مقالات مختارة

العالم منشغل بمأساة كورونا وتوكل كرمان منشغلة بمأساة اليمن

محمد صالح المسفر
1300x600
1300x600

ينشغل العالم كله المتقدم والنامي بوباء "كورونا" ونسوا مآسي الشعب العربي في سورية، الواقع بين مطرقة النظام القابع في دمشق تحت الحماية المسلحة الروسية الإيرانية وسنديان الغارات الجوية الروسية والبراميل المتفجرة التي لا تميز بين مذنب وبريء، ونسوا الشعب العربي الليبي ومآسيه، حيث امتدت إليه جحافل المرتزقة الروس وغيرهم يقتلون الخلق ويدمرون الممتلكات؛ بغية تسييد من لا يقبل به معظم الليبيين. ونسوا مأساة الشعبين السوداني واليمني وغيرهما.


إن الحروب التي تشتعل نيرانها في الدول العربية اليوم بفعل السلاح الأوروبي شرقا وغربا تحصد من البشر يوميا اكثر مما يحصد وباء "كورونا" في جميع دول العالم في شهر.

في أجواء وباء "كورونا" وفي بداية انشغال العالم بأسره بأمر هذا الوباء دعت سعادة السيدة توكل كرمان حاملة جائزة نوبل إلى مؤتمر يعقد في إسطنبول من اجل إحلال الأمن والسلام وإنهاء الحرب في اليمن والشروع في إعادة إعماره على كل الصعد، شارك في هذا المؤتمر نخبة من أصحاب القلم والفكر من أقطار عربية وأجنبية كان حظي أن أكون بين المدعوين.


كانت السيدة الفاضلة كرمان أول المتحدثين، كانت كلمتها تمثل مشروع عمل لإنهاء الحرب والبدء في وضع برنامج عملي لإعادة الإعمار وإنهاء الحرب.


راحت سعادة السيدة توكل كرمان تشخص الحال وكيف تنتهي هذه الحرب الملعونة، كانت نقطة البدء كما جاء في خطابها أن "المليشيات الحوثية وهي من بدأت الحرب وانقلبت على الدولة اليمنية والحرب عندها لن تضع أوزارها إلا بفرض سيطرتها بقوة السلاح بفرض دولة يمنية إماميه بديلة عن الدولة الوطنية وإخضاع المجتمع لإرادتها وفرض هيمنتها الشاملة على موارده وثرواته ومؤسساته. إنها حركة مسلحة لا تظهر أي مرونة للقبول بتسوية سياسية تكون فيها مكونا ضمن مكونات وجماعات سياسية تقر بالدولة الحديثة مرجعية لكل قوى المجتمع.

في الجانب الآخر من الصورة، تؤكد حاملة جائزة نوبل العالمية السيدة كرمان أن الدولة السعودية هي الطرف الآخر الذي "لن يسمح بانتهاء الحرب في اليمن إلا بفرض اتفاقيات على القيادة اليمنية أيا كانت، تبارك احتلالها ووصايتها على يمن تسوده اللاب دولة، ومن ثم فرض السيطرة على مواقع يمنية استراتيجية بالغة الأهمية، وليست معنية بالوحدة اليمنية بل يهمها أن يكون اليمن مقسما تعمه الفوضى وتنهشه الحروب الداخلية.


أما الإمارات المولود الجديد المتطلع إلى تأسيس إمبراطورية تفوق قدراتها البشرية والفكرية ولو اطلقت قمرا صناعيا ودخلت معراج التسلح النووي ولو كانت كنوزها المالية تزيد عن كنوز قارون، تعتقد قيادتها أنها ستفرض إرادتها على الشعب اليمني العريق، ونهاية الحرب عندها اذا تمكنت من تثبيت مليشياتها ونخبها المسلحة التي تضمن تحقيق مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية وتمكنت من تجزئة اليمن وتفتيت وحدته.

تؤكد السيدة توكل أن الحرب في اليمن لن تنتهي بصفقات بين أمراء مليشيات ونخب (النخبة الحضرمية، النخبة الشبوانية، الخ) الحرب الداخليين ودول الوصاية الخارجية. وتؤكد أيضا أن الحرب لن تنتهي بانتزاع اعتراف بمشروعية وجود أمراء الحرب ومليشياتهم، عملاء دول التحالف، ليتخذوا من هذا الاعتراف قاعدة صلبة لمواصلة حروبهم والحفاظ على مصالحهم الذاتية ولو على حساب مجتمعهم وشعبهم ودماء اليمنيين وآلامهم.

