أخبار ثقافية

سبع عادات لا تعرفها عن البدو

الأردن الدولة العربية الرابعة والأخيرة التي تلغي القانون العشائري الخاص بالقبائل المرتحلة- صفحة عشيرة الزيادات فيسبوك
الأردن الدولة العربية الرابعة والأخيرة التي تلغي القانون العشائري الخاص بالقبائل المرتحلة- صفحة عشيرة الزيادات فيسبوك
شارك الخبر
في عام 1976، ألغى الملك حسين قانون الحكم العشائري، الذي كان يشكّل امتيازًا/ استثناءً للبدو من تطبيق القانون المدني عليهم، فقبل هذا التاريخ كان البدو الرّحل في الأردن يخضعون لقانونهم الخاص المستمد من عاداتهم وأعرافهم التي تشكّل الموادَّ الدستورية التي يشتق منها القضاء البدوي أحكامه.

وبهذا الإلغاء يكون الأردن الدولة العربية الرابعة والأخيرة التي تلغي القانون العشائري الخاص بالقبائل المرتحلة؛ فقبلها ألغت السعودية الأعراف العشائرية لتحل محلها الشريعة الإسلامية في الثلاثينيات من القرن العشرين، ثم قامت سوريا والعراق بإلغاء هذا القانون عام 1958م، ومن ثم إخضاع البدو للقوانين المدنية.

ومن يطلع على مدونات البدو وعاداتهم وأعرافهم، سيجد الكثير من العادات والتقاليد التي لا يستطيع أن يفهمها أو أن يبررها ضمن السياق المدني الذي عاش داخله، الأمر الذي ربما يجعلها صادمة له.

وسيحاول هذا المقال تسليط الضوء على سبع عادات تخلّى عنها البدو تدريجيًا، محاولاً تفسير هذه العادات، علما بأن كاتب المقال استقى معلوماته من ثلاثة مصادر، هي: "تراث البدو القضائي" لمحمد أبو حسّان، و"القضاء البدوي" لعودة القسوس، وكتاب "نمر العدوان" لروكس بن زائد العزيزي. وتجدر الإشارة إلى أن هذه العادات تعبّر عن جزء من التراث الاجتماعي والقضائي لدى بعض القبائل البدوية في الأردن تاريخيًا، ولا تعني بالضرورة أن جميع البدو اليوم ما زالوا يعملون بها.

أولاً: البدوي لا يأكل مع زوجته

في الحقيقة تحفل المدونة البدوية بالكثير من المعتقدات التي تقلل من شأن المرأة، كما يرى العزيزي، غير أنّ أصل هذه العادة لا علاقة له بالإساءة للمرأة بقدر ما هو مرتبط بقاعدة "حق الملح".

فالمجتمع البدوي ينشط في البيئة التي تغيب فيها السلطة المركزية -قبل قيام الدولة الحديثة- وذلك يجعل حياة المجتمع قائمة على الصراع والاقتتال، الأمر الذي يدفع إلى عقد التحالفات.

وتعد المشاركة في الأكل من موجبات إعطاء الأمان والتحالف في الصحراء؛ فالأساس عند البدوي أن لا يغدر بشخص شاركه الملح (الطعام)، بل يعده أخًا له ويدافع عنه. وانطلاقًا من فكرة الأخوة التي يوجبها الطعام، يأتي رفضه للأكل مع زوجته؛ لأنه إذا أكل معها أصبحت -بحسب الاعتقاد الشعبي القديم- بمثابة أخته وحُرمت عليه.

ويروي روكس بن زائد العزيزي قصة حصلت مع والده مطلع القرن العشرين في مدينة مادبا، فقد زاره صديق بدوي وزوجته، ولمّا حضر وقت الغداء أحضر والده لهما الطعام وألح عليه أن تأكل زوجته معه، ففعلت.

وفي الأسبوع التالي حضر البدوي وحده، وحينما سأله عنها قال له: "لقد طلقتها لأنها أكلت معي، صارت أختي".

