هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فتح ترحيب ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتيا، ببيان التحالف العربي الذي تقوده السعودية، بعودة الأوضاع إلى ما قبل إعلان الحكم الذاتي جنوب اليمن من طرف واحد، تساؤلات عدة حول ما إذا كان المجلس تراجع عن إعلانه، أم إنه مجرد تكتيك جديد.
والجمعة الماضي، قال نزار هيثم، المتحدث باسم المجلس في بيان صحفي، "يرحب المجلس الانتقالي الجنوبي بالبيان الصادر من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية".
أما مساء الأحد، فقد أعلن المجلس الانتقالي تمسكه بـ"الحكم الذاتي" على المحافظات الجنوبية، رغم ترحيبه قبل يومين، بدعوة التحالف العربي لتنفيذ اتفاق الرياض.
وقال أحمد سعيد بن بريك، رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي (بمثابة برلمان المجلس)، إنه "لا رجعة عن إعلان الإدارة الذاتية للجنوب".
وأضاف ابن بريك، في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني للمجلس: "الأسباب التي دفعت الانتقالي الجنوبي إلى اتخاذ هذا القرار، الأوضاع الكارثية التي حلّت بمدينة عدن على وجه الخصوص وبالجنوب بشكل عام، وتخلي الحكومة عن مهامها".
وشدد على أن "الإدارة الذاتية للجنوب وجدت لتبقى".
"تخفيف وخلط أوراق"
وفي هذا السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، أن بيان الترحيب المتأخر الصادر عن المجلس الانتقالي الجنوبي بالبيان الذي صدر عن التحالف قبل أيام، جاء في سياق سياسي وعسكري جديد.
اقرأ أيضا: اتفاق مع الانتقالي.. وقوة مشتركة تتولى تأمين عاصمة سقطرى
وتابع في حديث خاص لـ"عربي21"، بأن "الإمارات التي تدعم الانتقالي، أرادت بهذا البيان التخفيف من ارتدادات انقلاب سقطرى على المجلس الانتقالي".
وأشار إلى أن "بيان الترحيب جاء لخلط الأوراق، وربما التخفيف من الضغوط، خصوصا أن بيان الانتقالي جاء متحررا من الالتزام باتفاق الرياض بما يقتضيه ذلك من إقرار بحق السلطة الشرعية في ممارسة نفوذها على الأرض وتمسكه بخيار الانفصال".
وأكد أن ما قام به الانتقالي من إعلان حكم ذاتي من طرف واحد، "عنوانه تقاسم نفوذ بين قوة تسيطر على السلاح وسلطة محلية تمثل الحكومة المهجرة، التي تفقد المزيد من التأثير والسيطرة على الأرض".
وأوضح الكاتب اليمني أن البيان في ظاهره ما يشير إلى تراجع الانتقالي عن اعلان الإدارة الذاتية للجنوب، مستدركا بالوقت ذاته، بأنه لا دليل على أن ذلك سيترجم على أرض الواقع فورا.
ووفقا للتميمي، فإن "ما جرى في عدن وسقطرى، إنما يمثل شكلا من أشكال الحوار بين الرياض وأبوظبي"، مؤكدا أن "نتائجه تبدو بهذا القدر من الاضطراب وعدم الوضوح".
"لعب على المكشوف"
من جانبه، رأى الصحفي والباحث السياسي اليمني، كمال السلامي، أن الأمور أصبحت اليوم أكثر وضوحا، وأن "هناك تماهيا واضحا بين الدور السعودي والإماراتي في اليمن"، وفق قوله.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "تجاوزنا مرحلة لعب الأدوار، إلى اللعب بالمكشوف"، مؤكدا أن "الانتقالي يقوض الدولة بشكل واضح، مثله مثل الحوثيين، وكل هذا يحدث تحت سمع السعودية وبصرها".
وأشار السلامي إلى أن "هدف التحالف اليوم إضعاف الشرعية، ليصبح صوتها الأضعف، وتصبح كاللعبة بأيديهم، يحركونها وفق بوصلتهم".
اقرأ أيضا: MEE: ما هو مصير انقلابي الإمارات في اليمن وليبيا؟
وأكد أن الانتقالي "انقلب على الشرعية في عدن، وأعلن الإدارة الذاتية التي تشبه إلى حد كبير الإعلان الدستوري الذي قام به الحوثيون، وبدلا من التدخل للجْمه، ها هي السعودية تتوسط بينه وبين الشرعية وكأنه طرف شرعي".
وبحسب الصحفي اليمني، فإن "السعودية وإلى جانبها الإمارات، حولوا الانتقالي إلى طرف ندي للحكومة، وأكبر دليل ما حدث في سقطرى، والذي يشبه حصار صنعاء والهجوم عليها من قبل الحوثيين"، لافتا إلى أنه "بدلا من أن تتدخل القوات السعودية هناك لردعه، فقد تدخلت للضغط على السلطة المحلية لمشاركته السلطة".
وقال: "نحن أمام مؤامرة واضحة الملامح، الانتقالي أداة بيد السعودية، ينفذ أجندتها، ومساعيها لإضعاف الشرعية وتبديد قوتها، وإعادة تشكيل الخارطة السياسية وربما الجغرافية، والدخول في مقايضة النفوذ والسيطرة".
وذكر الباحث السلامي أنه انطلاقا من كل هذا يتضح أن مباركة الانتقالي لبيان التحالف، ما هو إلا "تحصيل حاصل، ونتيجة حالة الأمان التي يعيشها تجاه موقف التحالف وتحديدا السعودية"، موضحا أن الانتقالي، "بالأمس أيد بيان التحالف، في الوقت الذي كانت فيه مليشياته تهاجم عاصمة سقطرى، كما أنه يواصل ممارسة دور الحاكم في عدن وبعض المحافظات".
"تخبط وفشل"
من جهته، قال الصحفي والناشط اليمني، أحمد ماهر، إن "الانتقالي فاقد للمشروع الوطني لهذا فهو يتخبط سياسيا".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أنه "فجأة يظهر الانتقالي يطالب بفصل الجنوب عن الشمال، وفجأة يتراجع عن ذلك، معللا ذلك بكونه فاشلا إداريا ولا يستطيع إدارة الجنوب".
ووفقا لماهر، فإن ترحيب المجلس ببيان التحالف دليل عن تراجعه للإدارة الذاتية للجنوب، مثل ما أعلن عن ذلك.
وقال إن المجلس لا يستطيع تحمل تبعات هذا القرار سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، فضلا عن تآكل شعبيته في المحافظات الجنوبية.
وعزز حديثه بالبيانات التي أصدرتها المحافظات الجنوبية بالكامل، عقب إعلان قبل أكثر من أسبوع، والتي ترفض قرار الانتقالي لأنه "عشوائي"، بينما هو "مكون سياسي لا غير، ولا يمثل كل أبناء الجنوب".
ورفضت قيادات في المجلس الانتقالي تواصلت "عربي21" معها التعليق برأيها، وتوضيح بيان المجلس الذي رحب فيه ببيان التحالف العربي بقيادة الرياض.
وعقب إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من أبوظبي، عن الإدارة الذاتية للمحافظات الجنوبية، فقد أصدر التحالف السعودي الإماراتي بيانا دعاه للعودة عن هذه الخطوة، وتنفيذ اتفاق الرياض، الذي وقعه مع الحكومة الشرعية مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر 2019.