هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة
فورين بوليسي تقريرا للصحافي عادل أمين اخون والمصور الصحفي شرفات علي قالا فيه إن
الحياة في ولاية جامو وكشمير التي تقع تحت حكم الهند أصبحت تمثل تحديا كبيرا.
ففي 5 آب/
أغسطس 2019 قامت نيودلهي بإلغاء المادة 370 والتي كانت تضمن مستوى من الحكم الذاتي
للولاية. وتم اعتقال آلاف الكشميريين بتهم غامضة وفرضت الحكومة حظرا صارما للتجوال
وأطول فترة قطع للإنترنت في العالم.
وكانت المادة
370 تسمح للولاية الهندية ذات الأكثرية أن يكون لديها دستورها الخاص وقوانينها
الخاصة، مثل قوانين تمنع الأشخاص من الخارج شراء ممتلكات هناك. وبإلغاء هذا البند
من الدستور الهندي ادعت الحكومة بأنها تحركها هذا سيجلب السلام والتنمية للمنطقة.
وبدلا من ذلك
لم يجلب العام الماضي سوى المزيد من العنف والمستقبل المجهول. فحتى خلال جائحة
كورونا حيث توقفت كثير من الصراعات في أنحاء العالم وسط دعوات للأمم المتحدة لوقف
اطلاق ناري عالمي، كثفت نيودلهي من العمليات العسكرية في المنطقة – حيث قامت
بتوجيه ضربات ضد الكشميريين الذين يقاتلون من أجل حق تقرير المصير.
وهذا ليس أمرا
جديدا بالنسبة لكشمير الواقعة تحت الإدارة الهندية والتي لطالما اعتبرت المنطقة
الأكثر عسكرة في العالم. واستمر الصراع في المنطقة منذ عام 1947 عندما استقلت
الهند وباكستان من بريطانيا وترك التقسيم المصاحب كشمير منطقة متنازع عليها بين البلدين.
وتم خوض حربين منذ ذلك الوقت على كشمير ووقع عدد كبير من المناوشات داخل الأراضي
نفسها.
اقرأ أيضا: الكشميريون يشعرون بـ"الإذلال" بسبب الممارسات الهندية
وفي الجزء
الواقع تحت الإدارة الهندية من كشمير هناك العديد من التنظيمات التي حاربت لأجل
الاستقلال أو الانضمام لباكستان. ولطالما اتهمت الهند من جانبها باكستان بتحريك
هذه التنظيمات وتحريض عناصر تصنفها "إرهابية" داخل الولاية. وكان
المدنيون هم الأكثر تضررا من عقود من المناوشات بين المقاتلين الكشميريين والقوات
الهندية، وتراوحت تلك الأضرار بين الاختفاء القسري والتعذيب والاغتصاب والرد
القاسي على المظاهرات والتي أصبحت جزءا عاديا من الحياة. وما بين 1990 وآذار/ مارس
2017 قتل أكثر من 41000 شخص بما فيهم 14000 مدني.
وهذا العام
وحده قتل 143 عنصرا من التنظيمات الكشميرية حيث كان عدد الوفيات في حزيران/ يونيو
فقط 62، بحسب تقرير لائتلاف المجتمع المدني في جامو كشمير واتحاد عائلات الأشخاص
المفقودين. والمدنيون أيضا يتأثرون بالقتال، حيث قتل 32 مدنيا في الأشهر الستة
الأولى من هذا العام.
وفي 26
حزيران/ يونيو قتل طفل في الخامسة من عمره خلال اشتباك بين القوات الهندية ومقاتلي
التنظيمات. وقتل رجل يبلغ من العمر 65 عاما في 1 تموز/ يوليو أمام حفيده البالغ من
العمر 3 سنوات، حيث قال إن القوات الهندية أطلقت النار عليه – إلا أن الشرطة رفضت
الادعاء قائلة إنه قتل بنيران مقاتلي التنظيمات.
وترك العنف
المتجدد العديد من الناس بلا مأوى، وهي مأساة مضاعفة للعائلات التي تحاول حماية
نفسها من كوفيد-19. وتم تدمير أكثر من 50 بيتا أو إصابتها بأضرار بالغة على مدى
العام الماضي. ومن بين تلك البيوت تم الإضرار بحوالي 22 ببيتا في 19 أيار/ مايو.
وفي ذلك اليوم
قامت القوات الهندية بضرب طوق وتفتيش في عملية (CASO) في منطقة ناواكادال في وسط مدينة سريناجار.
مثل تلك العملية تقوم بها القوات العسكرية الهندية بالتعاون مع الشرطة لتمشيط
مناطق يشتبه بوجود مقاتلين مختبئين فيها. ويقول السكان إن التكتيك في العادة يتضمن
مضايقة للمواطنين العاديين الذين يتم تفتيشهم والتحقيق معهم وتفتيش بيوتهم بدون
سبب. وتحولت العملية التي تعلقت بقائد أحد التنظيمات إلى معركة حامية بين القوات
الهندية والمقاتلين الكشميريين. وبعد معركة استمرت 12 ساعة باستخدام البنادق
والمتفجرات قتل مقاتلان. وقتل ثلاثة مدنيين بسبب بقايا ذخيرة لم تنفجر تركت في
المكان. وكانت تلك المعركة هي الأولى منذ عامين في وسط سريناجار.
وبعد أيام من
القتال، كانت بقايا النار لا تزال موجودة ورائحة الدخان تنبعث من البنايات في
منطقة ناواكادال، أقدم مناطق سريناجار. وفي الأزقة الضيقة كانت تقوم العائلات
بتنظيف القليل الذي استطاعوا استخراجه من بين الأنقاض. وآخرين تركوا من غير أن
يأخذوا شيئا فقد دمرت بيوتهم بالكامل.
