هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "لامينتي إي ميرافيليوزا" الإيطالية تقريرا، تحدثت فيه عن الشخص النرجسي الذي يدعي معرفته لكل الأمور والمواضيع لدرجة تجعله يخال أنه يتفوق على الخبراء أنفسهم.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إننا بتنا نلاحظ في الآونة الأخيرة أن بعض الأشخاص باتوا يتكلمون عن مختلف مواضيع الساعة كما لو أنهم حاصلون على شهادات في كل ما يتعلق بالطب وعلم الفيروسات وحتى السياسة والاقتصاد والجغرافيا السياسية.
وذكرت المجلة أن ما نحتاج إليه في الوضع الحالي هو الوحدة وليس الأنانية التي يظهرها خاصة الأشخاص النرجسيون الذين يشككون في أي معلومات أو بيانات مهما كانت موثوقة في محاولة لإثبات تفوقهم الفكري والمعنوي.
وقد يستحيل الحوار مع هؤلاء الأشخاص لاعتقادهم أنهم أعلى درجة من الآخرين وأن الفرضيات التي يدعمونها هي المؤكدة والمثبتة والصحيحة ولا مجال فيها للشك.
وأوردت المجلة أن مؤسس علم النفس الفردي ألفريد أدلر، درس هذه الشخصية بعناية، وقال إنها تذكرنا بالعديد من الدراسات، مثل تلك التي أجراها الطبيب النفسي النمساوي الشهير الدكتور هاينز لودفيغ أنسباخير، أن النرجسيين يمثلون الجانب الأكثر سلبية في المجتمع وهم بعيدون عن تعزيز تطور الإنسانية، بل يعيقون ذلك بتركيزهم على ذواتهم فقط.
وإذا ما نظرنا إلى الوضع الحالي، فإننا ندرك أن هناك أشخاصًا قليلي المعرفة يواصلون نشر المعلومات. وبدل تقديم مجرد اقتراحات، ينتقدون مختلف المعلومات ولا يترددون في استخدام البيانات المثيرة للجدل لزعزعة ثقة الآخرين بها ونشر الخوف.
والحال أننا في مثل هذه الأوقات العصيبة نحتاج في المقام الأول إلى أشخاص قادرين على إيجاد الحلول وخلق حيز للنقاش البنّاء حتى يصبح بوسعنا تطوير الأفكار لمساعدة بعضنا البعض.
لماذا يتصرف بعض الناس بهذه الطريقة؟
أوضحت المجلة أن النرجسي يعتقد أنه يمتلك معرفة واسعة أكثر من الخبير، لذلك تكون النتيجة توليد مزيد من الارتباك والخلافات فقط.
وإذا كانت الأنا تسيطر على كل محادثة أو موقف أو تفاعل يومي، فلن يؤدي ذلك إلا إلى الإرهاق النفسي. ويظهر هذا جليا في هذه الفترة مع ما تشهده شبكات الإنترنت والشبكات الاجتماعية من تزايد في عدد الأشخاص الذين يشككون في أي معلومات، حتى لو كانت مصادرها موثوقة.
اقرأأيضا : وصفناها بمعلمة الأكياس.. عندما تتفوق نرجسية الأطفال على براءتهم
وأفادت المجلة بأن التحلي بوجهة نظر نقدية أمر مهم دون أدنى شك. ولكن من يعتقد معرفة كل شيء وينكر أي معلومة دون تقديم معلومات تؤكد صحة مزاعمه ودون أن تكون وجهة نظره سديدة، لا فائدة ترجى منه، وينطبق عليه مبدأ النقد من أجل النقد.
وأشارت المجلة إلى أن التعايش مع شخص نرجسي أمر صعب، ذلك أنه يخفي مجموعة واسعة من السلوكيات السامة.
هناك من يظهر بعض سمات النرجسية فقط، بينما يعاني البعض من اضطراب نرجسي واضح في شخصيته.
وفي هذه الحالة، قد يكون التعايش مع صاحب هذه الشخصية معقدا جدا ومرهقا، وما يزيد الأمر سوءا الحجر الصحي والأزمة العالمية الناجمة عن الوباء، لأن أي اضطراب نفسي أو سمة شخصية سلبية تتضخم في ظل هذه الظروف.
النرجسية: عندما تتحد عقدة التفوق بعقدة الدونية
وبينت المجلة أنه عندما يعتقد النرجسيون أن معرفتهم تفوق معرفة الخبراء، فإن ما يظهرونه في الواقع هو الحاجة إلى إظهار تفوقهم الفكري.
وفي محاولة لإثبات أنهم أكثر ذكاءً، يحاولون السيطرة على الآخرين وإرباكهم. وهم يريدون منا أن نعتقد أن العالم ينقسم إلى قسمين، قسم لا يعرف شيئًا وقسم آخر مُلم بكل شيء.
وأشارت المجلة إلى أن ألفريد أدلر، الذي تابع دراسات سيجموند فرويد حول الشخصية النرجسية، بين أن النرجسي يقدم مزيجًا من عقدة التفوق وعقدة الدونية.
وعادة ما يعاني هؤلاء الأشخاص من تدني احترام الذات وهو ما يدفعهم إلى تبني سلوكيات وقائية تؤدي إلى المبالغة وأوهام العظمة وتوجيه النقد دائمًا وفي كل الحالات. لكن ينسى صاحب الشخصية النرجسية أن عقدة التفوق تعد من أسوأ آليات الدفاع.
قوة التواضع الفكري
أكدت المجلة أن النرجسية لا تساعد في الأوقات الصعبة، بل على النقيض من ذلك، تعقد الصعوبات وتزيد المسافات بين الناس.
حتى الشركات أيضًا تعرف أن المديرين النرجسيين ليسوا موضع ترحيب ولا منفعة ترجى منهم. وفي المواقف الأكثر تعقيدًا، يفوز من يعرف كيف يُكوّن فريقا ويستنبط أفكارا خلاقة، وذلك لا يأتي إلا من خلال التواضع المعرفي، الذي يجعل صاحبه قادرا على الاستماع إلى الآخرين وتقدير وجهات نظرهم وتقديم مقترحات دون فرضها. نحن بحاجة إلى شخصيات ذكية ومتواضعة تتمتع بالذكاء العاطفي.