذه السياسية الأمريكية الاستعمارية الصهيونية".
وعن دلالات وخصوصية اختيار دحلان، أوضح شعث أن "الإدارة الأمريكية حينما تجد زعيما عربيا وطنيا صامدا، تبدأ بممارسة الضغوط عليه ومن ثم التهديد"، موضحا أن دحلان لا يمثل إلإ ظاهرة مرفوضة، من جميع أبناء الشعب الفلسطيني.
وشدد شعث على أنه "رغم كل هذه الصعوبات، سنصمد على أرضنا ولن نغير ولن نتراجع ولن نتردد، وسنصمد في وجه ذلك كله".
وفي وقت سابق، ندد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، بالتصريحات الأمريكية، مشددا على أن سياسة التهديد والضغوط المستمرة، ومحاولة الابتزاز الأمريكي، سيكون مصيرها الفشل.
وأكد أبو ردينة على أن الشعب الفلسطيني وحده من يقرر قيادته وفق الأسس الديمقراطية، وليس عبر التهديد والوعيد.