وبينما كان
أبوه يبحث في أنقاض بيتهم تحدث يمين نجار عن شدة العنف. "لقد كان الأمر وكأن
المنطقة أصبحت ساحة معركة. لقد تم حرق 22 بيتا ومخبزا في غضون ساعات معدودة. والآن
غادرت بعض العائلات ليعيشوا مع أقاربهم ولكن معظمهم استأجروا شققا. أتمنى لو كان
ذلك مجرد كابوس وأصحو منه في سريري المريح. ولكن كلنا يعرف أن ذلك لن يحصل".
جد نجار، غلام
محمد نجار، 78 عاما يتذكر كم تعب لبناء بيت العائلة. وقال: "لأكثر من 50
عاما، استثمرت دمي وعرقي لبناء بيتي. والآن خسرت كل شيء، وحتى الوثائق المتعلقة
بالسكن والبنك".
ومن بين
المدنيين الذين أصابتهم المتفجرات بعد انتهاء القتال باسم إعجاز خاشو، البالغ من
العمر 13 عاما والذي توفي بعد يوم في المستشفى. خاشو، طفل وحيد ولد لأبويه بعد ستة
أعوام من زواجهما. وفي اليوم الذي وقعت فيه الاشتباكات ذهب من بيته لزيارة صديقه
عبر الشارع. تقول أمه كونسار: "اتصل بي من بيت صديقه وقال إن هناك قوات في
الشوارع في الخارج فقلت له ابق في بيت صديقك حتى يذهبوا". بعد ذلك جاء صبيان
يحملان هاتف باسم وكان عليه صور كثيرة لابنها المصاب، وتقول "قالا لنا إن
باسم في المستشفى. لا أذكر كيف وصلنا هناك. رأيت ثوب العيد الممزق على ابني والذي
أصر أن يلبسه في ذلك الصباح".
في المستشفى
قال الأطباء لوالد باسم، إن ابنه يعاني من حروق من الدرجة الثانية وأن كليتيه
توقفتا عن العمل. فطلب منهم الأب أخذ كليته وزرعها لابنه ولكن الأطباء قالوا له:
"مهما فعلت لن يعيش".
وقال إعجاز:
"باسم كان أملنا الوحيد. عندما ولد تنفسنا الصعداء أخيرا بأن هناك من سيحملنا
عندما نموت، ولم نكن نعلم أننا سنحمله إلى قبره بهذه السن الصغيرة".
في الليلة
التي سبقت المواجهة كان الجنود قد بدأوا بالتفتيش والبحث عن مقاتلين. وعندما وصلوا
إلى بيت بائع القماش فاروق أحمد صوفي، أمروا العائلة بإدخالهم للبيت. وقالت ابنته
مدينة فاروق: "دخل الجنود البيت وكان يبحثون في كل مكان وفتشوا أخي وحققوا
معه إن كان لديه أي أسلحة". وتم وضع العائلة كلها في غرفة واحدة طيلة الليل.
وفي الصباح قال لهم الجنود إن المنطقة ليست آمنة وإن عليهم أن يغادروا بيتهم. ومع
حلول المساء كانوا مشردين بلا مأوى وليس معهم سوى الملابس التي عليهم. وقالت
مدينة: "لقد اشترى والدي الملابس والحلي لزواجي. ولم يسمح لنا بأخذها، وبعد
الاشتباك لم نجد سوى حلقة وحتى تلك تفحمت"، وأشارت إلى صندوق محروق في انقاض بيت
العائلة.
وكانت مدينة
قد تخرجت حديثا من الجامعة وتأمل في دراسة الماجستير في التجارة في جامعة كشمير،
ولكنها تقول إنها ربما لن تستطيع إكمال دراستها وقالت: "لا أدري كيف يمكن لي
أن أستمر في دراستي بدون بيت أعيش فيه".
ومنذ إلغاء
المادة 370 وإغلاق كشمير على مدى سبعة اشهر العام الماضي تم إغلاق كل المدارس
الخاصة والحكومية وبقي 1.5 مليون طالب في حالة ضياع. وبدأت تلك المدارس تفتح في
أوائل آذار/ مارس ولكن تم إغلاقها بعد ثلاثة أسابيع بسبب فيروس كورونا.
وكان سالك
غاندرو، في الصف العاشر يدرس في البيت معظم العام الماضي ولكن الآن فقد هو وأخته
الأصغر منه ما كان آخر مساحة آمنة لهما ويقول: "كان هذا العام مهما حيث أجهز
نفسي لاجتياز الامتحانات النهائية. كانت غرفتي في الدور الأول كل كتبي
ودفاتري".
ويواجه الشباب
مثل غاندرو تحديات كبيرة فنسبة البطالة بين الشباب في جامو وكشمير تصل إلى 70%،
والاقتتال الدائم يترك آثاره النفسية عليهم. وبحسب أطباء بلا حدود فإن 1.8% مليون،
أو 45% من الشعب يعانون من ضغط نفسي و70% شهدوا موتا عنيفا. ومع غياب الفرص فإن
التنظيمات المقاتلة تبدو خيارا جذابا للشباب.
والعنف مثل الذي
حصل في أيار/ مايو يترك الشباب في وضع أسوأ. فمثلا خسر عادل بشير، 22 عاما ويعمل
ميكانيكي سيارات كل مدخراته، وحرق بيته.