هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رافق انفجار مرفأ بيروت، الثلاثاء الماضي، روايات عدة، ما جعل أسبابه تتراوح بين "حادث عرضي" و"فعل مدبر"، فيما يتطلع اللبنانيون لمعرفة حقيقة "الكارثة" من خلال إجراء تحقيق محايد وشفاف.
ووفقا للحكومة والرئاسة اللبنانية، فإن الحدث المدمر نجم عن انفجار 2750 طنا من "نترات الأمونيوم"، التي تدخل في صناعة الأسمدة والقنابل، كانت مخزنة في الميناء منذ ست سنوات دون إجراءات سلامة.
أربع فرضيات
ويرى الخبير العسكري العميد أمين حطيط، في حديثه لـ"عربي21"، أن الأسباب التي أدت لانفجار مستودع "نترات الأمونيوم" يمكن تلخيصها في أربع فرضيات رئيسية:
الفرضية الأولى: في أثناء فترة الظهيرة كانت مفرزة فنية تقوم بأعمال تلحيم حديد على باب المستودع، وفي أثناء التلحيم اندلع حريق، وتم استدعاء فريق إطفاء من أجل إخماده، ومع وصولهم حصل الانفجار (الانفجار نجم عن الشرار الخارج من اللحام).
الفرضية الثانية: الحرارة والرطوبة "بسبب التخزين" هيأت جوا مناسبا للاشتعال، وبتأثير ضغط ما، حدث الانفجار، وهو شيء ممكن في حال اشتعلت مفرقعة، ما أدى إلى تفجير المستودع.
الفرضية الثالثة: الانفجار ناجم عن عمل تخريبي، فلبنان بلد عرضة للإرهاب، ومن المحتمل أن يكون شخص ما قام بعمل أدى إلى الانفجار.
الفرضية الرابعة: العدوان الإسرائيلي، خاصة في ظل رصد طائرات مسيرة إسرائيلية بأجواء لبنان، والدخان الأول كان لونه أبيض، ما يوحي أن هذا صاروخ من "يورانيوم مستنفد"، ويشبه الصواريخ الإسرائيلية التي أغارت على لبنان في عدوان 2006.
اقرأ أيضا: غضب يتصاعد ببيروت.. وارتفاع لعدد القتلى إلى 154 (شاهد)
وكان الجيش اللبناني قد رصد الثلاثاء الماضي (يوم الانفجار) من الساعة 2:35 ظهرا بالتوقيت المحلي ولغاية الساعة 12:35 بعد منتصف ليلة الأربعاء، 22 خرقا من الطيران الإسرائيلي لأجواء لبنان في عدة مناطق، منها بيروت وضواحيها.
ويقول الخبير العسكري: "هذه الفرضيات الأربع، لا نستطيع حتى اللحظة حسم أيها الأصح، وهذا متروك للتحقيق، وهو من يستطيع حسم ذلك"، مشيرا إلى أن نتائج التحقيق المحلي "غير مضمونة"، لأنه في جرائم كثيرة تكون لدى "المجرم مقدرة على إخفاء الدليل الجرمي".
وذكر الخبير العسكري أن "لبنان يمتلك طاقات محدودة لإجراء التحقيق بالانفجار". وقال إن الدولة "تعمل جهدها لتكشف الفاعل، لكن إذا لم تستطع كشفه، فعلى الأقل يمكننا أن نعرف المتسببين بالتقصير والإهمال الذي أدى للانفجار".
وسألت "عربي21" حطيط حول إمكانية أن يؤدي حريق عادي كما في "الفرضية الأولى والثانية" إلى تفجير "نترات الأمونيوم"، فأجاب: "ممكن أن يحدث ذلك على مراحل، المرحلة الأولى حريق عادي يعلي درجة المادة (نترات الأمونيوم)، ويمكن أن يؤدي الحريق العادي إلى تفجير المفرقعات، وتفجير المفرقعات يؤدي لتفجير نترات الأمونيوم، وهذا حدث في أوقات سابقة عبر التاريخ في فرنسا وألمانيا وأمريكا".
ويؤكد حطيط أن "تفجير نترات الأمونيوم بسبب الحريق والشرر شيء وارد علميا، وإلا لما تم وضع هذا الاحتمال ضمن الفرضيات".
بين الإهمال والعمل المدبر
من جانبه، لم يستبعد الخبير العسكري العميد الركن أحمد تمساح وجود "عمل مدبر" يقف خلف انفجار بيروت.
وعن رأيه في الانفجار الذي وقع، قال تمساح لـ"عربي21": "الانفجار صنفته الوكالات العالمية أنه ثالث انفجار بعد هيروشيما وناغازاكي. إنه بمفعول قنبلة ذرية صغيرة، ولولا لطف الله، وأن الانفجار يذهب باتجاه النقطة الأضعف، وهذا ما حصل في مرفأ بيروت، حيث امتص البحر 70 بالمئة من العصف الانفجاري (الموجة الانفجارية). لولا البحر لدمرت بيروت عن بكرة أبيها".
اقرأ أيضا: كارثة بيروت تذكّر بمخاطر مشابهة حول العالم.. إحداها باليمن
وأكد تمساح أن "الإهمال" بتخزين مواد متفجرة لسنوات في المرفأ هو شيء مرادف "للجريمة".
ويعتقد الخبير العسكري أن " هذه المواد لا يمكن أن تنفجر إلا أن يكون لها محفز يفجرها. هناك قضايا غامضة. وهناك تقارير تقول إنه كان إلى جانب هذه المواد المخزنة نترات الألمنيوم في مستودع آخر، وهي سبب الفرقعات التي حدثت قبل الانفجار الكبير. وهو ما سرع في انفجار نترات الأمونيوم التي تستعمل في تصنيع العتاد الحربي".
وقال: "المطلوب حاليا أن تكون هناك لجنة تحقيق دولية محايدة ومحترفة لتقوم بالتحقيق وتكون ملمة بجميع التفاصيل، لتخرج بتقرير مفصل وواضح يفسر تفاصيل كل ما حصل، وقبل ذلك سنبقى في إطار التخمينات".
وشكك في قدرة التحقيق المحلي على الوصول لحقيقة ما حدث، وقال: "هذه السلطة فاقدة الثقة لدى الشعب، مهما صدر عنها لن يصدقها أحد".