هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت
صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لمراسلها سودارسان راغفان إن
حكومة عبد الفتاح السيسي تحاول إسكات منتقديها في الولايات المتحدة من خلال سجن
أقاربهم.
وأشار الصحيفة إلى حالتي ريم الدسوقي من بنسلفانيا التي سجنت
ظلما في مصر، والناشط محمد سلطان من نورث فرجينيا الذي ساعد على إطلاق سراح الدسوقي
في أيار/مايو وكان سجينا هو الآخر بمصر. وقال الكاتب: "رغم أنهما يعيشان الآن بحرية
على التراب الأمريكي، إلا أن السلطات المصرية تواصل إرهاب أقاربهما في مصر
لإجبارهما على السكوت".
وسجنت
السلطات المصرية شقيق الدسوقي بدون توجيه تهم له، بل من أجل ضمان عدم حديث ريم عن
العذاب الذي لاقته طوال 10 أشهر في السجون المصرية أو انتقاد الحكومة. ونقل الكاتب
عن ريم قولها: "سجنوا شقيقي ليمنعوني من الحديث عما حدث لي".
وسجن خمسة من أقارب سلطان بطريقة تعسفية، بعدما
أخذتهم قوات الأمن من بيوتهم الشهر الماضي. وجاء هذا التحرك بعدما تقدم سلطان
بدعوى قضائية في الولايات المتحدة ضد رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي الذي يعمل
في البنك الدولي بواشنطن.
اقرأ أيضا: محمد سلطان يقاضي رئيس وزراء مصر الأسبق في أمريكا
ويتهم
سلطان الببلاوي بالمسؤولية عن تعذيبه أثناء سجنه، وقال سلطان: "تقوم السلطات
وبدون شك باحتجاز خمسة من أبناء عمي الذين لا علاقة لهم بالسياسة مع والدي كرهائن
لإسكاتي". وأضاف: "المقابل هو
سحب الدعوى القضائية كما أخبروا عائلتي".
وقال الناشطون في مجال حقوق الإنسان إن أقارب
عدد من المعارضين والعاملين في مجال حقوق الإنسان ودعاة الديمقراطية وصحافيين
يعيشون في الخارج تم اعتقالهم في مصر.
وتمت
مداهمة بيوت أقارب النشطاء ومنعت الأجهزة الأمنية سفر عائلاتهم وجرى استدعاؤهم لمقرات
الأجهزة الأمنية للتحقيق معهم.
وقال
محمد لطفي، المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات: "الهدف هو نشر
الخوف بين الناشطين المصريين في المنفى أو الذين اختاروا المنفى"، مضيفا: "تقول
الحكومة نحن نراقبكم وقد لا نستطيع الوصول إليكم لكن بإمكاننا الوصول إلى أقاربكم،
وهذه وسيلة فعالة".
ولم ترد هيئة الاستعلامات المصرية على أسئلة
الصحيفة للتعليق.
ويقول
ناشطو حقوق الإنسان إن حكومة عبد الفتاح السيسي بدأت باستهداف عائلات المعارضين
منذ بداية 2016. لكنهم يقولون إن ابتزاز الناشطين المقيمين في الولايات المتحدة
ظاهرة جديدة وتعكس الديكتاتورية المتعمقة في مصر.
ولم
تقل إدارة الرئيس دونالد ترامب أي شيء عن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر حتى عندما
حاولت الضغط على الحكومة المصرية الإفراج عن المعتقلين الأمريكيين لديها. ويقول
النقاد إن صمت واشنطن دفع مصر للاعتقاد أنها تستطيع توسيع القمع بدون أن تواجه
تداعيات خطيرة.
وقال
سلطان إن "بلطجة دولة السيسي قوبلت بدبلوماسية عاجزة". ولكن السفارة
الأمريكية في القاهرة أشارت إلى تغريدة في 24 حزيران/يونيو لدائرة شؤون الشرق
الأدنى في وزارة الخارجية عبرت فيها عن قلقها لوضع أقارب سلطان. وجاء فيها:
"سنواصل مراقبة الوضع والتعامل مع اتهامات الترهيب والاستفزاز بجدية".
وقال
مسؤول في الخارجية إن تقارير عن تعرض أقارب مواطنين أمريكيين للمضايقات تثير القلق
وأن الولايات المتحدة تتواصل مع الحكومة المصرية بهذا الشأن.
وقال
المسؤول: "المواطنون الأمريكيون الذين يعودون إلى مصر عليهم الالتزام بقوانين
المصريين، ولكن هذه القوانين قاسية". وأضاف: "لا توجد إجراءات قانونية
تشبه المعايير الغربية هناك. وفي نفس الوقت ولو أخذنا باعتبار طبيعة علاقتنا
الوثيقة، فربما كانت معاملة الأمريكيين أحسن".
اقرأ أيضا: FP: هل ستعاقب أمريكا مصر على وفاة قاسم في سجونها؟
ولكن
نشطاء حقوق الإنسان يقولون إن حقوق الإنسان تدهورت في ظل السيسي الجنرال السابق
الذي وصل إلى السلطة عام 2014 بعد تنظيمه انقلابا أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطيا
محمد مرسي. وسجن آلاف من المعارضين السياسيين والداعين للديمقراطية بناء على
اتهامات واهية.
