حول العالم

استراتيجيات للتباعد الاجتماعي وعودة الحياة في ظل كورونا

 يمكن للمؤسسات الاستفادة من هذه الاستراتيجية في هيكلة طريقة العمل- جيتي
يمكن للمؤسسات الاستفادة من هذه الاستراتيجية في هيكلة طريقة العمل- جيتي

إضافة إلى الأبحاث الطبية المتواصلة بنسق حثيث، لإيجاد الأدوية واللقاحات المناسبة لمقاومة انتشار فيروس كورونا، تعمل المؤسسات البحثية على تطوير الاستراتيجيات الكفيلة بالخروج من الأزمة التي خلفتها إجراءات الحجر الصحي الصارمة.


وفي دراسة مشتركة بين جامعة أكسفورد والمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا ومعهد علم الاجتماع بجامعة زيورخ، قدّم مجموعة من الخبراء دليلا عمليا يقترح أنماطا من التباعد الاجتماعي الفعال يمكنها أن تخفف من النتائج السلبية للعزلة الاجتماعية التي فرضها انتشار فيروس كورونا.

وقالت الدراسة إن جائحة كوفيد 19 قدّمت الدليل على فعالية الإجراءات الصارمة في منع انتشار الوباء في غياب الأدوية واللقاحات.


وتهدف الاستراتيجيات الثلاث التي تقترحها الدراسة إلى إبقاء معدلات انتشار الفيروس على مستوى ثابت وإلى تواصل الالتزام الجماعي بإجراءات الوقاية في فترة ما بعد تخفيف إجراءات الحجر الصحي الإلزامي.

وتقوم الاستراتيجيات المقترحة على تحديد جملة من أنماط التواصل بين الأفراد بطريقة تضمن التعامل لفترة طويلة مع الوباء خاصة أن توقيت اكتشاف اللقاح غير مؤكد.

 

فبمجرد انتهاء الذروة الأولى للوباء وإمكانية تخفيف القيود الصارمة، ستكون هناك حاجة إلى مثل هذه الاستراتيجيات طويلة الأمد لتجنب عودة ظهور موجة ثانية من الوباء التي قد لا نستطيع منعها. 


أقرأ أيضا :  كورونا يغير العادات الصحية للفرنسيين.. إلى الأسوأ


وأوضحت الدراسة أنه يمكن أن يكون للحجر الصحي الكامل للأشخاص غير المصابين، تأثيرات نفسية خطيرة، حيث تسبب العزلة زيادة التوتر والعواطف السلبية والعنف المنزلي.

 

وبسبب هذه التأثيرات، من المرجح أن يكون التزام الأفراد بقيود تواصل أقل حدّة، أكثر فعالية من خضوعهم للعزل الكامل.

 

في الواقع، يمكن أن تؤدي التوصيات التي تقترحها الدراسة إلى التخفيف من الضرر النفسي والجسدي وكذلك قطع شوط طويل لاحتواء فيروس كوفيدـ 19.

استراتيجية "التماثل" أو التواصل مع الأشخاص المتشابهين

أوضحت الدراسة أنه لتنفيذ الاستراتيجية الأولى، يحتاج الأفراد إلى التركيز على الخصائص المشتركة مع الأشخاص الذين يتواصلون معهم.

 

يميل الأفراد إلى التواصل مع أولئك الذين يتقاسمون معهم سمات مشتركة، مثل أبناء الحي الذي يعيشون فيه، أو الشركات التي يعملون فيها، أو الأشخاص القريبين منهم في السن. يُسمّى ذلك بـ"التماثل"، وهي من أنماط التواصل الأكثر انتشارا. 

نظرًا لأننا غالبًا ما نكون على تواصل مع أشخاص نتشابه معهم، فقد تقدّم هذه الاستراتيجية حلاّ جيدا لمنع الاختلاط مع مجموعات أخرى مع ما قد يترتب عليه ذلك من احتمال انتشار المرض.

وأوردت الدراسة أن هناك أدلة على أن الإقامة المشتركة واختلاط الأفراد من مختلف الأعمار زاد بشدة من انتشار الأمراض المعدية، على غرار كوفيد-19. كمثال على ذلك، إذا تواصل الناس مع أشخاص يعيشون في 3 بنايات مختلفة، يتطلب انتقال المرض إلى 100 بناية حدوث 30 عدوى. 

وأضافت الدراسة أنه يمكن تطبيق استراتيجية "التماثل" في أماكن العمل، من خلال محاولة فصل الموظفين الذين يعيشون في مناطق متباعدة جغرافيًا أو أولئك الذين يأتون من فئات عمرية مختلفة. 

استراتيجية تعزيز الروابط

ترتكز هذه الاستراتيجية على تعزيز الروابط مع الدوائر الاجتماعية التي تعوّد الفرد على التواصل معها وتجنّب التواصل مع دوائر أخرى خارجها، وهو ما يُعبّر عنه بـ"التواصل الثلاثي".

 

يمكن أن يكون التقيد بدائرة ضيقة من العلاقات الاجتماعية نمطا مفيدا جدا في احتواء تفشي الأوبئة.

 

لننظر مثلا إلى ثالوث مغلق من الأفراد، "أ" و"ب" و"ج". عندما ينقل "أ" العدوى إلى "ب" و"ج"، لا يساهم الاتصال بين "ب" و"ج" في زيادة انتشار المرض.

وفقًا لذلك، يجب على الفرد إعطاء الأولوية لتجنب الروابط الاجتماعية الخارجة عن الثالوث، لأن تلك الروابط من شأنها أن تزيد من خطر انتشار الوباء.

استراتيجية "المجتمعات المصغرة"

تشبه الاستراتيجية الثالثة إلى حد ما الاستراتيجية الثانية، من حيث التقيد بدائرة ضيقة من العلاقات، لكن استراتيجية المجتمعات المصغرة تقوم على تعزيز الروابط الاجتماعية مع الأشخاص الذين اجتمعت بهم في الماضي القريب، بشكل يكون فيه تنسيق مسبق بين الأفراد.

تُقلّل هذه الاستراتيجية من عدد الأشخاص الذين يمكن التواصل معهم، لكنّها تترك المجال مفتوحا للتفاعل معهم بكل حرية، وهو أمر مهم جدا عندما تكون عملية التواصل ضرورية للشعور بالراحة النفسية. 

من الصعب جدًا على الفيروس أن يخترق مثل هذه المجتمعات المصغرة من الخارج. ومن شأن وجود شبكات ضيقة من مقدمي الرعاية الطبية أو المجتمعية أن يحدّ من انتشاره.

 

يمكن للمؤسسات أيضا الاستفادة من هذه الاستراتيجية في هيكلة طريقة العمل، من خلال تقسيم الموظفين إلى دوائر ضيقة تتواصل فيما بينها بشكل متكرر.

وخلصت الدراسة إلى أنّ كل هذه الاستراتيجات، قد تساعد المؤسسات الاقتصادية في تنظيم العمل بطريقة تمكنها من العودة إلى النشاط مع تجنب انتشار الفيروس، كما يُمكن أن تفتح المدارس أبوابها دون أن يؤدي ذلك بالضرورة إلى زيادة انتشار كوفيد-19 أو أي أوبئة مستقبلية أخرى.

0
التعليقات (0)