هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
انتقدت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها استراتيجية الحكومة البريطانية في الرد على انتشار كوفيد-19، الذي قالت إنه اتسم بالارتباك والتردد.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إن معالجة الحكومة لانتشار فيروس كورونا المستجد تعد خطرا على حياة العامة والساسة، و"حان الوقت للإمساك بجوهر المشكلة".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "قرار رئيس الوزراء بوريس جونسون التفرد في الرد على الوباء دون بقية دول العالم يتعرض كل يوم لتحد، وهناك ما يشير إلى أن الحكومة لم تعد لديها إجابات على هذا الوضع، وعلى خلاف جيران بريطانيا، فإن المسؤولين قالوا إنه لن يكون هناك قرار قريب بمنع التجمعات العامة؛ لأن حظرا كهذا لن يكون في صالح البلد، لكن الحكومة غيرت موقفها وقالت يوم الجمعة إنه سيتم منع هذه التجمعات".
وتشير الافتتاحية إلى أن "الحكومة عادت وغيرت من موقفها في نهاية الأسبوع القائم على (بناء الحصانة للجميع)، وكانت رسالة مثيرة للقلق، وانعكست سلبا على المسؤولين، وكشفت عن سياسة مشكوك فيها تخلط نتائج انتشار الوباء على قاعدة واسعة بمحاولة بناء مناعة للسكان".
وترى الصحيفة أن "التفكير المرتبك في قلب سياسة الحكومة لن ينعكس على ثقة الرأي العام فقط، بل أيضا على الفوضى التي ستصيب الصحة الوطنية التي عانت من إهمال طويل، وستواجه ذاتها اليوم أمام منظور وفيات جماعية".
وتجد الافتتاحية أن "ما يواجه بريطانيا هو أسوأ أزمة صحية منذ أجيال، ويجب على الحكومة الرد على مستويات التدقيق والنقد لسياساتها، التي لم يتعود عليها الوزراء من قبل، وهذا ينطبق على الرموز البارزة، الذين تعودوا على التعامل مع أي نقد لسياساتهم بالتجاهل، وبأنه نوع من عدم الوطنية، وتقع المسؤولية في النهاية على كاهل رئيس الوزراء الذي عليه اتخاذ القرار النهائي والقيادة".
وتقول الصحيفة إن "على بريطانيا التعلم من الدروس البسيطة لتتجنب وقوع ضحايا بالجملة، وعليها اتباع بعض المبادئ الأساسية من الشفافية وإطلاع الرأي العام، ويجب أن يكون نشر معلومات علمية التي يجب أن تقيم الحكومة قرارتها بناء عليها أولوية".
وتلفت الافتتاحية إلى أنه "من المتوقع أن يتعامل الناخبون مع ما يقوله الوزراء بثقة تامة، لكن هذه الثقة تهتز عندما يشاهد الرأي العام دولا أخرى تتخذ قرارات حاسمة وقوية. وربما كانت هناك أسباب جيدة لتباين الرد الحكومي عن بقية الدول، إلا أن ما يقلق الناس هو أن رد الوزراء ليس مقنعا للخبراء العلميين".
وتنوه الصحيفة إلى أن "الحكومة قاومت فكرة فرض حجر صحي مشدد وعزل اجتماعي واسعة، على غرار ما فعلته الصين وبنجاح؛ لأن الوزراء قالوا إن هذا قد يقود إلى حالة من التعب العام ويسمح للفيروس بالعودة مرة أخرى، لكن وزير الصحة مات هانكوك قال إنه سيتم فرض قوانين الحجر الصحي الطارئة للأشخاص الذين يمثلون تهديدا على الصحة العامة".
وتذكر الافتتاحية أن "النموذج الثاني لمواجهة كوفيد-19 هو الذي تبنته كوريا الجنوبية، وقام على عمليات فحص وعلاج جماعي، وهو ما أدى إلى تطويق المرض، وتخفيض مستويات انتشاره، وعلق الوزراء بأن هذا الفحص ليس دقيقا، وزعموا أن نتيجة غير صحيحة قد تقود إلى إصابات جديدة، وإذا كانت الأسابيع الماضية مؤشرا فربما تراجع الوزراء عن هذا الزعم".
وتعتقد الصحيفة أن "سياسة الحكومة لمواجهة كوفيد-19 يجب أن تقوم على العلم، لكن القرار حولها سياسي، وهناك واجب على الحكومة في منع حصول ذروة في انتشار الوباء بطريقة تزيد من أعباء مؤسسة الصحة الوطنية، وتخفيف حدة الأزمة على الاقتصاد، وهذان الموضوعان يثيران أسئلة أيديولوجية أمام الحكومة".
ويبين الافتتاحية أن "مدى وسرعة طلب الحكومة أسرة من القطاع الخاص لزيادة قدرات الحكومة سيكشفان عن تراجع الخدمات الطبية، وسيجد رئيس الوزراء، الذي تعامل في الماضي مع التجارة على أنها مصدر للإزعاج، نفسه الآن في وضع يحتاج فيه للصناعة، لتعالج مسألة نقص أجهزة التهوية، وفي الوقت الذي تظهر فيه عناوين الأخبار حالة حرب تجري فإن الحكومة تبدو مترددة ومرتبكة في كيفية معالجة الأزمة".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "رد بريطانيا بالمقارنة مع سرعة وقوة الردود الأوروبية، يحمل الكثير من المخاطر السياسية، فأولا لا يتناسب رد الحكومة مع الخطر الذي تواجهه البلاد، وثانيا فإنه يتعلق بتقديرات العلماء والخبراء حول قدرة الرأي العام وتحمله لعملية إغلاق تام أو عملية فحص جماعي واسعة، وثالثا، لم تقل الحكومة وبوضوح أن الدولة ستتأكد من أنه سيتم تحمل عبء فيروس كورنا بالتساوي، وربما كانت تعتمد على السوق وتحاول مناشدة الطبيعة الجيدة في الناس وتفهمهم وأن هذا سيكون كافيا لمواجهة المرض".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إن "الأمر لم يكن كذلك، وكما قال المؤرخ جوناثان بوف، فإن (هناك خطرا مما يمكن أن يظهر بنظرة للوراء على أنه تواطؤ وقلة في الاهتمام مع تضحية قليلة أكثر من التفكير في مستقبل جونسون السياسي)، وما تحتاجه البلاد هو قيادة قوية وتحتاجها الآن".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)