صحافة إسرائيلية

مع تنامي منافسة روسيا والصين.. هل تفقد أمريكا قيادة العالم؟

روسيا والصين تعملان على تحدي العالم المؤيد للغرب الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية- جيتي
روسيا والصين تعملان على تحدي العالم المؤيد للغرب الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية- جيتي

حذر أكاديمي إسرائيلي، من التداعيات المترتبة على سعي كل من روسيا والصين إضعاف المنظومة الرأسمالية الغربية-الأمريكية، وتحدي السيطرة الأمريكية في العالم، في ظل نشوء ميزان قوى جديد، لم تعد فيه أمريكا المهيمن الحصري، والتي ستقود لتقاسم قوتها مع القوى العظمى الأخرى المنافسة.

فقدان الطريق


وأوضح المختص في شؤون الحكم والعلاقات الدولية في كلية العلوم السياسية التابعة لجامعة "تل أبيب"، دورون فيلدمان، أنه "مع تفكك الاتحاد السوفياتي، والانتقال إلى ما بعد عالم من قطب أمريكي واحد، هناك من اعتقد، بأن الديمقراطية الأمريكية الغربية الليبرالية، أنهت المهمة الفكرية وستجرف بسرعة الإنسانية لمستقبل متفائل".

وأضاف في مقال نشر بصحيفة "إسرائيل اليوم": "مع حلول القرن 21 يعيش قسم كبير من سكان العالم بمقاييس الناتج للفرد، في مستوى معيشة عال في العالم، إلى جانب الارتفاع في الثراء والتطور التكنولوجي، الذي ترك أثره على عموم أنماط الحياة".

ونوه أن "التعليم الأساسي والعالي متوفر لجماهير غفيرة، ولم يعد محصورا بالأقلية، ورغم التقدم الذي يبدو ملموسا حتى في المناطق النامية، يشعر المجتمع الغربي أنه فقد الطريق ووصل لمفترق طرق، ويساهم في هذا الاحساس خلافات أيديولوجية ثقافية واقتصادية واجتماعية حادة، وتدور هذه الخلافات في الولايات المتحدة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وبين الليبراليين والمحافظين، وتؤثر على روح أمريكا".

 

اقرأ أيضا: بكين: واشنطن تغلق إحدى قنصلياتنا بأمريكا.. وتهدد بالرد (شاهد)

وأكد فيلدمان، أن "صراع الجبابرة هذا تعاظم بقوة أكبر في ضوء المناوشات بين الرئيس دونالد ترامب والحكام الديمقراطيين حول إدارة أزمة كورونا، وخلال مقتل جورج فلويد وموجة الاحتجاج التي ثارت بعد مقتله".

غياب الشفافية


ولفت إلى أن "الانقسام بين "أمريكا الليبرالية" و"أمريكا المحافظة"، ينبغي أن يرى كحرب أهلية مكبوتة، معناها صراع أيديولوجي لا هوادة فيه على الهيمنة في المجتمع الأمريكي، دون استخدام للسلاح، وهذه السياقات الداخلية شديدة القوة لا تهز المجتمع الأمريكي وحسب، بل وبقدر كبير تضعضع قدرة واشنطن على قيادة العالم الغربي بالروح الديمقراطية الليبرالية".

ورأى أن "القوة العظمى في العالم في القرن الأخير رغم عيوبها، كان لها دور حاسم في توجيه السفينة البشرية، وأدخلت إلى العالم الرأسمالية الاقتصادية الحديثة كما أدخلت الثقافة والقيم الأمريكية، ولا تزال الولايات المتحدة اليوم، هي القوة العظمى الاقتصادية والعسكرية الأكبر في العالم".

ونبه أن "التهديد الذي يقف أمامه المجتمع الغربي يتعاظم، في ضوء نشوء ميزان قوى جديد، لم تعد فيه الولايات المتحدة المهيمن الحصري، بل تضطر إلى تقاسم قوتها مع قوى عظمى منافسة".

وبين الأكاديمي، أن "روسيا والصين تعملان على تحدي العالم المؤيد للغرب الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، ولشدة خيبة الأمل ورغم تبني مبادئ الرأسمالية، شددتا جهازهما القمعي، وخلقتا أزمات دولية - إقليمية، وفي ظل ترويج لسياسة اقتصادية دولية عديمة الشفافية، تضعضعت علاقات الثقة مع شركائهما في العالم".

إضعاف بالتدرج


وتابع: "بالتوازي مع قمع حريات الفرد يسعى الدب الروسي والتنين الصيني، إلى خلق نظام اقتصادي بديل، على نحو يشبه هامش القوى الذي بدأ يتغير في أواخر القرن التاسع عشر، حين ضعفت بالتدريج مكانة الإمبراطورية البريطانية، في صالح القوى الصاعدة: ألمانيا، واليابان، والولايات المتحدة، وهكذا تعمل روسيا والصين على إضعاف المنظومة الرأسمالية الغربية - الأمريكية ومكانة الدولار".

 

اقرأ أيضا: صحيفة: "ميد إيست" الإسرائيلي يعارض مصالح روسيا وتركيا

وأشار إلى أن "هذه الأعمال الإصلاحية، تعبر عن نفسها مثلا في الدفع إلى الأمام بخطة "طريق الحرير الجديد" للصين، والتي تهدف إلى توسيع النفوذ العالمي للصين، وزيادة قوتها في العالم الثالث، وتحدي السيطرة الأمريكية"، لافتا أن هذه "ليست هي المرة الأولى التي تصعد فيها قوة عالمية وتتحدى مكانة قوة أخرى".

ونبه أنه هناك "من يدعي، أنه رغم مساوئ النظام الصيني، يحتمل أن يكون بديله السلطوي- الاقتصادي، ينطوي على فضائل مقارنة بالخيار الغربي، غير أن هذا الميل ينبغي أن يشعل أضواء تحذير في الغرب، إذ في المستقبل غير البعيد يتعين عليه أن يقف أمام معضلة حقيقية حول قيمه وصورة الحياة التي يرغب فيها".

وأفاد فيلدمان، أن "العاصفة الاجتماعية التي تجري في الولايات المتحدة، تهدد بالمس بمكانتها وتعرض قدرتها على الوقوف عند قيمها التي قادتها وقادت الغرب".

ودون صلة بنتائج الانتخابات الرئاسية، فإن "المصلحة الأمريكية والغربية واضحة بجلاء، وكلما انجرت واشنطن للخلافات والتوترات الداخلية على المفعول الأخلاقي لقيمها التأسيسية، ستتضرر قدرة العالم الغربي على الوقوف في الثغرة، وتحقيق قيم الحرية والتحرر التي زرعت في أعقاب الحرب العالمية الثانية".

التعليقات (0)