فورين بوليسي تكشف تفاصيل أوضاع سجينات تنظيم الدولة في العراق

تناولت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية في تقرير لها ملف سجينات تنظيم الدولة في العراق.

وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" إن هناك أكثر من 800 امرأة أجنبية محتجزة في سجن الرصافة في بغداد، وأحكامهن تتراوح بين 15 عاما ومدى الحياة. ومعظمهن يقضين محكوميتهن وحيدات، ولكن في بعض الحالات هناك عائلات –أمهات وبنات وأخوات– مسجونات معا.

وكما هو الحال بالنسبة لسجون أخرى ومعسكرات احتجاز لتنظيم الدولة، يحتوي هذا السجن على نساء من مختلف الجنسيات بما فيها أذربيجان والنمسا وفرنسا وألمانيا والأردن وروسيا والسعودية والسويد وسوريا وطاجيكستان وأوكرانيا. حتى إن هناك عائلة من ترينيداد وتوباغو.

ومع أنهن حوكمن على جرائم ارتكبت في العراق، إلا أن سجنهن هناك أو إعدامهن ليست سياسة قابلة للاستمرار. فهي لا تؤدي فقط إلى زيادة في التعاطف مع تنظيم الدولة ولكنها تضع عبئا على العراق الذي يجد نفسه غير قادر على إدارة تحدي سجن أعضاء تنظيم الدولة خلال جائحة كوفيد-19.

كل 40 امرأة يقبعن في زنزانة مكيفة وملحق بها مرحاض وحمام.

إنه مكتظ ولكن ليس كما كان عندما وصلن ابتداء. وقالت امرأة قابلتها المجلة على الهاتف في آب/ أغسطس: "عندما نقلنا إلى هنا كان سيئا جدا. كان قذرا والفرشات لها رائحة كريهة والمكيفات لا تعمل والأضواء قوية طيلة الليل. وكانت جميع النسوة معهن أطفال فبدلا من 40 شخصا في الغرفة كان هناك 145. والكثيرات كن جريحات ويتألمن. وكان الأمر جنونيا. الآن لا نستطيع الشكوى".

وبعد ثلاث سنوات، تمت إعادة معظم الأطفال إلى بلدانهم مع أن البعض بقوا مع أمهاتهم لأن أمهاتهم يرفضن أن يؤخذوا إلى بلدانهم. وقالت امرأة محكوم عليها بالسجن المؤبد: "إن الأوضاع سيئة جدا للأطفال هنا، الأمهات يقمن بصناعة ملابس للأطفال من ملابس السجن للكبار وليس هناك أي ألعاب حيث يلعب الأطفال بالنفايات، مثل قناني الماء البلاستيكية الفارغة أو أوراق التغليف.. ويتسلقون على الباب ويركضون وهم يصيحون. وأكثر ما يفرحون هو عندما يفتح باب الزنزانة. ومرة دخلت قطة إلى الممر وبدأ الأطفال يلقون لها بالخبز. وبالنسبة لكثير منهم كانت هذه المرة الأولى التي يرون فيها قطة".

وليس هناك الكثير للكبار أن يفعلوه. ويبدو أن الشكل الرئيسي للتسلية هو الانتقال سرا إلى زنزانة أخرى لعدة أيام للتحدث مع نساء أخريات. ولكن إن تم اكتشاف امرأة تقوم بذلك تعاقب هي وكل من في زنزانتها بحرمانهن من الخروج للتمرين لمدة أسبوع. الأقلام والورق ممنوعان، ويسمح للنساء بالتمشي في الساحات مرتين في الأسبوع. المعظم ينمن في الفراش ويتحدثن ولكن البعض يقضين يومهن يدرسن اللغة العربية والقرآن.