ومن
الذين سجنوا الأمريكي مصطفى قاسم، 54 عاما من نيويورك، وتوفي في المعتقل في كانون
الثاني/يناير الماضي. ومع ذلك استمرت الولايات المتحدة بتقديم مليارات الدولارات
كدعم للحكومة المصرية.
وعندما
وصلت الدسوقي وابنها مصطفى البالغ من العمر في ذلك الوقت 13 عاما احتجزتهم سلطات
الأمن في مطار القاهرة الدولي وذلك في تموز/يوليو.
وقام
الضباط بمصادرة هواتفهم وبحثوا في حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي. وتم
التحقيق مع الدسوقي التي تحمل الجنسية المزدوجة وتدرس الفن في لانكستر ببنسلفانيا
لساعات طويلة ووضعت مع ابنها في غرفة الانتظار لأيام قبل الإفراج عنهما.
وبعد ذلك وجهت لها تهمة انتقاد النظام المصري
على فيسبوك. وبعد أيام عندما جاء شقيقها نور مع ابنها مصطفى لزيارتها في السجن اعتقل
هو الآخر لأنه قام بالاتصال مع السفارة الأمريكية حسب طلبها.
وقالت
الدسوقي إن شقيقها نور الذي يملك مصنع ألبسة لا علاقة له بالسياسة.
وأفرج
عن ريم الدسوقي في أيار/مايو بعد ضغط من الحكومة الأمريكية بسبب مخاوف انتشار
فيروس كورونا في السجن، حسب قول مسؤول أمريكي.
وعندما
كانت ريم وابنها مصطفى يتجهزان لركوب الطائرة والسفر إلى واشنطن حذرها مسؤول أمني
مصري "أمرني بالصمت".
وقد
كان الناشط محمد سلطان فرحا بعد الجهد الذي قامت به مبادرة الحرية من أجل توعية
النواب الأمريكيين والضغط على إدارة ترامب من أجل المساعدة للإفراج عنه. ويعرف
سلطان ما شعرت به دسوقي عند الإفراج عنها، فقد سجن عام 2013.
وفي بداية حزيران/يونيو قدم سلطان دعوى قضائية
ضد الببلاوي متهما إياه بالإشراف على تعذيبه. وفي 15 من ذات الشهر داهمت قوات
الأمن بيوت أربعة من أعمام سلطان في محافظتين مختلفتين. واحتجزوا عائلات بأكملها
بمن فيهم الأطفال، كما قال سلطان.
وأضاف:
"اختطفوا خمسة من أبناء عمي من أسرتهم وعصبت أعينهم وأخذوا إلى مكان غير
معلوم"، و"لم يستطع أحد من العائلة الاتصال بهم منذ اختطافهم".
وحققت السلطات مع والده صلاح سلطان، الوزير
السابق في حكومة مرسي والمعتقل منذ سبعة أعوام حول الدعوى التي تقدم بها ابنه ضد
رئيس الوزراء السابق. ثم نقل والده إلى مكان غير معلوم ولم تعرف العائلة عنه شيئا.
وقال
محمد: "نشعر بالخوف على حياته وسلامته خاصة أن صحته ساءت أثناء الوباء".
وتقول دسوقي إنها اليوم تعاني من القلق وفقدان
الرغبة بالنوم وتخاف من تعرض شقيقها للإصابة بالفيروس في سجن طرة سيئ السمعة.
وأغلق مصنعه وترك زوجته وأولاده الثلاثة بدون دخل وكذا الموظفين لديه.
اقرأ أيضا: "سلطان" يعلق على اعتقالات طالت عائلته بمصر.. وتضامن حقوقي
ولم
تر عائلة الدسوقي نجلها "نور" منذ آذار/مارس بعد منع السلطات المصرية
الزيارات نتيجة لفيروس كورونا. وتخاف دسوقي من الانتقاد، ورفضت الإجابة إن كانت
تعرضت للتعذيب أو انتهاكات أخرى في السجن. وناشدتها عائلتها في مصر أن تبتعد عن
الأضواء. ولم تنشر أي شيء على فيسبوك أو أي من منصات التواصل الاجتماعي عن شقيقها
أو أي شيء ناقد للحكومة المصرية.
لكن
الناشط سلطان ظل يتحدث بصوت عال حيث قال النواب في الكونغرس الأسبوع الماضي في
رسالة إن نظام السيسي يشن حربا ضد النظام القضائي الأمريكي ويحاول عرقلة دعوى
قضائية من خلال سجن أقارب سلطان.
ويواصل
الناشط جهوده للإفراج عن أمريكيين في السجون المصرية. وفي يوم الأحد كان محمد
عماشة، 24 عاما آخر الذين خرجوا من السجن، ووصل إلى بيته في نيوجرسي الإثنين بعد
486 يوما في السجن لأنه حمل يافطة في وسط القاهرة "الحرية لكل
المعتقلين".
وشكر
مايك بومبيو، وزير الخارجية يوم الأربعاء مصر لإفراجها عن عماشة ودعاها للتوقف عن
المضايقات غير الضرورية للمواطنين الأمريكيين وعائلاتهم التي تعيش في مصر.
ومن
جهته يقول سلطان إنه لن يتخلى عن الدعوى القضائية "النظام مطرقة يتعامل
مع كل شيء كمسمار، وأنا لست مسمارا"، و"أرفض محاولات إسكاتي".