مقاوم للاستعمار مولود بالصومال يلقى تكريما بإيطاليا

كرمت إيطاليا الشاب المقاوم للاستعمار جورجيو مارينكولا، الذي ولد في الصومال، بإطلاق اسمه على إحدى محطات المترو في العاصمة روما، بعد مطالبات شعبية أطلقها نشطاء في حزيران/يونيو الماضي.

وكان سيطلق على المحطة، التي هي قيد الإنشاء حاليا، اسم أمبا أرادام إيبينو، في إشارة إلى الحملة الإيطالية في إثيوبيا في عام 1936 عندما أطلقت القوات الفاشية بوحشية العنان للأسلحة الكيميائية وارتكبت جرائم حرب في معركة أمبا أرادام الشنيعة.

لكن النشطاء عارضوا ذلك، وأطلقوا حملة من أجل تسمية المحطة باسم المقاوم "مارينكولا"، وذلك في أعقاب الاحتجاجات حول العالم بعد مقتل الأمريكي الأسود جورج فلويد على يد الشرطة الأمريكية.

وقد بدأ الحملة الصحفي ماسيميليانو كوتشيا الذي تلقى الدعم من نشطاء حياة السود مهمة وصحفيين آخرين والكاتب الإيطالي الصومالي إغيابو سيغو وابن أخت مارينكولا المؤلف أنتار مارينكولا.

وصوت مجلس مدينة روما في وقت سابق من آب/أغسطس الجاري على تسمية المحطة باسم مارينكولا، تكريما لهذه الشخصية الإيطالية-الصومالية، والذي كان عضوا في المقاومة الإيطالية، وفقا لتقرير لـ"بي بي سي".

اقرأ أيضا: فيديو يوثق قتل شرطة أمريكا لمسلم والسخرية من دينه (شاهد)

وقتل مارينكولا عن عمر يناهز 21 عاما عندما فتحت القوات النازية المنسحبة النار على نقطة تفتيش في 4 أيار/مايو عام 1945، بعد يومين من استسلام ألمانيا رسميا في إيطاليا في نهاية الحرب العالمية الثانية.

المحارب الأسود

ولد جورجيو مارينكولا عام 1923 في ماهاداي، وهي بلدة تقع على نهر شبيلي شمال مقديشو، فيما كان يعرف آنذاك بأرض الصومال الإيطالية.

وكانت والدته أشكيرو حسن صومالية، فيما كان والده ضابطا بالجيش الإيطالي يدعى جوسيبه مارينكولا.

وفي ذلك الوقت، كان عدد قليل من المستعمرين الإيطاليين قد اعترفوا بالأطفال الذين ولدوا من زيجاتهم بنساء صوماليات.

لكن جوسيبه مارينكولا خالف هذا الاتجاه وأحضر لاحقا ابنه وابنته إيزابيلا إلى إيطاليا لتربيهما عائلته.

وكان جورجيو مارينكولا موهوبا أيضا، فقد تفوق في المدرسة في روما، وتم تسجيله كطالب طب.

وخلال دراسته استوحى أفكاره من الأيديولوجية المناهضة للفاشية، وقرر الانخراط في المقاومة عام 1943 في وقت كان البلد الذي ولد فيه مازال تحت الحكم الإيطالي.

واشتهر مارينكولا بلقب "المحارب الأسود"، حيث كان عضوا نشطا في المقاومة.

وأثبت أنه مقاتل شجاع حيث هبط بالمظلة في أرض العدو وأصيب، وفق ما قالت "بي بي سي".

وفي وقت من الأوقات، تم القبض عليه من قبل قوات الأمن الألمانية الخاصة (إس إس) التي أرادت منه التحدث ضد المقاومة في محطتهم الإذاعية، وبحسب ما ورد فقد تحداهم على الهواء قائلا: "الوطن يعني الحرية والعدالة لشعوب العالم، ولهذا أحارب الظلم". ومن ثم انقطع البث بعد سماع أصوات ضرب.

وبعد مقتله بنحو ثمانية أعوام، وتحديدا في عام 1953، منح مارينكولا أعلى وسام عسكري في إيطاليا، وهو ميدالية دورو ألفالور ميليتير، تقديرا لجهوده والتضحيات التي قدمها.

وتقول "بي بي سي" إن النشطاء الإيطاليين المناهضين للعنصرية يريدون أكثر بكثير من مجرد إعادة تسمية محطة مترو باسم مارينكولا، فهم يريدون تسليط الضوء على تاريخ إيطاليا الاستعماري.

ولم يتم الاعتراف بالتاريخ الاستعماري الذي يمتد من تورط إيطاليا في إريتريا والصومال وليبيا وألبانيا وحتى احتلال بينيتو موسوليني الفاشي لإثيوبيا في ثلاثينيات القرن الماضي.

ويواجه هذا الحراك تحديا يتمثل فيما يبدو وكأنه "فقدان ذاكرة جماعي في إيطاليا إزاء تاريخها الاستعماري"، وفقا لما قالته "بي بي سي".