وتلتزم السجينات بالصلاة، فيؤذن ابن أحد السجينات ممن كبروا في السجن للخمس صلوات. وتتم مراعاة لبس الملابس المناسبة للصلاة وحتى داخل زنازينهن يلبسن الحجاب والعباءة لأن في كل زنزانة كاميرا مراقبة ويخشين أن يراهن الرجال من خلال الكاميرا. ولا يزال معظمهن يؤيدن تنظيم الدولة، ولكن حوالي 80 منهن أعلن تكفيره. وتقول إحدى النساء اللواتي لا يزلن يؤيدن تنظيم الدولة: "مرة حاول الحراس نقل فتاة تكفيرية إلى زنزانتنا، ولكن منعنا أن يحصل ذلك".

ويحاول الجانبان إهمال بعضهما معظم الوقت، ولكن كان هناك أحداث شغب في السجن لأسباب أخرى. فهذا العام كان هناك أحداث شغب مرتين في فترة قصيرة. في الأولى طالبت النساء بمقابلة سفارات بلادهن لإعادتهن إليها. وقالت امرأة قابلتها المجلة: "كل السجينات هنا مرهقات نفسيا، فكان ذلك مجرد تصرف انفعالي يائس، فنحن نعرف جيدا أن ذلك لن يقود لشيء لأن الحراس ليس بإمكانهم اتخاذ مثل هذا القرار".

وبعد ذلك بأيام قليلة كانت هناك انتفاضة عندما حاولت نساء يتحدثن الروسية فتح باب زنزانتهن. لم يستطعن فتح الباب ولكن كعقوبة قرر الحراس توزيعهن على زنازين أخرى. قاومت النساء ذلك واشتبكن مع الحراس. وبعد أن اعتدين على أحد كبار المسؤولين في السجن تم استدعاء قوات خاصة. وتقول امرأة شاركت في أحداث الشغب: "كانوا يرتدون الأسود بشكل كامل ويلبسون الملابس الواقية وكان معهم هراوات. لم يؤذونا ولكنهم شكلوا ممرا وأخذونا واحدة تلو الأخرى إلى ساحة السجن".

وأصرت غالبية النساء اللواتي قابلتهن المجلة في وقت سابق أنه لا اهتمام لهن ببلدانهن الأصلية وأن "إخوتهن في تنظيم الدولة" سوف يحررونهن. ولكن تبين بسرعة أنهن لم يعدن يعتقدن ذلك. ومع أنهن لا يزلن يحتفلن بانتصارات تنظيم الدولة في العراق، لا يعتقدن أن التنظيم قوي بما فيه الكفاية ليسيطر على بغداد، حيث يوجد السجن. كما أنهن لا يعتقدن أن من تبقى من مقاتلي تنظيم الدولة –معظمهم عراقيون– سوف يهتمون بهن كونهن أجنبيات.

والآن معظم النساء يردن العودة إلى أوطانهن. وكتبت امرأة من ترينيداد في رسالة طلبت من المجلة إيصالها إلى حكومتها: "كم عاما آخر يجب على أطفالنا أن يبقوا في السجن، متى ستأتي المساعدة؟". أما الأخريات اللواتي تمت إعادة أطفالهن إلى بلدانهن فيأملن أن تقوم الحكومة العراقية قريبا بإعادتهن إلى بلدانهن أيضا.

والآن خلال جائحة كوفيد-19 ووسط أوضاع اقتصادية صعبة، فإن تكل النسوة يعتقدن أن العراق سيحاول التخلص من عبئهن. وقالت إحداهن: "لا أعتقد أن العراق يريد أو يستطيع أن يطعمنا ويحرسنا ويوفر لنا السكن مدى الحياة، لذلك أعتقد أننا أخيرا سنعود لأوطاننا".

ويمكن أن يحصل ذلك قريبا، كما تقول المجلة؛ فمنذ بداية الجائحة تحدث القضاة بصراحة مع السجينات حول إعادتهن إلى بلدانهن وبعضهن قلن إن ذلك سيتم مع نهاية العام إن وافقت بلدانهن على استقبالهن. ومع أن الأمر سيأخذ وقتا لإعادتهن إلى المجتمع المدني في بلدانهن فإن النساء متفائلات حول احتمال حصول ذلك. وقالت إحداهن: "نحن متعبون جدا،  نريد فقط أن نخرج من هنا، وليس مهما حتى إلى أين.