سياسة تركية

"حافة الهاوية" بين أنقرة وأثينا.. ما تأثير "المناورات" وأوروبا؟

توقع مراقبون تصاعد حدة الخلافات البحرية بين تركيا واليونان خلال الأيام والأسابيع المقبلة- جيتي
توقع مراقبون تصاعد حدة الخلافات البحرية بين تركيا واليونان خلال الأيام والأسابيع المقبلة- جيتي

تتواصل عوامل التوتر بين تركيا واليونان في منطقة شرق المتوسط، بعد مناورات عسكرية متزايدة لكل دولة وحلفائها، وتزامنا مع مناقشات أوروبية، تدعو للحوار من ناحية، وتساند أثينا من ناحية أخرى.


وأعطت تركيا أوامر لقادة سفنها البحرية بالتدخل المباشر، دون الرجوع للسلطات بحال تعرضهم للمضايقات اليونانية، وذلك في ظل الاستعدادات لجميع الخيارات، بما فيها الاشتباك المباشر في شرق المتوسط، بحسب ما أوردته صحيفة "يني شفق" التركية.


وردت أنقرة على دعوات الاتحاد الأوروبي للحوار بشأن شرق المتوسط، بأنها "غير صادقة"، وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي إننا "نعرف لغة السلام والدبلوماسية جيدا، لكننا لا نتردد في القيام بما هو ضروري، عندما يتعلق الأمر بحماية حقوق تركيا ومصالحها".


وفي حديثه لـ"عربي21"، يقول الباحث بالشأن التركي والعلاقات الدولية طه عودة أوغلو، إن "الأزمة تتصاعد مع تزايد المناورات العسكرية"، مستدركا: "الخلافات بين البلدين يبدو أنها سبتقى على هذا المنوال خلال المرحلة المقبلة، بعد فشل الوساطة الألمانية".

 

اقرأ أيضا: أوامر لقادة سفن تركية للرد على أي تهديد.. و"نافتكس" جديد


ويشير عودة أوغلو إلى أن أمر تركيا لقادة سفنها البحرية بالتدخل المباشر دون الرجوع للسلطات، جاء بعد تلويح اليونان بدخول مناطق بحرية تقول إنها تابعة لمياهها الإقليمية.


وكان أقطاي علّق على رغبة اليونان بتوسيع مياهها الإقليمية إلى 12 ميلا، بالقول: "هل تنتظرون منا قبول هذا؟ إن لم يكن ذلك سببا للحرب، فلماذا سيكون؟".

 

"حبال التوتر"


ويفسر عودة أوغلو الخطوات التركية واليونانية، بأنها "تتأرجح على حبال التوتر في شرق المتوسط، بين التلويح العسكري والاستعداد للحوار"، لافتا إلى أن الموقف الأوروبي والتهديد بالعقوبات ضد أنقرة، دفع الأخيرة للتأكيد أن الاتحاد الأوروبي ليس لديه "سلطة" للمطالبة بإنهاء البحث التركي عن الموارد بشرق المتوسط.


ويتوقع أن تتصاعد حدة الخلافات البحرية بين تركيا واليونان خلال الأيام والأسابيع المقبلة، خاصة بعد موقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، المساند للحكومة اليونانية، معتبرا أن الموقف الألماني ينسف جهود الوساطة، وأقرب لما تتبناه فرنسا ضد تركيا.


أما الباحث بالشأن الأوروبي حسام شاكر، فيربط المناورات البحرية بمسألة "تكثيف الوجود العسكري شرق المتوسط"، معتقدا أن رسالة المناورات من جانب اليونان، هي "أن أثينا ليست وحدها في أي تصعيد ميداني قد يحدث في هذه المنطقة".

 

اقرأ أيضا: أنقرة: أثينا تصعد في "المتوسط" دون إدراك حجمها وقدراتها


ويستدرك شاكر بحديثه لـ"عربي21": "بالمقابل الكل يدرك أن الذهاب إلى استعراض القوة بهذا الشكل، لا يعني الرغبة بالدخول في مواجهة عسكرية"، مضيفا أنها "جزء من خطوات الردع التقليدية، التي يمكن اللجوء إليها في مثل هذه المواقف، مع عدم إغفال خطورة ما يجري، على اعتبار أنه يمكن أن يؤدي إلى احتكاكات وتطورات غير محسوبة".


ويتابع: "التصعيد اليوناني يشير إلى أن الموقف يتدحرج إلى أزمة وتطورات ربما تكون خارج السيطرة، وأي احتكاك مباشر قد يؤدي إلى مواجهة يصعب ضبط أبعادها"، لافتا إلى أن أثينا تريد التعبير بشكل واضح عن تمسكها بمطالبها وتصوراتها بموضوع المياه الإقليمية.

 

تفاوض بالسفن


ويستكمل بقوله: "وأيضا تركيا متمسكة بمطالبها وتصوراتها بالموضوع ذاته، والأمر يتعلق بشكل أساسي بمسألة أمن الطاقة الغازية والنفطية بالمنطقة، علاوة على الوضع الجيواستراتيجي بمنطقة شرق بحر إيجة خصوصا وشرق البحر المتوسط عموما".


