طب وصحة

هل يؤثر العزل الصحي والحظر على الحالة النفسية للإنسان؟

فرضت العديد من الدول إجراءات صارمة على الخروج من المنزل تفاديا لتفشي كورونا- CCO
فرضت العديد من الدول إجراءات صارمة على الخروج من المنزل تفاديا لتفشي كورونا- CCO

في ظل تفشي جائحة كورونا، اتخذت كثير من الدول قرارا بفرض الحظر الشامل، ومنع الحركة في الشوارع، فيما أدخل مئات الآلاف في العزل الصحي للوقاية، والتأكد ما إن كانوا حاملين للفيروس أم لا.

واشتكى عديد الأشخاص من أن "العزل والحظر أثّرا على حالتهم النفسية، وسببا لهم القلق والتوتر"، الأمر الذي أثار تساؤلات عديدة.

تأثير ضعيف
يجيب اختصاصي الطب النفسي الدكتور علاء الفروخ على هذا التساؤل بالقول: "بلا شك أن العزل الصحي والحظر يؤثران سلبا على الصحة النفسية، ويزيدان من احتمالات حدوث القلق والتوتر النفسي والاكتئاب".

وتابع الفروخ في حديث لـ"عربي21": "هذه التأثيرات تظهر خاصة أن العزل مرتبط بتفشي وباء عالمي، ما يزيد التوتر والقلق، وبلا شك أن الملل وتقييد الحركة مع انقطاع الإنسان عن أنشطة حيوية كان يؤديها يزيد المشكلة سوءا".

 

من جهته، نفى اختصاصي الطب النفسي الدكتور أحمد يوسف عبد الخالق أن يكون هناك تأثير نفسي سلبي مباشر للعزل والحظر، وعزا ذلك لقصر فترة العزل التي تصل تقريبا لفترة أسبوعين فقط.

 

وتابع عبد الخالق في حديث لـ"عربي21": "لكن لو امتد العزل والحظر لشهور أو سنوات قد يؤثر ويسبب مشاكل نفسية، خاصة إذا كان الشخص وحده، حيث ستزيد الوساوس وأفكار الاكتئاب والشعور بالإحباط، ولكن إذا تواجد معه شخص أخر سوف تقل هذه النسبة، وذلك لأن وقت الفراغ والتفكير الزائد سيقل".

وأشار إلى احتمالية حدوث شد نفسي في بعض الأحيان بسبب العزل، نتيجة لمتابعة الشخص لما يُنشر عن الوباء على مواقع التواصل الاجتماعي، مترافق معها مشاكل مادية نتيجة التوقف عن العمل.

وحول احتمالية إصابة الشخص بالاكتئاب نتيجة العزل والحظر، قال عبد الخالق: "لا يحدث ذلك، ولكن يحدث ما نسميه تدني المزاج، وهو وارد جدا حدوثه كون الشخص يبقى في مكان واحد لفترات طويلة نسبيا، لكن هذا التأثير يختفي فور انتهاء الحظر أو القيام بنشاط جديد".

إجراءات وقائية
ويبقى السؤال في ظل حظر التنقل في الشوارع وبين المدن أو الخروج من المنزل وأيضا العزل الصحي، كيف يمكن للإنسان حماية نفسه من الأثر النفسي السلبي لذلك؟ وماذا عليه أن يفعل؟

ينصح اختصاصي الطب النفسي الدكتور علاء الفروخ الناس بالابتعاد عن متابعة الأخبار لحظة بلحظة لتقليل التوتر والقلق، وعدم آخذ الأخبار من وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات الواتساب المليئة بالشائعات، والاعتماد على الإيجاز الصحفي اليومي لوزارة الصحة فقط.

وأضاف أنه ينصح بعمل أنشطة متنوعة مفيدة ومريحة، مثل المطالعة والرسم، أو التعلم عن بعد في مجال تخصص الشخص، أو تعلم مهارة جديدة، وممارسة الشعائر الدينية من صلاة ودعاء وغيرها، بشكل جماعي أو فردي.

كما نصح الفروخ بممارسة الرياضة بانتظام، وعمل تمارين الاسترخاء، فهي تساعد كثيرا على إراحة الأعصاب، إضافة إلى تقسيم أعمال البيت والاتفاق على وقت محدد للنوم والاستيقاظ للجميع.