 

وتتساءل الأستاذة كرمان، أي نهاية للحرب اذا تمزق اليمن إلى دويلات تديرها المليشيات التابعة لإيران والسعودية والإمارات؟ أي نهاية للحرب اذا قبلنا باللا دولة، ونهاية النظام الجمهوري وتمزيق الوحدة اليمنية ومخرجات الحوار الوطني ومسودة الدستور ومشروع الدولة الاتحادية بأقاليمها المتعددة.


إن الحرب عند السيدة كرمان تنتهي بوحدة اليمن، تنتهي بعودة الدولة الجمهورية اليمنية صاحبة السلطة الكاملة والشاملة على كل ارض اليمن من صعدة شمالا وحتى المهرة ومن صنعاء إلى سيئون ومن سقطرى إلى عدن وباب المندب وكل شبر على ارض يمنية.


كما تؤكد القول على أن المرجعيات الثلاث (مخرجات الحوار الوطني، ومبادرة مجلس التعاون، وقرارات مجلس الأمن) ليست أوراقا يمكن تجاوزها وتلفيق اتفاقيات سلام مزيفة خارجها، أنها محددات لإنهاء الانقلابات وعودة الدولة، أنها تمثل أهداف اليمنيين وطريقهم الضامن لإنهاء الحرب وتحقيق السلام.

إن السيدة توكل كرمان التي لم "تنشغل بالمكحلة والمرود والمرآة" بل انشغلت بهم اليمن شعبا وحضارة وموارد وسيادة واستقلالا، تلخص مأساة اليمن بعبارة بسيطة وموجزة "أنها تحالف أركان الثورة المضادة الرباعي" السعودية كقائدة لذلك التحالف، وأدواتها علي عبد الله صالح المخلوع، ومحمد بن زايد ال نهيان، والحوثيون) بهدف تقويض ثورة فبراير وما ترتب عليها". خطتهم تمكين الحوثيين، وعصابات عبدالله صالح من احتلال العاصمة صنعاء ولا مانع من التمدد إلى ما بعد صنعاء وخط احمر الوصول إلى عدن.


نشوة النصر عند الحوثيين تحت ستار الخيانة في الداخل، وبغض طرف قادة الثورة المضادة تجاوز الحوثيون الخط الأحمر المشار إليه (عدن) فكانت الحرب المهلكة لليمن وليس للحوثيين تحت ذرائع كاذبة خاطئة (استعادة الشرعية). والراجح اليوم عند قادة الثورة المضادة هو العمل بكل الوسائل لاجتثاث حزب الإصلاح، وهيهات لهم ذلك انه امر يستعصي عليهم جميعا.

إن السيدة توكل كرمان، حاملة جائزة نوبل للسلام بعد أن شخصت الحال في اليمن الشقيق أكدت انه في حالة استمرار الاستلاب السياسي وعجز الحكومة اليمنية المحتجزة في الرياض عن غير إرادتها فإنها "تدعو قوى الداخل الميدانية، والمحافظين المعتمدين، والقيادات العسكرية، والمقاومة الشعبية وكل الحريصين على اليمن واستقلاله في الداخل لتشكيل قيادة ميدانية في الداخل تضطلع بمهمة تحرير اليمن من المليشيات والمرتزقة ومن الوصاية والاحتلال الخارجي وتعبر عن مصالح البلاد وسيادتها واستقلالها"، وفي هذا المجال نطالب بحكم الواجب الوطني كل النخب الفكرية والقيادية والشبابية بالالتفاف حول القيادة الداخلية المشار إليها أعلاه وشد أزرها بالرأي والمشورة والمؤازرة كل بقدر طاقته.


إن الشعب اليمني في ملاذاته ومهاجره مدعو إلى استعادة اليمن من مختطفيه وقيام دولته المستقلة ذات السيادة بعيدة عن التجزئة والتفكك، بعيدة عن الأنانية والأحقاد بعيدة عن الإلحاق والتبعية.
آخر القول: هذا بيان للشعب اليمني بكل فئاته ومكوناته، وسيعلم الذين ظلموا اليمن أي منقلب سينقلبون!.

عن صحيفة "الشرق" القطرية

0
التعليقات (0)

خبر عاجل