وبحسب قراءة شاكر، فإن "تركيا لن تتراجع عن مطالبها، وستمضي بفرض خياراتها، ولكن على الطاولة التفاوضية"، موضحا أن "ما يجري يمكن تسميته تفاوضا بالسفن والطائرات من جانب تركيا (..)".


ويشير إلى أن اليونان عمليا تبدو منزلقة إلى أزمة يصعب ضبط أبعادها، لكنها مدعومة من أطراف داخل أوروبا وخارجها"، منوها إلى أنه رغم تزايد التصعيد بين الطرفين بسبب التدخلات القائمة، فإن أنقرة وأثينا لا يرغبان في الحرب والمواجهة، وإنما هي استراتيجية "حافة الهاوية" أو "عض الأصابع".

 

اقرأ أيضا: تركيا: أوروبا غير صادقة في دعوتها للحوار بشأن "المتوسط"


ويوضح شاكر أن "كل طرف يحاول إرغام الطرف الآخر على موقف معين (..)، وفي تقديري أن ما تريده أنقرة بالنهاية هو الذهاب إلى مفاوضات بشروطها هي أو دون شروط مسبقة تملى عليها"، لافتا في الوقت ذاته إلى أن "الموقف الأوروبي بالأساس ليس متماسكا بشأن دعم أثينا".


ويبين أن "الاجتماع الأخير وما تمخض عنه من التزام تجاه أثينا والتلويح بعقوبات على تركيا، جاء بعد أسابيع من التعثر الأوروبي في الوصول لصيغة موقف موحد مشترك في هذه الأزمة"، مشيرا إلى أن "المعضلة بالنسبة لألمانيا أن وساطتها لم تفلح في نزع فتيل الأزمة، وهذا ما سمح بعلو النبرة التصعيدية الأوروبية تجاه تركيا".


ووفق تقدير الباحث بالشأن الأوروبي، فإن "الكل يدرك أن المصالح التركية الأوروبية هي مصالح متشابكة، ولا يوجد رابحون في أوروبا من تأزيم الوضع مع تركيا"، مؤكدا أن ما يجري مقدمات تفاوضية محتملة، وإن كانت تحمل نذر مواجهة عسكرية مرتقبة.

 

تثبيت المواقع


ويقول شاكر إنه "ليس من مصلحة أحد بمنطقة شرق المتوسط أن تصل الأمور إلى تأزيم ومواجهة، لكن تركيا ستحاول فرض منطقها في التعامل مع الأزمة، للذهاب إلى المفاوضات معززة بشروط أفضل بالنسبة لها، لإدارة الأزمة التفاوضية".

 

بالمقابل، يرى الصحفي المقيم باليونان شادي أيوبي أن المناورات العسكرية من الجانبين، تأتي بإطار تثبيت المواقع، مبينا أن "كل طرف يريد تثبيت حقه بالمناطق التي يدعي ملكيتها وسيطرته عليها، والطرفان يعتقدان أن هذه الجولة حاسمة لتثبيت الحقوق البحرية".


ويضيف أيوبي في حديثه لـ"عربي21" أن إعلان ميركل مساندة اليونان طبيعي، كونها إحدى دول الاتحاد الأوروبي، ولها حقوق وواجبات فيه، مستدركا: "الطرف الألماني يورد دائما بعد هذه التصريحات أن على اليونان وتركيا أن تعملان على تهدئة الأجواء وتخفيف التوتر".


ويلفت إلى أن اليونان منزعجة من "السلبية الأوروبية والألمانية، وترفض أن يكون الاتحاد على مسافة واحدة من أنقرة وأثينا"، مشيرا إلى أن الطرفين لا يريدان الوصول إلى صدام عسكري، لكن في الوقت نفسه، يريد كل منهما إثبات سيطرته على المياه التي يزعم ملكيتها حسب الاتفاقيات الأخيرة.


ويؤكد أن "خيار الصدام المحدود قد ينتج دون إرادة رسمية، أي نتيجة خطأ فني أو بشري، أو نتيجة إرهاق في القوات المستنفرة منذ مدة في شرق المتوسط"، متوقعا استمرار الضغوطات والمناورات البحرية خلال الأسابيع المقبلة، حتى بدء أول جلسة مفاوضات بوساطة ألمانية.


وبحسب تقدير أيوبي، فإن "الوساطة الألمانية لم تفشل بعد، كما أنها لم تنجح حتى الساعة في تقريب وجهات النظر بين البلدين"، معتقدا أن "هذه الوساطة لا زال طريقها طويلا، خاصة أن الشارع اليوناني لم يعد مرتاحا لدور برلين، ويتهمها بالانحياز إلى تركيا".

 
التعليقات (1)
حسن
الثلاثاء، 01-09-2020 08:12 ص
كل مسلم حر و كل إنسان عاقل مع تركيا و لتسقط وحوش فرنسا