هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يدور جدل واسع في العراق حول قانون "رفحاء والسجناء السياسيين" ولا سيما بعد قرار أصدره رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يقضي بقطع رواتب أعداد كبيرة ممن شملهم القانون الصادر عن البرلمان عام 2006.
وكان الكاظمي قد وجه في 30 أيار/ مايو الماضي، بإجراء إصلاحات اقتصادية في البلاد، لمواجهة الأزمة المالية وانخفاض أسعار النفط، ومنها معالجة مزدوجي الرواتب التقاعدية لمحتجزي رفحاء والمقيمين خارج العراق.
ضرورة التعديل
وبخصوص الجدل الدائر حول الموضوع، قال النائب في البرلمان العراقي حسن فدعم الجنابي لـ"عربي21" إن "أغلب نواب البرلمان ليس لديهم اعتراض على قرار رئيس الوزراء بقدر اعتراضهم على قانونية الإلغاء".
وأوضح الجنابي أن "الكتل السياسية ترى ضرورة تعديل قانون محتجزي رفحاء وإيجاد حالة من العدالة الاجتماعية، وهناك مقترح للتعديل منذ عام ونصف في لجنة الشهداء البرلمانية حتى قبل تولي مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة".
اقرأ أيضا: بعد 6 سنوات.. برلمان العراق يعيد التحقيق بـ"سقوط الموصل"
ونوه إلى أن "الرواتب تشمل من كان محتجزا في رفحاء، وأبناء المعتقلين غير مشمولين، لكن إذا كان هو ذاته المحتجز طفلا وبقي في مخيم رفحاء لعشرين عاما أو أكثر فهذا مشمول بقوانين العدالة الاجتماعية، لأنه فقد التعليم والتأهيل".
قرار مخالف
وبخصوص قانونية قرار الكاظمي، أوضح الجنابي أن "الحكومة أوقفت رواتب رفحاء والسجناء السياسيين من مزدوجي الرواتب، لكن القرار من ناحية قانونية غير شرعي، لأنه لا يجوز لرئيس الوزراء أن يلغي قانونا صدر عن البرلمان، وإلا ما الفائدة من تشريع القوانين؟".
ولفت الجنابي إلى أن "رئيس الوزراء أصدر قرارا أوقف فيه قوانين للبرلمان، وكان الأجدر به أن يرسل إلى البرلمان طلب تعديل قانون السجناء السياسيين ويتضمن هذا إيقاف رواتب رفحاء أو إعادة تقييمها من جديد".
واتساقا مع حديث الجنابي، رأى المحلل السياسي وائل الركابي في حديث لـ"عربي21" أن "القانون صدر من البرلمان العراقي، ولا يمكن لرئيس الحكومة أن يلغي القانون بقرار ديواني صادر من مكتب رئاسة الوزراء، ومن الناحية القانونية فإن الكاظمي قام بخرق للقانون والدستور".
بعد سياسي
وبحسب الركابي، فإن الكثير من قرارات الكاظمي منذ تسلمه رئاسة الحكومة فيها أبعاد، ويحاول من خلالها قصقصة جميع الأذرع التي تكون ساندة وداعمة لبعض القوى السياسية، ولذلك فهو استغل الجانب الاقتصادي وأوقف الرواتب لكسب عواطف المعترضين على القانون".
ورأى المحلل السياسي أن "قرار إيقاف رواتب رفحاء كان سياسيا، وفيه تعاون من بعض الكتل السياسية التي تقف بالضد من أبناء الحشد الشعبي والسياسيين السابقين المعارضين للنظام السابق، والآن بدأت بقصقصة أجنحتهم".
وعلى حد قول الركابي، فإن قرار الكاظمي فيه ظلم وإجحاف لهذه الشريحة سواء من المفصليين السياسيين أو ذوي رفحاء، والحديث عن تقاضيهم رواتب كبيرة ما هو إلا شائعات تطلق ضدهم.
يشار إلى أن امتيازات ورواتب محتجزي رفحاء تم تخصيصها لمعارضين عراقيين لجأوا إلى السعودية عام 1991، وقد قامت الأخيرة بوضعهم في مخيم بمدينة رفحاء قرب حدودها مع العراق.
وبموجب قانون رفحاء، الذي أقره البرلمان العراقي عام 2006، فإنه يحصل كل من أقام في المخيم المذكور مع عائلته، على رواتب شهرية ثابتة بمقدار مليون و200 ألف دينار شهريا (ألف دولار).
اقرأ أيضا: 5 قوى شيعية تشكل تحالفا جديدا ببرلمان العراق.. هذه أهدافه
ويحصل المستفيد من القانون المذكور على امتيازات عدة، منها الحصول على علاج وسفر ودراسة على نفقة مؤسسة السجناء السياسيين، وكذلك الحصول على قطع أراض ووظائف وأولوية في التقديم على عدة امتيازات أخرى في مؤسسات الدولة العراقية.
إلا أن وجه الاعتراض من قوى سياسية، كان على الراتب الكبير الذي يحصل عليه المستفيد من رفحاء رغم استقراره من عقود في دول أوروبية أو في الولايات المتحدة وحصوله على الجنسية، وتأمين وضعه، على خلاف من بقي بالداخل وكان معارضا لنظام صدام حسين.
وفي وجه آخر من الاعتراض على رواتب السجناء السياسيين، هو أن الكثير منهم يتسلم رواتب من مؤسسة السجناء السياسيين كونه اعتقل في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لأسباب سياسية، وراتبا آخر كونه موظفا حاليا في المؤسسات الحكومية.
إصرار الكاظمي
وأصر رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، السبت الماضي، على أنه لا تراجع عن إيقاف الرواتب المزدوجة، ومحتجزي رفحاء، مشيرا إلى أن بعض الجهات تحاول التشويش على الإصلاحات.
وقال الكاظمي خلال زيارته مقر وزارة النفط إنه "لا تراجع عن الإصلاح المالي والاقتصادي، وهو ليس ردة فعل، إنما عملية إصلاحية لما وصلت له الأوضاع"، مضيفا أن "هناك من يحاول التشويش، ولدينا ورقة بيضاء للإصلاحات، وما زال النقاش فيها مستمرا".
وأشار إلى أنه "لا تراجع عن إيقاف ازدواج الرواتب، ومحتجزي رفحاء والفئات الأخرى لتحقيق العدالة، وما أثير عن تراجع الدولة لا صحة له والإصلاحات المالية والاقتصادية مستمرة، وماضون بإجراءاتنا".
واتهم الكاظمي في تصريحاته جهات (لم يسمها) بأنها "تحاول التشويش على الإصلاحات، وهناك الكثير من المزايدات السياسية، ولكن الفرصة مهمة لمعالجة الأخطاء السابقة".
يذكر أن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي من أشد الداعمين لقانون محتجزي رفحاء والسجناء السياسيين، إذ أكد الأخير في مقابلة تلفزيونية -قبل أسبوع- على ضرورة عدم قطع رواتب هذه الفئة حتى لو اقتضى ذلك الاقتراض من الخارج.