ثانيًا: لا يُطلب البدوي بجريمة أمه أو زوجته

نعرف جميعًا أن الحق أو الثأر يُؤخذ من الجاني أو أقاربه عن طريق الأب، ولا يُطلب الخال أو الأقارب من طرف الأم بدم اقترفه شخص من نسلها، بل يكون موقفه في القضية موقف الجار.

وإن كان القتيل من أقرباء الأخوال توجب على هؤلاء أن يشاركوا في طلب الثأر من أبناء أختهم. أمّا ما لا نعرفه فهو أن الزوج وأبناءه لا يُقتص منهم إذا ارتكبت الزوجة جريمة قتل، كما أنهم لا يشاركون في دفع الدّية، بل إنّ موقفهم -كما يصفه عودة القسوس- يشبه موقف أحد الجيران فقط. كما أنه لا يُقتص من المرأة القاتلة مباشرة، بل من أحد أقربائها حتى الجد الخامس.

وإذا كانت المرأة متهمة بقضية، فإنه يجري التحقيق مع أحد إخوتها نيابة عنها؛ فيقوم بحلف اليمين عنها أو الخضوع للبشعة بدلاً منها (البشعة طريقة تقليدية لكشف الكذب بواسطة لسع اللسان بسيخ حديد مسخن على النار، فإذا شعر بالحرق فهو كاذب ومدان، وإذا لم يشعر فهو -وفقًا للاعتقاد الشعبي- بريء).

ثالثًا: زواج القصلة

كان البدو قلّما يلجأون إلى القاضي الشرعي أو المأذون لتوثيق عقود الزواج لديهم، وكانوا يعتمدون طريقة خاصة بهم في إشهار الزواج؛ حيث يمسك ولي أمر العروس "قصلة" قمح أو شعير أو أي نبتة متوفرة، ويعطيها إلى ولي أمر العريس أو كبير الجاهة قائلاً له: "خذ هذه قصلة فلانة بنت فلان إلى فلان بن فلان بسنة الله ورسوله".

وتعمل هذه "القصلة" كرمز للخصب الذي ستمنحه المرأة للزوج، علمًا بأن فكرة الخصب تدخل في تشكيل جزء غير قليل من أعراف البادية وتصوراتها عن الزواج والنسل واستمرار العشيرة.

رابعًا: زواج الغرة

حينما توافق عشيرة القتيل في البادية على قبول الديّة والعوض عن دم ابنها، فإنها قد تطلب من عائلة القاتل -إلى جانب الدية- تقديمَ فتاة من بناتهم زوجة لأحد أقارب القتيل. وسُمّي هذا الزواج بـ"زواج الغرة" كناية عن الإهانة والذل اللذين يلحقان بالفتاة التي يقودها سوء حظها إلى مثل هذا الزواج، وكأنها تُجر من غُرتها (مقدّمة رأسها) مثل السبية.

والزوجة في مثل هذه الحالة تُهان كرامتها وتُعامَل معاملة سيئة في الغالب، ولا يحق لأهلها الانتصار لها أو طلب طلاقها إلا إذا أنجبت ولدًا؛ فإنّ أباها يأخذها عندئذ إلى القاضي كي يطلقها، فيقوم القاضي بتسليم الولد إلى أهل القتيل كتعويض عنه، ويحكم بطلاقها من زوجها.

خامسًا: حلف اليمين عند البدو

لحلف اليمين أشكال متعددة عند البدو، لكن لها شروط متفق عليها لا يجوز للمكلّف بحلف يمين أن يخلّ بها؛ فلا يجوز لحالف اليمين أن يغيّر أي شيء من هيئته حينما يقوم من مجلسه لأداء اليمين، كأن يخلع عباءته أو فروته أو عقاله، لأن البدو يعتقدون أن من يحلف يمينا كاذبا فإن الله ينكبه في حظه وماله وأهله ويقطع نسله.

