هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بشكل مفاجئ، حلّ رئيس برلمان طبرق بليبيا، صالح عقيلة
بالجزائر، في زيارة لم تكشف كل أسرارها، لكنها تأتي في توقيت مليء بالتطورات وفي
ظل رغبة قوية من الجزائر لاستعادة المبادرة في ليبيا.
وحظي عقيلة والوفد المرافق له، باستقبال من الرئيس عبد المجيد
تبون الذي جدّد بحسب البيان الرسمي "موقف الجزائر الثابت الداعي إلى الحوار
بين الأشقاء الليبيين من أجل الوصول إلى حل سياسي باعتباره السبيل الوحيد الكفيل
بضمان سيادة الدولة الليبية ووحدتها الترابية، بعيدا عن التدخلات العسكرية
الأجنبية".
وممّا ذكره عقيلة في تصريحه المقتضب بعد اللقاء، أن الرئيس
الجزائري وعد بجمع الليبيين على طاولة الحوار وفق مقررات برلين، كما وعد بتوحيد
الجهود مع مصر وتونس لحل الأزمة الليبية.
اهتمام جزائري بليبيا
وجاءت زيارة صالح بعد يوم فقط من استرسال الرئيس الجزائري في
الحديث عن الأزمة الليبية وتصورات بلاده لحلّها، في حديث على التلفزيون الرسمي
للبلاد.
وأوضح تبون بأن تصريح الجزائر بأن "طرابلس خط أحمر"،
في الفترة التي كانت قوات حفتر تحاصرها، هو حفاظ على الدولة الليبية، لأن انهيار العاصمة هو انهيار للدولة
الليبية، على حدّ تعبيره.
وطلب الرئيس الجزائري ما يشبه التفويض لدول الجوار؛ الجزائر
ومصر وتونس، من أجل حلّ الأزمة الليبية، كون هذه البلدان تربطها بقبائل ليبيا
روابط الدم والتاريخ، وهي الأقدر على تقريب الفرقاء، وفق ما قال.
وأبرز أن بلاده ليس لديها أية أطماع توسعية أو اقتصادية في
ليبيا غير إحلال السلام بين الأشقاء الليبيين، لأن الدم الذي يراق هناك هو دم ليبي
وليس دم من يخوض حربا بالوكالة، حسب تعبيره.
لكن تبون انتقد ضمنيا المبادرة المصرية الأخيرة، عندما قال إن
هناك من يطلب وقف إطلاق النار عندما يجد نفسه في أزمة، مشيرا بشكل غير مباشر إلى
أن هذه الألاعيب ينبغي أن تتوقف.
"عقيلة يراهن على الجزائر"
ويبدو أن أكثر ما حرّك رئيس برلمان طبرق
نحو الجزائر، هو محاولة استعادة اهتمام الجارة الغربية لليبيا، بعد التطورات
الأخيرة التي فرضت موازين قوى جديدة في الميدان.
وفي تحليله، أوضح حسني عبيدي مدير معهد الأبحاث والدراسات حول العالم العربي والمتوسط في جنيف، أن المعارك حول سرت وعدم
تحمس المجتمع الدولي للمبادرة المصرية، وراء تحرك عقيلة صالح نحو الجزائر مباشرة
بعد عودته من القاهرة.
وذكر عبيدي في تصريح لـ"عربي21" أن الجزائر باستقبالها
عقيلة صالح بعد عودته للمشهد السياسي بقوة، "تريد التعبير عن تشجعيها لتغليب
الحوار السياسي ممثلا في استرجاع عقيلة صالح المبادرة السياسية من المشير حفتر،
خاصة وأن الجزائر تعلم أن إعلان القاهرة هو إعادة تدوير لمبادرات سابقة، صاحبها هو رئيس برلمان طبرق
نفسه".
أما الأهداف التي يريد تحقيقها صالح فيأتي على رأسها، حسب
عبيدي، تبديد مخاوف الجزائر، ومحاولة كسب دعمها السياسي لإعلان القاهرة ودفعها لممارسة ضغوط على حكومة
الوفاق لقبول هدنة عسكرية والعودة لمسار سياسي.
ومن غير المستبعد، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة جنيف، أن
يبحث عقيلة صالح عن دعم له في مواجهته المفتوحة مع المشير حفتر والتي أدت إلى
تهميشه في بنغازي وإبعاده عن صناعة القرار، "ذلك أن تراجع قوات حفتر خلق ظروفا
جديدة لاستعادة الهامش السياسي والتوفيق بين موقف الرجلين".
"تعزيز موقع الجزائر في الوساطة"
على الجانب
الجزائري، تعزز هذه الزيارة، وفق مروان الوناس الصحفي المهتم بالشأن الليبي، من
موقع الجزائر لقيادة الوساطة بين كامل الأطراف الليبية، بالنظر لاحتفاظها بعلاقات
مع كل الفرقاء.
وأوضح الوناس في تصريح لـ"عربي21" أن زيارة صالح إلى
الجزائر "تعكس حجم العلاقات المفتوحة للجزائر مع كل الأطراف الليبية وتؤكد
فعلا أن موقفها المعلن بالوقوف على مسافة واحدة من كل الفرقاء هو حقيقة ملموسة، وهذا
ما يؤهلها، للعب دور وساطة مثلما لعبته في مالي".
وأبرز الوناس، أن علاقات الجزائر القوية في ليبيا هي "حقيقة
لا يمكن القفز عليها، إذ لا تزال تحافظ على روابط مع معظم القبائل الليبية وحتى مع
رموز من بقايا عهد الزعيم الليبي السابق معمر القذافي".
وفي اعتقاد الوناس، فإن زيارة عقيلة صالح، تعني أن "الجزائر
التي لا تؤيد حفتر وتدعم حكومة فايز السراج، تلقى قبولا من الأطراف وهي بصدد إعادة
الحياة لمبادرتها لحل الأزمة الليبية".
وأشار المتحدث إلى أن الجزائر لا تجد حرجا في دعم حكومة السراج
مع احتفاظها بالحياد، من منطلق أن هذه الحكومة تحتمي بالشرعية الدولية والاعتراف
الدولي والأممي، لكنها في المقابل لا
تعادي حفتر ولا داعميه مثل مصر،
وهو ما يفسره كلام الرئيس الجزائري، حول ضرورة أن يأتي الحل من دول الجوار ومن
بينها مصر.
اقرأ أيضا: عقيلة صالح في الجزائر بزيارة مفاجئة.. ويلتقي تبون (شاهد)