هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في الوقت الذي تضرب فيه أزمة انهيار أسعار النفط الدول المنتجة للخام، قد تكون فرصة للدول المستوردة له، وهو ما يدفع للتساؤل حول الآثار السلبية والإيجابية لهذا التراجع العالمي الكبير والتاريخي لأسعار النفط، على الاقتصاد المصري المستورد للبترول.
وبينما يعاني الاقتصاد المصري بشدة من آثار جائحة كورونا؛ تسعى البلاد لاقتراض 974 مليار جنيه للموازنة الجديدة، في ظل توجهها لتخفيض دعم السلع والخدمات، وفق بيانات وزارة المالية الأربعاء، عن مشروع الموازنة الجديدة.
"للاستفادة شروط"
وحول مدى استفادة مصر من انخفاض أسعار البترول، واحتمالات انتعاش الموازنة العامة وتوفير فوائض بها؛ قال الخبير الاقتصادي علي عبدالعزيز: "لاشك أن انخفاض متوسط سعر النفط نتيجة أزمة كورونا وما نتج عنها من انخفاض النشاط الاقتصادي والطلب بشكل عام يؤثر على موازنات كثير من الدول".
وتوقع خلال حديثه لـ"عربي21"، أن يمتد تأثير انخفاض أسعار البترول إلى مصر؛ بشروط منها توفر القدرة على سداد أقساط وفوائد القروض الخارجية خلال نفس الأزمة".
وأشار أيضا إلى ضرورة "قدرة الحكومة المصرية على استخدام الاحتياطي الأجنبي، والذي انخفض خلال آذار/ مارس الماضي بقيمة 5.4 مليار دولار ليصل إلى 40.1 مليار دولار".
وتابع: "من الشروط أيضا كي تستفيد مصر من انخفاض أسعار البترول يجب أن توفر مستودعات لتخزين النفط لاستيعاب الزيادة والوفورات في الكمية".
وألمح كذلك لضرورة "توفير دخل دولاري مستقبلي يحقق توازنا بين سعر الدولار واحتياجات المواطنين من السلع الأساسية المستوردة".
وحول تأثير انخفاض أسعار النفط العالمية على المشروعات الإنشائية بالعاصمة الإدارية الجديدة وفي مدينة العلمين الجديدة، يعتقد عبدالعزيز، أن "الأعمال في مشروعات كالعاصمة الإدارية وغيرها قد لا تتأثر بشكل كبير نتيجة توفر قدرة مالية كبيرة لدى الجيش كقائم ومشارك بتنفيذها وامتلاكها".
وبشأن ما قد يطال الاقتصاد المصري من آثار سلبية، كاحتمال مطالبة السعودية والإمارات باستعادة ما لدى مصر من ديون وودائع مليارية، قال: "لا أعتقد أن الودائع الخليجية ستخرج الآن؛ فأزمة كورونا لن تطول وقد نرى بدايات انتهاء لحالة الإغلاق خلال الشهرين المقبلين".
اقرأ أيضا: السعودية تدرس تغيير وجهة ناقلات النفط عن أمريكا
"سلبية أكثر منها إيجابية"
وفي رؤيته قال الخبير الاقتصادي أحمد ذكر الله: "هناك عوامل إيجابية وأخرى سلبية، "ومن المفترض أن تستفيد مصر من انخفاض أسعار البترول خاصة أن أسعار الوقود بالموازنة العامة القادمة نحو 61 دولارا للبرميل، والحالية التي تبقى منها نحو شهرين حددتها بـ67 دولارا".
وأكد لـ"عربي21"، أن "انخفاض الأسعار مفروض أن يتبعه استفادة لمصر حيث يؤدي لوفورات بالموازنة العامة، في ظل ما يحدث بالأسواق العالمية الآن، خاصة أن التوقعات كبيرة لاستمراره حتى فترة من 2021".
وأشار إلى أن ما "يحد من استفادة مصر نسبيا من هذه الأسعار هو عدم وجود أماكن مخصصة بصورة كبيرة لتخزين البترول، وبالتالي فإن مصر ستشتري احتياجاتها فقط بهذه الأسعار".
ولفت إلى عوامل سلبية أخرى بالقول: "عندما ينخفض ويتباطأ الإنتاج العالمي فإن محطات التكرير الموجودة بمصر سينخفض عليها الطلب، إضافة إلى أن المرور بقناة السويس سيتأثر بشدة".
وأضاف أن "من العوامل السلبية جدا موضوع العمالة المصرية بالخليج التي تشكل تحويلاتها مصدرا هاما من مصادر الدخل القومي لمصر، ومصدرا للنقد الأجنبي وعاملا هاما تعول عليه الحكومة باستقرار سعر الصرف".
وأكد أن "تحويلات المصريين بالخارج حققت نحو 26 مليار دولار العام الماضي، والمتوقع مع استمرار الأزمة الحالية أن تخفض دول الخليج عدد العمالة لديها وبينهم المصريون، خاصة أنها بدأت منذ عامين بتخفيض العمالة الأجنبية والوافدة وفرض القيود والضرائب عليها، ولذلك فتحويلات المصريين ستنقص بالتأكيد".
وأشار أيضا إلى أن "موضوع الغاز من العوامل السلبية؛ حيث تورطت مصر بشراء غاز إسرائيل بصفقة ممتدة طويلة الأجل (10 سنوات) سعر المليون وحدة حرارية بها 5.5 دولار، بينما السعر العالمي الآن أقل من دولارين".
وختم ذكر الله، بالقول: "وبالتالي فإن مصر مضطرة ألا تخفض سعر الغاز الطبيعي للمواطنين، وستواجه مشكلة بالنسبة للمصانع كثيفة استخدام الطاقة والغاز التي ستواجه أزمة في المنافسة".
اقرأ أيضا: بلومبيرغ: الاقتصاد السعودي يهتز بسبب انهيار أسعار النفط
"استفادة مؤقتة لن تطال المواطن"
وفي مقال الخبير الاقتصادي والكاتب الصحفي ممدوح الولي، أكد أن الدول المستوردة العربية للنفط مثل مصر والسودان والمغرب وتونس والأردن ولبنان، ستستفيد من انخفاض السعر بما يقلل من فاتورة وارداتها النفطية، وشراء كميات لزيادة مخزونها النفطي.
وقال عبر صفحته بـ"فيسبوك"، إنها "لا تستطيع الاستمرار في الاستفادة من السعر المنخفض لسببين، أولهما السعة القصوى لصهاريج التخزين لديها، والثاني وجود عجز مزمن بموازناتها يحول دون التوسع في استيراد كميات أكبر، وهي الموازنات المشغولة حاليا بتدبير نفقات مواجهة تداعيات فيروس كورونا اقتصاديا واجتماعيا كأولوية".
وتساءل: "هل يستفيد المواطن بالدول العربية بهذا السعر السلبي للنفط الأمريكي؟"، موضحا أن "أسعار المنتجات البترولية يتم تحديدها إداريا من قبل السلطات المركزية، ولعل ما حدث بمصر مؤخرا من خفض لأسعار بعض وليس كل المنتجات البترولية بنسبة أقل من 4 بالمئة، رغم انخفاض الأسعار الدولية بأكثر من 60 بالمئة، خير مثال".