بدوره، قال اختصاصي الطب النفسي أحمد عبد الخالق: "يجب أن يضع الشخص جدولا يوميا يلتزم به، بحيث لا يكون يومه عشوائيا، بمعنى أن ينام ويستيقظ بأوقات محددة، حتى لو كان وحده".

وتابع: "لكن إذا تواجد عدة أشخاص في مكان العزل الصحي أو في البيت نتيجة الحظر، فإن ذلك يساعد في تخفيف الآثار السلبية، حيث يكون لكل شخص أفكار ونشاطات وهوايات محددة، هذه الأمور يمكن أن يتشاركوا فيها، وبالتالي تخفيف الأثر النفسي السلبي للعزل".

وحول ما أشيع عن استخدام بعض الأزواج العنف ضد زوجاتهم أثناء الحظر والعزل، نفى عبد الخالق أن يكون العزل هو السبب، وقال: "هذه التصرفات تظهر لأن الشخص يجلس فترات طويلة في البيت، وهي كانت لا تظهر سابقا لقلة وقت وجوده في المنزل، لكنها تظهر الآن نتيجة طول وقت الفراغ وبقائه في المنزل مع الشريك لفترات طويلة".

وختم حديثه بنصح الناس بضرورة القيام بنشاطات غير منهجية، كالقراءة والتعلم عن بعد وغيرها من النشاطات.

من جهته أوضح اختصاصي الطب النفسي، وليد سرحان، أن العزل الصحي والحظر الناجم عن تفشي وباء كورونا يؤثر بالحالة النفسية بدرجات متفاوتة.

وتابع سرحان في حديث لـ"عربي21": "تفاوت التأثير يعود لطبيعة الأشخاص النفسية والحياتية، فمثلا هناك فئة يريحهم العزل من مشاكل الحياة والعمل، ويصبح العزل بالنسبة لهم فترة استرخاء، أيضا يقومون باتخاذ الاحتياطات الصحية اللازمة".

بالمقابل أشار إلى أن هناك فئة أخرى تتمرد على العزل وتغضب وتسخر من فكرته، أيضا تتأثر نفسيا وقد تتسبب بنشر الوباء باستخفافها.

ولفت إلى أن هناك تأثيرات نفسية أخرى للعزل، كالخوف والقلق على الصحة الشخصية وصحة العائلة، أيضا قلق مادي عند من يتأثر دخلهم، وتتفاوت درجة هذه التأثيرات من بسيطة إلى شديدة وشديدة جدا.

وحول الاختلاف في تأثير العزل ما بين الشخص الذي يقيم لوحده وبين من يقيم مع مجموعة، قال سرحان: "يتأثر الفرد إذا كان لوحده أكثر خاصة في ظل عدم وجود من يدعمه ويخفف عنه".

وأضاف: "لكن حينما يكون الشخص ضمن مجموعة عائلية أو أصدقاء يمر الوقت عليهم بشكل أسهل، إما إذا كان هناك مشاكل داخل العائلة فقد تؤدي العزلة لتفاقمها".

وحول طرق تخفيف تأثيرات العزل والحظر السلبية قال سرحان: "التكيف مع العزل الصحي يتطلب تنظيم الوقت بين النوم وتناول الوجبات بموعد ثابت، أيضا متابعة الأخبار بفترات محددة، لأن الجلوس أمام التلفاز طوال الوقت مرهق نفسيا".

وأكد على ضرورة تخصيص وقت مناسب للرياضة والقراءة والعبادة ومتابعة الأهل والأصدقاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أيضا متابعة أفلام وثائقية ودراما بعيدة عن موضوع الوباء.

ولفت إلى أنه يمكن انجاز الأعمال المتأخرة أو البدء بعمل أشياء جديدة كالتعلم عن بعد، مع ضرورة تعاون أفراد الأسرة وتوزيع المهم في ما بينها وممارسة الألعاب الجماعية.

 

وللاطلاع على كامل الإحصائيات الأخيرة لفيروس كورونا عبر صفحتنا الخاصة اضغط هنا

التعليقات (0)