هل الاتفاق العسكري بين دمشق وطهران رسالة لموسكو؟

نشرت صحيفة "كوميرسانت" الروسية تقريرا سلطت فيه الضوء على اتفاقية التعاون العسكري التي وقعتها دمشق وطهران قبل يومين، وتأثيرها على مجريات الأحداث في سوريا.

وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، إن هذه الاتفاقية لا تُعتبر حسب المراقبين تحديا للولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي فحسب، ولكنها تشكل في الآن ذاته تهديدا للمصالح الروسية والتركية في سوريا.

وتنص الوثيقة الموقّعة بين الطرفين السوري والإيراني على "توسيع التعاون والتنسيق العسكري من أجل مواجهة التحديات والتهديدات المتفاقمة".

وفي بيان مشترك على هامش زيارة رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري إلى العاصمة السورية، أكد الطرفان أن "أحد أهداف هذه الاتفاقية، هو مواصلة الحرب ضد الإرهاب الذي تدعمه بعض القوى الإقليمية والدولية".

وقد اعتبر باقري أن الاتفاقية تعزز من موقف البلدين في مواجهة الضغوط الأمريكية، مشددا على أن إيران ستعمل على دعم منظومة الدفاع الجوي السورية.

كما تحدث رئيس أركان الجيش الإيراني عن تركيا قائلا إن أنقرة تستطيع أن تحل مشاكلها الأمنية على الحدود من خلال الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع دمشق، وليس عبر التواجد داخل الأراضي السورية.

من جانبه، وصف وزير دفاع النظام السوري علي أيوب التعاون مع إيران بالاستراتيجي. وقال أيوب إن الشعب السوري يعاني نتيجة للعقوبات الأمريكية، كما اتهم إسرائيل بأنها "طرف فاعل في الحرب ضد سوريا".

اقرأ أيضا: إيران ونظام الأسد يوقعان اتفاقية شاملة للتعاون العسكري

رسائل إيرانية إلى موسكو

وأوضحت الصحيفة أن مسؤولي النظام السوري والإيرانيين لم يتطرقوا بتاتا إلى الحديث عن روسيا خلال توقيع هذه الاتفاقية، لكنها أشارت إلى أن عددا من الخبراء والمراقبين في المنطقة رأوا في الاتفاقية تهديدا للمصالح الروسية في سوريا.

ونقلت الصحيفة عن فاتح حسون أحد قادة المعارضة السورية، قوله إن الاتفاقية تظهر أن دمشق لم تدر ظهرها لطهران على الرغم من تشديد العقوبات على النظام السوري. 

وبحسب حسون، فإن التقارب بين النظامين السوري والإيراني في هذا التوقيت يُعتبر رسالة واضحة لروسيا بأن طهران مازالت تتمتع بنفوذ كبير على نظام الأسد، يفوق نفوذ موسكو، وأنها غير مستعدة لمغادرة سوريا.

كما يرى حسون أن رئيس النظام السوري يلعب بمهارة في الاتجاهين الروسي والإيراني ويستفيد من خلق التناقضات بين موسكو وطهران.

وبحسب الباحث في معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب والعميد المتقاعد شلومو بروم، فإن إيران تهدف من خلال تعزيز قدرات الدفاع الجوي السوري في مواجهة الهجمات الجوية الإسرائيلية إلى تقوية نفوذها على الجيش السوري. 

ومن وجهة نظره، فإن المساعدة الإيرانية لجيش النظام السوري في المجال الجوي لن تكون فعالة لأن أنظمة الدفاع الجوية الروسية التي يستخدمها السوريون أفضل من الأنظمة الإيرانية. 

اقرأ أيضا: الأسد قلق بشأن اجتماعات الروس مع ممثلين عن العلويين

وبحسب العقيد الاحتياطي في الجيش الإسرائيلي أودي إيفنتال، فإن التصريحات الإيرانية بشأن تحديث منظومة الدفاع الجوي السورية هو رسالة لروسيا من أجل دفعها على مواجهة الهجمات الإسرائيلية في سوريا، وربما يكون محاولة لإقناع الروس بمنح السوريين منظومة الصواريخ المضادة للطائرات إس-300 والسماح لهم باستخدامها. 

وأوضحت الصحيفة أن الخبراء الروس يرون أن موسكو لا ترغب في الدخول على خط الصراع بين إسرائيل وإيران. 

ويؤكد الخبير العسكري فيكتور موراخوفسكي أن إيران وروسيا ليسا حليفين، إنما تجمعهما علاقية ظرفية في ظل الوضع السوري الراهن، خاصة في مواجهة "الجماعات الإرهابية".

ويقول موراخوفكسي إن "إيران موجودة في سوريا فقط من خلال مستشاريها" معتبرا أن الاتفاقية الجديدة لن تغير الوضع.

ويضيف الخبير العسكري الروسي أنه لا يوجد أي صراع أو خلاف بين الجيشين الروسي والإسرائيلي، قائلا إنه كانت هناك فقط بعض "الاعتراضات" خلال العمليات العسكرية.

ويؤكد الخبير الروسي إليا كرامنيك أن توسيع التعاون بين دمشق وطهران على امتداد الجغرافيا السورية، وتوفير المزيد من الأنظمة الصاروخية بعيدة المدى، قد يؤدي إلى تعقيد الوضع أكثر فأكثر.