لذلك فإن قيام الرجل بخلع عباءته أو تغيير هيئته قبل اليمين يُعدّ دليلاً على كذبه، ومحاولةً منه لإنقاذ حظه من المصير الأسود الذي ينتظره إن هو حلف يمينًا باطلاً. وهكذا تحوّل اليمين في الثقافة البدوية إلى أداة قضائية واجتماعية رادعة، تضبط السلوك وتُخيف من يقدم على شهادة الزور.

سادسًا: شهود لا تُقبل شهادتهم

لا تُقبل شهادة الفارّ من المعركة عند البدو، مثلما لا تُقبل شهادة المرأة أيضًا في القضاء العشائري التقليدي، كما لا تُقبل شهادة الرجل العاقر لأنهم يعتقدون أن عقوبة شهادة الزور هي الحرمان من الخِصب، والعاقر محروم منه أصلاً فلا شيء يخشاه، بحسب هذا التصوّر الشعبي.

كما أنهم يرفضون شهادة الفلّاح الذي يتبع لقبيلة بدوية سواء بالعمل في أراضيها أو بدفع الأتاوة لها، لأنه -في نظرهم- سيؤدي الشهادة خوفًا أو تحت التهديد.

أمّا عشائر الفلّاحين القوية والقادرة على الغزو والقتال -مثل الشريدة والفريحات- فإنهم يعاملونهم معاملة ندية، وتُقبل شهادتهم لأنهم ليسوا في موقع الضعيف أو التابع.

وفي المقابل، فقد كان قضاة البدو يقبلون شهادة مفطر رمضان وتارك الصلاة، وحسب محمد أبو حسّان، فقد أخذ بعض قضاة البدو يرفضون شهادة مفطر رمضان مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين، متأثرين بازدياد حضور الفقه الشرعي الرسمي.

سابعًا: ديّة الضعيف والمغدور

لا يكره البدو شيئًا مثل قتل الضعيف أو القتل غيلةً، لذلك فإنّ دية قتل العبد أو المرأة تعادل دية أربعة رجال أحرار، في محاولة لردع من تسوّل له نفسه الاعتداء على الأضعف.

كما تُدفع مثل هذه الديّة المشددة في حالة القتل اغتيالاً أو غدرًا، بل إنهم يجيزون لأهل المغدور أن يستبدلوا من هذه الديات دية رجل واحد بقتل القاتل أو أحد أقربائه، ثم يطالبون عشيرة القاتل بدية ثلاثة رجال أحرار. وبهذا يجمع القضاء البدوي بين القصاص المادي والرمزي، ليؤكد أن قتل المغدور أو المستضعف ليس جريمة عادية بل جريمة مضاعفة.

ومع أن كثيرًا من هذه العادات قد يبدو صادمًا أو غريبًا للقارئ المعاصر الذي يعيش في إطار الدولة الحديثة والقوانين المدنية، فإنها تكشف عن منطق داخلي خاص نشأ في بيئة صحراوية قاسية، تغيب فيها السلطة المركزية، ويُعوَّل فيها على العرف والتحالفات لحفظ الأمن والكرامة.

اليوم، تراجَع العمل بهذه الأعراف في الأردن ومعظم الدول العربية التي أخضعت أبناء القبائل والبدو لقوانين الدولة وأنظمتها، وبقيت هذه التقاليد جزءًا من تراث البادية وتاريخها الاجتماعي والقضائي، يقرؤها الباحثون لفهم مرحلة سابقة أكثر مما تُطبَّق في حياة الناس اليومية.
التعليقات (14)
غلا
الثلاثاء، 27-09-2022 03:33 م
لايوجد عادات
خخ
الثلاثاء، 06-09-2022 11:20 ص
كح
محمد
الثلاثاء، 17-05-2022 12:08 م
وحد الله احنا بدو وناكل مع بعض . وتعتبر اخته هذا كذب، لكن البدو يعشون في عائلات كبيرة ودائما ياكل الرجال لحال، والنساء لحال.
ام مؤيد
الثلاثاء، 17-05-2022 05:51 ص
ياريت ظلينا ع ع ايد البدو وماتغيرنا
هرجك فيه شويه اشهب
الجمعة، 06-05-2022 11:48 ص
دشرك من لاشهب